أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 785

جلسة 3 من أكتوبر سنة 1983

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد الحميد صادق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: حسن عمار، محمد الصوفي، مسعد الساعي وأحمد سعفان.

(154)
الطعن رقم 1314 لسنة 53 القضائية

(1) مستشار الإحالة. أمر إحالة. بطلان. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إغفال أمر الإحالة الصادر من مستشار الإحالة لسن المتهم وصناعته. لا بطلان. العلة في ذلك؟ المادة 160 أ. ج.
(2) نيابة عامة. أمر إحالة. بطلان. تحقيق. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
أمر إحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع هو مرحلة من مراحل التحقيق.
بطلان أمر الإحالة. لا يجيز لمحكمة الموضوع إعادته إلى جهة التحقيق التي أصدرته ما دامت الدعوى في حوزتها.
(3) إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع في تكوين عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى.
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
أخذ المحكمة. بأقوال شاهد. مفاده. إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
(4) تلبس. تفتيش. "التفتيش بغير إذن". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
تقدير قيام أو انتفاء حالة التلبس. موضوعي.
(5) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
أخذ المحكمة بأقوال الشاهد سنداً لنسبة المخدر للمتهم. لا يمنعها من عدم الأخذ بها في خصوص قصد الاتجار.
1 - إغفال أمر الإحالة الصادر من مستشار الإحالة لسن المتهم وصناعته لا يؤدي إلى بطلانه باعتبارهما ليسا من البيانات الجوهرية في هذا الأمر ذلك أن القانون استهدف من اشتراط البيانات الواردة في المادة 160 من قانون الإجراءات الجنائية تحقيق غايتين هما تحديد شخصية المتهم الصادر بشأنه الأمر وتحديد التهمة الموجهة إليه وهو ما يتحقق بذكر اسم المتهم والواقعة المنسوبة إليه ووصفها القانوني.
2 - إبطال أمر إحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع بعد اتصالها بها يقتضي إعادتها إلى مرحلة الإحالة وهو غير جائز باعتبار تلك المرحلة لا تخرج عن كونها جهة تحقيق فلا يجوز إعادة الدعوى إليها بعد دخولها في حوزة المحكمة ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ خلص إلى إطراح الدفع ببطلان أمر الإحالة يكون قد أصاب صحيح القانون ولا وجه للنعي عليه في هذا الخصوص.
3 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر الدعوى وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب. وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
4 - من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
5 - لما كان من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات وأقوال الضابط ما يكفي لإسناد واقعة إحراز الجواهر المخدرة لدى الطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار دون أن يعد ذلك تناقضاً في حكمها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحيل إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/ 1، 2، 37/ 1، 38، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند رقم 57 من الجدول رقم/ 1 الملحق بالقانون الأول بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات وبتغريمه ألف جنيه وبمصادرة الجوهر المخدر المضبوط وذلك باعتباره أحرز وحاز بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة وإحراز جوهر مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد انطوى على بطلان في الإجراءات وشابه تناقض وقصور في التسبيب وفساد في الاستدلال ذلك بأن الدفاع تمسك ببطلان أمر الإحالة لخلوه من سن المتهم وصناعته إلا أن الحكم رد عليه رداً غير سديد في القانون، وأطرح الحكم دفعه ببطلان إجراءات القبض والتفتيش بما لا يسوغ إطراحه ويخالف صحيح القانون، هذا إلى أن الحكم استدل على صحة الواقعة وثبوتها في حق الطاعن ركوناً إلى تحريات ضابط الواقعة إلا أنه لم يعتد بها عند التحدث عن قصد الاتجار في المواد المخدرة ونفى توافر هذا القصد في حق الطاعن. كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال المقدم...... الضابط بقسم مكافحة مخدرات القاهرة وما جاء بتقرير المعامل الكيماوية عن تحليل المادة المضبوطة وهي أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان إغفال أمر الإحالة الصادر من مستشار الإحالة لسن المتهم وصناعته لا يؤدي إلى بطلانه باعتبارهما ليسا من البيانات الجوهرية في هذا الأمر ذلك أن القانون استهدف من اشتراط البيانات الواردة في المادة 160 من قانون الإجراءات الجنائية تحقيق غايتين هما تحديد شخصية المتهم الصادر بشأنه الأمر وتحديد التهمة الموجهة إليه وهو ما يتحقق بذكر اسم المتهم والواقعة المنسوبة إليه ووصفها القانوني، هذا فضلاً عن أن إبطال أمر الإحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع بعد اتصالها بها يقتضى إعادتها إلى مرحلة الإحالة وهو غير جائز باعتبار تلك المرحلة لا تخرج عن كونها جهة تحقيق فلا يجوز إعادة الدعوى إليها بعد دخولها في حوزة المحكمة ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ خلص إلى إطراح الدفع ببطلان أمر الإحالة يكون قد أصاب صحيح القانون ولا وجه للنعي عليه في هذا الخصوص، لما كان ذلك وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر الدعوى وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب, وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها, وكان من المقرر أيضاً أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة. لما كان ذلك، وكان مفاد ما أثبته الحكم بياناً لواقعة الدعوى وإيراداً لمؤدى ما شهد به الضابط الذي باشر إجراءاتها أنه قام بما قام به التزاماً بواجبه في اتخاذ ما يلزم من الاحتياط للكشف عن جريمة حيازة وإحراز مخدر وضبط المتهم فيها، وهو ما يدخل في صميم اختصاصه بوصفه من مأموري الضبط القضائي، إذا اتصل به أحد المرشدين أثناء تواجده بديوان قسم الزيتون - وأبلغه بأن الطاعن - الذي ذكر له أوصافه سيتواجد في السابعة والنصف من صباح اليوم التالي بجوار محطة سكة حديد حلمية الزيتون على امتداد شارع عبد الرحمن جراعة وفي حوزته جواهر مخدرة وقبل ميعاد الغروب بقليل انتقل إلى المكان المحدد حيث أبصره الطاعن قادماً صوبه، وما أن شاهده هذا الأخير حتى ألقى بيده اليمنى لفافة من ورق الصحف تتبعها ببصره حتى استقرت أرضاً فالتقطها ونفضها تبين أن بداخلها مخدر الحشيش فقام بضبطه. فإن ما فعله يكون مشروعاً يصح أخذ الطاعن بنتيجته متى اطمأنت المحكمة إلى حصوله، وإذ كان الحكم قد استدل على قيام حالة التلبس بالجريمة التي تجيز القبض على كل من ساهم في ارتكابها، وتبيح تفتيشه بغير إذن النيابة، وكان العلم المسبق بارتكاب الجريمة لا ينفي قيام حالة التلبس بها إذا ما توافرت شروطها فإن ما أورده الحكم تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفاع به الطاعن من عدم توافر هذه الحالة من بطلان القبض والتفتيش يكون كافياً وسائغاً في الرد على الدفع ويتفق وصحيح القانون، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات وأقوال الضابط ما يكفي لإسناد واقعة إحراز الجواهر المخدرة لدى الطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار دون أن يعد ذلك تناقضاً في حكمها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله, لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.