أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 23 - صـ 217

جلسة 19 من فبراير سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ محمد صادق الرشيدي، وعضوية السادة المستشارين: محمد شبل عبد المقصود، وأحمد سميح طلعت، وأديب قصبجي، ومحمد فاضل المرجوشي.

(34)
الطعن رقم 257 لسنة 37 القضائية

حكم. "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي. بيع. "دعوى صحة التعاقد".
القضاء نهائياً في مواجهة الطاعنين - المشترين - بصحة التعاقد الصادر من ذات البائع لمشتر آخر، استناداً إلى أن صحيفة تلك الدعوى أسبق تسجيلاً من عقد شراء الطاعنين. قضاء يحوز الحجية قبلهما في دعواهما بطلب تثبيت ملكيتهما لذات العين المبيعة.
إذا كان الثابت أن المدعية قد عدلت طلب صحة التعاقد الذي ضمنته صحيفتها المسجلة إلى طلب فسخ العقد ورد الثمن مع التعويض، إلا أنها عادت إلى طلباتها الأصلية الواردة بتلك الصحيفة، وصدر الحكم في الدعوى محمولاً عليها، وبذات الطلبات التي تضمنتها، واتخذ الحكم من كون الصحيفة أسبق تسجيلاً من عقد شراء الطاعنين قواماً لقضائه، وإذ صدر ذلك الحكم في مواجهة الطاعنين نهائياً، وارتبطت أسبابه ارتباطاً وثيقاً بمنطوقه بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها، فإنه ينهض حجة عليهما بما شملته تلك الأسباب، وإذ رتب الحكم المطعون فيه على ذلك قضاءه برفض دعوى الطاعنين - بتثبيت ملكيتهما لذات العين المبيعة - فإن النعي عليه يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 295 سنة 1963 مدني كلي أسيوط ضد الحسيني أحمد سلامة والمطعون ضده بصفته وصياً على قصر المرحوم حنا سويحة بولس وطلبا الحكم بتثبيت ملكيتهما إلى فدان ونصف من الأطيان الزراعية مبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى، وقالا بياناً لها أنهما اشتريا هذا القدر من الحسيني أحمد سلامة ضمن أربعة أفدنة ونصف بمقتضى عقد البيع المؤرخ 30 مارس سنة 1953، والمسجل في 19 إبريل سنة 1953 إلا أن البائع كان قد باعه لمورث القصر المشمولين بوصاية المطعون ضده بمقتضى عقد البيع المؤرخ 6 مايو سنة 1939 وأقامت الوصية السابقة عليهم المرحومة حنونة بطرس ضد البائع دعوى صحة التعاقد رقم 739 سنة 1950 مدني منفلوط وسجلت صحيفتها في 22 يونيه سنة 1950 وقضي لها فيها بتاريخ 27 أكتوبر سنة 1958 وفي مواجهتهما بصحة ونفاذ العقد، فأقاما الدعوى الحالية بطلباتهما سالفة البيان مستندين إلى عقدهما المسجل المشار إليه، وفي 24 إبريل سنة 1960 قضت محكمة أسيوط الكلية بتثبيت ملكيتهما إلى ذلك القدر، وأسست قضاءها على أن المطعون ضده وإن سجل صحيفة دعواه رقم 739 سنة 1950 مدني منفلوط في 22 يونيه سنة 1950، إلا أنه لم يؤشر بالحكم الصادر فيها على هامش تسجيل الصحيفة، وبذلك تكون ملكية العين لا زالت للبائع، ولم تنتقل للمطعون ضده بصفته، فاستأنف المطعون ضده بصفته هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 85 سنة 39 ق وسجل أثناء نظره، في 13 أكتوبر سنة 1965 الحكم الصادر في الدعوى رقم 739 سنة 1950 مدني منفلوط، وفي 5 مارس سنة 1967 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعنين. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره صممت على هذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين حاصل أولهما أن الحكم المطعون فيه أخطأ في فهم الواقع وفي تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعنان إن هذا الحكم اعتبر العريضة التي رفعت بها الدعوى رقم 739 سنة 1950 مدني منفلوط بصحة ونفاذ العقد المؤرخ 6 مايو سنة 1939 والتي سجلت في 22 يونيه سنة 1950 قائمة بالطلبات الواردة بها حتى صدر الحكم بإجابتها في 27 أكتوبر سنة 1958 ورتب الحكم المطعون فيه على ذلك أن تسجيل الحكم بصحة ونفاذ ذلك العقد في 13 أكتوبر سنة 1965 يرتد أثره إلى تاريخ تسجيل تلك العريضة حالة أن المدعية في تلك القضية قد عدلت عن طلب صحة ونفاذ العقد المؤرخ 6 مايو سنة 1939 إلى طلب فسخه ورد الثمن مع التعويض بعريضة معلنة في 3 ديسمبر سنة 1952، وهي طلبات جديدة ومخالفة لطلباتها الأولى مما يقطع بزوال طلب ثبوت البيع لتنازلها عنه، وإذ عادت المدعية وطلبت بإعلانها المؤرخ 6 يونيه سنة 1954 صحة العقد - وهو طلب جديد أيضاً - فإن الحكم في الدعوى بصحة هذا العقد ونفاذه يكون قد صدر بناءً على هذه العريضة الأخيرة، وهي غير مسجلة إلا أن الحكم المطعون فيه اعتبر أن العريضة الأولى المسجلة منتجة لآثارها رغم نزول المدعين عن الطلبات الواردة بها.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الثابت من متابعة مراحل الدعوى رقم 739 سنة 1950 مدني منفلوط حسبما سجلها الحكم الصادر فيها والمودعة صورته الرسمية ملف الطعن أن المدعية وإن كانت قد عدلت طلب صحة التعاقد الذي ضمنته صحيفتها المسجلة إلى طلب فسخ العقد ورد الثمن مع التعويض، إلا أنها عادت إلى طلباتها الأصلية الواردة بتلك الصحيفة، وصدر الحكم في الدعوى محمولاً عليها وبذات الطلبات التي تضمنتها، ذلك أن هذا الحكم إذ قضى للمدعية بصحة ونفاذ العقد المؤرخ 6 مايو سنة 1939 أقام قضاءه كما جاء في أسبابه على أن المدعية قد سجلت صحيفة دعواها قبل أن يسجل الطاعنان عقدهما، مما مفاده أن الحكم - وخلافاً لما يقرره الطاعنان - قد استند إلى هذه الصحيفة المسجلة، واتخذ من كونها أسبق تسجيلاً من عقد الطاعنين قواماً لقضائه، وإذ كان هذا الحكم قد صدر في مواجهة الطاعنين نهائياً، وكانت تلك الأسباب مرتبطة بمنطوقه ارتباطاً وثيقاً بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها، فإنه ينهض حجة عليهما بما شملته تلك الأسباب، لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتد بتلك الصحيفة المسجلة وأعمل أثر تسجيلها ورتب على ذلك قضاءه برفض دعوى الطاعنين، فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولان إن المدعية في الدعوى رقم 739 سنة 1950 مدني منفلوط إذ تركت المطالبة بصحة العقد بمقتضى صحيفتها المسجلة إلى المطالبة بفسخ العقد ورد الثمن مع التعويض، فإن هذا الترك يترتب عليه إلغاء تلك الصحيفة واعتبارها كأن لم تكن عملاً بالمادتين 310، 311 من قانون المرافعات فيفقد تسجيلها أثره، إلا أن الحكم المطعون فيه ذهب إلى القول ببقاء هذا الأثر إلى أن حكم في تلك الدعوى.
وحيث إن هذا النعي مردود بما سبق بيانه في الرد على السبب الأول من أن الحكم في تلك الدعوى قد صدر محمولاً على صحيفتها المسجلة وبذات الطلبات الواردة بها مما مؤداه أن هذه الصحيفة ظلت قائمة في الدعوى بما تضمنته من طلبات ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.