أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 23 - صـ 286

جلسة أول مارس سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: جوده أحمد غيث، وحامد وصفي، ومحمد عادل مرزوق، وإبراهيم السعيد ذكري.

(45)
الطعن رقم 14 لسنة 38 القضائية "أحوال شخصية"

( أ ) وقف. "الرجوع في الوقف".
عدم أحقية الواقف في الرجوع عما وقفه قبل العمل بقانون الوقف 48 لسنة 1946، وجعل الاستحقاق للغير. شرطه. أن يحرم الواقف نفسه وذريته من هذا الاستحقاق وكذا من الشروط العشرة.
(ب) وقف. "الاستحقاق الواجب". دعوى. "رفع الدعوى".
الاستحقاق الواجب في الوقف يكون لورثة الواقف الموجودين عند وفاته المشار إليهم بالمادة 24 ق 48 لسنة 1946. المحروم بغير حق من ذرية الورثة. تمكنه من رفع دعواه. وقته. كيفية احتساب مدة السنتين المحددة لرفع الدعوى.
(ج) نقض. "السبب الواقعي". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". خبرة.
اقتناع المحكمة بكفاية الأبحاث وسلامة الأسس التي بنى عليها الخبير تقريره. الجدل في ذلك أمام محكمة النقض. موضوعي. غير جائز.
1 - يشترط فيما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 11 من القانون 48 لسنة 1946 - بشأن الوقف - حتى لا يكون للواقف حق الرجوع فيما وقفه قبل العمل بهذا القانون وجعل استحقاقه لغيره، أن يحرم الواقف نفسه وذريته أيضاً من هذا الاستحقاق، وأن يحرم نفسه وذريته أيضاً من الشروط العشرة بالنسبة لهذا الاستحقاق بحيث إذا تخلف أحد هذه الأمور، كان للواقف الرجوع في وقفه، وإذا كان الثابت من كتاب الوقف على نحو ما أثبته الحكم المطعون فيه عدم اجتماع الأمور سالفة الذكر، لأن الواقف لم يحرم نفسه ولا ذريته من الاستحقاق، بل أنشأ الوقف على نفسه ثم من بعده على بعض أولاد ابنه، وهو ما يجيز له الرجوع في هذا الوقف، وإذ قضى الحكم للمطعون عليهم الثلاثة الأول - أولاد ابنه - الآخرين بالاستحقاق الواجب لهم في الوقف تطبيقاً لأحكام المواد 23 و24 و25 و27 و30 من القانون المذكور، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.
2 - مؤدى نص المادتين 24/ 1 و30 من القانون رقم 48 لسنة 1946 - بشأن الوقف - أن الاستحقاق الواجب في الوقف يكون لورثة الواقف الموجودين عند وفاته، من والديه وزوجته أو أزواجه وذريته، ثم لذرية هؤلاء الورثة بشرط أن يبقى الاستحقاق واجباً لأصل كل ذرية إلى موته، ولا يثبت استحقاق ذرية كل وارث لما هو مستحق له إلا من بعده أي بعد وفاته. ولهذا فالمحروم بغير حق من ذرية الورثة لا يكون متمكناً من الدعوى إلا في الوقت الذي يثبت له فيه الاستحقاق، وهو وقت وفاة أصله المستحق إن كان هذا المحروم موجوداً إذ ذاك أو وقت وجوده بعد موته إن لم يكن موجوداً حين موت أصله، أو الوقت الذي يسقط فيه حق أصله إن كان محروماً بغير حق لرضاه الصريح أو الضمني، وإذ جرى الحكم المطعون فيه في قضائه على أن مدة السنتين المحددة لرفع الدعوى بالنسبة للمطعون عليها الثالثة - المحرومة من الاستحقاق - لا تحتسب من وقت وفاة الواقف، بل من وقت تمكنها من الدعوى، وهو الوقت الذي ثبت لها فيه الاستحقاق بوفاة والدها، فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح.
