أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 23 - صـ 132

جلسة 8 من فبراير سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ بطرس زغلول نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، وأحمد ضياء الدين حنفي، ومحمود السيد عمر المصري.

(21)
الطعن رقم 190 لسنة 37 القضائية

( أ ) حكم. "الطعن في الحكم". "الأحكام الجائز الطعن فيها". استئناف. "الأحكام الجائز استئنافها". بنوك. "عقد فتح الاعتماد".
الحكم بندب خبير. فصله في أسبابه في شق من الموضوع كان مثار نزاع. الطعن فيه على استقلال. جائز وفقاً للمادة 378 مرافعات سابق. استئناف الحكم الصادر في باقي الموضوع بعد ذلك لا يمتد إليه.
(ب) حكم. "حجية الحكم". "الأسباب المرتبطة بالمنطوق".
عدم النص في منطوق الحكم على تحديد تاريخ انقضاء عقد فتح الاعتماد والرهن المؤمن به. الاكتفاء بذكر ذلك في الأسباب المرتبطة بالمنطوق. جائز.
(ج) حكم. "عيوب التدليل". "التناقض". "ما لا يعد كذلك". استئناف. "الحكم في الاستئناف".
تضمين أسباب الحكم المطعون فيه أن حكم محكمة أول درجة بندب مكتب الخبراء - السابق على الحكم المستأنف - قد سقط حق الطعن فيه بالاستئناف. القضاء - من بعد - في المنطوق بقبول الاستئناف شكلاً. لا عيب. هذا القضاء ينصرف إلى استئناف الحكم الأخير.
1 - إذا كان مؤدى ما قرره حكم محكمة أول درجة الصادر بندب مكتب الخبراء أنه حسم النزاع بين طرفي الخصومة في خصوص انقضاء عقد فتح الاعتماد والرهن المضمون به بما يعتبر قضاء بعدم أحقية البنك الطاعن للفائدة المستحقة على الرصيد المدين بعد التاريخ الذي حدده الحكم لانقضاء عقد فتح الاعتماد والرهن المؤمن به - وهو 4/ 10/ 1960 تاريخ استيلاء وزارة التموين على الأدوية المرهونة - وذلك على خلاف ما تمسك به البنك - الطاعن - في دعواه من أن عقد فتح الاعتماد ظل سارياً حتى يوم 14/ 12/ 1964، فإنه في هذا الخصوص يعتبر حكماً قطعياً في شق من الموضوع كان مثار نزاع بين الطرفين وأنهى الخصومة في شأنه، ومن ثم يجوز الطعن في هذا الشق من الحكم استقلالاً بطريق الاستئناف وفقاً لنص المادة 378 من قانون المرافعات السابق، ولا يعتبر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - مستأنفاً باستئناف الحكم الذي صدر بعد ذلك في باقي الموضوع. وإذ فات الطاعن أن يطعن على هذا الحكم في الميعاد، فإن استئنافه له مع الحكم الصادر بعد ذلك يكون قد رفع بعد الميعاد، ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب، إذ ضمن الأسباب أن ذلك الحكم قد سقط حق الطعن فيه بالاستئناف.
2 - إذا قضت المحكمة بندب مكتب الخبراء لتصفية الحساب، ولم تضمن المنطوق ما ورد في الأسباب في شأن تاريخ انقضاء عقد فتح الاعتماد والرهن المؤمن به، ثم ناطت بالخبير إجراء المحاسبة بين الطرفين حتى يوم 4/ 10/ 1960 فإن من شأن ذلك أن ما أوردته من أسباب خاصة بتاريخ انقضاء عقد فتح الاعتماد والرهن المضمون به أن تعتبر هذه الأسباب مكملة لمنطوق الحكم ومرتبطة به.
