مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية
وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الخامس (عن المدة من 6 نوفمبر سنة 1939 لغاية 26 أكتوبر سنة 1942) - صـ 81

جلسة 29 يناير سنة 1940

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك ونجيب مرقس بك المستشارين.

(54)
القضية رقم 387 سنة 10 القضائية

تسوّل. صحة البنية. المراد منها. القدرة على القوت. شخص غير صحيح البنية. له ما يقتات منه تسوّله. جواز عقابه.

(المادتان الأولى والثانية من القانون رقم 49 لسنة 1933 بتحريم التسوّل)

إن الشارع لم يقصد من قوله "كل شخص صحيح البنية" في المادة الأولى من القانون رقم 49 لسنة 1933 الخاص بالتسوّل إلا من يكون عنده ما يقتات منه ولو كان غير صحيح البنية. فكل متسوّل عنده قوته يحق عليه العقاب بمقتضى هذه المادة متى توافرت الشروط الأخرى التي نصت عليها.


المحكمة

ومن حيث إن محصل الطعن أن الطاعنة تتقاضى معاشاً شهرياً من وزارة المالية قدره 150 قرشاً، وأنها أيدت ذلك بالسركي الذي قدّمته للمحكمة وهي تابعة لأسرة المرحوم الأمير عبد الرحمن يوسف من الدارفوريين، وبالرغم من كل ذلك أدانتها المحكمة في جريمة التسوّل المنسوبة إليها، وأمرت بإدخالها الملجأ، وأثبتت في حكمها أنها لا تقدر على كسب قوتها، ولم تردّ على هذا الدفاع.
ومن حيث إن الواقعة الثابتة في الحكم أن المتهمة (الطاعنة) اعترفت بأنها تتسوّل لتأكل، وأن المحكمة لاحظت أنها نحيفة البنية ولا تقدر على كسب قوتها، وقضت بحبسها خمسة عشر يوماً وإدخالها الملجأ بعد تنفيذ العقوبة البدنية طبقاً للمواد 2 و8 و9 من القانون رقم 49 لسنة 1933.
ومن حيث إن المادة الثانية من القانون رقم 49 لسنة 1933 التي طبقتها المحكمة تشترط لعقاب الشخص الغير الصحيح البنية الذي يتسوّل أن يكون هذا التسوّل في مدينة أو قرية نظم لها ملاجئ وكان التحاقه بها ممكناً. وتشترط المادة الثانية من لائحة 31 أكتوبر سنة 1933 التي وضعت تنفيذاً للمادة 10 من القانون المذكور بشأن النظام الداخلي لملاجئ المعوزين من غير أصحاء البنية - تشترط هذه المادة للالتحاق بهذه الملاجئ أن يكون الشخص الذي يلحق بها فقيراً لا مال له ولا عائل. ويخلص من ذلك أنه يشترط للحكم بإدخال المتسوّل الملجأ طبقاً للمادة الثانية من القانون السالف الذكر أن يكون فقيراً لا مال له ولا عائل، كما يؤخذ منه أن هذا القانون لا بد أن يكون قد قصد بعبارة "غير صحيح البنية" كل شخص لا يقدر على كسب قوته بسبب ضعف بنيته. فإذا كان غير صحيح البنية ولكنه يقدر على كسب قوته فلا يشمله هذا النص، بل يدخل في حكم المادة الأولى من القانون التي تعاقب كل شخص صحيح البنية وجد متسوّلاً، أي كل شخص يقدر على كسب قوته وجد متسوّلاً.
ومن حيث إن للطاعنة معاشاً شهرياً من وزارة المالية، وهي معترفة في دفاعها بأنها تقدر على كسب قوتها، وقد وجدت تتسوّل في الطريق العام، فلا يمكن مؤاخذتها طبقاً للمادة الثانية التي طبقتها المحكمة، لأن ما وقع منها ينطبق على المادة الأولى من القانون المذكور.
ومن حيث إنه لما تقدّم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بإدخال الطاعنة الملجأ قد أخطأ في تطبيق القانون. ولذا يجب إلغاؤه بالنسبة لذلك مع تطبيق المادة الأولى على الواقعة الثابتة في الحكم.