أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 778

جلسة 15 من يونيه سنة 1983

برئاسة السيد المستشار/ محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم حسين رضوان، حسين كامل حنفي، محمد ممدوح سالم ومحمد رفيق البسطويسي.

(153)
الطعن رقم 1151 لسنة 53 القضائية

(1) اختلاس. تزوير. اشتراك. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
إبانة الحكم في مدوناته التي أقام عليها قضاءه واقعة الدعوى على نحو يكشف عن اختلال فكرته عن عناصرها التي دان المحكوم عليه بها وعدم استقرارها في عقيدة المحكمة الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة. يعيبه.
(2) حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". اشتراك. اتفاق. ارتباط. نقض "أثر النقض".
إدانة الحكم الطاعن بجريمة الاشتراك في الاختلاس بطريق الاتفاق والمساعدة يوجب عليه استظهار عناصر هذا الاشتراك وطريقته وبيان الأدلة على ذلك من واقع الدعوى وظروفها.
مجرد ترك الطاعن مكاناً خالياً في أصول إيصالات التوريد وإجرائه إضافة بخطه بعد التوريد لا يفيد من ذاته الاتفاق كطريق من طرق الاشتراك.
عدم بيان الحكم ما يدل على اتحاد نية الطاعن والمتهم الآخر على ارتكاب الفعل المتفق عليه. قصور.
- نقض الحكم في تهمة يوجب نقضه بالنسبة لما ارتبط بها من تهم أخرى.
1 - لما كان ما أورده الحكم على السياق المتقدم من اعتبار الطاعن الأول فاعلاً أصلياً في جناية الاختلاس التي دانه بها، ثم عودته من بعد إلى اعتباره شريكاً فيها ثم انتهاؤه إلى أنه فاعل أصلي في الجريمة تلك، يدل على إضرابه في بيان واقعة الاختلاس - وهي الجريمة ذات العقوبة الأشد - التي أوقع على الطاعنين عقوبتها عملاً بالفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات. ويفصح عن أن الواقعة وعناصرها لم تكن مستقرة في ذهن المحكمة الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة، الأمر الذي يتعذر معه بالتالي على محكمة النقض تبين صحة الحكم من فساده.
2 - لما كان الحكم قد دان الطاعن الثاني بجريمة الاشتراك في الاختلاس بطريق الاتفاق والمساعدة، على النحو السالف بيانه فقد كان عليه أن يستظهر عناصر هذا الاشتراك وطريقته وأن يبين الأدلة الدالة على ذلك بياناً يوضحها ويكشف عن قيامها، وذلك من واقع الدعوى وظروفها، بيد أن ما أورده الحكم من مجرد ترك الطاعن مكاناً خالياً في أصول إيصالات التوريد وإجرائه إضافة بخط يده بعد التوريد، لا يفيد في ذاته الاتفاق كطريق من طرق الاشتراك، إذ يشترط في ذلك أن تتحد النية على ارتكاب الفعل المتفق عليه، وهو ما لم يدلل الحكم على توافره، كما لم يثبت في حق الطاعن الثاني توافر الاشتراك بأي طريق آخر حدده القانون، وهو ما يعدو معه الحكم قاصر البيان. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصراً قصوراً يعيبه بما يكفي لنقضه بالنسبة للطاعنين معاً، وبالنسبة لجميع التهم المسندة إليهما لأن الحكم اعتبرها جرائم مرتبطة وقضى بالعقوبة المقررة لأشدها - وهي جناية اختلاس المال العام - عملاً بالمادة 32/ 2 من قانون العقوبات.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين:
المتهم الأول: بصفته موظفاً عمومياً وكاتب جمعية برهمتوش الزراعية التعاونية، اختلس مبلغ خمسة آلاف جنيه المملوك لبنك التسليف الزراعي والتعاوني - فرع السنبلاوين والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته حالة كونه من الأمناء على الودائع وقد ارتبطت هذه الجناية بثلاث جنايات أخرى هي أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر: أ - اشترك بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة مع المتهم الثاني في ارتكاب تزوير في محررات لإحدى المؤسسات التي تساهم الدولة في مالها هي استمارات 24 حسابات أرقام 475179، 119158، 119159 الصادرة من بنك التسليف الزراعي والتعاوني فرع السنبلاوين بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة حال تحريرها المختص بوظيفته بأن حرض على ترك فراغات أثناء تحرير تلك الاستمارات واتفق معه على إضافة عبارات تحمل مبالغ مالية مضافة إلى المبالغ الصحيحة الموردة في أصول هذه الاستمارات دون صدرها وساعده بأن قدم له أصول تلك الاستمارات بعد تمام التوريد والمراجعة لإضافة عبارات تتضمن توريد مبالغ مالية على غير الحقيقة على النحو الثابت بها فتمت الجريمة بناء على هذا التحريض والاتفاق والمساعدة مع آخر. (ب) اشترك بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير في محررات لإحدى الجمعيات التعاونية (الجمعية التعاونية الزراعية برهمتوش) هي إيصالات (5) جمعيات رقم 27679 المؤرخ 9 - 12 - 75 ورقم 27696 المؤرخ 25 - 12 - 75 وكان ذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها وبوضع إمضاءات مزورة بأن أثبت بها على خلاف الحقيقة استلام..... رئيس حسابات الجمعية المبالغ لتوريدها لفروع البنك ووقع عليها ذلك المجهول بتوقيع نسبه زوراً لـ..... فتمت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق وتلك المساعدة. (جـ) استعمل المحررات سالفة الذكر بأن قدمها إلى بنك التسليف الزراعي والتعاوني مع علمه بتزويرها الأمر المنطبق على المواد 40/ 1، 2، 3، 41، 213 مكرراً و2 من قانون العقوبات و26 من القانون 51/ 66 في شأن الجمعيات التعاونية الزراعية.
