أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 23 - صـ 147

جلسة 9 من فبراير سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، وجودة أحمد غيث، وحامد وصفي، وإبراهيم السعيد ذكرى.

(23)
الطعن رقم 42 لسنة 34 القضائية

( أ ) نقض. "أسباب الطعن".
وجوب تفصيل أسباب الطعن بالنقض في تقرير الطعن. إحالة الطاعن في هذا الشأن إلى صحيفة الاستئناف. لا يكفي.
(ب) ضرائب. "ضريبة الأرباح التجارية". سمسرة. عمل.
خضوع الأرباح الناتجة عن الوساطة لضريبة الأرباح التجارية. شرطه. تعلق الوساطة بالبيع والشراء وأن يكون الوسيط مستقلاً في أدائه لعمله. الوسيط المشار إليه بالمادة 676 مدني. اعتباره أجيراً. خضوعه لضريبة المرتبات والأجور.
(ج) عقد. "تكييف العقد". ضرائب. "ضريبة الأرباح التجارية". حكم. "تسبيب الحكم". محكمة الموضوع.
العبرة في شئون الضرائب هي بواقع الأمر لا بما يخلعه الأفراد على عقودهم من تسمية أو تكييف. نفي المحكمة - في حدود سلطتها الموضوعية - علاقة العمل بين الطرفين. اعتبار العمولة ربحاً تجارياً تسري عليه ضريبة الأرباح التجارية. صحيح. عدم لزوم تتبع المحكمة للخصوم في مناحي دفاعهم.
1 - إذ أوجب القانون تفصيل أسباب الطعن، فإن مراده بهذا التفصيل في معنى المادة السابعة من القانون رقم 57 لسنة 1959 هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ذكر هذه الأسباب على سبيل البيان والتحديد، لإمكان التعرف على المقصود منها وإدراك العيب الذي شاب الحكم. ولما كان ما ينعاه الطاعنان من أن الحكم المطعون فيه اقتصر على تلخيص سببين من أسباب الاستئناف وأشار إلى باقيها إشارة عابرة قد جاء مجهلاً، لم يوضحا فيه مواطن القصور فيما أغفل الحكم ذكره، وكان لا يغني عن ذلك إحالة الطاعنين إلى صحيفة الاستئناف المقدمة ضمن مستنداتهما، لأن العبرة في تفصيل الأسباب هي بما جاء في تقرير الطعن وحده، لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم بالقصور يكون غير مقبول.
2 - النص في الفقرة الثالثة من المادة 32 من القانون رقم 14 لسنة 1939 معدلة بالقانون رقم 146 لسنة 1950 على سريان ضريبة الأرباح التجارية والصناعية على "السماسرة وسماسرة الأوراق المالية والوكلاء بالعمولة، وبصفة عامة كل شخص أو شركة أو وكالة أو مكتب يشتغل بأعمال الوساطة لشراء أو بيع أي نوع من البضائع أو المواد الغذائية أو القيم المالية على اختلاف أنواعها"، يدل على أن المشرع أخضع للضريبة على الأرباح التجارية، الأرباح الناتجة من الوساطة دون نظر إلى الاسم الذي يطلق عليها أو الشكل الذي يتم به دفع العمولة للوسيط، إنما يشترط لذلك أن تكون هذه الوساطة خاصة بالشراء والبيع، وأن يكون الوسيط مستقلاً عن غيره في أداء عمله، وهي الخصيصة التي تميزه عن الوسيط الذي عنته المادة 676 من القانون المدني والذي يعمل لحساب رب العمل ويكون تابعاً له وخاضعاً لرقابته، ويعتبر الوسيط في هذه الحالة أجيراً يخضع لضريبة المرتبات والأجور.