3 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد اعتمد التقرير الذي انتهى إليه الخبير - بشأن قيمة أعيان التركة - بعد أن اقتنعت المحكمة بكفاية الأبحاث التي أجراها وبسلامة الأسس التي بنى عليها رأيه، وقرر الحكم إنه لا يعول على تقدير مصلحة الضرائب - لهذه الأعيان - لأنه جزافي، فإن ما يثيره الطاعن بسبب النعي يكون جدلاً موضوعياً في كفاية الدليل الذي اقتنعت به محكمة الموضوع، مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السيدة عزيزة مصطفى أبو حباجة بصفتها وصية على ولديها القاصرين ممدوح وخيري كامل الرزاز - المطعون عليهما الأول والثاني - أقامت الدعوى رقم 10 سنة 1952 تصرفات المنصورة الشرعية ضد الطاعن والمطعون عليهما الرابع والخامس طالبة الحكم باستحقاقها حصة قدرها 1201/ 5400 من وقف المرحوم السيد علي حسن الرزاز مع تسليمها ربع تلك الحصة عن سنة 1951 وقدرها 800 ج مناصفة بين الولدين، كما أقامت ضدهم بصفتها وصية على ابنتها القاصر سعدية - المطعون عليها الثالثة - الدعوى رقم 16 سنة 1952 تصرفات المنصورة الشرعية تطلب الحكم باستحقاقها حصة قدرها 1201/ 46500 من الوقف المذكور مع تسليمها حقها في ريع تلك الحصة وقدره 90 ج من تاريخ وفاة الواقف، وقالت شرحاً للدعويين إنه بتاريخ 20/ 8/ 1940 وقف المرحوم السيد علي حسن الرزاز أطياناً مساحتها 86 ف و6 ط و22 س مبينة بكتاب الوقف على نفسه مدة حياته، ثم من بعده تكون وقفاً على سعد ومحمد وعلي أولاد ابنه كامل السيد الرزاز - الطاعن والمطعون عليهما الرابع والخامس - مدة حياتهم للأول حصة قدرها 32 ف و6 ط و22 س، وللثاني حصة قدرها 28 ف وللثالث حصة قدرها 26 ف شيوعاً في الأطيان سالفة الذكر، ثم من بعد وفاة كل منهم يكون نصيبه لأولاده الذكور دون الإناث بالتساوي بينهم، ثم لأولاد أولاده الذكور فقط، ثم لأولاد أولاد أولاده على النص والترتيب المشروحين، فإذا انقرضت ذريتهم يكون ذلك وقفاً على جهات برعينها، وجعل النظر على الوقف من تاريخ إنشائه لولده كامل السيد الرزاز مدة حياته، ثم من بعده يكون كل مستحق ناظراً على حصته، ولم يشترط الواقف لنفسه أو لغيره الشروط العشرة، وبتاريخ 18/ 2/ 1950 توفي الواقف وانحصر ميراثه شرعاً في أولاده كامل وحافظة وفاطمة وبسيمة، ثم بتاريخ 26/ 4/ 1950 توفي كامل السيد الرزاز وانحصر ميراثه شرعاً في زوجته السيدة عزيزة مصطفى أبو حباجة وفي أولاده منها سعدية وممدوح وخيري - المطعون عليهم الثلاثة الأول - بوصاية والدتهم وفي أولاده من زوجته المتوفاة نجية مصطفى أبو حباجة وهم سعد ومحمد وعلي الموقوف عليهم وعزيزة وعلية وضحا ورضا، وإذ توجب المادة 24 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 أن يكون للوارثين من ذرية الواقف وزوجه أو أزواجه ووالديه الموجودين وقت وفاته استحقاق في الوقف فيما زاد على ثلث ماله وفقاً لأحكام الميراث، وأن ينتقل استحقاق كل منهم إلى ذريته من بعده فقد أقامت الدعويين للحكم لها بطلباتها. قررت المحكمة ضم الدعويين للارتباط، وبتاريخ 12/ 4/ 1955 حكمت المحكمة بندب مكتب خبراء المنصورة لتقدير أعيان تركة المرحوم السيد حسن الرزاز وقفاً وملكاً وقت وفاته، وبيان ما إذا كان الوقف يخرج من ثلث التركة يوم وفاته أو يزيد، مع بيان مقدار