أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 23 - صـ 233

جلسة 23 من فبراير سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، وحامد وصفي، ومحمد عادل مرزوق، وإبراهيم السعيد ذكري.

(37)
الطعن رقم 488 لسنة 35 القضائية

( أ ) عمل. "المكافأة". هبة. شركات.
الأصل في مكافأة نهاية الخدمة أنها أجر إضافي، تقرير الشركة معاشاً للعامل بما يزيد على المكافأة. لا يعد من أعمال التبرع بل يتصل بإعارة المشروع.
(ب) حراسة. "حراسة إدارية". شركات. عمل.
إجازة الحارس الإداري على الشركة لقرار مجلس الإدارة الصادر خارج حدود سلطاته بتحديد معاش العامل. نفاذ الإجازة في حق الشركة باعتبارها من أعمال الإدارة المنوطة بالحارس، الأمر العسكري 5 لسنة 1956.
1 - متى كان المعاش الذي قدره مجلس إدارة الشركة الطاعنة للمطعون عليه - العامل - هو مقابل مكافأة نهاية الخدمة التي تنازل عنها، وكان الأصل في المكافأة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - أنها أجر إضافي والتزام أوجبه القانون على رب العمل عند انتهاء العقد في الأحوال التي حددها باعتبارها إحدى وسائل الضمان الاجتماعي، لما كان ذلك، فإن تقرير معاش للعامل لا يعتبر من أعمال التبرع حتى ولو كانت فيه زيادة عن المكافأة التي حددها القانون بل يعد من الأعمال المتصلة بإدارة المشروع.
2 - متى كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الشركة الطاعنة - شركة التأمين الأهلية - قد وضعت عقب العدوان الثلاثي تحت الحراسة طبقاً للأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956، وكانت أعمال الإدارة تدخل في سلطة الحارس الخاص طبقاً لنص المادة التاسعة من الأمر العسكري المشار إليه، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه على أن الحارس الخاص على الشركة الطاعنة قد أجاز قرار مجلس الإدارة الذي أصدره خارج حدود سلطاته بتحديد معاش المطعون عليه - العامل - والذي تختص الجمعية العمومية أصلاً بإصداره، وكانت هذه الإجازة من الحارس على الشركة الطاعنة تنفذ في حقها لصدورها في حدود سلطاته المخولة له بالأمر العسكري على النحو سالف البيان، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه رفع الدعوى رقم 1111 سنة 61 عمال الإسكندرية الابتدائية ضد شركة التأمين الأهلية - الطاعنة - وشركتي المتحدة للتأمين والأونيون دي باري للتأمين طالباً الحكم بإلزامها على وجه التضامن بأن تدفع له مبلغ 17582 ج و400 م، وقال بياناً لدعواه أنه التحق بالعمل نائباً لمدير الشركة الطاعنة في سنة 1905 ثم أصبح مديراً عاماً لها في سنة 1917 وكان يدعى سنوياً إلى فرنسا لحضور اجتماعات مجلس إدارة شركة الأونيون التي كانت تعقد عمليات مشتركة مع الشركة الطاعنة، وبعد أن أمضى في خدمة الشركة واحداً وخمسين عاماً وناهز السبعين من عمره عرض على مجلس الإدارة أن يعفيه من عمله فأجابه إلى طلبه بجلسته المنعقدة في 24/ 2/ 1956 مع الاحتفاظ به مستشاراً فنياً للشركة وحدد أتعابه التي سيقترحها على الجمعية العمومية بمكافأة سنوية قدرها 3600 ج يضاف إليها مبلغ 400 ج بصفة بدل تمثيل سنوياً، وإذ أبدى رغبته في التعاقد فقد قرر له مجلس الإدارة بجلسة 17/ 10/ 1956 معاشاً شهرياً قدره 400 ج مدى الحياة ابتداءً من أول يناير سنة 1958 وفي مقابل ذلك تنازل عن مكافأة نهاية الخدمة، وعقب العدوان الثلاثي فرضت الحراسة على الشركة المذكورة وعلى شركة الأونيون نفاذاً للأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 وقرر الحارس الخاص على الشركتين أن يفصل بينهما وأن تستقل كل منهما بميزانيتها، ولقيام المطعون عليه بإدارة فرع شركة الأونيون لحساب الشركة الطاعنة فقد ألزم الحارس كلاً من هاتين الشركتين بنصف معاش المطعون عليه على أن يقيد لحساب الشركة الطاعنة مبلغ 17582 ج و400 م القيمة الرأسمالية لنصف المعاش الذي تلتزم به شركة الأونيون، غير أن الشركة الطاعنة لم تدفع له إلا نصف المعاش الشهري فطالبها بدفع القيمة الرأسمالية للنصف الثاني الذي تلتزم به شركة الأونيون وقدره 17582 ج و400 م، وقرر مجلس الإدارة بجلسة 3/ 2/ 1959 أن يصرف له نصف هذه القيمة وقدره 8791 ج و200 م، على أن يعرض عليه أمر النصف الآخر بعد أول يناير