3 - إذا كانت المحكمة للأدلة السائغة التي أوردتها قد استخلصت من الوقائع المطروحة عليها في حدود سلطتها الموضوعية أن صلة الطاعنين (الممولين) بالمؤسسة الأجنبية التي تعاقدت معهما، ليست صلة مستخدم أو أجير، بل كانا يعملان لحسابهما الخاص فيما يقومان به من تصريف منتجاتها دون رقابة أو إشراف من المؤسسة، ورتبت المحكمة على هذا النظر أن العمولة التي حصلا عليها، تعتبر ربحاً تجارياً تسري عليه ضريبة الأرباح التجارية والصناعية وفقاً لنص المادة 32 من القانون رقم 14 لسنة 1939، فإنها تكون بذلك قد طبقت القانون تطبيقاً صحيحاً، ولما كانت العبرة في شئون الضرائب هي بواقع الأمر، لا بما يخلعه الأفراد على عقودهم من تسمية أو تكييف، فلا يعيب الحكم إغفاله الإشارة صراحة إلى بنود العقد المبرم بين الطاعنين وبين المؤسسة سالفة الذكر، ما دام أن فهمه الواقعي لمركز الطاعنين يتضمن الرد على سند العقد المشار إليه. إذ لا على المحكمة إن هي لم تتبع الخصوم في مناحي حججهم ودفاعهم ما دامت قد بنت قضاءها على أسباب صحيحة كافية لحمله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين قدما لمأمورية الضرائب إقرارين عن سنتي 1950 و1951 بأنهما حققا خسارة قدرها 11400 ج، 6517 ج و644 م في هاتين السنتين على التوالي، وأجرت المأمورية تعديلات على الإقرارين واعتبرت المنشأة شركة واقع بين الطاعنين في سنة 1950 وحققت خسارة قدرها 514جنيهاً، واعتبرت المنشأة فردية يختص بها الطاعن الأول في سنة 1951 وحققت ربحاً قدره 30823 ج و724 م، وإذ اعترض الطاعنان استناداً إلى أنهما غير خاضعين للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية بل للضريبة على المرتبات والأجور باعتبارهما أجيرين وممثلين تجاريين في مصر لإحدى المؤسسات الأجنبية وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن، وأصدرت في 14 من ديسمبر سنة 1957 قرارها باعتبار نشاط المنشأة خاضعاً للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية في سنة 1950 وباعتماد تحديد المأمورية لنتيجة أعمالها بخسارة قدرها 514 جنيهاً في تلك السنة وبإعادة الملف للمأمورية لتصحيح إجراءات الإخطار بالربط والإحالة على لجنة الطعن بالنسبة لسنة 1951، فقد أقام الطاعنان الدعوى رقم 41 لسنة 1958 تجاري أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد مصلحة الضرائب بالطعن في هذا القرار طالبين إلغاءه فيما قضى به من اعتبارهما خاضعين للضريبة على الأرباح التجارية وفيما تضمنه من اعتبار النموذج رقم 18 ضرائب عن سنة 1951 غير باطل والحكم باعتبارهما خاضعين في علاقتهما بالمؤسسة الأجنبية للضريبة على كسب العمل وباعتبار النموذج رقم 18 المشار إليه باطلاً بطلاناً جوهرياً ولا يرتب أثراً. وبتاريخ 18 من ديسمبر سنة 1961 حكمت المحكمة بتأييد قرار اللجنة المطعون فيه. