أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 23 - صـ 162

جلسة 15 من فبراير سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ بطرس زغلول نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، وأحمد ضياء الدين حنفي، ومحمود السيد عمر المصري.

(25)
الطعن رقم 189 لسنة 37 القضائية

( أ ) عقد. "إبطال العقد. زواله". بطلان. بطلان التصرفات. نقض. "أسباب الطعن. السبب الجديد". إثبات. عبء الإثبات. دفاع.
زوال حق إبطال العقد بالإجازة الصريحة أو الضمنية. م 139/ 1 مدني. عدم التمسك بذلك أمام محكمة الموضوع. عدم قبول إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. عبء إثبات إجازة العقد على من ادعاها.
(ب) عقد. إبطال العقد. سقوطه بالتقادم. بطلان. "بطلان التصرفات. تقادم. التقادم المسقط. نظام عام. نقض. أسباب الطعن. السبب الجديد".
التمسك بسقوط الحق في إبطال العقد بالتقادم، م 140/ 1 مدني، لا يتعلق بالنظام العام. ولا يقبل لأول مرة أمام محكمة النقض.
(ج) دفاع. الإخلال بحق الدفاع. "ما لا يعد كذلك". عقد. "إبطال العقد. استغلال". بطلان.
النعي على الحكم بالإخلال بحق الدفاع في شأن نفي الاستغلال، دون تقديم ما يدل على التمسك به أمام محكمة الموضوع، وإغفالها الرد عليه. عار عن الدليل.
(د) عقد. إبطال العقد. بطلان. بطلان التصرفات. غفلة. حجر. تسجيل. استغلال. تواطؤ.
كفاية أي من الاستغلال أو التواطؤ لإبطال تصرف ذي الغفلة قبل تسجيل قرار الحجر. م 115/ 2 مدني.
(هـ) عقد. أركان العقد. الرضا. عيوب الرضا. الاستغلال. غفلة. الاستغلال. م 115/ 2 مدني. تعريفه.
(و) حكم. عيوب التدليل. الفساد في الاستدلال. "ما لا يعد كذلك". استغلال. غفلة. عقد. إبطال العقد. بطلان.
استخلاص الحكم، أن التصرف كان نتيجة استغلال غفلة المتصرف، مما جاء في تقرير الخبير المنتدب في الدعوى من أن العين محل النزاع بيعت بغبن يزيد على خمس قيمتها وقت البيع، ومن إقامة المشتري مع المتصرف في منزل واحد قبل التصرف، الذي حصل في الفترة ما بين طلب الحجر عليه وتسجيله، سائغ.
1 - إنه وإن كانت المادة 139/ 1 من القانون المدني تقضي بأن يزول حق إبطال العقد بالإجازة الصريحة أو الضمنية، إلا أنه لما كان من المقرر في قضاء محكمة النقض، أن عبء إثبات إجازة عقد قابل للإبطال، إنما يقع على عاتق مدعي الإجازة، وإذ لم يقدم الطاعنون ما يدل على تمسكهم بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع، وإغفالها تحقيقه، فإنه لا يقبل منهم إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
2 - يسقط الحق في إبطال العقد بالتقادم إذا لم يتمسك به صاحبه خلال ثلاث سنوات عملاً بالمادة 140/ 1 من القانون المدني. ولما كان من المقرر أن التقادم لا يتعلق بالنظام العام، ويجب التمسك به أمام محكمة الموضوع. فإنه إذا لم يثبت أن الطاعنين قد تمسكوا أمامها بتقادم دعوى البطلان، فلا يقبل منهم التمسك بالتقادم لأول مرة أمام محكمة النقض.
3 - إذا كان الطاعنون لم يقدموا ما يدل على تمسكهم أمام محكمة الموضوع، بما أثاروه في أسباب الطعن بالنقض في خصوص نفي الاستغلال، وإغفال الحكم الرد عليه، فإن النعي على الحكم بالإخلال بحق الدفاع في هذا الخصوص يكون عارياً من الدليل.