هذه الزيادة ومقدار ما يستحقه المطعون عليهم الثلاثة الأول فيها منسوباً إلى جميع الوقف بالنقود والأسهم، وأثناء سير الدعوى بلغ القاصران ممدوح وسعدية سن الرشد. وبتاريخ 3/ 11/ 1955 حكمت محكمة المنصورة الابتدائية للأحوال الشخصية بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة دمياط الابتدائية للأحوال الشخصية حيث قيدت بجدولها برقم 1 سنة 1960. دفع الطاعن بسقوط حق المطعون عليها الثالثة في دعواها طبقاً للمادة 30 من القانون رقم 48 لسنة 1946 لأنها رفعت بعد أكثر من سنتين شمسيتين من تاريخ موت الواقف، وبعد أن قدم مكتب الخبراء تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 30/ 4/ 1967 برفض الدفع وباستحقاق المطعون عليهم الثلاثة الأول لحصة قدرها 14/ 5 قيراط من 24 قيراطاً من التركة أي 2 ط 1/ 5 و19 س من 24 ط ومبلغ 2141 ج و340 م وندبت مكتب الخبراء بدمياط لمعاينة أعيان الوقف المحكوم بها للمطعون عليهم الثلاثة الأول وتقدير ريعها مع بيان المسئول عنه. استأنف الطاعن والمطعون عليه الخامس هذا الحكم بالاستئناف رقم 8 سنة 1967 المنصورة للأحوال الشخصية طالبين إلغاءه والحكم برفض الدعوى، وأثناء سير الاستئناف بلغ خيري سن الرشد، وبتاريخ 5/ 3/ 1968 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الحكم أقام قضاءه باستحقاق المطعون عليهم الثلاثة الأول تأسيساً على أن الواقف كان له حق الرجوع في الوقف فلا يجوز له حرمان أحد الوارثين من ذريته من الاستحقاق تطبيقاً للمادة 24 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946، في حين أن الوقف أنشئ قبل صدور القانون المذكور، وأن الواقف جعل الاستحقاق في الوقف لنفسه مدة حياته ومن بعده لأولاد ابنه الموقوف عليهم دون أولاده، كما حرم نفسه وغيره من الشروط العشرة، مما مؤداه أن الواقف لم يكن له حق الرجوع في الوقف أو التغيير فيه إعمالاً لنص المادة 11/ 2 من القانون سالف الذكر فيخرج الوقف بذلك عن نطاق تطبيق المادة 24 من هذا القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه يبين من الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه، وأحال إلى أسبابه أنه أورد في هذا الخصوص قوله "..... إن المادة 23 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 نصت على أنه (يجوز للمالك أن يقف ما لا يزيد على ثلث ماله على من يشاء من ورثته أو غيرهم أو على جهة بر. وتكون العبرة بقيمة ثلث مال الواقف عند موته، ويدخل في تقدير ماله الأوقاف التي صدرت منه قبل العمل بهذا القانون وبعده إلا إذا كانت أوقافاً ليس له حق الرجوع فيها. ومع مراعاة أحكام المادة 24 يجوز له أن يقف كل ماله على من يكون موجوداً وقت موته من ذريته وزوجه أو أزواجه ووالديه. وإذا لم يوجد عند موته أحد من المبينين في المادة 24 جاز وقفه لكل ماله على من يشاء). كما نصت المادة 24 من القانون سالف الذكر، على أنه (مع مراعاة أحكام المادة 29 يجب أن يكون للوارثين من ذرية الواقف وزوجه أو أزواجه ووالديه الموجودين وقت وفاته استحقاق في الوقف فيما زاد على ثلث ماله وفقاً لأحكام الميراث وأن ينتقل استحقاق كل منهم إلى ذريته من بعده وفقاً لأحكام هذا القانون....) كما أن المادة 25 من القانون لم تجز حرمان أحد من