أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 829

جلسة 13 من أكتوبر سنة 1983

برئاسة السيد المستشار/ الدكتور إبراهيم علي صالح نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد يونس ثابت، محمد نجيب صالح، عوض جادو ومصطفى طاهر.

(164)
الطعن رقم 1364 لسنة 53 القضائية

(1) حكم "بياناته. بيانات الديباجة".
- مجرد الخطأ في تحديد تاريخ الحكم. لا يعيبه.
(2) نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون" "نظر الطعن والحكم فيه".
حق محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم. من تلقاء نفسها. إذا بني على مخالفة للقانون أو على خطأ في تطبيقه أو في تفسيره.
(3) تعد. جريمة "أركانها". قصد جنائي.
جنح التعدي على الموظفين. ركنها الأدبي: توافره بمجرد قيام القصد الجنائي العام. الجناية المنصوص عليها في المادة 137 مكرراً أ عقوبات ركنها الأدبي. ضرورة أن يتوافر لدى الجاني بالإضافة إلى القصد الجنائي العام نية خاصة تتمثل في انتوائه الحصول من الموظف المعتدى عليه على نتيجة معينة هي أن يؤدي عملاً لا يحل له أن يؤديه أو يستجيب لرغبة المعتدي فيمتنع عن أداء عمل كلف بأدائه.
(4) جريمة "أركانها". قصد جنائي.
فاقد الشعور والاختيار نتيجة تناوله مسكراً. طواعية أو كرهاً. لا تتوافر لديه نية ارتكاب جريمة ذات قصد خاص. حد ذلك؟
1 - ولئن كانت ورقة الحكم المطعون فيه قد ورد بها أنه صدر بتاريخ 13 من مارس سنة 1980 وكان الثابت من محضر جلسة 13 من إبريل سنة 1980 أن محاكمة الطاعنين جرت بتلك الجلسة وبها صدر الحكم المطعون فيه فإن ما ورد بورقة الحكم لا يعدو كونه مجرد خطأ مادي، لما كان ذلك وكان من المقرر أنه لا عبرة بالخطأ الواضح الذي يرد في تاريخ الحكم والذي لا تأثير له على حقيقة ما حكمت به المحكمة ومن ثم يكون الطاعنان قد قررا بالطعن بالنقض وأودعا أسباب طعنهما في الميعاد المنصوص عليه في المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
2 - من المقرر أن لمحكمة النقض - طبقاً لنص المادة 35 من القانون رقم 7 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - أن تنقض الحكم من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم إذا تبين مما هو ثابت فيه أنه مبني على مخالفة للقانون أو على خطأ في تطبيقه أو في تأويله.
3 - من المقرر أن جنح التعدي على الموظفين المنصوص عليها في المواد 133، 136، 137 مكرراً من قانون العقوبات والجناية المنصوص عليها في المادة 137/ 1، 2 مكرراً من هذا القانون يجمعها ركن مادي واحد ويفصل بينهما الركن الأدبي، فبينما يكفي لتوافر الركن الأدبي في الجرائم التي من النوع الأول قيام القصد الجنائي العام وهو إدراك الجاني لما يفعل وعلمه بشروط الجريمة دون اعتداد بالباعث فإنه لا يتحقق في المادة 137 - 1، 2 مكرراً إلا إذا توافرت لدى الجاني نية خاصة بالإضافة إلى القصد الجنائي العام تتمثل في انتوائه الحصول من الموظف المعتدى عليه على نتيجة معينة هي أن يؤدي عملاً لا يحل له أن يؤديه أو أن يستجيب لرغبة المعتدي فيمتنع عن أداء عمل كلف بأدائه.
4 - من المستقر عليه أن السكران متى كان فاقد الشعور أو الاختيار في عمله لا يصح أن يقال عنه أنه كانت لديه نية في ارتكاب جريمة ذات قصد خاص وذلك سواء أكان قد أخذ المسكر بعلمه ورضاه أم أخذه قهراً عنه أو على غير علم منه ما دام المسكر قد أفقده شعوره واختياره فمثل هذا الشخص لا تصح معاقبته عن تلك الجريمة إلا أن يكون قد انتوى ارتكابها من قبل ثم أخذ المسكر ليكون مشجعاً له على ارتكاب جريمته، ولا يرد على ذلك بأنه يؤخذ من المادة 62 من قانون العقوبات أن السكران لا يعفى من العقاب إلا إذا كان قد أخذ المسكر بغير إرادته، ما دام القانون يوجب في الجريمة التي تتطلب قصداً خاصاً أن يكون الجاني قد انتوى ارتكابها وما دامت هذه النية باعتبارها ركناً من أركان الجريمة لا يصح القول بها إلا إذا تحققت بالفعل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أولاً: استعملا القوة والعنف مع موظفين عموميين هم النقيب...... وأميني الشرطة.... و.... وهم من مأموري الضبطية القضائية بقسم المطرية لحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم وهو ضبطهما متلبسين بارتكاب الجريمة موضوع التهمة الثانية ولم يبلغا بذلك قصدهما وقد تمت الجريمة حال كونهما يحملان أسلحة (مطواة وكوريك).
