أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 799

جلسة 4 من أكتوبر سنة 1983

برئاسة السيد المستشار/ قيس الرأي عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد أحمد حمدي، أحمد محمود هيكل، محمد عبد المنعم البنا ومقبل شاكر.

(157)
الطعن رقم 1325 لسنة 53 القضائية

(1) حكم "وضعه وإصداره" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده الحكم مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(2) مواد مخدرة. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قصد جنائي. إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
كفاية انبساط سلطان الشخص على المادة المخدرة كيما يكون حائزاً لها. ولو أحرزها مادياً شخصاً غيره.
تحدث الحكم استقلالاً عن ركن حيازة المخدر. غير لازم. كفاية أن يكون فيما أورده ما يكفي للدلالة على قيامه.
(3) دفوع "الدفع ببطلان الإجراءات". بطلان. نقض "الصفة في الطعن" "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا صفة لغير من وقع في حقه الإجراء الباطل في أن يدفع ببطلانه. ولو كان يستفيد منه أساس ذلك؟
(4) مواد مخدرة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إيراد الحكم في بيانه لأقوال الشهود ما يفيد توافر قصد الاتجار في المخدرات انتهاؤه من بعد إلى اقتناعه بعدم توافر هذا القصد. لا يعيبه.
التناقض الذي يعيب الحكم, ماهيته؟
(5) مواد مخدرة. قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". جريمة "أركانها".
ثبوت علم الجاني بأن ما يحرزه أو يحوزه. أو ينقله مخدراً يتوافر به القصد الجنائي في تلك الجرائم. استظهار هذا القصد. موضوعي.
(6) دفوع "الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش". تفتيش "إذن التفتيش".
الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش. موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن. رداً عليه.
(7) طعن "المصلحة في الطعن". نقض "المصلحة في الطعن".
نعي الطاعن على الحكم بشأن مصادرته للسيارة التي كان بها المخدر لأنها مملوكة لغيره وأنه سائقها. لا مصلحة له فيه. أساس ذلك.
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها - فمتى كان ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية.
2 - من المقرر أنه لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً للمادة المضبوطة بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصاً غيره، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه.
3 - من المقرر أنه لا صفة لغير من وقع في حقه الإجراء أن يدفع ببطلانه ولو كان يستفيد منه لأن تحقق المصلحة في الدفاع لاحق لوجود الصفة فيه.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه لم يورد في بيانه لواقعة الدعوى أن الطاعن يتجر بالمادة المخدرة وإن أورد على لسان الضباط شهود الإثبات أن الطاعنين يتجران بالمادة المخدرة إلا أن البين من أسبابه أنه حصل مؤدى أدلة الثبوت في الواقعة كما هي قائمة في الأوراق وإذ أورد بعد ذلك ما قصد إليه في اقتناعه من عدم توافر قصد الاتجار أو التعاطي في حق الطاعنين - فإن ذلك يكون استخلاصاً موضوعياً.
5 - من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر أو حيازته أو نقله يتوافر متى قام الدليل على علم الجاني بأن ما يحرزه أو يحوزه أو ينقله من الجواهر المخدرة ولا حرج على القاضي في استظهار هذا العلم من ظروف الدعوى وملابساتها على أي نحو يراه ما دام أنه يتضح من مدونات الحكم توافره فعلياً.
6 - من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها.