كل أو بعض الاستحقاق الواجب له وفقاً لأحكام المادة 24 ولا اشتراط ما يقتضي ذلك، إلا طبقاً لنصوص المواد 26 وما بعدها، كما نصت المادة 56 من القانون المذكور على تطبيق أحكامه على جميع الأوقاف الصادرة قبل العمل به عدا أحكام الفقرات الثلاث الأولى من المادة 5 والمادة 8 والشرط الخاص بنفاذ التعبير في المادة 11 وبنفاذ الشروط العشرة في المادة 12 وأحكام المادتين 16، 17 كما نصت المادة 57/ 3 على أنه (لا تطبق أحكام المواد 23، 24، 25، 27، 30 على الأوقاف الصادرة قبل العمل بهذا القانون التي مات واقفوها أو كانوا أحياء وليس لهم حق الرجوع فيها) كما نصت المادة 11/ 2 من القانون المذكور على أن الواقف لا يجوز له أن يرجع أو يغير في وقفه قبل العمل بهذا القانون وجعل استحقاقه لغيره إذا كان قد حرم نفسه وذريته من هذا الاستحقاق ومن الشروط العشرة بالنسبة له أو ثبت أن هذا الاستحقاق كان بعوض مالي أو لضمان حقوق ثابتة قبل الواقف وأنه يبين من الاطلاع على حجة الوقف أنه صدر بتاريخ 20/ 8/ 1940 أي قبل العمل بقانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 وأن الواقف أنشأ وقفه على نفسه من تاريخ إنشائه مدة حياته ينتفع به وبما يشاء منه بجميع انتفاعات الوقف الشرعية، أي أنه لم يحرم نفسه منه كما لم يحرم ذريته منه، ولم يثبت أنه أعطاه بعوض مالي أو لضمان حقوق ثابتة قبله.... ومن ثم فلا يوجد ما كان يمنع قانوناً الواقف من الرجوع في وقفه حتى وإن كان قد حرم نفسه وذريته من الشروط العشرة بالنسبة له، ومن ثم فإن النعي بعدم انطباق المواد 23، 24، 25، 27، 30 على الوقف موضوع التداعي لا محل له". لما كان ذلك وكان يشترط فيما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 11 من القانون رقم 48 لسنة 1946 حتى لا يكون للواقف حق الرجوع فيما وقفه قبل العمل بهذا القانون وجعل استحقاقه لغيره، أن يحرم الواقف نفسه وذريته أيضاً من هذا الاستحقاق، وأن يحرم نفسه وذريته أيضاً من الشروط العشرة بالنسبة لهذا الاستحقاق، بحيث إذا تخلف أحد هذه الأمور كان للواقف الرجوع في وقفه، وإذا كان الثابت من كتاب الوقف المؤرخ 20/ 8/ 1940 على نحو ما أثبته الحكم المطعون فيه عدم اجتماع الأمور سالفة الذكر، لأن الواقف لم يحرم نفسه ولا ذريته من الاستحقاق بل أنشأ الوقف على نفسه ثم من بعده على بعض أولاد ابنه كامل، وهو ما يجيز له الرجوع في هذا الوقف، وإذ قضى الحكم المطعون فيه للمطعون عليهم الثلاثة الأول بالاستحقاق الواجب لهم في الوقف تطبيقاً لأحكام المواد 23، 24، 26، 27، 30 من القانون المذكور، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ويكون النعي عليه بهذا السبب في غير محله.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون، ويقول الطاعن بياناً لذلك إنه دفع بسقوط حق المطعون عليها الثالثة في الاستحقاق طبقاً لنص المادة 30 من القانون رقم 48 لسنة 1946 لأنها رفعت دعواها بعد مضي أكثر من سنتين شمسيتين من تاريخ وفاة الواقف مع ثبوت التمكن وعدم العذر من رفعها، غير أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع استناداً إلى أن مدة السنتين لا تحتسب من تاريخ وفاة الواقف، بل من تاريخ وفاة والدها باعتبار أن الاستحقاق لا يثبت لها إلا من هذا