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 502 لسنة 79 ق تجاري القاهرة، ومحكمة الاستئناف حكمت في 28 من نوفمبر 1963 بتأييد الحكم المستأنف. قرر الطاعنان بالطعن بطريق النقض في هذا الحكم، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنان بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولان إنهما استندا في صحيفة الاستئناف إلى سبعة أسباب فصلاً فيها أوجه النعي على حكم محكمة أول درجة، غير أن الحكم المطعون فيه اقتصر على تلخيص سببين منها وأورد الرد عليهما في سياق أسبابه، وأغفل تفصيل الأسباب الخمسة الباقية ولم يرد عليها الأمر الذي يجعله قاصر التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن القانون إذ أوجب تفصيل أسباب الطعن فإن مراده بهذا التفصيل في معنى المادة السابعة من القانون رقم 57 لسنة 1959 هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ذكر هذه الأسباب على سبيل البيان والتحديد لإمكان التعرف على المقصود منها وإدراك العيب الذي شاب الحكم، ولما كان ما ينعاه الطاعنان من أن الحكم المطعون فيه اقتصر على تلخيص سببين من أسباب الاستئناف وأشار إلى باقيها إشارة عابرة قد جاء مجهلاً لم يوضحا فيه مواطن القصور فيما أغفل الحكم ذكره، وكان لا يغني عن ذلك إحالة الطاعنين إلى صحيفة الاستئناف المقدمة ضمن مستنداتهما لأن العبرة في تفصيل الأسباب هي بما جاء في تقرير الطعن وحده، لما كان ذلك فإن النعي بهذا السبب يكون غير مقبول.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن محكمة أول درجة بتأييدها قرار لجنة الطعن فيما خلص إليه من إعادة الأوراق للمأمورية لتصحيح إجراءات الإخطار بالربط وبالإحالة إلى اللجنة بالنسبة لسنة 1951 تكون قد استجابت لطلبهما من اعتبار النموذج رقم 18 ضرائب باطلاً، غير أن الحكم المطعون فيه خالف هذا الرأي وانتهى إلى صحة النموذج المذكور، وهذا القضاء ضاربهما إذ أنهما انفردا باستئناف حكم محكمة أول درجة ولم تستأنفه مصلحة الضرائب فلا يجوز أن يضارا بطعنهما، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أن قرار لجنة الطعن الصادر في 14 من ديسمبر سنة 1957 قد عرض لما دفع به الطاعنان من بطلان النموذجين رقمي 18، 19 ضرائب سنة 1951 في قوله "...... إنه فيما يختص بالنموذج 18 ضرائب فإنه أحال إلى المادة 45 من القانون التي نصت على ضرورة إبداء الملاحظات على التعديلات أو التصحيحات التي أدخلتها المأمورية على الإقرار في خلال شهر على الأكثر من استلامه وإلا ربطت المأمورية الضريبة وفقاً لوجهة نظرها وأصبحت واجبة الأداء هذا فضلاً عن أن الممول لم يضار بإرسال هذا النموذج فهو قد رد عليه فعلاً في خلال الموعد القانوني ولم يثر أي اعتراض عليه وبذلك لا يكون هناك أي ضرر من إرسال النموذج على هذا النحو وحيث لا ضرر فلا محل للتمسك بالبطلان. وأما عن النموذج رقم 19 ضرائب فإن اللجنة ترى أن المأمورية قد تسرعت فعلاً في إرساله قبل انقضاء مدة الشهر على إرسال النموذج 18 ضرائب وقبل أن يقوم الممول بالرد عليه. وكذلك الحال بالنسبة للإحالة على اللجنة إذ تمت قبل انقضاء شهر على إرسال النموذج 19 ضرائب وقبل أن يطعن الممول فيه..." ولما كان مفاد هذا من القرار أنه انتهى إلى صحة النموذج رقم 18 ضرائب وإلى بطلان النموذج رقم 19 ضرائب، وكانت محكمة أول درجة قد أيدت القرار المذكور فيما انتهى إليه من صحة النموذج 18 ضرائب، وإذ استأنف الطاعنان هذا الحكم وأيده الحكم المطعون فيه فيما قضى به في هذا الخصوص، فإنه لا يكون قد أضر الطاعنين بطعنهما، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالوجه الثاني من السبب الأول وبالأوجه السبعة الأولى