4 - يكفي طبقاً لنص المادة 115/ 2 من القانون المدني، لإبطال التصرف الصادر من ذي غفلة قبل تسجيل قرار الحجر أن يكون نتيجة استغلال أو تواطؤ فلا يشترط اجتماع هذين الأمرين، بل يكفي توافر أحدهما.
5 - المقصود بالاستغلال أن يعلم الغير بغفلة شخص، فيستغل هذه الحالة، ويستصدر منه تصرفات لا تتعادل فيها التزاماته مع ما يحصل عليه من فائدة.
6 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد استخلص من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى أن العين المبيعة لمورث الطاعنين قد بيعت بغبن يزيد على خمس قيمة العقار وقت البيع، كما استخلص من إقامة المشتري مع المتصرف في منزل واحد قبل حصول التصرف، ومن حصول التصرف في الفترة بين تقديم المطعون عليه طلب الحجر، وتسجيله، أن هذا التصرف كان نتيجة لاستغلال حالة الغفلة لدى المتصرف، وهو استخلاص سائغ من الحكم، له أصله في الأوراق ومؤد إلى النتيجة التي انتهى إليها من إبطال العقد، فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المًقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مورث الطاعنين أقام ضد المطعون عليه الدعوى رقم 3259 سنة 1964 مدني كلي القاهرة، وطلب الحكم بصحة ونفاذ العقد الصادر له من مورثة المطعون عليه المرحومة أسما صقر عبد الرحمن المؤرخ 29/ 3/ 1959 والمتضمن بيعها له ستة قراريط شائعة في المنزل المبين بالعقد مقابل ثمن قدره 500 ج. دفع المطعون عليه الدعوى ببطلان العقد المطلوب القضاء بصحته استناداً إلى أنه صدر من المتصرفة وهي في حالة غفلة ونتيجة استغلال حالتها هذه، وأن الثمن المسمى في العقد ثمن بخس، وأنه قضى بتوقيع الحجر على المتصرفة للغفلة في 4/ 4/ 1960، وبتاريخ 20/ 11/ 1964 قضت المحكمة بندب مكتب الخبراء لتقدير قيمة العقار المبيع وقت صدور العقد، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة بتاريخ 26 ديسمبر سنة 1965 بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 29 مارس سنة 1959 الصادر من مورثة المطعون عليه إلى مورث الطاعنين مقابل الثمن وقدره 500 ج. استأنف المطعون عليه هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 315 سنة 83 ق، وبتاريخ 29/ 1/ 1967 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعنون بالأربعة الأولى منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقولون إن المطعون عليه عين قيماً على البائعة في 3 إبريل سنة 1960 وإنها توفيت في 30/ 6/ 1963 وانحصر إرثها فيه ولم يتمسك بإبطال العقد إلا بعد مضي أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ حصوله بما يفيد إجازته له. هذا إلى أن حق المطعون عليه في طلب إبطال العقد قد تقادم لمضي أكثر من ثلاث سنوات على تاريخ تحريره، ويضيف الطاعنون بأنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بأن العقد لم يكن نتيجة استغلال، فقد حرر بمكتب محامي المتصرفة وشهد عليه شهود من أقربائها، وأنها اشترت بالثمن المدفوع عقاراً يغل ريعاً أكثر من العقار المبيع، غير أن الحكم المطعون فيه لم يعتبر تراخي المطعون عليه في طلب إبطال العقد إجازة له ولم يقض بتقادم طلب البطلان أو يرد على دفاع الطاعنين في خصوص الاستغلال مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي جميعه مردود (أولاً) بأنه وإن كانت المادة 139/ 1 من القانون المدني تقضي بأن يزول حق إبطال العقد بالإجازة الصريحة أو الضمنية إلا أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن عبء إثبات إجازة عقد قابل الإبطال إنما يقع على عاتق مدعي