المتهم الثاني: اشترك مع المتهم الأول بطريقي التحريض والاتفاق في ارتكاب جناية الاختلاس المنسوبة إليه بأن حرضه واتفق معه على اختلاس الأموال سالفة الذكر على النحو المبين بالتحقيقات فتمت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق.
2 - بصفته موظفاً عمومياً موظف ببنك التسليف الزراعي والتعاوني فرع السنبلاوين ارتكب تزويراً في محررات إحدى المؤسسات المعتبرة قانوناً ذات نفع عام هي استمارات 24 حسابات أرقام 485179، 119158، 119159 الصادرة من بنك التسليف الزراعي والتعاوني فرع السنبلاوين بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة حال تحريرها المختص بوظيفته بأن ترك فراغات أثناء تحريرها وقبل تقديمها لخزينة البنك للتوريد والمراجعة ثم قام بملء هذه الفراغات بعد التوريد المراجعة بعبارات تحمل مبالغ مالية في أصول تلك الاستمارات دون صورها على النحو الثابت بها.
وأحالتهما إلى محكمة أمن الدولة العليا لمعاقبتهما بمقتضى مواد الاتهام.
ومحكمة أمن الدولة العليا بالمنصورة قضت حضورياً بحبس كل من..... و..... بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمهما متضامنين مبلغ خمسة آلاف جنيه وإلزامهما برد مبلغ 3915.473 جنيه وبعزلهما من وظيفتهما.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه، أنه إذ دان أولهما بجرائم اختلاس مال عام والاشتراك في تزوير محررات لبنك التسليف الزراعي والتعاوني وإحدى الجمعيات المعتبرة قانوناً ذات نفع عام، واستعمال هذه المحررات مع العلم بتزويرها ودان ثانيهما بجريمتي الاشتراك في اختلاس مال عام وتزوير محررات بنك التسليف الزراعي والتعاوني، قد شابه الاضطراب والقصور في التسبيب، ذلك بأنه اعتبر الطاعن الأول فاعلاً أصلياً في جريمة الاختلاس التي دانه بها، ثم عاد من بعد واعتبره شريكاً فيها، كما جاء مبهماً مجملاً في أسبابه إذ اعتبر الطاعن الثاني شريكاً في جريمة الاختلاس تلك دون أن يدلل على اشتراكه فيها، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "إن واقعات الدعوى حسبما حصلتهما المحكمة من الاطلاع على مدوناتها وما دار بالجلسة، تتمثل في أنه خلال المدة من 3 - 12 - 1975 حتى 27 - 12 - 1975 بدائرة مركز السنبلاوين، اتفق كل من..... الكاتب بجمعية برهمتوش التعاونية الزراعية و....... الموظف ببنك التسليف فرع السنبلاوين على اختلاس مبلغ خمسة آلاف جنيه مملوكة لبنك التسليف الزراعي والتعاوني فرع السنبلاوين، كانت في حيازة أولهما بسبب وظيفته، وذلك بأن اتفق أولهما مع مجهول على ارتكاب تزوير في إيصالي "5" جمعيات رقمي 27679 في 9 - 12 - 1975 و57696 في 25 - 12 - 1975 بأن أثبت بهما على خلاف الحقيقة استلام...... رئيس حسابات الجمعية، المبالغ المقيدة بها لتوريدها لفرع البنك، ووقع عليها بإمضاء مزور عليه، وقام الثاني بارتكاب تزوير في استمارات (24) حسابات أرقام 475179، 119158، 119159، بترك فراغات أثناء تحريرها وإضافة مبالغ في أصولها دون صورها بلغت جملتها خمسة آلاف جنيه المختلسة بمعرفتهما، واستعملا هذه المحررات المزورة بأن قدمها المتهم الأول لبنك التسليف كمستندات صرف مع علمه بتزويرها" وبعد أن أورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة مستمدة مما شهد به....... مراقب المراجعة الحسابية ببنك التسليف بالدقهلية وما اعترف به المتهم الثاني من تركه مسافة فارغة عند تحرير الإيصالات 24 حسابات، وما قرره المتهم الأول بالتحقيقات بمسئوليته عن خزينة الجمعية والتوريد للبنك للمبالغ المحصلة وأخذه جزءاً