سنة 1960، وإذ لم يوضع هذا القرار موضع التنفيذ، وكانت الشركة المتحدة للتأمين قد اشترت بتاريخ 18/ 4/ 1957 من الحراسة العامة على أموال الفرنسيين أصول وخصوم شركة الأونيون ومن بين هذه الخصوم القيمة الرأسمالية لنصف المعاش التي قيدت لحساب الشركة الطاعنة، فقد أقام دعواه ضد الشركات الثلاث للحكم له بطلباته. وبتاريخ 21/ 10/ 1962 حكمت محكمة أول درجة بإلزام الشركات الثلاث بالتضامن بأن تدفع للمطعون عليه مبلغ 17582 ج و400 م، استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية وقيد الاستئناف برقم 726 سنة 18 ق مدني عمال. وبتاريخ 13/ 5/ 1965 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، تنعى الطاعنة بالوجهين الأول والثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم قرر أنه وإن كانت الجمعية العمومية للشركة الطاعنة هي التي تملك إصدار قرار بتحديد معاش للمطعون عليه طبقاً للمادة 31 من القانون النظامي للشركة وأن مجلس الإدارة قد تجاوز سلطاته بتحديد هذا المعاش بقراره الصادر في 17/ 10/ 1956، إلا أن هذا القرار قد أجازه الحارس الخاص على الشركة وهو الذي كان يباشر سلطات مجلس الإدارة أثناء فرض الحراسة على الشركة، وهو من الحكم خطأ في تطبيق القانون ذلك أن قرار مجلس الإدارة المشار إليه قد صدر ممن لا يملكه ومشوباً بسوء استعمال السلطة فيكون معدوماً لا تصححه الإجازة، هذا إلى أن المعاش المذكور يتضمن زيادة عن المكافأة التي حددها القانون فيعتبر تبرعاً ولا يملك الحارس التبرع إلا في حالات معينة نصت عليها المادة 11 من الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 وبعد استئذان وزير المالية والاقتصاد.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان المعاش الذي قرره مجلس إدارة الشركة الطاعنة في 17/ 10/ 1956 للمطعون عليه هو مقابل مكافأة نهاية الخدمة التي تنازل عنها، وكان الأصل في المكافأة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنها أجر إضافي والتزام أوجبه القانون على رب العمل عند انتهاء العقد في الأحوال التي حددها باعتبارها إحدى وسائل الضمان الاجتماعي، لما كان ذلك فلا يعتبر تقرير معاش للعامل من أعمال التبرع حتى ولو كانت فيه زيادة عن المكافأة التي حددها القانون بل يعد من الأعمال المتصلة بإرادة المشروع، ولما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الشركة الطاعنة وضعت عقب العدوان الثلاثي تحت الحراسة طبقاً للأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956، وكانت أعمال الإدارة تدخل في سلطة الحارس الخاص طبقاً لنص المادة التاسعة من الأمر العسكري المشار إليه، ولما كان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه على أن الحارس الخاص على الشركة الطاعنة قد أجاز قرار مجلس الإدارة الذي أصدره خارج حدود سلطاته بتحديد معاش المطعون عليه والذي تختص الجمعية العمومية أصلاً بإصداره، وذلك بإلزام كل من الشركة الطاعنة وشركة الأونيون للتأمين بنصف هذا المعاش، وكانت هذه الإجازة من الحارس على الشركة الطاعنة تنفذ في حقها لصدورها في حدود سلطاته المخولة له بالأمر العسكري على النحو سالف البيان، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون على غير أساس.
وحيث إن حاصل الوجه الثالث من السبب الأول أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه قرر أن الجمعية العمومية للشركة الطاعنة قد أجازت أيضاً قرار مجلس الإدارة بتحديد معاش المطعون عليه بما قررته في 15/ 6/ 1958 من إخلاء طرف أعضاء مجلس الإدارة الذين تولوا إدارة شئون الشركة خلال سنتي 1956 و1957، في حين أن قرار الجمعية العمومية سالف الذكر لا يتضمن تصحيحاً لأخطاء أعضاء مجلس الإدارة، خاصة وأنه جاء عاماً دون مراجعة لأعمالهم.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن قرار مجلس الإدارة بتحديد معاش المطعون عليه ينفذ في حق الشركة الطاعنة بإجازته من الحارس الخاص المعين عليها وكانت هذه الدعامة صحيحة على ما سلف البيان وتكفي وحدها لحمل الحكم، فإن النعي على ما قرره الحكم بشأن إجازة القرار من الجمعية العمومية للشركة الطاعنة بتاريخ 15/ 6/ 1968، أياً كان وجه الرأي فيه يكون غير منتج.