ثانياً: تعديا على الجنديين (.... و....) المكلفين بخدمة عامة هي ملاحظة حالة الأمن العام بدائرة قسم المطرية حال تأدية خدمتهما وقاوماهما بالقوة والعنف بأن أشهر الأول مطواة وحمل الثاني كوريكاً وعدوا خلفهما بقصد التعدي والإيذاء. ثالثاً: وهما ضمن عصبة مكونة من خمسة أشخاص توافقوا على التعدي والإيذاء فضرب أحدهم..... بمطواة فأحدث به الجرح المبين بالتقرير الطبي والذي أعجزه عن أعماله الشخصية مدة لا تزيد عن عشرين يوماً. المتهم الأول: أتلف عمداً زجاج سيارة الشرطة رقم 1785 وهي من الأملاك المعدة للنفع العام بأن ضرب رأسه الزجاج فهشمه حال اقتياده للقسم بداخلها عقب ضبطه وقد بلغت قيمة التلفيات أكثر من عشرة جنيهات وأحالتهما إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 136، 137 - 1، 2 مكرراً أ، 162، 234، 361 - 1، 2 من قانون العقوبات مع تطبيق المادتين 32، 30 من ذات القانون بمعاقبة المتهم الأول بالسجن لمدة عشر سنوات ومعاقبة المتهم الثاني بالسجن لمدة خمس سنوات ومصادرة الأدوات والأسلحة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إنه ولئن كانت ورقة الحكم المطعون فيه قد ورد بها أنه صدر بتاريخ 13 من مارس سنة 1980 وكان الثابت من محضر جلسة 13 من إبريل سنة 1980 أن محاكمة الطاعنين جرت بتلك الجلسة وبها صدر الحكم المطعون فيه فإن ما ورد بورقة الحكم لا يعدو كونه مجرد خطأ مادي، لما كان ذلك وكان من المقرر أنه لا عبرة بالخطأ المادي الواضح الذي يرد في تاريخ الحكم والذي لا تأثير له على حقيقة ما حكمت به المحكمة ومن ثم يكون الطاعنان قد قررا بالطعن بالنقض. وأودعا أسباب طعنهما في الميعاد المنصوص عليه في المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ويكون الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن الحكم المطعون فيه دان الطاعنين بجناية استعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين لحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم المعاقب عليها بالمادة 137/ 1، 2 مكرراً أ من قانون العقوبات ولما كان من المقرر أن لمحكمة النقض - طبقاً لنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - أن تنقض الحكم من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم إذ تبين مما هو ثابت فيه أنه مبني على مخالفة للقانون أو على خطأ في تطبيقه أو في تأويله - وكان من المقرر أن جنح التعدي على الموظفين المنصوص عليها في المواد 133، 136، 137 مكرراً من قانون العقوبات والجناية المنصوص عليها في المادة 137/ 1، 2 مكرراً أ من هذا القانون يجمعها ركن مادي واحد ويفصل بينهما الركن الأدبي، فبينما يكفي لتوافر الركن الأدبي في الجرائم التي من النوع الأول قيام القصد الجنائي العام وهو إدراك الجاني لما يفعل وعلمه بشروط الجريمة دون اعتداد بالباعث فإنه لا يتحقق في المادة 137/ 1، 2 مكرراً إلا إذا توافرت لدى الجاني نية خاصة بالإضافة إلى القصد الجنائي العام تتمثل في انتوائه الحصول من الموظف المعتدى عليه على نتيجة معينة هي أن يؤدي عملاً لا يحل له أن يؤديه أو أن يستجيب لرغبة المعتدي فيمتنع عن أداء عمل كلف بأدائه، وكان من المستقر عليه أيضاً أن السكران متى كان فاقد الشعور أو الاختيار في عمله لا يصح أن يقال عنه أنه كانت لديه نية في ارتكاب جريمة ذات قصد خاص وذلك سواء أكان قد أخذ المسكر بعلمه ورضاه أم أخذه قهراً عنه أو على غير علم منه ما دام المسكر قد أفقده شعوره واختياره فمثل هذا الشخص لا تصح معاقبته عن تلك الجريمة إلا أن يكون قد انتوى ارتكابها من قبل ثم أخذ المسكر ليكون مشجعاً له على ارتكاب جريمته، ولا يرد على ذلك بأنه يؤخذ من المادة 62 من قانون العقوبات أن السكران لا يعفى من العقاب إلا إذا كان قد أخذ المسكر بغير إرادته، ما دام القانون يوجب في الجريمة التي تتطلب قصداً خاصاً أن يكون الجاني قد انتوى ارتكابها وما دامت هذه النية باعتبارها ركناً من أركان الجريمة لا يصح القول بها إلا إذا تحققت بالفعل. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعنين بأنهما كانا في حالة سكر بين بقوله: "هذا إلى جانب القول بكون المتهمين كانا في حالة سكر مما يجعلهما لا يعيبا ما كانا يفعلان وقت ارتكاب ما نسب إليهما من أفعال ويعفيهما من العقاب فهذا القول ليس بمعفيهما من العقاب ولا يخفف له كما يدعي المتهمان بل هو ظرف يدعو إلى تشديد العقاب عليهما لأن هذا السكر كان بفعلهما واختيارهما وليس كرهاً عنهما ومن ثم فهما يتحملان كافة النتائج التي ترتبت على ما أتياه من أفعال باختيارهما". ولما كان ما ساقه الحكم فيما تقدم لا يتفق وصحيح القانون إذ أقام قضاءه على مطلق القول بتوافر القصد الجنائي لدى الطاعنين حتى ولو كانا في حالة سكر بين وقت ارتكاب جريمتهما. في حين لو صح ما قاله به الطاعنان من أنهما كانا في حالة سكر أفقدهما الشعور والاختيار وقت ارتكاب جريمتهما لانتفى القصد الجنائي الخاص لديهما ولما حق عقابهما إلا إذا أثبت أنه كانت لديهما النية على ارتكاب الجريمة من قبل ثم أخذا المسكر ليكون مشجعاً لهما على اقترافها وذلك على النحو المقدم بيانه. لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه. وإذا كان هذا الخطأ قد حجب محكمة الموضوع عن تحقيق واقعة السكر التي قال بها الطاعنان وأثرها في توافر القصد الجنائي لديهما أو انتفائه فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.