أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 645

جلسة 18 من مايو سنة 1983

برئاسة السيد المستشار/ محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم حسين رضوان، حسين كامل حنفي، محمد رفيق البسطويسي ومحمود بهي الدين.

(130)
الطعن رقم 6928 لسنة 52 القضائية

(1) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام". استئناف. محكمة استئنافية.
إحالة المحكمة الاستئنافية في ذكر وقائع الدعوى كلها أو بعضها إلى ما ورد بالحكم الابتدائي. حتى ولو خالفت وجهته. صحيح. ما دام التنافر منتفياً.
(2) إيجار أماكن. خلو رجل. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
جريمة اقتضاء مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار المنصوص عليها في المادة 17 - 1 من القانون 52 لسنة 1966. مغايرتها لجريمة اقتضاء مقدم إيجار المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من المادة ذاتها.
إبانة الحكم في مدوناته التي قام عليها قضاءه واقعة الدعوى على نحو يكشف عن اختلال فكرته عن عناصرها وعدم استقرارها في عقيدة المحكمة الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة. يعيبه.
(3) محكمة النقض "سلطتها". قانون "القانون الأصلح".
سلطة محكمة النقض في نقض الحكم لمصلحة الطاعن من تلقاء نفسها متى صدر قانون أصلح للمتهم.
(1) من المقرر أنه لا جناح على المحكمة الاستئنافية إذا هي أحالت في ذكر وقائع الدعوى كلها أو بعضها إلى ما ورد بالحكم الابتدائي حتى في حالة مخالفتها في النهاية لوجهة نظر محكمة أول درجة ما دام التنافر منتفياً بين ما عولت عليه هي من الحكم الابتدائي من الوقائع الثابتة وبين ما استخلصته من هذه الوقائع مخالفاً لما استخلصته منها محكمة أول درجة.
(2) لما كانت جريمة اقتضاء مبلغ إضافي خارج نطاق عقد الإيجار المؤثمة بالفقرة الأولى من المادة السابعة عشرة من القانون رقم 52 لسنة 1969 الذي يحكم واقعة الدعوى تغاير جريمة اقتضاء مقدم إيجار المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من المادة ذاتها وكان ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه في بعض أسبابه من أن المبالغ التي دفعها المدعون بالحقوق المدنية إلى الطاعن هي مقدم إيجار يناقض ما جاء بالأسباب ذاتها من أن هذه المبالغ دفعت خارج نطاق عقد الإيجار، الأمر الذي يكشف عن اختلال فكرته عن عناصر الواقعة وعدم استقرارها في عقيدة المحكمة الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة ويعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على حقيقة الواقعة.
(3) إدانة الطاعن بجريمة تقاضي مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار تخول هذه المحكمة عملاً بالمادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، أن تنقض الحكم لمصلحة الطاعن من تلقاء نفسها على ضوء ما نصت عليه الفقرة الثانية من القانون رقم 136 لسنة 1981 - وهو قانون أصلح - من إعفاء من العقوبات المقررة لتلك الجريمة إذا ما توافرت موجبات الإعفاء.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن أنه: تقاضى المبالغ المبينة بالأوراق على سبيل الخلو خارج نطاق عقد الإيجار وطلبت معاقبته بالمادتين 26، 77 من القانون رقم 49 لسنة 1977.
وادعى..... وآخرون مدنياً قبل المتهم مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
ومحكمة الجنح المستعجلة بمصر الجديدة الجزئية قضت حضورياً:
أولاً: - في الدعوى الجنائية بانقضائها بمضي المدة وبراءة المتهم مما نسب إليه.
ثانياً: - في الدعوى المدنية بإحالتها إلى محكمة مصر الجديدة المختصة لنظرها فاستأنفت النيابة العامة والمدعيين بالحقوق المدنية.
