أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 725

جلسة الأول من يونيه سنة 1983

برئاسة السيد المستشار/ محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم حسين رضوان، حسين كامل حنفي، محمد ممدوح سالم ومحمد رفيق البسطويسي.

(145)
الطعن رقم 776 لسنة 53 القضائية

(1) قتل خطأ. نقض "المصلحة والصفة في الطعن" "ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام" "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "وصف الحكم".
قصر الطعن بالنقض على الأحكام النهائية في الجنايات والجنح دون غيرها.
- عدم جواز الطعن بالنقض على الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي.
- تفويت الطاعن ميعاد استئناف الحكم. أثره. عدم جواز الطعن فيه بطريق النقض. علة ذلك؟
(2) نقض "الصفة في الطعن والمصلحة فيه".
- الأصل ألا يفيد من الطعن إلا ممن رفعه. أساس ذلك؟
(3) نقض "ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام". استئناف "التقرير به". دعوى مدنية. تعويض. محكمة أول درجة.
مطالبة المدعي بالحقوق المدنية بتعويض مؤقت قدره 51 جنيه.
قضاء محكمة أول درجة له بقرش صاغ. استئناف المتهم دون المدعي بالحق المدني. قضاء محكمة ثان درجة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى المدنية. أثره. عدم جواز الطعن بالنقض من المدعي بالحقوق المدنية. أساس ذلك؟
1 - لما كانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، قد قصرت حق الطعن بطريق النقض على النيابة العامة والمحكوم عليه والمسئول عن الحقوق المدنية والمدعي بها في الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح دون غيرها، ومعنى كون الحكم قد صدر انتهائياً أنه صدر غير قابل للطعن فيه بطريق عادي من طرق الطعن، وإذن فمتى كان الحكم الصادر من محكمة أول درجة قد صدر انتهائياً بقبوله ممن صدر عليه أو بتفويته على نفسه استئنافه في الميعاد فقد حاز قوة الأمر المقضي ولم يجز له من بعد الطعن فيه بطريق النقض، والعلة في ذلك أن الطعن بالنقض ليس طريقاً عادياً من طرق الطعن في الأحكام، وإنما هو طريق استثنائي لم يجزه الشارع إلا بشروط خاصة لتدارك خطأ الأحكام النهائية في القانون، فإذا كان الخصم قد أوصد على نفسه طريق الطعن بالاستئناف - وهو طريق عادي - حيث كان يسعه استدراك ما شاب الحكم من خطأ في الواقع أو في القانون أو فيهما معاً، لم يجز له من بعد أن يلج سبيل الطعن بالنقض، وهذا من البداهة ذاتها.
2 - الأصل في الطعون بعامة أن المحكمة المطعون أمامها لا تنظر في طعن لم يرفعه صاحبه، ولا تجاوز موضوع الطعن في النظر، ولا يفيد من الطعن إلا من رفعه ولا يتعدى أثره إلى غيره، وذلك كله طبقاً لقاعدة استقلال الطعون وقاعدة الأثر النسبي للطعن، فإذا كان المتهم قد استأنف وحده، فإن المحكمة الاستئنافية لم تتصل بغير استئنافه، وحضور المدعي بالحقوق المدنية أمام تلك المحكمة، لا يكون إلا للمطالبة بتأييد الحكم الصادر له بالتعويض.
3 - متى كان البين من الأوراق أن المطعون ضده فحسب هو الذي استأنف الحكم الصادر عليه من محكمة أول درجة وأن الطاعن قد ارتضى هذا الحكم ولم يستأنفه - رغم طلبه إلزام المطعون ضده بتعويض مؤقت قدره واحد وخمسون جنيهاً، فلم تقض له المحكمة إلا بمبلغ قرش واحد على سبيل التعويض المؤقت - فإن إلغاء محكمة ثاني درجة للحكم - بناء على استئناف المتهم وحده - ورفضها الدعوى المدنية، ليس من شأنه أن ينشئ للطاعن (المدعي بالحقوق المدنية) حقاً في الطعن بطريق النقض في حكم قبله ولم يستأنفه فحاز قوة الأمر المقضي، كما أنه ليس له أن يتشكى من الحكم الاستئنافي الذي ألغى التعويض المحكوم عليه به, لأن تقصيره في سلوكه طريق الاستئناف، سد عليه طريق النقض بعد أن ارتضى المبلغ المحكوم له به ابتدائياً والذي لا يزيد على النصاب الانتهائي للقاضي الجزئي. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون غير جائز.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه:
1 - قتل خطأ...... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله ومخالفته القوانين واللوائح بأن قاد سيارة نقل بشاسيه بسرعة كبيرة وبحالة خطرة ودون اتخاذ الحيطة اللازمة أثناء سير المجني عليها فصدمها بسيارته من الناحية اليسرى مما أدى إلى إحداث إصاباتها المبينة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياتها.
2 - قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر.
وطلبت معاقبة المتهم عملاً بمواد الاتهام.