من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، ويقولان في بيان ذلك إن الحكم المطعون فيه انتهى إلى إخضاعهما للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية في سنة 1950 على سند من القول بأن الفقرة الثالثة من المادة 32 من القانون رقم 14 لسنة 1939 تقضي بسريان هذه الضريبة على السماسرة والوكلاء بالعمولة، وأن للطاعن الأول سجلاً تجارياً يمارس بمقتضاه أعمال الاستيراد والتصدير والوكالة بالعمولة، وأن المنشأة أرفقت بإقرارها الضريبي حساباً بالأرباح والخسائر تضمن بنوداً من المصروفات تحملها الطاعنان وحققت خسائر لهما استغرقت قدراً كبيراً من الدخل المتحصل بما يفيد أنهما يعملان لحسابهما الخاص، وأن نشاطهما بطبيعته تجاري ناتج من تضافر رأس المال والعمل، وقد توافر فيه عنصر المخاطرة الأمر الذي لا يجعلهما خاضعين للضريبة على المرتبات والأجور، لأن الأجر يجب أن يكون ثابتاً دورياً يمنح للعامل الذي لا يشارك أحداً في عمله، خلافاً للطاعنين إذ يكونان شركة واقع بينهما، هذا في حين أن الطاعنين استندا في عدم خضوعهما للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية إلى ما ورد بالترجمة الرسمية للعقد المؤرخ 14 من يوليو 1949 والمبرم في بودابست بين الطاعن الأول وبين مؤسسة التجارة الخارجية للصناعات الثقيلة المجرية والذي يبين من نصوصه أنهما يعملان ممثلين تجاريين لتلك المؤسسة ويرتبطان بها برابطة التبعية ويخضعان لسيطرتها وتوجيهها ويعملان باسمها ولحسابها ويتقاضيان نسبة مئوية معينة من صافي ثمن الأدوات التي تتعاقد عليها المؤسسة مباشرة وتقوم هي بتوريدها، الأمر الذي يجعل صلتها بالمؤسسة هي علاقة عمل في معنى المادتين 674 و676 من القانون المدني. ويضيف الطاعنان أن العبرة في تحديد نوع الضريبة هي بطبيعة العمل الممارس دون مراعاة لما إذا كان القائم به فرداً أو شركة، كما أن الشخص قد يخضع لضريبتين نوعيتين إذا حقق إيراداً من نوعين مختلفين، ووجود سجل تجاري باسم الطاعن الأول وافتراض مزاولته أعمالاً تجارية بمقتضاه لا يؤثر على خضوعه للضريبة على المرتبات والأجور بالنسبة للإيرادات التي يحققها من نشاطه في علاقته بالمؤسسة الأجنبية التي يعمل ممثلاً تجارياً لها، علاوة على أن مفاد المادتين 61 و62 من القانون رقم 14 لسنة 1939 أنه ليس بلازم أن يكون الأجر ثابتاً أو دورياً، وإنما إذا توافرت خصائص عقد العمل فلا عبرة بشكل الأجر أو كيفية دفعه، هذا إلى أن قيام الممول الخاضع للضريبة على المرتبات بإنفاق مصروفات في سبيل القيام بعمله وأياً كانت جسامة هذه النفقات لا يمكن أن يغير من نوع الضريبة التي يحق فرضها عليه، خاصة وأن هذه النفقات التي تكبدها الطاعنان استلزمتها نصوص عقد العمل وشروطه وظروفه، غير أن الحكم المطعون فيه خالف ذلك كله ولم يشر إلى العقد المبرم بين الطرفين ولا إلى ما تضمنه من أحكام، مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون وبالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في الفقرة الثالثة من المادة 32 من القانون رقم 14 لسنة 1939 معدلة بالقانون رقم 146 لسنة 1950 على سريان ضريبة الأرباح التجارية والصناعية على "السماسرة وسماسرة الأوراق المالية والوكلاء بالعمولة وبصفة عامة كل شخص أو شركة أو