أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 687

جلسة 25 من مايو سنة 1983

برئاسة السيد المستشار/ محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم حسين رضوان، حسين كامل حنفي، محمد ممدوح سالم ومحمد رفيق البسطويسي.

(138)
الطعن رقم 826 لسنة 53 القضائية

(1) تلبس. مأمورو الضبط القضائي.
حالة التلبس بالجريمة. وجوب تحقق مأمور الضبط القضائي من قيامها بإحدى حواسه. تلقي نبأها عن طريق الرواية أو النقل عن شهودها. لا يغني عن ذلك. طالما تماحت آثارها.
(2) تلبس. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". إثبات "بوجه عام".
تقدير قيام حالة التلبس موضوعي. بشرط أن تكون أسباب التقدير سائغة.
- تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه.
(3) نقض "الحكم في الطعن" "أثر الطعن".
انحسار قاعدة امتداد أثر الطعن إلى غير الطاعن من المتهمين لاتصال سبب الطعن به. متى كان الحكم قابلاً للطعن فيه بالمعارضة بالنسبة له.
1 - من المقرر أن حالة التلبس تستوجب أن يتحقق مأمور الضبط القضائي من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو بإدراكها بحاسة من حواسه. ولا يغنيه عن ذلك تلقي نبأها عن طريق الرواية أو النقل من الغير، ما دام هو لم يشهدها أو يشهد أثراً من أثارها ينبئ بذاته عن وقوعها.
2 - ولئن كان تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها أو بعد ارتكابها وتقدير كفايتها لقيام حالة التلبس أمراً موكولاً إلى تقدير محكمة الموضوع، دون معقب، إلا أن ذلك مشروط بأن تكون الأسباب والاعتبارات التي بنت عليها المحكمة هذا التقدير، صالحة لأن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر - على السياق المتقدم على مجرد القول أن الجريمة كانت في حالة تلبس وقد قبض على المتهم الأول فور ارتكابها، وضبط المتهم الثاني الهارب بمنزله ومعه المبلغ المسروق. دون أن يستظهر في مدوناته، ما إذا كان رجل الضبط الذي قام بإجراءات القبض والتفتيش من مأموري الضبط القضائي, وأنه قد تحقق من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو إدراكها بحاسة من حواسه أو مشاهدة أثر من أثارها ينبئ بذاته عن وقوعها، وكان الحكم قد استند في قضائه بالإدانة - ضمن ما استند إليه من أدلة - على ضبط النقود المقول بسرقتها مع الطاعن الأول فإنه يكون قاصر البيان في الرد على دفاع الطاعنين، بما يبطله ولا يعصمه من هذا البطلان ما قام عليه من أدلة أخرى، لما هو مقرر من أن الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يكمل بعضها بعضاً، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي، بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة, أو الوقوف على ما كانت تنتهي إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم.
3 - وإن كان وجه الطعن سالف البيان يتصل بالمتهم الأول - الذي لم يطعن في الحكم - إلا أن الحكم بالنسبة إليه غير نهائي لصدوره عليه غيابياً، فلا يمتد إليه القضاء بنقض الحكم المطعون فيه قبل الطاعنين.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر بأنهم: سرقوا المبلغ المبين الوصف والقيمة بالأوراق والمملوك...... وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع عليه بأن قيد الأول حركة يديه وضربه الثاني (الطاعن الأول) بمدية على ذراعه وقبضة يده وأخرج الثالث (الطاعن الثاني) حافظة نقوده من جيبه وتمكنوا بذلك من الاستيلاء على المبلغ وقد ترك الإكراه بالمجني عليه الجروح الموصوفة بالتقرير الطبي وطلبت إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة فقرر ذلك. ومحكمة جنايات الفيوم قضت حضورياً عملاً بالمادتين 314، 315/ 1، 2 من قانون العقوبات بمعاقبتهما بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات عما أسند إليهما.
فطعن المحكوم عليهما (الطاعنين) في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة السرقة بالإكراه، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك بأنه عول على الدليل المستمد من ضبط النقود المقول بسرقتها، مع الطاعن الأول (المتهم الثاني) رغم بطلان القبض عليه وتفتيشه لأن الجريمة لم تكن في حالة من حالات التلبس التي تتيح هذين الإجراءين، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش الواقعين على الطاعن الأول (المتهم الثاني) في قوله "إنه عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش الواقع على المتهم الثاني، فلا سند له من واقع أو قانون، فالثابت من الأوراق أن الجريمة كان متلبساً بها، وكان المتهم الأول قد قبض عليه بمكان الحادث فور ارتكابه، وكان الباقون قد تمكنوا من الفرار، فإذا ما قام رجل الضبط بالتوجه إلى منزل المتهم الهارب والجريمة متلبس بها، وأجرى ضبطه وتفتيشه واسترداد المبلغ المسروق، وكان ذلك في حدود القانون ولا تثريب عليه في هذا الشأن". لما كان ذلك، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن حالة التلبس تستوجب أن يتحقق مأمور الضبط القضائي من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو بإدراكها بحاسة من حواسه. ولا يغنيه عن ذلك تلقي نبأها عن طريق الرواية أو النقل من الغير، ما دام هو لم يشهدها أو يشهد أثراً من أثارها ينبئ بذاته عن وقوعها، ولئن كان تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها أو بعد ارتكابها, وتقدير كفايتها لقيام حالة التلبس أمر موكولاً إلى تقدير محكمة الموضوع، دون معقب، إلا أن ذلك مشروط بأن تكون الأسباب والاعتبارات التي بنت عليها المحكمة هذا التقدير، صالحة لأن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر - على السياق المتقدم - على مجرد القول أن الجريمة كانت في حالة تلبس وقد قبض على المتهم الأول فور ارتكابها، وضبط المتهم الثاني الهارب بمنزله ومعه المبلغ المسروق, دون أن يستظهر في مدوناته، ما إذا كان رجل الضبط الذي قام بإجراءات القبض والتفتيش من مأموري الضبط القضائي, وأنه قد تحقق من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو إدراكها بحاسة من حواسه أو مشاهدة أثر من آثارها ينبئ بذاته عن وقوعها، وكان الحكم قد استند في قضائه بالإدانة - ضمن ما استند إليه من أدلة - على ضبط النقود المقول بسرقتها مع الطاعن الأول, فإنه يكون قاصر البيان في الرد على دفاع الطاعنين، بما يبطله ولا يعصمه من هذا البطلان ما قام عليه من أدلة أخرى، لما هو مقرر من أن الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يكمل بعضها بعضاً, ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي، بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة، أو الوقوف على ما كانت تنتهي إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن الدليل غير قائم، لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة، دون حاجة إلى بحث باقي وجوه الطعن. على أنه وإن كان وجه الطعن سالف البيان يتصل بالمتهم الأول - الذي لم يطعن في الحكم إلا أن الحكم بالنسبة إليه غير نهائي لصدوره عليه غيابياً، فلا يمتد إليه القضاء بنقض الحكم المطعون فيه قبل الطاعنين.