أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 23 - صـ 261

جلسة 29 من فبراير سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ بطرس زغلول نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم علام، وعدلي مصطفى بغدادي، وأحمد ضياء الدين، ومحمود السيد عمر المصري.

(41)
الطعن رقم 200 لسنة 37 القضائية

( أ ) التزام. "أوصاف الالتزام. الالتزام المعلق على شرط. الشرط الواقف". "انقضاء الالتزام". تقادم. "التقادم المسقط".
عدم سريان تقادم الالتزام المعلق على شرط موقف إلا من وقت تحققه.
(ب) بيع. "آثار عقد البيع. التزامات البائع. ضمان الاستحقاق". التزام. "أوصاف الالتزام. الالتزام المعلق على شرط. الشرط الواقف". تقادم.
عدم سريان التقادم بالنسبة لضمان الاستحقاق الذي يتوقف وجوده على نجاح المتعرض في دعواه، إلا من الوقت الذي يثبت فيه الاستحقاق بحكم نهائي به. القول ببدء سريان التقادم من وقت رفع الدعوى بالاستحقاق. خطأ في ظل القانون المدني القديم أو القائم.
(ج) محكمة الموضوع. "سلطة محكمة الموضوع. في تقدير التضمينات". بيع. "آثار البيع. التزامات البائع. ضمان الاستحقاق مما يجب على البائع رده". فوائد.
انفساخ البيع بسبب استحقاق المبيع، يوجب على البائع رد الثمن مع التضمينات. لقاضي الموضوع سلطة تقدير التضمينات بمبلغ معين علاوة على الثمن، أو أن يحتسب الثمن بالفوائد، ليس عليه في الحالة الأخيرة أن يجري أحكام فوائد التأخير المشار إليها بالمادة 124 مدني قديم.
(د) نقض. "أسباب الطعن بالنقض. ما يجوز وما لا يجوز من أسباب الطعن بالنقض. الأسباب المتعلقة بالواقع".
لا يجوز أمام محكمة النقض تعييب المستندات المقدمة لمحكمة الموضوع والطعن عليها والمجادلة في الدليل المستمد منها لأول مرة.
1 - جرى قضاء محكمة النقض على أن التقادم المسقط - سواء في ظل التقنين المدني القديم أو القائم - لا يبدأ سريانه إلا من الوقت الذي يصبح فيه الدين مستحق الأداء، مما يستتبع أن التقادم، لا يسري بالنسبة إلى الالتزام المعلق على شرط موقف، إلا من وقت تحقق هذا الشرط.
2 - إذا كان ضمان الاستحقاق التزاماً شرطياً يتوقف وجوده على نجاح المتعرض في دعواه، فإن لازم ذلك أن التقادم لا يسري بالنسبة إلى هذا الضمان إلا من الوقت الذي يثبت فيه الاستحقاق بصدور حكم نهائي به، ومن ثم فإن القول ببدء سريان التقادم بالنسبة لهذا الضمان في ظل التقنين المدني الملغى من وقت رفع الدعوى بالاستحقاق يكون على غير سند، إذ أن حكم القانون في هذه المسألة واحد في التقنينين القديم والقائم.
3 - لقاضي الموضوع متى انفسخ البيع بسبب استحقاق المبيع، ووجب على البائع رد الثمن مع التضمينات، أن يقدر هذه التضمينات بمبلغ معين، يلزم به البائع، علاوة على الثمن، أو أن يحتسب عليه الثمن بالفوائد التي يعوض بها على المشتري ما خسره، وما حرم منه من الأرباح المقبولة قانوناً بسبب نزع الملكية والاستحقاق، وليس على القاضي إذا أجرى الفوائد التعويضية على البائع أن يتبع أحكام فوائد التأخير المشار إليها في المادة 124 من القانون المدني القديم الذي يحكم واقعة النزاع.
