أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 790

جلسة 4 من أكتوبر سنة 1983

برئاسة السيد المستشار/ عادل برهان نور رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: فوزي أحمد المملوك، محمد عبد الرحيم نافع، محمد أحمد حسن والسيد عبد المجيد العشري.

(155)
الطعن رقم 1321 لسنة 53 القضائية

(1) قانون "تطبيقه". غرفة مشورة. حكم "بطلان الحكم" "تصحيح الحكم". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". غرامة. مواد مخدرة.
حق المحكمة منعقدة في غرفة مشورة في تصحيح ما يقع في حكمها من خطأ مادي مع التأشير بالأمر بالتصحيح على هامش الحكم.
مثال في تصحيح مقدار غرامة.
(2) تلبس. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وتقدير كفايتها لقيام حالة التلبس. موضوعي.
(3) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "شهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام الأحكام بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاؤها.
تجزئة التدليل. جائزة.
تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها. متى لا يعيب الحكم؟
الجدل الموضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
1 - لما كان قانون الإجراءات الجنائية قد أجاز في المادة 337 - المعدلة بالقانونين رقمي 107 لسنة 1967 و170 لسنة 1981 للمحكمة منعقدة في غرفة المشورة تصحيح ما يقع في حكمها من خطأ مادي مع التأشير بالأمر بالتصحيح على هامش الحكم، وكان مفاد التصحيح الذي أجرته المحكمة على النحو المتقدم أنها اعتبرت أن ما ورد بنسخة الحكم الأصلية في صدد مقدار الغرامة المقضى بها على الطاعن مرده مجرد خطأ مادي من الكاتب عند التدوين فقامت بتصحيحه بمقتضى الحق المخول لها في القانون، ومن ثم فإن نعي الطاعن ببطلان الحكم المطعون فيه يضحى ولا محل له.
2 - من المقرر أن تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها أو بعد ارتكابها وتقدير كفاية هذه الظروف لقيام حالة التلبس أمر موكول إلى محكمة الموضوع دون معقب عليها ما دامت الأسباب والاعتبارات التي بنت عليها هذا التقدير صالحة لأن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها.
3 - لما كان من المقرر أن الأحكام بحسب الأصل, لا تلتزم بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها ولها أن تجزئ الدليل المقدم لها وأن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود وتطرح ما لا تثق فيه منها إذ مرجع الأمر في هذا الشأن إلى اقتناعها هي وحدها، وكان تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ما دام لم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته, كما هو الحال في الطعن الماثل، وإذ كان الطاعن لا يجادل في أن ما حصله الحكم من أقوال شاهدي الإثبات له أصل ثابت بالأوراق فإن ما يثيره في هذا الوجه ينحل إلى جدل موضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي جوهراً مخدراً (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً, وأمرت بإحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة, ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 37، 38، 42 من القانون 172 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 57 من الجدول الأول الملحق بالقانون الأول بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه خمسمائة جنيه والمصادرة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحراز جوهر مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي، فقد شابه البطلان والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه ثبت من محضر الجلسة أن المحكمة قضت بسجن المتهم - الطاعن - ثلاث سنوات وتغريمه خمسمائة جنيه والمصادرة في حين أن النسخة الأصلية للحكم أثبت بها أن الغرامة المحكوم بها ثلاثة آلاف جنيه، كما أغفل الحكم الرد على دفاع الطاعن ببطلان الإجراءات التي اتخذها مأمور الضبط القضائي وببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس وأفصح عن اطمئنانه لأقوال شاهدي الإثبات دون أن تبين المحكمة الأقوال التي اطمأنت إليها وتلك التي أطرحها, ورغم تناقض هذه الأقوال، وكل ذلك مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من محضر جلسة المحاكمة المؤرخ 16 من يناير سنة 1982 أن المحكمة أصدرت حكمها حضورياً بمعاقبة الطاعن بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه خمسمائة جنيه وبمصادرة الجوهر المخدر المضبوط، كما يبين من نسخة الحكم الأصلية أن العقوبة المقضى بها على الطاعن هي السجن لمدة ثلاث سنوات والغرامة البالغ قدرها ثلاثة آلاف جنيه والمصادرة، وقد ذيلت نسخة الحكم بقرار من المحكمة بتصحيح منطوق الحكم بجعل الغرامة المقضى بها على الطاعن خمسمائة جنيه. لما كان ذلك، وكان قانون الإجراءات الجنائية قد أجاز في المادة 337 - المعدلة بالقانونين رقمي 107 لسنة 1962, 170 لسنة 1981 للمحكمة منعقدة في غرفة المشورة تصحيح ما يقع في حكمها من خطأ مادي مع التأشير بالأمر بالتصحيح على هامش الحكم، وكان مفاد التصحيح الذي أجرته المحكمة على النحو المتقدم أنها اعتبرت أن ما ورد بنسخة الحكم الأصلية في صدد مقدار الغرامة المقضى بها على الطاعن مرده مجرد خطأ مادي من الكاتب عند التدوين فقامت بتصحيحه بمقتضى الحق المخول لها في القانون، ومن ثم فإن نعي الطاعن ببطلان الحكم المطعون فيه يضحى ولا محل له. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات وما ثبت من تقرير المعامل الكيميائية. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع المبدى من الطاعن ببطلان القبض والتفتيش وما تلاه من إجراءات ورد عليه في قوله "بأن حالة التلبس قائمة في حق المتهم من دخوله الغرفة وتحدثه مع الرقيب السري حالة إخراجه لفافة سلوفانية من ملابسه لعرضها على المذكور وهي بيده فألقى القبض عليه وضبطه متلبساً وفي حوزته الجوهر المخدر المضبوط والمحكمة تطمئن إلى توافر حالة التلبس في حقه" ولما كان من المقرر أن تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها أو بعد ارتكابها وتقدير كفاية هذه الظروف لقيام حالة التلبس أمر موكول إلى محكمة الموضوع دون معقب عليها ما دامت الأسباب والاعتبارات التي بنت عليها هذا التقدير صالحة لأن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن ذلك يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأحكام، بحسب الأصل, لا تلتزم بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها ولها أن تجزئ الدليل المقدم لها وأن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود وتطرح ما لا تثق فيه منها إذ مرجع الأمر في هذا الشأن إلى اقتناعها هي وحدها، وكان تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه. وما دام لم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته، كما هو الحال في الطعن الماثل، وإذ كان الطاعن لا يجادل في أن ما حصله الحكم من أقوال شاهدي الإثبات له أصل ثابت بالأوراق فإن ما يثيره في هذا الوجه ينحل إلى جدل موضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعين الرفض.