7 - لما كان الطاعن لا مصلحة له في نعيه على الحكم المطعون فيه في شأن مصادرته للسيارة التي كان بها المخدر إذ قرر أنها ملك لوالدة زوجته وأنه كان قائداً لها فقط فإن هذه الأخيرة وحدها هي صاحبة المصلحة في ذلك وعليها أن تتبع ما رسمه القانون في هذا الشأن لاستردادها إن كانت حسنة النية وكان لها حق استلامها - كما هو مقرر من أنه يتعين أن تعود على الطاعن مصلحة حقيقية من طعنه ولا يجوز للطاعن أن يطعن على الحكم لمصلحة القانون وحده.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين في قضية الجناية رقم 11482 لسنة 1981 المنصورة المقيدة بالجدول الكلي برقم 558 لسنة 1981 بأنهما في يوم 14 من سبتمبر سنة 1981 بدائرة قسم ثان المنصورة محافظة الدقهلية: المتهم الأول أحرز بقصد الاتجار جوهر مخدراً (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، والمتهم الثاني نقل بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحيل المتهمان إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بمواد الاتهام. ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 37 - 1 و38، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 57 من الجدول رقم (1) الملحق بمعاقبة المتهم الأول بالسجن لمدة سبع سنوات وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومعاقبة المتهم الثاني بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسمائة جنيه ومصادرة المادة المخدرة والسيارة المضبوطة باعتبار أن الأول حاز بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي جوهراً مخدراً (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. والثاني نقل بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي جوهراً مخدراً (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن الأول..... وإن كان قد قرر بالطعن في الميعاد القانوني إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه ومن ثم كان طعنه غير مقبول شكلاً.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الثاني...... قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعن الثاني ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة نقل جوهر مخدر حشيش بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال واعتوره الإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن الحكم لم يثبت في معرض تحصيله لواقعة الدعوى ما تضمنته التحريات بالنسبة له، وأن هذه التحريات قد انصبت على الطاعن الأول وحده ولم يقم الحكم الدليل على اتصال الطاعن بالجوال المضبوط به المخدر أو أن له سلطاناً عليه، كما دفع الطاعن ببطلان إذن التفتيش لصدوره عن جريمة احتمالية ورد الحكم على هذا الدفع بما لا يسوغ - هذا إلى أن الحكم في تحصيله للواقعة ولأقوال المقدم...... أثبت أن تحريات الأخير دلت على أن الطاعن يتجر في المواد المخدرة ثم انتهى إلى أن الأوراق خلت من دليل يقيني على توافر قصد الاتجار لدى الطاعنين - كما أن الطاعن لم يكن يعلم بوجود مخدر بالجوال المضبوط وقد استدل الحكم على علمه بذلك بأدلة غير سائغة وأغفل دلالة أنه لم يضبط مع الطاعن سوى مبلغ 5.550 ج وهو مبلغ ضئيل يفيد عدم علمه بأن ما ينقله مخدر - هذا ولم تستجب المحكمة لضم دفتر مرور نقطة جديلة لتحقيق دفاع الطاعن من أن الضبط والتفتيش تم قبل صدور إذن النيابة وردت على هذا الطلب بما لا يسوغ - فضلاً عن أن الحكم قضى بمصادرة السيارة المضبوطة رغم أن الطاعن قرر أنها ملك لوالدة زوجته وهي من الغير حسني النية وقد ضبط مع الطاعن رخصة تسير السيارة وهي باسمها مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة نقل مخدر حشيش بغير قصد الاتجار التي دان بها الطاعن الثاني وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستقاة مما قرره ذلك الطاعن في التحقيقات ومن أقوال الشهود ومن تقرير المعامل الكيماوية. لما كان ذلك وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها - متى كان ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية - وكان الحكم المطعون فيه قد أشار إلى تحريات الشرطة التي صدر بناء عليها إذن النيابة بالتفتيش في معرض تحصيله لأقوال الضابط..... وكيف علم أن الطاعن الأول وهو مسجل خطر بقسم مكافحة المخدرات بكفر الشيخ يتجر في المواد المخدرة ويقوم بنقلها من بلدة لأخرى مستقلاً في ذلك سيارات مختلفة منها السيارة رقم..... ولقد ضبط الطاعن الثاني يقود هذه السيارة الأخيرة وبها المخدر، فإن في هذا القدر ما يكفي لتفهم الواقعة على وجهها الصحيح - إذ حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على وقوع الجريمة من المتهم بأركانها القانونية ومن ثم كان هذا النعي غير سديد. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً للمادة المضبوطة بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصاً غيره ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن بل يكفي أن يكون فيها أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه. لما كان ذلك وكان الثابت مما أورده الحكم المطعون فيه أنه استند في إدانة الطاعن إلى شهادة الشهود وإقرار الطاعن بنقله للمادة المخدرة وقد أثبت الحكم في حقه على وجه سائغ علمه بأن ما يحمله مادة مخدرة ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن بدعوى القصور في التسبيب يكون في غير محله - لما كان ذلك وكانت التحريات وإذن التفتيش عن الطاعن الأول فلا صفة للطاعن الثاني في الدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره عن جريمة لم تكن قد وقعت بعد - لما هو مقرر من أنه لا صفة لغير من وقع في حقه الإجراء أن يدفع ببطلانه ولو كان يستفيد منه لأن تحقق المصلحة في الدفاع لاحق لوجود الصفة فيه - هذا فضلاً عن أن المحكمة ردت على هذا الدفع المبدى من الطاعن الأول رداً سليماً سائغاً - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يورد في بيانه لواقعة الدعوى أن الطاعن يتجر بالمادة المخدرة وإن أورد على لسان الضباط شهود الإثبات أن الطاعنين يتجران بالمادة المخدرة إلا أن البين من أسبابه أنه حصل مؤدى أدلة الثبوت في الواقعة كما هي قائمة في الأوراق وإذ أورد بعد ذلك ما قصد إليه في اقتناعه من عدم توافر قصد الاتجار أو التعاطي في حق الطاعنين - فإن ذلك يكون استخلاصاً موضوعياً للقصد من الإحراز ينأى عن قالة التناقض في التسبيب، ذلك أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة وهو ما لم يتردى الحكم فيه ومن ثم كان هذا النعي غير سديد. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عرض إلى إثبات علم الطاعن بكنه المخدر الذي ينقله في قوله "إن قبوله إخفاء الجوال خلف مسند مقعد السيارة في مكان يختفي فيه عن الناظر إلى داخل كابينته فضلاً عن عدم انصياعه إلى رجال القوة من أفراد الكمين الثاني بالتوقف ومواصلته الفرار حوالي كيلو متر ونصف حتى انغلق عليه الطريق بمعرفة الكمين الثالث برغم مطاردة سيارتي الشرطة في الكمينين الأول والثاني له فإن ذلك لا يدع مجالاً للشك في علمه بكنه المادة المخدرة التي كان يحتويها الجوال والقول من الدفاع أنه كان يتفادى ضبطه يقود السيارة بدون رخصة قيادة هو دفاع حقيقي لم يبده هو بأقواله وإنما رتبه له المتهم الأول بينما ذكر هو صراحة أنه واصل الفرار تنفيذاً لأمر المتهم بعدم التوقف. لما كان ذلك وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر أو حيازته أو نقله يتوافر متى قام الدليل على علم الجاني بأن ما يحرزه أو يحوزه أو ينقله من الجواهر المخدرة ولا حرج على القاضي في استظهار هذا العلم من ظروف الدعوى وملابساتها على أي نحو يراه ما دام أنه يتضح من مدونات الحكم توافره فعلياً - ولما كان ما ساقه الحكم المطعون فيه من وقائع الدعوى وملابساتها وبرر به اقتناعه بعلم الطاعن بوجود المخدر بالسيارة التي كان يقودها كافياً في الدلالة على توافر هذا العلم وسائغاً في العقل والمنطق فإن ما يثيره الطاعن في شأن عدم علمه بمحتويات الجوال الذي كان يحمله بسيارته من المخدر يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع الخاص بصدور إذن النيابة العامة بعد الضبط والتفتيش في قوله "وحيث إن التحدي بأن الإذن قد صدر بعد ضبط ينفيه وينقضه ما قرره المتهمان وما ذكره نجل المهتم الأول من أن الضبط وقع بعد تحرير الإذن الثابت إصداره في الساعة الحادية عشرة وعشرين دقيقة صبح يوم 14 - 9 - 1981 وذلك على النحو الموضح بأقوالهم بمدونات هذا الحكم..... ولا ترى جدوى لضم دفتر مرور نقطة جديلة إزاء ما قطع به المتهمان من أن الضبط حدث بعد صدور الإذن. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها وكان ما رد به الحكم على الدفع سالف الذكر سائغاً في إطراحه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله.
لما كان ذلك وكان الطاعن لا مصلحة له في نعيه على الحكم المطعون فيه في شأن مصادرته للسيارة التي كان بها المخدر إذ قرر أنها ملك لوالدة زوجته وأنه كان قائداً لها فقط فإن هذه الأخيرة وحدها هي صاحبة المصلحة في ذلك وعليها أن تتبع ما رسمه القانون في هذا الشأن لاستردادها إن كانت حسنة النية وكان لها حق في استلامها - لما هو مقرر من أنه يتعين أن تعود على الطاعن مصلحة حقيقية من طعنه ولا يجوز للطاعن أن يطعن على الحكم لمصلحة القانون وحده.
لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.