من المبلغ المختلس، عرض موقف كل من الطاعنين في الاتهام بقوله "إن المحكمة ترى من اعتراف المتهم الأول بأخذه مبلغ ألف جنيه من المبلغ المختلس دليلاً ينبئ على اشتراكه في عملية الاختلاس، وإلا لما أخذ هذا المبلغ خاصة وقد ثبت تزوير بتوقيع...... على إيصالي "5" جمعيات وهو المسئول عنه وعن تحريره، مما يدحض دفاعه، كما وأنه بالنسبة للمتهم الثاني، فإن اعترافه بترك مكان خال في أصول إيصالات التوريد وأنه أجرى بخط يده إضافة بها بعد التوريد، لدليل يقيني لدى المحكمة على اشتراكه واتفاقه مع المتهم الأول على اختلاس هذه المبالغ التي بلغت خمسة آلاف جنيه في الإيصالات 24 حسابات الثلاث وارتكاب كل منهما للجرائم المسندة إليه" ثم خلص الحكم من كل ما تقدم إلى القول "إنه لما تقدم فقد ثبت يقيناً لدى المحكمة أن: 1 -..... 2 -...... خلال المدة من 3 - 12 - 1975 حتى 27 - 12 - 1975 بدائرة مركز السنبلاوين محافظة الدقهلية: المتهم الأول: بصفته موظفاً عمومياً كاتب بجمعية برهمتوش الزراعية التعاونية: اختلس مبلغ خمسة آلاف جنيه المملوكة لبنك التسليف الزراعي والتعاوني فرع السنبلاوين والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته حالة كونه من الأمناء على الودائع وقد ارتبطت هذه الجناية بثلاث جنايات أخرى، هي أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر: ( أ )...... (ب)..... (جـ)......
المتهم الثاني: 1 - اشترك مع المتهم الأول بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب جناية الاختلاس المنسوبة إليه بأن اتفق معه على اختلاس الأموال سالفة الذكر وساعده على النحو المبين بالتحقيقات فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. 2 -...... ولما كان ما أورده الحكم على السياق المتقدم من اعتبار الطاعن الأول فاعلاً أصلياً في جناية الاختلاس التي دانه بها، ثم عودته من بعد إلى اعتباره شريكاً فيها ثم انتهاؤه إلى أنه فاعل أصلي في الجريمة تلك، يدل على اضطرابه في بيان واقعة الاختلاس وهي الجريمة ذات العقوبة الأشد - التي أوقع على الطاعنين عقوبتها عملاً بالفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات, ويفصح عن أن الواقعة وعناصرها لم تكن مستقرة في ذهن المحكمة الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة، الأمر الذي يتعذر معه بالتالي على محكمة النقض تبين صحة الحكم من فساده. لما كان ذلك، وكان الحكم قد دان الطاعن الثاني بجريمة الاشتراك في الاختلاس بطريق الاتفاق والمساعدة، على النحو السالف بيانه فقد كان عليه أن يستظهر عناصر هذا الاشتراك وطريقته وأن يبين الأدلة الدالة على ذلك بياناً موضحها, ويكشف عن قيامها، وذلك من واقع الدعوى وظروفها، بيد أن ما أورده الحكم من مجرد ترك الطاعن مكاناً خالياً في أصول إيصالات التوريد وإجرائه إضافة بخط يده بعد التوريد، لا يفيد في ذاته الاتفاق كطريق من طرق الاشتراك، إذ يشترط في ذلك أن تتحد النية على ارتكاب الفعل المتفق عليه، وهو ما لم يدلل الحكم على توافره, كما لم يثبت في حق الطاعن الثاني توافر الاشتراك بأي طريق آخر حدده القانون، وهو ما يعدو معه الحكم قاصر البيان. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصراً قصوراً يعيبه بما يكفي لنقضه بالنسبة للطاعنين معاً، وبالنسبة لجميع التهم المسندة إليهما لأن الحكم اعتبرها جرائم مرتبطة وقضى بالعقوبة المقررة لأشدها - وهي جناية اختلاس المال العام - عملاً بالمادة 32/ 2 من قانون العقوبات، وذلك دون حاجة إلى بحث باقي وجوه الطعنين.