وكالة أو مكتب يشتغل بأعمال الوساطة لشراء أو بيع أي نوع من البضائع أو المواد الغذائية أو القيم المالية على اختلاف أنواعها" يدل على أن المشرع أخضع للضريبة على الأرباح التجارية، الأرباح الناتجة من الوساطة دون نظر إلى الاسم الذي يطلق عليها أو الشكل الذي يتم به دفع العمولة للوسيط، إنما يشترط لذلك أن تكون هذه الوساطة خاصة بالشراء والبيع، وأن يكون الوسيط مستقلاً عن غيره في أداء عمله، وهي الخصيصة التي تميزه عن الوسيط الذي عنته المادة 676 من القانون المدني، والذي يعمل لحساب رب العمل ويكون تابعاً له وخاضعاً لرقابته، ويعتبر الوسيط في هذه الحالة أجيراً يخضع لضريبة المرتبات والأجور، ولما كان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه قد عرض لوضع الطاعنين في قوله "إنه يبين من مطالعة الإقرار المقدم من الطاعنين أنهما أرفقا بعض الوثائق ومنها ما سمياه حساب الأرباح والخسائر، وقد تضمن هذا الحساب بياناً تفصيلياً عن المهايا والمكافآت والإيجار ومصاريف البضائع واستهلاك السيارات.... ولا جدال أن هذه القيود التي تمثل المصروفات والنفقات التي يتحملها الطاعنان إنما تتعلق بنشاط تجاري في طبيعته بعيد كل البعد عن أن يوصف بأنه خاص بأجير أو موظف أو عامل، لأن من طبيعة هذه المصروفات سالفة الذكر أنها لا تكون إلا عن النشاط التجاري فقط، لأنها قد تستغرق في بعض الأحيان نصيباً كبيراً من الدخل قد يعادله أو يزيد عنه.... والقرينة المستمدة من إقرارهما الذي يدعيان فيه أن نشاطهما أسفر عن خسارة في سنة من السنوات تنم حتى ولو لم تتحقق الخسارة عن دليل واضح بأن نشاطهما هو نشاط تجاري بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى سواء في حدود تطبيق قانون التجارة أو في حدود تطبيق القانون الضريبي، ومما يؤيد هذا النظر أن للمنشأة سجلاً تجارياً باسم الطاعن الأول خاص بالاستيراد والتصدير والمطالبة بالعمولة (يراجع ملف المأمورية) وأن لها رأسمالها وبالتالي يكون الإيراد الناتج من اشتراك رأس المال المشار إليه والعمل خاضعاً للضريبة على الأرباح التجارية، وقد ثبت من واقع إقراريهما أن عنصر المخاطرة قد توافر هو الآخر فقدرا خسارتهما في سنة 1950 بمبلغ 11400 ج وقدرتها المأمورية واللجنة من بعدها بمبلغ 514 ج، وإزاء هذا جميعه يكون الطاعنان ممولين خاضعين لضريبة الأرباح التجارية والصناعية سواء كانا في ذلك يعملان لحسابهما الخاص أو كوكيلين بالعمولة كما ذهبت إلى ذلك مأمورية الضرائب ولجنة الطعن من بعدها"، وأضاف الحكم المطعون فيه ما يلي: ".... ولاشك أن مثل هذا الحساب يقطع بأن الممول إنما يعمل لحسابه الخاص وليس لحساب رب عمل يتبعه، وإلا لما تحمل هذه النفقات وهذه المصروفات التي من شأنها توافر عنصر المجازفة بالربح والخسارة، بل أكثر من ذلك فإن إقرارهما المقدم عن سنة 1950 ورد به صراحة أن المصروفات قد استنفدت رأس المال مما أدى إلى تحقيق خسارة، أي أن هناك رأسمال وإيرادات ومصروفات وزيادة نفقات على الإيرادات أسفرت عن خسارة، وكل هذه الخصائص هي التي تميز النشاط الخاضع للضريبة على الأرباح التجارية عن النشاط الخاضع للضريبة على المرتبات والأجور..." وكان يبين مما سلف أن المحكمة للأدلة السائغة التي أوردتها قد استخلصت من الوقائع المطروحة عليها