وحيث إن الوجه الأول من السبب الثاني يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بالفساد في الاستدلال، وتقول الطاعنة بياناً لذلك إن الحكم فسر خطاب المؤسسة الاقتصادية للشركة الطاعنة المؤرخ 9/ 2/ 1959 بأنه لم يتضمن اعتراضاً على قرار مجلس إدارة الشركة المؤرخ 3/ 2/ 1959 بصرف المبلغ موضوع النزاع وأنه لا يعدو أن يكون توجيهاً لهذه الشركة بعدم صرفه قبل أن تحصل عليه من الشركة المتحدة للتأمين، في حين أن هذا الخطأ لا يتضمن موافقة من المؤسسة الاقتصادية على الصرف، بل يحمل على أنها رأت وقف الصرف أو تأجيله وهو يعتبر اعتراضاً منها على القرار المذكور، مما مقتضاه طبقاً للمادة التاسعة من القانون رقم 20 لسنة 1957 عدم نفاذ هذا القرار، إلا إذا وافق عليه مجلس الإدارة أو الجمعية العمومية على حسب الأحوال بأغلبية ثلثي الأعضاء على الأقل.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أورد في شأن خطاب المؤسسة الاقتصادية ما يلي "إنه عن القرار الصادر بتاريخ 3 فبراير سنة 1959 والذي قرر الحاضر عن المستأنفة - الطاعنة - بأن المؤسسة الاقتصادية قد اعترضت على قرار مجلس الإدارة بصرف نصف المستحق للمستأنف عليه - المطعون عليه - فإن الثابت من الاطلاع على قرار المجلس أنه اتخذ بعد الاطلاع على رصيد حساب الشركة المتحدة للتأمين المتضمن تحميلها بمبلغ 17582 ج و400 م الموازي لنصف المعاش الشهري المقرر للمستأنف عليه، وكان رد المؤسسة لا يعدو أن يكون توجيهاً للشركة المستأنفة حتى لا تقوم بسداد المبلغ قبل أن تتحصل عليه من الشركة المتحدة للتأمين فهو لا يتضمن اعتراضاً ولا يترتب عليه عدم نفاذ القرار الذي تحكمه الفقرة الثانية من المادة 9 من القانون 20/ 1957 في شأن المؤسسة الاقتصادية" ولما كان يبين من هذا الخطاب أنه نص على ما يأتي "بالإشارة لقرار مجلس الإدارة بجلسته في 3/ 2/ 1959 بشأن صرف مبلغ 8791 ج و200 م وهو ما يعادل نصف القيمة الرأسمالية لنصف شركة الأونيون "المتحدة للتأمين" أرجو التفضل بالعلم بأن الشركة المتحدة أفادتنا بأنها لا يمكنها أن توافق على سداد المكافأة المذكورة قبل أن تحصل من الحراسة على المبالغ المستحقة لها ومن بينها المبلغ المشار إليه"، ولما كان الحكم المطعون فيه قد استخلص من هذا الخطاب أنه لا ينطوي على اعتراض من المؤسسة الاقتصادية على صرف نصف القيمة الرأسمالية لمعاش المطعون عليه، وكان هذا الاستخلاص سائغاً ومما تحتمله عبارات الخطاب فإن النعي على الحكم بهذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل الوجه الثاني من السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه شابه قصور في التسبيب، ذلك أنه لم يقطع فيما إذا كان مبلغ المعاش الذي ألزم به الحارس الخاص شركة الأونيون قد دفع للشركة الطاعنة حتى يكون هناك محل لمطالبته به، كما أنه لم يبين أساس إلزامها بهذا المبلغ مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بإلزام الشركة الطاعنة بمبلغ المعاش المستحق للمطعون عليه تأسيساً على أنه كان يدير فرع شركة الأونيون لحساب الطاعنة، وأن الحارس الخاص أقر هذا الوضع وقيد المبلغ في خصوم شركة الأونيون ولحساب الشركة الطاعنة، وكان لا محل بعد أن أوضح الحكم أساس التزام الطاعنة بمبلغ المعاش أن يعرض لبحث ما إذا كانت شركة الأونيون والتي آلت إلى الشركة المتحدة للتأمين قد دفعت هذا المبلغ إلى الطاعنة، إذ لا شأن للمطعون عليه بهذا النزاع كما قرر الحكم، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بالقصور يكون في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] نقض 16/ 10/ 1958 مجموعة المكتب الفني س 9 ص 659.