أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 709

جلسة الأول من يونيه سنة 1983

برئاسة السيد المستشار/ محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم حسين رضوان، حسين كامل حنفي، محمد ممدوح سالم ومحمد رفيق البسطويسي.

(143)
الطعن رقم 6932 لسنة 52 القضائية

تزوير "أوراق عرفية". جريمة "أركانها". شركات. إيجار أماكن.
جريمة التزوير في المحرر العرفي. توافرهما بمجرد تغيير الحقيقة في المحرر بإحدى الطرق القانونية. متى كان من الممكن أن يترتب عليها في الوقت الذي وقعت فيه ضرراً للغير. سواء كان المزور عليه أم خلافه. ولو كان الضرر محتملاً.
تنازل المستأجر الأصلي للعين المؤجرة عن حصته في التركة إلى شركاء آخرين تزويرهم لعقد الإيجار وإيصال سداد أجره لاستخراج ترخيص للمحل. لا تنفي وقوع الضرر بالمؤجر. أساس ذلك؟
من المقرر أن مجرد تغيير الحقيقة في محرر عرفي بإحدى الطرق المنصوص عليها في القانون يكفي لتوافر جريمة التزوير متى كان من الممكن أن يترتب عليه في الوقت الذي وقع فيه تغيير الحقيقة ضرر للغير، سواء أكان المزور عليه أم أي شخص آخر ولو كان هذا الضرر محتملاً. ولما كان الثابت من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير الذي تطمئن المحكمة إلى النتيجة التي انتهى إليها، أن المتهم الأول قام بتزوير عقد الإيجار وإيصال سداد الأجرة بطريق الاصطناع ووقع عليهما بإمضاء نسبه زوراً للمجني عليه، وأن المتهم الثاني اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب جريمة تزوير العقد بأن اتفق معه على تزويره وساعده في ذلك بأن وقع على عقد الإيجار كمستأجر على خلاف الحقيقة، وكان الثابت من ملف طلب الترخيص المنضم أن المتهمين استعملا عقد الإيجار وإيصال سداد الأجرة المزورين بأن تقدما بهما للجهة المختصة بإصدار رخص المحلات التجارية للحصول على رخصة باسميهما مع علمهما بتزويرهما المستفاد من مقارفتهما لجريمة التزوير، وإذا كان ركن الضرر في الجريمة متوافراً من تزوير العقد وإيصال سداد الأجرة واستعمالهما بصفتهما مستأجرين على خلاف الحقيقة لما قد يترتب عليه من مساس لحقوق المؤجر المالية، دون أن يمنع من ذلك تنازل المستأجر الأصلي لهما عن حصته في الشركة لاختلاف شخصية الشريك عن شخصية الشركة المعنوية واستقلالهما عنها، فإنه يتعين معاقبة المتهمين.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: المتهم الأول: ارتكب تزويراً في محررين عرفيين هما عقد الإيجار وإيصال سداد الأجرة المبينين بالمحضر وكان ذلك بأن وقع على كل منهما بإمضاء مزور نسب صدوره إلى المجني عليه..... المتهم الثاني: اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة. مع المتهم الأول في ارتكاب الجريمة سالفة البيان بأن اتفق معه على ذلك ووقع على عقد الإيجار فوقعت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. المتهمين: استعملا المحررين المزورين سالفي الذكر بأن قدماهما إلى مجلس حي شمال الجيزة مع علمهما بتزويرهما، وطلبت عقابهما بالمواد 40/ 2 - 3، 41/ 215 من قانون العقوبات.
وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهمين بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت.
ومحكمة جنح إمبابة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بحبس كل من المتهمين شهراً واحداً مع الشغل عما أسند إليهما وكفالة عشرة جنيهات لكل منهما لإيقاف التنفيذ وإلزامهما متضامنين بأن يدفعا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. فاستأنف المحكوم عليهما.
ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ..... المحامي نيابة عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض. إلخ.
وقضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة الجيزة الابتدائية لتفصل فيها من جديد مشكلة من قضاة آخرين.
والمحكمة الأخيرة (بدائرة أخرى) قضت حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ..... المحامي نيابة عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية).
ومحكمة النقض بجلسة 4 مايو سنة 1983 قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وحددت لنظر الموضوع جلسة.