4 - إن تعييب المستندات المقدمة لمحكمة الموضوع والطعن عليها والمجادلة في الدليل المستمد منها، لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن ورثة حبيب فارس المطعون ضدهم من الأول إلى الثامنة أقاموا الدعوى رقم 856 سنة 1956 مدني كلي المنصورة طالبين الحكم بإلزام الطاعنة بصفتها الوارثة الوحيدة لوالدتها "إيلين بشارة جرجس" بأن تدفع لهم من تركة مورثتها المذكورة مبلغ 2473.436 ج والفوائد بواقع 4% سنوياً على مبلغ 1029.306 ج من أول مارس سنة 1932 حتى السداد، وبصحة الحجز التحفظي الموقع تحت يد المطعون ضدهما التاسع والعاشر، وقالوا شرحاً للدعوى إن إيلين بشارة جرجس "مورثة الطاعنة" كانت قد باعت عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر إلى آخرين أرضاً زراعية مساحتها 43 ف و3 ط و4 س بثمن قدره 5822 جنيه و812 م. ونص في عقد البيع على أن محكمة الأحوال الشخصية لليونانيين قد صرحت للبائعة المذكورة بالتصرف في أنصبة القصر المشمولين بوصايتها، ولما كانت هذه الأرض المبيعة تجاور أرضاً مملوكة لمورث المطعون ضدهم الثمانية الأول المرحوم حبيب فارس، فقد شفع في الأرض المبيعة، وفي 22/ 2/ 1921 قضت له محكمة الاستئناف المختلطة بأخذها بالشفعة، وبعد أن وضع المورث وورثته من بعده اليد على تلك الأرض مدة تزيد على عشر سنوات رفعت الطاعنة في أول مارس سنة 1932 دعوى ببطلان البيع الصادر من مورثتها المذكورة وعدم نفاذه هو وحكم الشفعة في حقها لأنها كانت قاصراً وقت البيع ولم يكن مصرحاً للوصية من محكمة الأحوال الشخصية بالبيع نيابة عنها، وفي 5/ 6/ 1945 قضت محكمة الاستئناف المختلطة بعدم نفاذ البيع وحكم الشفعة سالفي الذكر في حق الطاعنة، وبإلزام ورثة حبيب فارس المطعون ضدهم الثمانية الأول بتسليمها نصيبها في المبيع وقدره 10 ف و18 ط وبأداء ريع هذا القدر من تاريخ رفع الدعوى في أول مارس سنة 1932 حتى التسليم، وبناءً على هذا الحكم تسلمت الطاعنة ذلك القدر في 30/ 9/ 1945 وقال المطعون ضدهم رافعوا الدعوى إنه إذ كان من حقهم بعد ثبوت استحقاق الطاعنة لجزء من الأرض المبيعة أن يرجعوا على البائعة بضمان الاستحقاق، فقد رفعوا هذه الدعوى على الطاعنة باعتبارها الوارثة الوحيدة لوالدتها البائعة بطلباتهم السابقة وهي تتمثل في مبلغ 1029 ج و206 م قيمة ثمن الأرض المبيعة والتي استحقت مضافاً إليه مبلغ 944 ج و220 م قيمة الريع الذي قضى بإلزامهم به ومبلغ 500 ج على سبيل التعويض، دفعت الطاعنة بسقوط حق المطعون ضدهم الثمانية الأول في الرجوع عليها بضمان الاستحقاق لمضي أكثر من خمس عشرة سنة من تاريخ رفع دعواها بعدم نفاذ البيع وحكم الشفعة في حقها قبل رفع الدعوى الحالية، كما تمسكت بسقوط حق المشتري في ضمان الاستحقاق لعلمه وقت البيع بقيام سبب الاستحقاق، وهو أن محكمة الأحوال الشخصية لم تصرح للوصية ببيع نصيب القصر، وفي 2/ 3/ 1961 قضت المحكمة برفض هذين الدفعين وبإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضدهم الثمانية الأول مبلغ 1029 ج و206 م وهو ثمن الأرض التي استحقت وأرجأت الفصل في باقي الطلبات إلى ما بعد مناقشة المدعيين فيها، فاستأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة طالبة إلغاءه وقيد استئنافها برقم 70 سنة 13 ق، وتمسكت في الاستئناف بدفاعها الذي أبدته أمام محكمة الدرجة الأولى، وفي 13/ 2/ 1962 قضت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنها برقم 132 سنة 32 ق، وبجلسة 10/ 3/ 1966 قضت محكمة النقض برفض الطعن موضوعاً، ثم سارت محكمة الدرجة الأولى في نظر باقي طلبات المطعون ضدهم الثمانية الأول وهي طلب التعويض والفوائد، وقضت فيها بتاريخ 18/ 12/ 1952 بإلزام الطاعنة بصفتها بأن تدفع للمطعون ضدهم المذكورين من تركة مورثتها "إلين إلياس خرستو" مبلغ 1313 ج و929 م والفوائد على مبلغ 1029 ج و206 م بواقع 4% سنوياً من 1/ 10/ 1945 حتى تمام السداد، استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة وقيد استئنافها برقم 38 سنة 15 ق وتمسكت في الاستئناف بما دفعت به أمام محكمة أول درجة، كما استأنفه المطعون ضدهم الثمانية الأول طالبين الحكم لهم بطلباتهم جميعاً وقيد استئنافهم برقم 64/ 15 ق استئناف المنصورة، وبعد أن قررت المحكمة ضم الاستئنافين قضت بتاريخ 9/ 2/ 1967 برفض استئناف الطاعنة رقم 38/ 15 ق وفي الاستئناف رقم 94/ 15 ق بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضدهم من تركة مورثتها مبلغ 1444 ج و230 م والفوائد بواقع 4% سنوياً اعتباراً من 1/ 10/ 1945 على مبلغ 1029 ج و206 م حتى السداد، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطاعنة تنعى