أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 759

جلسة 13 من يونيه سنة 1983

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد الحميد صادق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: حسن عمار، مسعد الساعي، أحمد سعفان ومحمود البارودي.

(151)
الطعن رقم 564 لسنة 53 القضائية

(1) اختصاص. تفتيش. "إذن التفتيش. إصداره".
الاختصاص بإصدار إذن التفتيش يتحدد بمكان وقوع الجريمة أو بمحل إقامة المتهم أو بالمكان الذي يضبط فيه. المادة 217 إجراءات.
(2) تفتيش "إذن التفتيش. تنفيذه". مأمور الضبط القضائي. قبض.
صدور أمر من النيابة العامة بتفتيش شخص. لمأمور الضبط القضائي المندوب لإجرائه تنفيذه عليه أينما وجده. ما دام المكان الذي جرى فيه التفتيش واقعاً في دائرة اختصاص من أصدر الأمر ومن نفذه.
دخول مأمور الضبط منزل شخص لم يؤذن بتفتيشه لضبط متهم مأذون بضبطه وتفتيشه عدم اعتباره تفتيشاً. هو مجرد عمل مادي تقتضيه ضرورة تعقب المتهم أينما وجد.
التذرع بانتهاك حرمة المسكن. عدم قبوله من غير صاحبه.
(3) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بالرد على دفاع قانوني ظاهر البطلان. مثال.
(4) مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم".
لضباط مصلحة الأمن العام صفة مأموري الضبطية القضائية، في جميع أنحاء الجمهورية مادة 230 أ. ج. المعدلة بالقانون رقم 7 لسنة 1963.
(5) اختصاص. تفتيش. "إذن التفتيش. تنفيذه". مأمور الضبط القضائي. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثارة أمر انحسار اختصاص الضابط المحلي عن الامتداد إلى مكان الضبط لأول مرة أمام محكمة النقض. غير مقبول.
(6) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". استدلالات.
تقدير جدية التحريات. وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعي. عدم جواز المجادلة فيه أمام النقض.
(7) تحقيق "إجراءاته". مراقبة المحادثات والتسجيل. مراقبة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" "المصلحة في الطعن". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفوع. إثبات "بوجه عام". بطلان.
النعي ببطلان مراقبة المحادثات والتسجيل لا جدوى منه. ما دام الحكم قد أخذ الطاعنين باعتراف الطاعن الثاني وبأقوال شاهد الإثبات المستقلة عن الإجراء المدعي ببطلانه.
(8) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "شهود".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها. ما دام استخلاصها سائغاً.
(9) إجراءات المحاكمة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. طالما كان سائغاً في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة.
(10) حكم "وضعه وإصداره" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم تقدير القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده الحكم مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(11) خلو رجل. جريمة. "أركانها". اختصاص. موانع العقاب. اعتراف. إثبات. "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إيجار أماكن. إجراءات المحاكمة.
شروط الاعتراف الذي يؤدي إلى إعفاء المستأجر أو الوسيط من عقوبة خلو الرجل: أن يكون صادقاً يغطي جميع وقائع الجريمة. وأن يكون لدى جهة الحكم حصوله أمام جهة التحقيق والعدول عنه أمام المحكمة. لا ينتج أثره. المادة 77 من القانون 49 لسنة 1977.
1 - كما يتحدد الاختصاص بمكان وقوع الجريمة يتحدد أيضاً بمحل إقامة المتهم وكذلك بالمكان الذي يضبط فيه وذلك وفقاً لنص المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية.
2 - لما كان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه متى صدر إذن من النيابة العامة بتفتيش شخص كان لمأمور الضبط القضائي المندوب لإجرائه أن ينفذه عليه أينما وجده، ما دام الإذن قد صدر ممن يملك إصداره وما دام المكان الذي جرى فيه التفتيش واقعاً في دائرة من نفذه وأن دخول مأمور الضبط منزل شخص لم يؤذن بتفتيشه لضبط متهم فيه لا يعد في صحيح القانون تفتيشاً بل هو يحدد عمل مادي تقتضيه حدوث تعقب المتهم أينما وجد لتنفيذ الأمر بضبطه وتفتيشه، ولا يقبل من غير صاحب المسكن التذرع بانتهاك حرمته.