3 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد قطع في أسبابه بأن حكم ندب مكتب الخبراء الصادر من محكمة أول درجة - والسابق على الحكم المستأنف - قد سقط حق الطعن فيه بالاستئناف فإنه لا يعيبه - من بعد - القضاء في المنطوق بقبول الاستئناف شكلاً، إذ هذا القضاء إنما ينصرف إلى الاستئناف الحاصل عن الحكم الأخير، ولا يشمل بحال الحكم الصادر بندب مكتب الخبراء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن البنك الطاعن أقام الدعوى رقم 904 سنة 1962 تجاري كلي القاهرة ضد المؤسسة المطعون ضدها الأولى، وقال بياناً لها إنه بمقتضى عقد مؤرخ 14/ 11/ 1959 قام البنك بفتح اعتماد لهذه المؤسسة لحسابه وبضمان بضائع بفائدة قدرها 5.5% سنوياً بخلاف عمولة قدرها 1/ 8 في الألف وقد بلغ الرصيد المدين للحساب حتى 14/ 12/ 1961 مبلغ 24156 ج و206 م وإذا لم تقم المؤسسة المطعون عليها بسداد هذا الرصيد، فقد أقام الدعوى طالباً إلزامها بالمبلغ المشار إليه وبصحة إجراءات الحجز الموقع تحت يد المطعون ضدهم من الثالثة حتى الأخير. ثم عدل البنك الطاعن طلباته فقصرها على مبلغ 3590 ج و177 م والفوائد بواقع 5% حتى السداد مع صحة إجراءات الحجز. وبتاريخ 5/ 5/ 1964 قضت المحكمة قبل الفصل في الموضوع بندب الخبير الحسابي بمكتب خبراء وزارة العدل لبيان الرصيد المدين للمؤسسة المطعون ضدها الأولى في 14/ 10/ 1960 ومفردات هذا الرصيد وخصم المبالغ المسددة، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة في 8/ 3/ 1966 برفض الدعوى. استأنف البنك الطاعن هذا الحكم وقيد الاستئناف برقم 241 سنة 83 ق القاهرة، ومحكمة استئناف القاهرة قضت في 31/ 1/ 1967 بتأييد الحكم المستأنف. قرر البنك بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه استأنف الحكم الصادر في موضوع الدعوى من محكمة الدرجة الأولى في الميعاد القانوني، وأن استئناف هذا الحكم ينصرف وبقوة القانون إلى الحكم الصادر قبل الفصل في الموضوع بتاريخ 5/ 5/ 1964 بندب مكتب الخبراء لبيان قيمة رصيد المؤسسة المطعون عليها وقد أشار الطاعن صراحة في صحيفة الاستئناف إلى أن استئنافه ينصب على هذا الحكم أيضاً، إلا أن الحكم المطعون فيه انتهى في أسبابه إلى سقوط الحق في استئناف هذا الحكم لرفعه بعد الميعاد، تأسيساً على أن هذا الحكم وإن كان قد صدر بندب خبير لتصفية الحساب إلا أنه قد فصل في شق من الموضوع حين انتهى في أسبابه إلى أن عقد فتح الاعتماد الذي يستند إليه البنك قد انقضى بصدور القانون رقم 212 سنة 1960، وأن الرهن الحيازي الذي يضمنه قد انقضى تبعاً لذلك منذ استيلاء الهيئة العليا للأدوية على البضائع المرهونة في 4/ 10/ 1960، وهو التاريخ الذي حدده الحكم للخبير كأساس لتصفية الحساب. ويقول الطاعن إن هذا الذي ذهب إليه الحكم المطعون فيه ينطوي على خطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الحكم الصادر من محكمة الدرجة الأولى في 5/ 5/ 1964 بندب مكتب الخبراء والذي انتهى إلى انقضاء عقد فتح الاعتماد والرهن المؤمن به وذلك بصدور القانون رقم 212 سنة 1960 الذي أمم تجارة الأدوية إنما قرر أمراً واقعاً لم يكن محل خلاف بين الخصوم، ولم يكن ليحتاج إلى حكم قضائي، فضلاً عن أن محكمة أول درجة لم تشر إليه في منطوق حكمها بندب خبير بل جاء المنطوق صريحاً في أن المحكمة تقضي قبل الفصل في الموضوع بندب خبير لتصفية الحساب، غير أن الحكم المطعون فيه اعتبر هذا القضاء فصلاً في شق من الموضوع وأورد في أسبابه سقوط حق الطاعن في استئناف هذا الحكم لرفعه بعد الميعاد، ثم قضى في منطوقه بقبول الاستئناف شكلاً مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه يبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أن البنك الطاعن قد طالب المؤسسة المطعون ضدها بالرصيد المدين مع الفائدة المستحقة حتى يوم 14/ 12/ 1961 وهو المبلغ المطالب به عدا ما يستحق من الفوائد