في حدود سلطتها الموضوعية أن صلة الطاعنين بالمؤسسة الأجنبية التي تعاقدت معهما ليست صلة مستخدم أو أجير، بل كانا يعملان لحسابهما الخاص فيما يقومان به من تصريف منتجاتها دون رقابة أو إشراف من المؤسسة، ورتبت المحكمة على هذا النظر أن العمولة التي حصلا عليها في سنة 1950 تعتبر ربحاًًًًًً تجارياً تسري عليه ضريبة الأرباح التجارية والصناعية وفقاً لنص المادة 32 من القانون رقم 14 لسنة 1939 فإنها تكون بذلك قد طبقت القانون تطبيقاً صحيحاً، ولما كانت العبرة في شئون الضرائب هي بواقع الأمر لا بما يخلعه الأفراد على عقودهم من تسمية أو تكييف فليس يعيب الحكم إغفاله الإشارة صراحة إلى بنود العقد المبرم بين الطاعنين وبين المؤسسة سالفة الذكر ما دام فهمه الواقعي لمركز الطاعنين يتضمن الرد على سند العقد المشار إليه، إذ لا على المحكمة إن هي لم تتبع الخصوم في مناحي حججهم ودفاعهم ما دامت قد بنت قضاءها على أسباب صحيحة كافية لحمله. لما كان ذلك، وكان لا يؤثر في سلامة الحكم ما استلزمه من ثبات الأجر ودوريته أو اشتراطه انعدام عنصر رأس المال كلية، أو تقريره وجوب كون التابع فرداً لا شركة للقول بتوافر علاقة التبعية لأن هذه التقريرات - أياً كان وجه الرأي فيها - إنما جاءت تزيداً يستقيم الحكم بدونه، لما كان ما تقدم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إن النعي بالوجه الثامن من السبب الثالث يتحصل في أن الحكم المطعون فيه عول ضمن ما ساقه من تبريرات لإخضاعهما للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية في سنة 1950 على أن الطاعنين قدما إقرارهما الضريبي متضمناً ارتضاءهما الخضوع لتلك الضريبة النوعية، وهو من الحكم مخالفة للقانون، لأنه علاوة على عدول الطاعنين عما ورد بذلك الإقرار، وتمسكهما أمام لجنة الطعن وأمام محكمة الموضوع بوجوب انطباق ضريبة المرتبات والأجور على إيرادهما موضوع النزاع، فإن ما يرد بالإقرار الضريبي من خطأ في نوع الضريبة لا يفقد الممول حقه في أن يعامل بالضريبة الواجب انطباقها عليه وفق أحكام القانون.
وحيث إنه لما كان البين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه لم يؤسس قضاءه على تقديم الطاعنين إقرارهما باعتبارهما خاضعين الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية، فإن سبب النعي لا يصادف محلاً.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه التاسع من السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعنان إنه مع افتراض عدم خضوعهما للضريبة على المرتبات والأجور لانعدام علاقة التبعية بينهما وبين المؤسسة الأجنبية، فإنهما يخضعان للضريبة على المهن غير التجارية التي أصبحت ضريبة القانون العام بصدور القانون رقم 146 لسنة 1950، لأن العمل الذي يؤديانه لا يعتبر بذاته من الأعمال التجارية الخاضعة للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى صحيحاً وعلى ما سلف البيان إلى إخضاع نشاط الطاعنين خلال سنة 1950 للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية، فلا يقبل منهما التذرع بأن هذه الضريبة لا تسري على نشاطهما المذكور، وأنه تسري عليه ضريبة نوعية أخرى هي الضريبة على المهن غير التجارية، ويكون النعي على الحكم بهذا السبب على غير أساس.