3 - متى كان السكن الذي تم ضبط الطاعنين به غير خاص وكانت المحكمة لا تلتزم في الأصل بالرد على دفاع قانوني ظاهر البطلان، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله.
4 - لما كانت المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 7 لسنة 1963 قد منحت الضباط العاملين بمصلحة الأمن العام سلطة الضبط بصفة عامة شاملة، مما مؤداه أن يكون في متناول اختصاصهم ضبط جميع الجرائم ما دام أن قانون الإجراءات الجنائية حينما أضفى عليهم صفة الضبط القضائي لم يرد أن يقيدها لديهم بأي قيد أو يحد من ولايتهم فيجعلها قاصرة على نوع معين من الجرائم لاعتبارات قدرها تحقيقاً للمصلحة العامة وتلك الولاية بحسب الأصل إنما تنبسط على جميع أنواع الجرائم حتى لو كانوا يعملون في مكاتب أخرى لأنواع معينة من الجرائم ولا ينال من هذا النظر ما اشتمل عليه قرار وزير الداخلية بتنظيم مصلحة الأمن العام وتحديد اختصاص كل إدارة منها فهو محض قرار نظامي لا يشتمل على ما يمس أحكام قانون الإجراءات الجنائية وليس معه ما يخول وزير الداخلية من إصدار قرارات بمنح صفة الضبط القضائي أو سلب أو تغيير هذه الصفة عن ضابط معين بالنسبة لنوع أو أنواع معينة من الجرائم. لما كان ذلك، وكانت المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية المشار إليها فضلاً عن أنها منحت الضباط العاملين بمصلحة الأمن العام سلطة عامة وشاملة في ضبط جميع الجرائم فإنها كذلك قد خولتهم هذه السلطة في كافة أنحاء الجمهورية، فإن قيام محرر محضر الضبط وهو مفتش بمصلحة الأمن العام بإدارة مكافحة جرائم الأموال العامة قسم مكافحة جرائم الرشوة بتنفيذ الإذن بضبط وتفتيش الطاعن الأول بدائرة قسم العجوزة إنما كان يمارس اختصاصاً أصيلاً نوعياً ومكانياً بوصفه من رجال الضبط القضائي بناء على إذن صادر له ممن تملكه قانوناً ولم يجاوز حدود اختصاصه الذي ينبسط على كل أنحاء الجمهورية.
5 - لا يقبل من الطاعن الأول إثارة أمر انحسار اختصاص ضابط مباحث حلوان عن الامتداد إلى مكان الضبط لأول مرة أمام محكمة النقض.
6 - لما كان من المقرر أن تقدير التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وأنه متى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك، فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون, لما كان ذلك وكانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش اطمئناناً منها إلى جدية الاستدلالات التي بني عليها فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.
7 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أخطأ قضاءه بالإدانة استناداً إلى أقوال المبلغ في محضر جمع الاستدلالات وشهادته بتحقيقات النيابة وإقرار الطاعن الثاني في محضر جمع الاستدلالات ولم يركن في ذلك إلى دليل مستمد من إجراءات المراقبة والتسجيل التي تمت في الدعوى فإن النعي على الحكم بالقصور بخصوص رده على الدفع ببطلان تلك الإجراءات لا يكون له محل لعدم الجدوى منه. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يستند في قضائه بإدانة الطاعن الثاني إلى الدليل المستمد من المستند الذي قدمه الطاعن الأول وأشار إليه في أسباب طعنه فإن النعي على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع في هذا الخصوص لا يكون له محل.
8 - لمحكمة الموضوع أن تستخلص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من الأدلة المطروحة على بساط البحث وأن تطرح ما عداها من صور أخرى لم تقتنع بها.
9 - لما كان من المقرر أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النعي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها.
10 - لما كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في فهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة، كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية.