بواقع 5% والملحقات حتى تمام السداد، وقد دفعت المؤسسة المطعون عليها الدعوى بأن عقد فتح الاعتماد أصبح منتهياً بصدور القانون رقم 212 سنة 1960 بشأن تنظيم تجارة الأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية وأنه استحال على الطاعن تنفيذ التزامه بتسليم الأدوية إليها بما لا يحق معه للطاعن المطالبة بفوائد اعتباراً من التاريخ الذي توقف فيه سريان العقد، وأوردت المحكمة الابتدائية في أسباب حكمها بتاريخ 5/ 5/ 1964 أن عقد فتح الاعتماد قد انقضى بصدور القانون رقم 212 لسنة 1960 الذي حظر الاتجار في الأدوية على غير المؤسسة العامة للأدوية، الأمر الذي أضحى معه عقد فتح الاعتماد غير ذي موضوع باستيلاء وزارة التموين بموجب الخطاب المؤرخ 4/ 10/ 1960 على الأدوية التي كانت تحت يد البنك على سبيل الرهن الحيازي، ورتب الحكم على ذلك اعتبار عقد فتح الاعتماد والرهن المؤمن به منقضياً من هذا التاريخ الأخير، وخلص من ذلك إلى ندب مكتب الخبراء لتصفية الحساب بين الطرفين من تاريخ عقد فتح الاعتماد 24/ 11/ 1956 حتى تاريخ انقضائه في 4/ 10/ 1960 ولما كان مؤدى هذا الذي قرره الحكم الصادر بندب مكتب الخبراء أنه حسم النزاع السالف بيانه بين طرفي الخصومة في خصوص انقضاء عقد فتح الاعتماد والرهن المضمون به، بما يعتبر قضاء بعدم أحقية البنك الطاعن للفائدة المستحقة على الرصيد المدين بعد التاريخ الذي حدده الحكم لانقضاء عقد فتح الاعتماد والرهن المؤمن به وهو 4/ 10/ 1960 تاريخ استيلاء وزارة التموين على الأدوية المرهونة، وذلك على خلاف ما تمسك به البنك الطاعن في دعواه من أن عقد فتح الاعتماد ظل سارياً حتى يوم 14/ 12/ 1961. لما كان ذلك وكان ما قضى به الحكم الصادر من محكمة الدرجة الأولى بجلسة 5/ 5/ 1964 يعتبر في هذا الخصوص حكماً قطعياً في شق من الموضوع كان مثار نزاع بين الطرفين وأنهى الخصومة في شأنه، فإنه بذلك يجوز الطعن في هذا الشق من الحكم استقلالاً بطريق الاستئناف وفقاً لنص المادة 378 من قانون المرافعات السابق، ولا يعتبر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مستأنفاً باستئناف الحكم الذي صدر بعد ذلك في باقي الموضوع، وإذ فات الطاعن أن يطعن على هذا الحكم في خلال الميعاد وهو 60 يوماً من تاريخ صدوره في 5/ 5/ 1964 عملاً بالمادتين 379 و402 من قانون المرافعات السابق بعد تعديلهما بالقانون رقم 100 سنة 1962، فإن استئناف الطاعن له مع الحكم الصادر بعد ذلك بتاريخ 8/ 3/ 1966 يكون قد رفع بعد الميعاد سالف البيان ويكون قول الطاعن إن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تحديد يوم 4/ 10/ 1960 تاريخاً لانتهاء المحاسبة لا محل له إذ ينصب على حكم حائز لقوة الأمر المقضي انغلق السبيل للطعن فيه، أما ما يثيره الطاعن من أن الحكم الصادر في 5/ 5/ 1964 بندب مكتب الخبراء لتصفية الحساب لم يضمن منطوقه ما ورد في أسبابه في شأن تاريخ انقضاء عقد فتح الاعتماد والرهن المؤمن به، فمردود بأن الحكم المذكور إذ أناط بالخبير إجراء المحاسبة بين الطرفين حتى يوم 4/ 10/ 1960، فإن من شأن ذلك أن ما أورده من أسباب خاصة بتاريخ انقضاء عقد فتح الاعتماد والرهن المضمون به أن تعتبر هذه الأسباب مكملة لمنطوق الحكم ومرتبطة به، ولا عبرة بعد ذلك لما يثيره الطاعن من أن الحكم المطعون فيه أورد في أسبابه سقوط حق الطاعن في استئناف الحكم الصادر في 5/ 5/ 1964 لإقامته بعد الميعاد ثم قضى في منطوقه بقبول الاستئناف، ذلك أن قضاء الحكم بقبول الاستئناف شكلاً إنما ينصرف إلى الاستئناف الحاصل عن الحكم الصادر بجلسة 8/ 3/ 1966 ولا يشمل بحال الحكم الصادر من محكمة أول درجة بتاريخ 5/ 5/ 1964 بندب مكتب الخبراء، بعد أن قطع الحكم المطعون فيه في أسبابه بأن ذلك الحكم قد سقط حق الطعن فيه بالاستئناف، لما كان ما تقدم فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] نقض 7/ 1/ 1969 مجموعة المكتب الفني. س 20. ص 45.