بسبب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله من ثلاثة أوجه، وتقول الطاعنة في بيان الوجه الأول منها إن الحكم المطعون فيه ذهب إلى أن مدة سقوط دعوى الضمان هي 15 سنة من تاريخ صدور حكم الاستحقاق النهائي من محكمة الاستئناف المختلطة في 5/ 6/ 1945، وركن في ذلك إلى حكم محكمة الاستئناف الصادر في 23/ 2/ 1962 في شأن دعوى المطالبة برد الثمن وحكم النقض في الطعن المرفوع عن ذلك الحكم مع أنه لا حجية لأيهما في النزاع الحالي ويجوز طرح الأمر مرة أخرى على محكمة النقض لتقول كلمتها فيه، ذلك أنه وفقاً للقانون المدني القديم الذي يحكم واقعة الدعوى تبدأ مدة السقوط من وقت حصول المنازعة في الملك، لا من وقت صدور الحكم بالاستحقاق، وتقول الطاعنة في الوجه الثاني إن الحكم المطعون فيه قضى بالفوائد بواقع 4% سنوياً اعتباراً من 1/ 10/ 1945 على مبلغ 1029 ج و206 م حتى تمام السداد دون أن يبين سبب احتساب هذه الفوائد من هذا التاريخ، في حين أن الفوائد التعويضية لا تسري إلا من وقت تكليف المتعهد بالوفاء تكليفاً رسمياً أو بالمطالبة القضائية، هذا إلى أن المطعون ضدهم الثلاثة الأول ومورثة المطعون ضدهم من الرابع للثامنة صرفوا فعلاً هذا المبلغ بتاريخ 7/ 3/ 1963 خصماً من وديعة بخزانة محكمة المنصورة الابتدائية، وتقول الطاعنة في الوجه الثالث إن الحكم المطعون فيه وهو في سبيل إثبات الزيادة في قيمة المبيع وقت الاستحقاق ركن إلى مستندين عبارة عن صورة شمسية من عقد اتفاق تم بين المطعون ضدهم الثلاثة الأول ومورثة المطعون ضدهم من الرابع للثامنة وبين الطاعنة بتاريخ 14/ 2/ 1951 وإلى عقد قسمة تاريخه 6/ 9/ 1954 محرر بين ورثة حبيب فارس - المطعون عليهم الثمانية الأول - قولاً من الحكم إن الطاعنة لم تعترض على ما تضمنه هذان المستندان من بيانات في حين أن الطاعنة قد طلبت رفض الدعوى بما مؤداه الاعتراض عليهما.
وحيث إن الوجه الأول مردود بما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من أن القاعدة - سواء في التقنين المدني القديم أو القائم - أن التقادم المسقط لا يبدأ سريانه إلا من الوقت الذي يصبح فيه الدين مستحق الأداء مما يستتبع أن التقادم لا يسري بالنسبة إلى الالتزام المعلق على شرط موقف إلا من وقت تحقق هذا الشرط. وإذا كان ضمان الاستحقاق التزاماً شرطياً يتوقف وجوده على نجاح المعترض في دعواه، فإن لازم ذلك أن التقادم لا يسري بالنسبة إلى هذا الضمان إلا من الوقت الذي يثبت فيه الاستحقاق بصدور حكم نهائي به، ومن ثم فإن القول ببدء سريان التقادم بالنسبة لهذا الضمان في ظل التقنين المدني الملغى من وقت رفع الدعوى بالاستحقاق يكون على غير سند، إذ أن حكم القانون في هذه المسألة واحد في التقنين القديم والقائم، ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه لا يكون مخالفاً للقانون، ويكون النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس. والنعي في وجهه الثاني مردود بأن لقاضي الموضوع متى انفسخ البيع بسبب استحقاق المبيع، ووجب على البائع رد الثمن مع التضمينات أن يقدر هذه التضمينات بمبلغ معين يلزم به البائع علاوة على الثمن، أو أن يحتسب عليه الثمن بالفوائد، التي يعوض بها على المشتري، ما خسره وما حرم منه من الأرباح المقبولة قانوناً بسبب نزع الملكية والاستحقاق وليس على القاضي إذا أجرى الفوائد التعويضية على البائع أن يتبع أحكام فوائد التأخير المشار إليها في المادة 124 من القانون المدني القديم الذي يحكم واقعة النزاع، وإذ التزم الحكم هذا النظر وأجرى الفوائد من تاريخ استحقاق المبيع الذي نشأ بالحكم الصادر بجلسة 5/ 6/ 1945 من محكمة الاستئناف المختلطة لا من تاريخ التكليف الرسمي بالوفاء أو المطالبة القضائية، فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون في غير محله، أما ما تقول به الطاعنة من أن المحكوم لهم قد صرفوا المبلغ المقضى به من الوديعة المشار إليها في سبب الطعن، فإنه مردود ذلك أن الحكم قد قضى بالفوائد حتى السداد ولم يحدد تاريخاً معيناً لهذا السداد يختلف عن التاريخ الذي استوفى فيه المطعون ضدهم المبلغ المقضى لهم به إن صح أنهم استوفوه من الوديعة، ومن ثم يكون هذا الوجه من الطعن على غير أساس. والنعي في وجهه الثالث مردود، ذلك أن تعييب المستندات المقدمة لمحكمة الموضوع والطعن عليها والمجادلة في الدليل المستمد منها لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، وإذ لم تقدم الطاعنة ما يدل على تمسكها أمام محكمة الموضوع بما استدل عليه الحكم المطعون فيه بشأن تقدير الزيادة في قيمة العقار المبيع، فإن النعي بهذا الوجه يكون عارياً عن الدليل.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.