11 - لما كان يشترط في الاعتراف الذي يؤدي إلى إعفاء المستأجر الذي يتقاضى مبالغ كخلو الرجل والوسيط في هذه الجريمة وفقاً لنص المادة 77 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر أن يكون صادقاً كاملاً يغطي جميع وقائع الجريمة التي ارتكبها المستأجر أو الوسيط دون نقص أو تحريف وأن يكون حاصلاً لدى جهة الحكم حتى تتحقق فائدته فإذا حصل الاعتراف لدى جهة التحقيق ثم عول عنه لدى المحكمة فلا يمكن أن ينتج الإعفاء.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة..... و..... بدائرة قسم العجوزة - محافظة الجيزة: الأول بصفته مالكاً والثاني والثالث وسطاء تقاضوا المبلغ المبين قدراً بالمحضر مقابل تحرير عقد الإيجار زيادة على مبلغ التأمين والأجرة وطلبت عقابهم بالمواد 1، 25، 76 من القانون رقم 49 لسنة 1977.
ومحكمة الجنح المستعجلة بالجيزة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بمعاقبة المتهمين الأول والثالث بالحبس مع الشغل لمدة ثلاثة أشهر وكفالة عشرين جنيهاً لكل لإيقاف التنفيذ وبتغريم كل منهما مبلغ ثمانية آلاف جنيه وإلزامهما برد مبلغ أربعة آلاف جنيه للمجني عليه وبراءة المتهم الثاني مما أسند إليه.
استأنف المحكوم عليهما ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به مع إيقاف تنفيذ عقوبة الحبس فقط بالنسبة لكل من المتهمين.
طعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بالنقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن الأول (.....) ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة اقتضاء مبلغ من مستأجر مقابل تحرير عقد إيجار زيادة على التأمين والأجرة المتعاقد عليها قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال ذلك بأن الحكم رد على دفعه ببطلان إذن التفتيش لصدوره من وكيل نيابة حلوان الغير مختص مكانياً بإصداره وببطلان إجراءات الضبط والتفتيش لإجرائها بمعرفة ضابط مباحث قسم شرطة حلوان خارج اختصاصه المكاني بما لا يتفق وصحيح القانون كما رد على دفعه ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات رداً قاصراً، وأعرض عن الدفع ببطلان الضبط والتفتيش لحصوله من ضابط غير مختص نوعياً وفي مسكن غير مأذون بتفتيشه إيراداً ورداً، كما رد الحكم على الدفع ببطلان إجراءات المراقبة والتسجيل رداً خاطئاً وقاصراً، هذا إلى أن الحكم لم يتعرض لدفاعه بأن الواقعة في حقيقتها بيع الطاعن الثاني لمسكنه الذي يستأجره منه مفروشاً إلى المبلغ بما يخرجها عن نطاق التأثيم رغم تأييده بالمستندات وإقرار المبلغ في بلاغه الثاني به كما ينعى الطاعن الثاني (.....) على الحكم المطعون فيه أنه إذا دانه بتهمة الوساطة في الجريمة المسندة للطاعن الأول قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على بطلان في الإجراءات وإخلال بحق الدفاع وذلك بأن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان إذن المراقبة والتسجيل وإذن الضبط والتفتيش لتجاوز من قاموا بتنفيذها النطاق المحدد فيهما ودون استصدار إذن من النيابة المختصة التي وقعت الجريمة بدائرتها، إلا أن الحكم أطرح هذا الدفع بما لا يسوغ إطراحه ورد عليه بما يخالف القانون. وقضى الحكم بإدانته استناداً إلى مستند صوري قدم في غفلة منه لدى حجز الدعوى للحكم أمام محكمة أول درجة هذا إلى أن الحكم المطعون فيه لم يأخذ بدفاعه بعدم علمه بالجريمة وانعدام دوره فيها رغم ثبوته من التحقيقات، وأنه اعترف بما تم أمامه بين المالك والمستأجر بما يوجب إعفائه من العقوبة، ولم يبين الفعل الذي دان الطاعن بموجبه والتكييف القانوني له، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان كلاً من الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة لا يجادل الطاعنان في أن لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الطاعنان يسلمان في طعنهما أن الإذن بالضبط والتفتيش صدر من وكيل نيابة حلوان وكان الثابت من مطالعة المفردات المنضمة أن الطاعن الأول يقيم بدائرة قسم شرطة حلوان فإن الإذن بالضبط والتفتيش والذي صدر بضبط وتفتيش الطاعن المذكور يكون قد صدر ممن يملك ولاية إصداره ذلك لأن الاختصاص كما يتحدد بمكان وقوع الجريمة يتحدد أيضاً بمحل إقامة المتهم وكذلك بالمكان الذي يضبط فيه وذلك وفقاً لنص المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية. ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله, لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه متى صدر إذن من النيابة العامة بتفتيش شخص كان لمأمور الضبط القضائي المندوب لإجرائه أن ينفذه عليه أينما وجده، ما دام الإذن قد صدر ممن يملك إصداره وما دام المكان الذي جرى فيه التفتيش واقعاً في دائرة من نفذه, وأن دخول مأمور الضبط منزل شخص لم يؤذن بتفتيشه لضبط متهم فيه لا يعد في صحيح القانون تفتيشاً بل هو مجرد عمل مادي تقتضيه ضرورة تعقب المتهم أينما وجد لتنفيذ الأمر بضبطه وتفتيشه، ولا يقبل من غير صاحب المسكن التذرع بانتهاك حرمته. وإذ كان السكن الذي تم ضبط الطاعنين به غير خاص وكانت المحكمة لا تلتزم في الأصل بالرد على دفاع قانوني ظاهر بالبطلان، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك, وكانت المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 7 لسنة 1963 قد منحت الضباط العاملين بمصلحة الأمن العام سلطة الضبط بصفة عامة شاملة، مما مؤداه أن يكون في متناول اختصاصهم ضبط جميع الجرائم ما دام أن قانون الإجراءات الجنائية حينما أضفى عليهم صفة الضبط القضائي لم يرد أن يقيدها لديهم بأي قيد أو يحد من ولايتهم فيجعلها قاصرة على نوع معين من الجرائم لاعتبارات قدرها تحقيقاً للمصلحة العامة وتلك الولاية بحسب الأصل إنما تنبسط على جميع أنواع الجرائم حتى لو كانوا يعملون في مكاتب آخرون لأنواع معينة من الجرائم ولا ينال من هذا النظر ما اشتمل عليه قرار وزير الداخلية بتنظيم مصلحة الأمن العام وتحديد اختصاص كل إدارة منها فهو محض قرار نظامي لا يشتمل على ما يمس أحكام قانون الإجراءات الجنائية وليس معه ما يخول وزير الداخلية من إصدار قرارات بمنح صفة الضبط القضائي أو سلب أو تغيير هذه الصفة عن ضابط معين بالنسبة لنوع من أنواع معينة من الجرائم. لما كان ذلك، وكانت المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية المشار إليها فضلاً عن أنها منحت الضباط العاملين بمصلحة الأمن العام سلطة عامة وشاملة في ضبط جميع الجرائم فإنها كذلك قد خولتهم هذه السلطة في كافة أنحاء الجمهورية، فإن قيام محرر محضر الضبط وهو مفتش بمصلحة الأمن العام بإدارة مكافحة جرائم الأموال العامة قسم مكافحة جرائم الرشوة بتنفيذ الإذن بضبط وتفتيش الطاعن الأول بدائرة قسم العجوزة إنما كان يمارس اختصاصاً أصيلاً نوعياً ومكانياً بوصفه من رجال الضبط القضائي بناء على إذن صادر له ممن تملكه قانوناً ولم يجاوز حدود اختصاصه الذي ينبسط على كل أنحاء الجمهورية ومن ثم فإنه لا ينال من سلامة الحكم المطعون فيه التفاته عن الرد ما دفع به الطاعن الأول في هذا الشأن لأنه أيضاً دفاع قانوني ظاهر البطلان. لما كان ذلك، وكان لا يقبل من الطاعن الأول إثارة أمر انحسار اختصاص ضابط مباحث حلوان عن الامتداد إلى مكان الضبط لأول مرة أمام محكمة النقض. هذا إلى أنه لما كان لضابط مصلحة الأمن العام الحق في أن يستعين في إجراءات التفتيش بمن يرى مساعدته فيه من معاونيه ولو لم يكونوا من رجال الضبط ما داموا يعملون تحت إشرافه فإن قيام ضابط مباحث قسم شرطة حلوان بالاشتراك في الضبط والتفتيش بوصفه من رجال الضبط القضائي أو من رجال السلطة العامة يكون قد وقع صحيحاً وفقاً للقانون ما دام الثابت من المفردات المنضمة أنه كان يعمل تحت أمره محرر المحضر وإشرافه والمختص بتنفيذ الإذن والذي تولى بنفسه إجراءات الضبط والتفتيش. ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله, لما كان ذلك وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وأنه متى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك، فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون, لما كان ذلك وكانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش اطمئناناً منها إلى جدية الاستدلالات التي بني عليها فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أخطأ قضاءه بالإدانة استناداً إلى أقوال المبلغ في محضر جمع الاستدلالات وشهادته بتحقيقات النيابة وإقرار الطاعن الثاني في محضر جمع الاستدلالات ولم يركن في ذلك إلى دليل مستمد من إجراءات المراقبة والتسجيل التي تمت في الدعوى فإن النعي على الحكم بالقصور بخصوص رده على الدفع ببطلان تلك الإجراءات لا يكون له محل لعدم الجدوى منه. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يستند في قضائه بإدانة الطاعن الثاني إلى الدليل المستمد من المستند الذي قدمه الطاعن الأول وأشار إليه في أسباب طعنه فإن النعي على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من الأدلة المطروحة على بساط البحث وأن تطرح ما عداها من صور أخرى لم تقتنع بها. وكانت المحكمة على ما يبين من أسباب الحكم الابتدائي التي اعتنقها الحكم المطعون فيه قد أفصحت في جلاء عن الصورة التي اقتنعت بها وأوردت مؤدى أقوال شاهد الإثبات التي اطمأنت إليها وأقوال الطاعن الثاني التي استخلصت منها تلك الصورة والتي لا يماري الطاعن في صحة مأخذها من الأوراق بما يؤدي على نحو سائغ إلى ثبوت تلك الصورة التي استقرت في عقيدتها وأطرحت تصوير الطاعن الثاني للحادث على نحو مخالف فإن ما ينعاه الطاعن المذكور في هذا الخصوص يكون غير مقبول إذ أن مفاد ما تناهى إليه الحكم من تصوير للواقعة هو إطراح دفاع الطاعن المخالف لهذا التصوير. لما كان ذلك وكان من المقرر أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النعي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها فإن النعي على الحكم التفاته عن المستند الذي قدمه الطاعن الأول تأييداً لتصويره للواقعة يكون في غير محله. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد بين ما أبلغ به المبلغ من طلب الطاعن الأول لمبلغ زيادة على التأمين والأجرة المنصوص عليها في العقد بسبب تحريره وأن الطاعن الثاني إثر ضبطه أقر في محضر جمع الاستدلالات بأنه انتحل اسم شخص وهمي زعماً منه بأنه وكيل المستأجر الأول للمسكن وأنه سيتنازل عنه للمبلغ في مقابل المبلغ الذي تم الاتفاق عليه والطاعن الأول عليه وعقب الجريمة على هذا النحو وأن الواقعة هي دفع مبالغ نقدية خارج نطاق العقد ثم انتهى، إلى إدانة الطاعن الثاني عن هذه الواقعة باعتباره وسيطاً في تقاضي مبلغ خلو الرجل. لما كان ذلك وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في فهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة، كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك وكان يشترط في الاعتراف الذي يؤدي إلى إعفاء المستأجر الذي يتقاضى مبالغ كخلو الرجل والوسيط في هذه الجريمة وفقاً لنص المادة 77 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر أن يكون صادقاً كاملاً يغطي جميع وقائع الجريمة التي ارتكبها المستأجر أو الوسيط دون نقص أو تحريف وأن يكون حاصلاً لدى جهة الحكم حتى تتحقق فائدته فإذا حصل الاعتراف لدى جهة التحقيق ثم عدل عنه لدى المحكمة فلا يمكن أن ينتج الإعفاء. لما كان ذلك وكان الطاعن الثاني قد عدل عن اعترافه في محضر جمع الاستدلال لدى سؤاله في تحقيقات النيابة وأمام المحكمة فإن الحكم لا يكون مخطئاً إذ لم يعمل في حقه الإعفاء المنصوص عليه في المادة 77 من القانون سالف الإشارة. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.