ومحكمة القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع بإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وتغريم المتهم 300 جنيه وألزمته بأن يؤدي لكل من المدعين بالحق المدني مبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تقاضي مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأنه أحال في بيان واقعة الدعوى على أسباب الحكم الابتدائي مع أنه قضى بإلغائه، فضلاً عن أنه فهم الدعوى على غير مؤداها الثابت بالأوراق، إذا أورد أن الطاعن تقاضى من المدعين بالحقوق المدنية مبالغ بمناسبة تحرير عقود الإيجار، مع أن مؤدى أقوالهم أنهم دفعوا جزءاً من هذه المبالغ عند تحرير العقود والجزء الآخر بعد ذلك وهو الذي تحرر عنه إيصالات ولا يشكل جريمة. هذا وقد دفع الطاعن بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة إلا أن الحكم رد على هذا الدفع بما لا يصلح رداً. كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إنه لما كان من المقرر أنه لا جناح على المحكمة الاستئنافية إذا هي أحالت في ذكر وقائع الدعوى كلها أو بعضها إلى ما ورد بالحكم الابتدائي حتى في حالة مخالفتها في النهاية لوجهة نظر محكمة أول درجة ما دام التنافر منتفياً بين ما عولت عليه من الحكم الابتدائي من الوقائع الثابتة وبين ما استخلصته من هذه الوقائع مخالفاً لما استخلصته منها محكمة أول درجة، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ بأقوال المدعين بالحقوق المدنية أن الطاعن استأدى منهم المبالغ في غضون عام 1977، كما أورد أن الطاعن سئل بمحضر الشرطة في 10 - 12 - 1979، وكان الثابت من الأوراق أن الدعوى نظرت أمام محكمة أول درجة في 7 - 1 - 1980 وفيها حضر الطاعن، فإن ما انتهى إليه الحكم من رفض الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية يكون قد اقترن بالصواب. أما ما ينعاه الطاعن من عدم تفهم الحكم لواقعة الدعوى فإنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أبدى اطمئنانه إلى ما قرره المدعون بالحقوق المدنية من أن الطاعن تقاضى منهم بمناسبة تحرير عقود الإيجار مبالغ خارج نطاق هذه العقود، وأطرح دفاع الطاعن أن هذه المبالغ كانت على سبيل القرض، خلص إلى أنها مقدم إيجار، ثم عاد وأثبت أن الطاعن ارتكب جريمة تقاضي مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار وبمناسبته، ثم عاد مرة أخرى إلى القول (وأما دفاعه بأنها على سبيل القرض دفاعاً مرفوضاً لم يسانده دليل في الأوراق وأن حقيقتها أنها مقدم إيجار إعمالاً لنص المادة 17 - 2 من القانون 52 لسنة 1969). وكانت جريمة اقتضاء مبلغ إضافي خارج نطاق عقد الإيجار المؤثمة بالفقرة الأولى من المادة السابعة عشرة من القانون رقم 52 لسنة 1969 الذي يحكم واقعة الدعوى تغاير جريمة اقتضاء مقدم إيجار المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من المادة ذاتها وكان ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه في بعض أسبابه من أن المبالغ التي دفعها المدعون بالحقوق المدنية إلى الطاعن هي مقدم إيجار يناقض ما جاء بالأسباب ذاتها من أن هذه المبالغ دفعت خارج نطاق عقد الإيجار، الأمر الذي يكشف عن اختلال فكرته عن عناصر الواقعة وعدم استقرارها في عقيدة المحكمة الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة ويعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على حقيقة الواقعة، وخاصة وأن إدانة الطاعن بجريمة تقاضي مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار تخول هذه المحكمة عملاً بالمادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، أن تنقض الحكم لمصلحة الطاعن من تلقاء نفسها على ضوء ما نصت عليه الفقرة الثانية من القانون رقم 136 لسنة 1981 - وهو قانون أصلح - من إعفاء من العقوبات المقررة لتلك الجريمة إذا توافرت موجبات الإعفاء، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة، وإلزام المطعون ضدهم المصاريف المدنية ومقابل أتعاب المحاماة.