وادعى والد المجني عليها مدنياً قبل المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية متضامنين بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
ومحكمة جنح قسم أول الزقازيق الجزئية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لإيقاف التنفيذ وإلزامه والمسئول بالحق المدني بأن يدفعا متضامنين مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم. ومحكمة الزقازيق الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية.
فطعن المدعي بالحقوق المدنية (الطاعن) في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن النيابة العامة أقامت الدعوى المدنية على المتهم بوصف القتل الخطأ وقد ادعى والد المجني عليه مدنياً طالباً إلزام المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية أن يدفعا له متضامنين مبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت. وقضت محكمة أول درجة في 10 من مارس سنة 1980 بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل وبإلزامه والمسئول عن الحقوق المدنية أن يدفعا متضامنين للمدعي بالحقوق المدنية قرشاً صاغاً على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية ومائتي قرش أتعاباً للمحاماة ورفض ما عدا ذلك من طلبات، فاستأنف المتهم وحده هذا الحكم، وقضت محكمة ثاني درجة بتاريخ 5 من مايو سنة 1980 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية وإلزام رافعها المصاريف، فطعن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض، ناعياً عليه الخطأ في تأويل القانون والإبهام والغموض في التسبيب قولاً أن مناط الحق في التعويض هو الضرر الناشئ عن القتل الخاطئ سواء شكل جريمة أم لا، وأن المحكمة لم تبين السبب الذي جعلها تتشكك في الاتهام وأن الدعوى المدنية كانت تتطلب تحقيقاً لا يتسع له نطاق الدعوى الجنائية, وكان على المحكمة إن لم تقتنع بأقوال الشهود أن تسمع شهاداتهم بنفسها، لما كان ذلك، وكانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، قد قصرت حق الطعن بطريق النقض على النيابة العامة والمحكوم عليه والمسئول عن الحقوق المدنية والمدعي بها في الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح دون غيرها، ومعنى كون الحكم قد صدر انتهائياً أنه صدر غير قابل للطعن فيه بطريق عادي من طرق الطعن، وإذن فمتى كان الحكم الصادر من محكمة أول درجة قد صدر انتهائياً بقبوله ممن صدر عليه أو بتفويته على نفسه استئنافه في الميعاد فقد حاز قوة الأمر المقضي ولم يجز له من بعد الطعن فيه بطريق النقض، والعلة في ذلك أن الطعن بالنقض ليس طريقاً عادياً من طرق الطعن في الأحكام، وإنما هو طريق استثنائي لم يجزه الشارع إلا بشروط خاصة لتدارك خطأ الأحكام النهائية في القانون، فإذا كان الخصم قد أوصد على نفسه طريق الطعن بالاستئناف - وهو طريق عادي - حيث كان يسعه استدراك ما شاب الحكم من خطأ في الواقع أو في القانون أو فيهما معاً، لم يجز له من بعد أن يلج سبيل الطعن بالنقض، وهذا من البداهة ذاتها، والأصل في الطعون بعامة أن المحكمة المطعون أمامها لا تنظر في طعن لم يرفعه صاحبه، ولا تجاوز موضوع الطعن في النظر، ولا يفيد من الطعن إلا من رفعه ولا يتعدى أثره إلى غيره، وذلك كله طبقاً لقاعدة استقلال الطعون وقاعدة الأثر النسبي للطعن، فإذا كان المتهم قد استأنف وحده، فإن المحكمة الاستئنافية لم تتصل بغير استئنافه، وحضور المدعي بالحقوق المدنية أمام تلك المحكمة، لا يكون إلا للمطالبة بتأييد الحكم الصادر له بالتعويض، وإذ كان ما تقدم، وكان البين من الأوراق أن المطعون ضده فحسب هو الذي استأنف الحكم الصادر عليه من محكمة أول درجة وأن الطاعن قد ارتضى هذا الحكم ولم يستأنفه - رغم طلبه إلزام المطعون ضده بتعويض مؤقت قدره واحد وخمسون جنيهاً، فلم تقض له المحكمة إلا بمبلغ قرش واحد على سبيل التعويض المؤقت - فإن إلغاء محكمة ثاني درجة للحكم - بناء على استئناف المتهم وحده - ورفضها الدعوى المدنية، ليس من شأنه أن ينشئ للطاعن (المدعي بالحقوق المدنية) حقاً في الطعن بطريق النقض في حكم قبله ولم يستأنفه فحاز قوة الأمر المقضي، كما أنه ليس له أن يتشكى من الحكم الاستئنافي الذي ألغى التعويض المحكوم له به. لأن تقصيره في سلوكه طريق الاستئناف، سد عليه طريق النقض بعد أن ارتضى المبلغ المحكوم له به ابتدائياً والذي لا يزيد على النصاب الانتهائي للقاضي الجزئي، لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون غير جائز ويتعين من ثم التقرير بذلك، مع مصادرة الكفالة وإلزام الطاعن المصاريف المدنية.