المحكمة

من حيث إن واقعة الدعوى حسبما استخلصتها المحكمة من مطالعة الأوراق وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بالجلسة تتحصل في أنه بتاريخ 8 من مايو سنة 1972 أبلغ المجني عليه...... أنه قام بتأجير ثلاثة دكاكين لـ...... وأن المستأجر تنازل عن الإيجار للمتهمين الذين تقدما لإدارة رخص المحلات بحي شمال الجيزة بطلب للحصول على رخصة محل تجاري عن العين المذكورة بدعوى أنه قام بتأجيرها لهما وأرفقا بالطلب عقد إيجار مزوراً عليه مؤرخاً 1 - 3 - 1972 وإيصال سداد أجرة مؤرخاً 4 - 4 - 1972 مزوراً هو الآخر، وإذا سئل المجني عليه في التحقيقات ردد ما جاء ببلاغه وأضاف أنه كان قد رفع دعوى طرد على المستأجر الأصلي والمتهمين استناداً إلى واقعة التنازل عن الإيجار، وأن المتهمين ادعيا أنهما شريكان للمستأجر في تجارته، فقضت المحكمة المدنية برفض دعواه، وأن المتهمين أرادا بعد ذلك استخراج رخصة للمحل باسميهما فتقدما بعقد الإيجار والإيصال المزورين.
ومن حيث إن النيابة العامة اطلعت على ملف طلب الترخيص وتبين أنه يحتوي على طلب حصول على رخصة محل تجاري مقدم باسم المتهمين مرفق به عقد إيجار منسوب صدوره من المجني عليه لهما عن المحل موضوع الطلب وإيصال بسداد أجرة المحل منسوب صدوره للمجني عليه وقد أورى تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي أن التوقيعين المنسوبين للمجني عليه على عقد الإيجار وإيصال استلام الأجرة مزوران عليه وأنهما محرران بخط المتهم الأول وأن التوقيع المنسوب لكل من المتهمين على عقد الإيجار كمستأجر صادر عن صاحبه.
ومن حيث إنه بسؤال المتهم الأول أنكر ما نسب إليه وأضاف أنه تقدم بطلب ترخيص عن المحل التجاري وأنه شريك للمستأجر الأصلي في تجارته. كما أنكر تقديم عقد الإيجار وإيصال سداد الأجرة المزورين وانتهى إلى أن المستأجر الأصلي تنازل عن نصيبه في الشركة وأنه ليس في حاجة لعقد الإيجار بعد صدور الحكم في الدعوى المدنية.
ومن حيث إن المتهم الثاني أنكر بدوره ما نسب إليه وأضاف أن المتهم الأول هو الذي قام بإجراءات الترخيص.
ومن حيث إن المجني عليه ادعى مدنياً قبل المتهمين بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت.
ومن حيث إن المتهمين أنكرا بالجلسة ما أسند إليهما وطلب المدافع عنهما القضاء ببراءتهما لتخلف ركن الضرر في جريمة التزوير، وأضاف أن المتهمين حصلا فعلاً على رخصة تجارية عن المحل بناء على الحكم الصادر من المحكمة المدنية في دعوى الطرد، وقدم صورة رسمية من الحكم الصادر برفض تلك الدعوى كما قدم حافظة مستندات طويت على الرخصة الصادرة بتاريخ 31 - 7 - 1972 - باسم المتهمين.
ومن حيث إنه من المقرر أن مجرد تغيير الحقيقة في محرر عرفي بإحدى الطرق المنصوص عليها في القانون يكفي لتوافر جريمة التزوير متى كان من الممكن أن يترتب عليه في الوقت الذي وقع فيه تغيير الحقيقة ضرر للغير، سواء أكان المزور عليه أم أي شخص آخر ولو كان هذا الضرر محتملاً ولما كان الثابت من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير الذي تطمئن المحكمة إلى النتيجة التي انتهى إليها، أن المتهم الأول قام بتزوير عقد الإيجار وإيصال سداد الأجرة بطريق الاصطناع ووقع عليهما بإمضاء نسبه زوراً للمجني عليه، وأن المتهم الثاني اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب جريمة تزوير العقد بأن اتفق معه على تزويره وساعده في ذلك بأن وقع على عقد الإيجار كمستأجر على خلاف الحقيقة، وكان الثابت من ملف طلب الترخيص المتقدم أن المتهمين استعملا عقد الإيجار وإيصال سداد الأجرة المزورين بأن تقدما بهما للجهة المختصة بإصدار رخص المحلات التجارية للحصول على رخصة باسميهما مع علمهما بتزويرهما المستفاد من مقارفتهما لجريمة التزوير، وإذ كان ركن الضرر في الجريمة متوافراً من تزوير العقد وإيصال سداد الأجرة واستعمالهما بصفتهما مستأجرين على خلاف الحقيقة لما قد يترتب عليه من مساس بحقوق المؤجر المالية، دون أن يمنع من ذلك تنازل المستأجر الأصلي لهما عن حصته في الشركة لاختلاف شخصية الشريك عن شخصية الشركة المعنوية واستقلالهما عنها، فإنه يتعين معاقبة المتهمين عملاً بالمواد 40/ 2 - 3، 41، 215 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 منه للارتباط بين جريمتي التزوير والاستعمال.
ومن حيث إنه بشأن الدعوى المدنية فإنه متى انتهت المحكمة إلى إدانة المتهمين عن الجريمتين المسندتين إليهما، فإنه يتعين إلزامهما متضامنين بأن يدفعا إلى المدعين بالحقوق المدنية - الذين حلوا محل مورثهم بعد وفاته - التعويض المؤقت المطالب به إعمالاً لنص المادتين 163 و169 من القانون المدني مع المصاريف المدنية.