أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 809

جلسة 9 من أكتوبر سنة 1983

برئاسة السيد المستشار/ أمين أمين عليوه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: جمال الدين منصور، صفوت مؤمن، دكتور/ كمال أنور وصلاح خاطر.

(159)
الطعن رقم 1337 لسنة 53 القضائية

(1) فاعل أصلي. اشتراك. مسئولية جنائية. اتفاق. ضرب أفضى إلى موت نقض "المصلحة في الطعن". "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" عقوبة "العقوبة المبررة".
مناط اعتبار الجاني فاعلاً أصلياً في جريمة الضرب المفضي إلى الموت أن يكون قد اتفق مع غيره على ضرب المجني عليه وباشره معه. ولو لم يكن هو محدث الضربة التي سببت الوفاة. مثال.
انتفاء الجدوى من النعي على الحكم مساءلة الطاعن بصفته فاعلاً أصلياً مع غيره ما دامت عقوبة الشريك هي بذاتها المقررة للفاعل الأصلي.
(2) إثبات "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب. غير معيب".
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال الشاهد. مفاده إطراح جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
(3) إثبات "شهادة". محكمة الموضوع. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
إحالة الحكم في بيان شهادة شاهد إلى أقوال غيره. رغم اختلاف محل شهادتيهما. يعيب الحكم. مثال.
1 - من المقرر أن الجاني لا يسأل بصفته فاعلاً في جريمة الضرب المفضي إلى الموت إلا إذا كان هو الذي أحدث الضربة أو الضربات التي أفضت إلى الوفاة أو ساهمت في ذلك، أو أن يكون هو قد اتفق مع غيره على ضرب المجني عليه ثم باشر معه الضرب تنفيذاً للغرض الإجرامي الذي اتفق معه عليه ولو لم يكن هو محدث الضرب أو الضربات التي سببت الوفاة بل كان غيره ممن اتفق معهم هو الذي أحدثها، ولما كان يبين من مراجعة الحكم المطعون فيه أنه نفى عن الطاعنين اتفاقهما على التعدي في قوله "وحيث إنه لما كان الثابت أن المتهم الأول هو الذي أحدث إصابة الرأس التي أدت إلى الوفاة وأن المتهم الثاني هو الذي أحدث إصابة الكتف الأيسر بالخرطوم وأن التعدي على المجني عليه لم يكن وليد اتفاق سابق بين المتهمين بل وليد ساعة وقوعه نتيجة اعتداء المجني عليه على الجيران بالشتم ورغبة المتهمين في فض المشاحنة. ومن ثم لا يسأل كل منهما إلا عن فعله فقط".
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق فإن ما تنعاه النيابة الطاعنة في هذا الشأن يكون غير سديد.
3 - متى كان يبين من الاطلاع على المفردات أن...... شهد في تحقيقات النيابة بأنه لم يشاهد الطاعن الأول وهو يعتدي على المجني عليه بالعصا التي كانت في يده وإنما شاهد المجني عليه والدماء تنزف من رأسه فقط. لما كان ذلك وكانت المحكمة قد اتخذت من أقوال ذلك الشاهد دليلاً على مقارفة الطاعن الأول لجريمة الضرب المفضي إلى الموت دون أن تورد فحوى شهادته وأحالت في بيانها إلى مضمون ما شهد به كل من...... و...... مع قيام الاختلاف بين وقائع كل شهادة فإن الحكم المطعون فيه يكون منطوياً على الخطأ في الإسناد مما يبطله ويوجب نقضه والإحالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما ضربا....... عمداً بأن اتفقا على الاعتداء عليه واتحدت إرادتهما على ذلك لحظة تنفيذ الجريمة فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصدا من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضى إلى موته. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت حضورياً لكل منهما عملاً بالمادتين 236 - 1، 242 - 1، 3 من قانون العقوبات مع تطبيق المواد 17، 55 - 1، 56 - 1 من ذات القانون أولاً: - بمعاقبة المتهم الأول بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما هو منسوب إليه. ثانياً: - بمعاقبة المتهم الثاني بالحبس مع الشغل لمدة ثلاثة أشهر عما هو منسوب إليه. ثالثاً: - أمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة بالنسبة للمتهمين لمدة ثلاث سنوات بعد أن عدلت الوصف باعتبار أن المتهم الأول ضرب...... بعصا على رأسه فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يكن يقصد من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضى إلى موته. والمتهم الثاني ضرب المجني عليه سالف الذكر بخرطوم على كتفه الأيسر فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً.
فطعن المحكوم عليهما والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