التاريخ، وفي ذلك مخالفة لصريح النص، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة 24 من القانون رقم 48 لسنة 1946 على أنه "مع مراعاة أحكام المادة 29، يجب أن يكون للوارثين من ذرية الواقف وزوجه أو أزواجه ووالديه الموجودين وقت وفاته استحقاق في الوقف فيما زاد على ثلث ماله وفقاً لأحكام الميراث وأن ينتقل استحقاق كل منهم إلى ذريته من بعده وفقاً لأحكام هذا القانون" والنص في المادة 30 من هذا القانون على أنه "إذا حرم الواقف أحداً ممن لهم حق واجب في الوقف بمقتضى أحكام هذا القانون من كل أو من بعض ما يجب أن يكون له في الوقف أعطى كل واحد من هؤلاء حصته الواجبة ووزع الباقي على من عدا المحروم من الموقوف عليهم بنسبة ما زاد في حصة كل منهم إن كانوا من ذوي الحصص الواجبة، وبنسبة ما وقف عليهم إن كانوا من غيرهم. ولا يتغير شيء من الاستحقاق إذا لم يرفع المحروم الدعوى بحقه مع التمكن وعدم العذر الشرعي خلال سنتين شمسيتين من تاريخ موت الواقف أو رضي كتابة بالوقف بعد وفاة الواقف. وينفذ رضاه بترك بعض حقه ولا يمس ذلك ما بقي منه". يدل على أن الاستحقاق الواجب في الوقف يكون لورثة الواقف الموجودين عند وفاته من والديه وزوجته أو أزواجه وذريته ثم لذرية هؤلاء الورثة بشرط أن يبقى الاستحقاق واجباً لأصل كل ذرية إلى موته، ولا يثبت استحقاق ذرية كل وراث لما هو مستحق له إلا من بعده أي بعد وفاته، ولهذا فالمحروم بغير حق من ذرية الورثة لا يكون متمكناً من الدعوى إلا في الوقت الذي يثبت له فيه الاستحقاق، وهو وقت وفاة أصله المستحق إن كان هذا المرحوم موجوداً إذ ذاك، أو وقت وجوده بعد موته إن لم يكن موجوداً حين موت أصله أو الوقت الذي يسقط فيه حق أصله إن كان محروماً بغير حق لرضاه الصريح أو الضمني، وإذ جرى الحكم المطعون فيه في قضائه على أن مدة السنتين المحددة لرفع الدعوى بالنسبة للمطعون عليها الثالثة لا تحتسب من وقت وفاة الواقف بل من وقت تمكنها من الدعوى، وهو الوقت الذي ثبت لها فيه الاستحقاق بوفاة والدها، فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور، ذلك أن الطاعن تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بصحة وقف الأطيان موضوع الدعوى لأن قيمتها لا تزيد على ثلث مال الواقف عند وفاته في سنة 1950 وطلب عدم التعويل على تقدير الخبير لأنه كان مبالغاً فيه إذ قدر قيمة هذه الأطيان بواقع 450 ج للفدان، وهو يجاوز سبعة أضعاف قيمتها في حجة الوقف، يدل على ذلك أن مصلحة الضرائب قدرت تركة الواقف بواقع 200 ج للفدان هذا إلى أن الخبير بخس في نفس الوقت قيمة باقي أعيان التركة، إذ قدر ثلاثة منازل في سنة 1950 بثمن أقل من الثمن الذي بيعت به في نفس السنة، غير أن الحكم المطعون فيه لم يعن بتحقيق هذا الدفاع مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه اعتمد التقدير الذي انتهى إليه الخبير بعد أن اقتنعت المحكمة بكفاية الأبحاث التي أجراها وبسلامة الأسس التي بنى عليها رأيه، وقرر الحكم أنه لا يعول على تقدير مصلحة الضرائب لأنه جزافي. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن بسبب النعي يكون جدلاً موضوعياً في كفاية الدليل الذي اقتنعت به محكمة الموضوع مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.