الإجازة، وإذ لم يقدم الطاعنون ما يدل على تمسكهم بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع وإغفالها تحقيقه فإنه لا يقبل منهم إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة. والنعي مردود (ثانياً) بأن الحق في إبطال العقد يسقط بالتقادم إذا لم يتمسك به صاحبه خلال ثلاث سنوات عملاً بالمادة 140/ 1 من القانون المدني، ولما كان من المقرر أن التقادم لا يتعلق بالنظام العام ويجب التمسك به أمام محكمة الموضوع، وإذ لم يثبت أن الطاعنين قد تمسكوا أمام محكمة الموضوع بتقادم دعوى البطلان فإنه لا يقبل منهم التمسك بالتقادم لأول مرة أمام هذه المحكمة. والنعي مردود (ثالثاً) بأن الطاعنين لم يقدموا ما يدل على تمسكهم أمام محكمة الموضوع بما أثاروه بسبب الطعن في خصوص نفي الاستغلال وإغفال الحكم الرد عليه ويكون النعي على الحكم بالإخلال بحق الدفاع في هذا الخصوص عارياً عن الدليل.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم أقام قضاءه بإبطال العقد على أن مورثهم كان يعلم بحالة الغفلة لدى المتصرفة إذ كان يقيم معها في ذات المنزل موضوع التعاقد قبل صدور عقد البيع إليه، وأن إقامته هذه كانت بمقتضى عقد إيجار غير مكتوب، واستدل الحكم على ذلك بما أورده الخبير المنتدب في الدعوى في تقريره، مع أن وضع يد مورث الطاعنين على جزء من العقار المبيع قبل صدور العقد المطعون فيه إليه كان بمقتضى عقد بيع مؤرخ 12/ 3/ 1956 صادر له عن 6 ط في المنزل، وتضمن العقد ذاته بيع القدر الباقي إلى مورثة المطعون عليه، هذا إلى أن الحكم الابتدائي نفى أن العقد تم نتيجة استغلال إذ كان ثمن العقار جميعه في سنة 1956 وهو تاريخ شراء المتصرفة مبلغ 1900 ج، غير أن الحكم المطعون فيه استند إلى تقرير الخبير من وجود غبن في الثمن مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه يكفي طبقاً لنص المادة 115/ 2 من القانون المدني لإبطال التصرف الصادر من ذي غفلة قبل تسجيل قرار الحجر أن يكون نتيجة استغلال أو تواطؤ، فلا يشترط اجتماع هذين الأمرين، بل يكفي توافر أحدهما، والمقصود بالاستغلال أن يعلم الغير بغفلة شخص فيستغل هذه الحالة ويستصدر منه تصرفات لا تتعادل فيها التزاماته مع ما يحصل عليه من فائدة. ولما كان الحكم المطعون فيه قد استخلص من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى أن العين المبيعة لمورث الطاعنين قد بيعت بغبن يزيد على خمس قيمة العقار وقت البيع، كما استخلص من إقامة المشتري مع المتصرف في منزل واحد قبل حصول التصرف، ومن أن حصول التصرف في 29/ 3/ 1959 في الفترة بين تقديم المطعون عليه طلب الحجر في 5/ 1/ 1959 وتسجيله في 15/ 4/ 1959 أن هذا التصرف كان نتيجة استغلال حالة الغفلة لدى المتصرف، وهو استخلاص سائغ من الحكم له أصله في الأوراق ومؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها من إبطال العقد، ولئن كان الحكم قد أشار إلى أن وضع يد مورث الطاعنين على جزء من العقار قبل صدور التصرف إليه كان بمقتضى عقد إيجار غير مكتوب، فإنه أياً كان الأمر في هذا القول وفيما يثيره الطاعنون عن وضع يد مورثهم، فإنه لا يغير من النتيجة التي انتهى إليها الحكم، إذ أنه لم يكن بصدد بحث سبب وضع يد مورثهم، بل كان الأمر في رأي الحكم أن إقامة مورث الطاعنين في ذات المنزل الذي تقيم به المتصرفة قبل صدور العقد إليه، قرينة على علمه بحالة الغفلة لديها مضافة إلى باقي القرائن الأخرى التي استخلص منها الحكم النتيجة التي انتهى إليها، ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال على غير أساس.