أولاً: الطعن المقدم من النيابة العامة:
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان المطعون ضده الأول بجريمة الضرب المفضي إلى الموت والمطعون ضده الثاني بجريمة الضرب البسيط وأمر بوقف تنفيذ العقوبة بالنسبة لهما قد شابه قصور في التسبيب وانطوى على خطأ في تطبيق القانون ذلك بأن الحكم قد قضى بوقف التنفيذ بدون أسباب حقيقية تسوغ ذلك كما أنه أغفل وجود اتفاق بين المحكوم عليهما على التعدي على المجني عليه مما كان لازمه اعتباره المطعون ضدهما فاعلين أصليين في جريمة الضرب المفضي إلى الموت.
وحيث إنه لما كان يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه أمر بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس المحكوم بها على المطعون ضدهما استناداً لظروف الواقعة وملابساتها فإنه لا محل للنعي عليه بأنه قضى بوقف التنفيذ ودون أسباب حقيقية تسوغه. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الجاني لا يسأل بصفته فاعلاً في جريمة الضرب المفضي إلى الموت إلا إذا كان هو الذي أحدث الضربة أو الضربات التي أفضت إلى الوفاة أو ساهمت في ذلك، أو أن يكون هو قد اتفق مع غيره على ضرب المجني عليه ثم باشر معه الضرب تنفيذاً للغرض الإجرامي الذي اتفق معه عليه ولو لم يكن هو محدث الضرب أو الضربات التي سببت الوفاة بل كان غيره ممن اتفق معهم هو الذي أحدثها، ولما كان يبين من مراجعة الحكم المطعون فيه أنه نفى عن الطاعنين اتفاقهما على التعدي في قوله "وحيث إنه لما كان الثابت أن المتهم الأول هو الذي أحدث إصابة الرأس التي أدت إلى الوفاة وأن المتهم الثاني هو الذي أحدث إصابة الكتف الأيسر بالخرطوم وأن التعدي على المجني عليه لم يكن وليد اتفاق سابق بين المتهمين بل وليد ساعة وقوعه نتيجة اعتداء المجني عليه على الجيران بالشتم ورغبة المتهمين في فض المشاحنة. ومن ثم لا يسأل كل منهما إلا عن فعله فقط"، ولما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق فإن ما تنعاه النيابة الطاعنة في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ما تقدم فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ثانياً: عن الطعن المقدم من المحكوم عليهما:
حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان كلاً من الطاعن الأول بجريمة الضرب المفضي إلى الموت والطاعن الثاني بجريمة الضرب البسيط قد انطوى على خطأ في الإسناد ذلك بأنه أحال في بيان شهادة الشاهد..... إلى مضمون ما شهد به الشاهد أن...... و...... في حين أن الشاهد..... لم يشهد برؤيته للطاعن الأول وهو يعتدي على المجني عليه بعصا.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على المفردات أن..... شهد في تحقيقات النيابة بأنه لم يشاهد الطاعن الأول وهو يعتدي على المجني عليه بالعصا التي كانت في يده وإنما شاهد المجني عليه والدماء تنزف من رأسه فقط. لما كان ذلك وكانت المحكمة قد اتخذت من أقوال ذلك الشاهد دليلاً على مقارفة الطاعن الأول لجريمة الضرب المفضي إلى الموت دون أن تورد فحوى شهادته وأحالت في بيانها إلى مضمون ما شهد به كل من...... و...... مع قيام الاختلاف بين وقائع كل شهادة فإن الحكم المطعون فيه يكون منطوياً على الخطأ في الإسناد مما يبطله ويوجب نقضه والإحالة دون ما حاجة لبحث باقي أوجه الطعن المقدمة من المحكوم عليهما.