أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 841

جلسة 20 من أكتوبر سنة 1983

برئاسة السيد المستشار/ حسن جمعه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: راغب عبد الظاهر، أحمد أبو زيد، حسن عميرة ومحمد زايد.

(167)
الطعن رقم 1888 لسنة 53 القضائية

(1) تفتيش "التفتيش بإذن". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع ببطلان إذن التفتيش من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام النقض ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته.
وجوب بيان الدفع ببطلان إذن التفتيش في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه.
(2) مواد مخدرة. تفتيش "إذن التفتيش". "إصداره". "بياناته". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي. عدم إيراد اسم الطاعن كاملاً ومحل إقامته محدداً غير قادح في جدية التحريات.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "شهود".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. غير مقبول.
(4) مواد مخدرة. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قصد جنائي. إثبات "بوجه عام". قرائن. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
كفاية انبساط سلطان الشخص على المادة المخدرة كيما يكون حائزاً لها. ولو أحرزها مادياً شخص غيره. تحدث الحكم عن هذا الركن استقلالاً. غير لازم. كفاية أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه.
(5) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بتلفيق التهمة موضوعي. لا يستلزم رداً صريحاً كفاية الأخذ بأدلة الثبوت رداً عليه.
(6) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم. حق لمحكمة الموضوع وحدها. حق محكمة الموضوع في أن تجزئ شهادة الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
(7) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". استدلال. إثبات "بوجه عام" "شهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لمحكمة الموضوع أن تعول في عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة. لها أن تجزئها فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
(8) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام".
إغفال بيان وزن المخدر في محضر الضبط وإثباته على بطاقة الحرز. لا بطلان.
(9) إجراءات التحقيق. بطلان. استدلالات. دفوع "الدفع ببطلان محضر الاستدلالات". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم جواز الدفع ببطلان محضر الضبط. لأول مرة أمام النقض. لأنه من الإجراءات السابقة على المحاكمة.
(10) مواد مخدرة. قصد جنائي. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير توافر قصد الاتجار في المواد المخدرة. موضوعي ما دام سائغاً.
(11) مواد مخدرة. اشتراك. جريمة. قانون "تفسيره".
الوساطة في الأمور المحظور على الأشخاص ارتكابها بالنسبة للجواهر المخدرة والتي عددتها المادة الثانية من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات. معاقب عليها بالمادة 34 من ذات القانون التي سوت بين الأمور المحظورة وبين الوساطة فيها. وإن أغفلت ذكر الأخيرة. علة ذلك؟
1 - الدفع ببطلان إذن التفتيش أو ببطلان إجراءاته من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا يجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته والذي يجب إبداؤه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه.
2 - تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، عدم إيراد اسم الطاعن كاملاً ومحل إقامته محدداً في محضر الاستدلال لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات.
3 - متى كان الطاعن لم يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين فليس له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها.
4 - من المقرر أنه لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً للمادة المضبوطة بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصاً غيره ولا يلزم بأن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ما يكفي للدلالة على قيامه.
5 - الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب بحسب الأصل رداً صريحاً من المحكمة بل يستفاد الرد عليه دلالة من قضاء الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
6 - من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إلى ذات الأدلة بالنسبة لمتهم آخر, وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال ضابط مكتب مكافحة المخدرات وما تضمنته تحرياته وأخذت بتصويره للواقعة بالنسبة للطاعن وحده دون ابنه، وكان من حق محكمة الموضوع أن تجزئ شهادة الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى، كما أن لها أن تعول في عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ولها أن تجزئها فتأخذ منها بما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه فإن ما يثيره الطاعن بما أخذ به الحكم وما أطرح من أقوال الضابط وتحرياته واعتماده على الدليل المستمد منها في حق الطاعن وحده دون المتهم الآخر لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض.
7 - لما كان إغفال وزن المخدر في محضر الضبط وإثباته على بطاقة الحرز لا يدل بذاته على معنى ولا يترتب عليه بطلانه.
8 - ولما كان الطاعن قد اقتصر على إثارته خلو محضر الضبط من بيان وزن المخدر دون أن يطلب من المحكمة إجراء عملية الوزن، وكان يكفي أن تقتنع المحكمة من الأدلة المقدمة إليها بأن الإجراءات اللازمة لوزن المخدر قد اتخذت وأسفرت عن مقدار المخدر المضبوط وهو ما يجادل فيه الطاعن.
9 - كما أنه لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد نعى على النيابة قعودها عن إعادة وزن المخدر ومثله لا يثار لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباًَ للطعن.
10 - الأصل أن الاتجار في الجواهر المخدرة إنما هو واقعة مادية تستقل محكمة الموضوع بحرية التقدير فيها ما دامت تقيمها على ما ينتجها.
11 - يكفي لتوافر أركان الجريمة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 24 من القانون المذكور مجرد توافر قصد الاتجار في المواد المخدرة ولو لم يتخذ الجاني الاتجار في هذه المواد حرفة له سواء كان إحراز المخدر أو حيازته لحسابه أو لحساب غيره ممن يتجرون في المواد المخدرة دلالة ذلك أن نص الفقرة الأولى من المادة 34 سالفة الذكر بعد أن جرى على عقاب حالات الحيازة أو الإحراز أو الشراء أو البيع أو التسليم أو النقل أو تقديم المواد المخدرة للتعاطي بقصد الاتجار قد ساوى بينهما وبين الاتجار فيها بأية صورة فيتسع مدلوله ليشمل ما غير ذلك من الحالات التي عددتها هذه المادة على سبيل الحصر المحظور على الأشخاص ارتكابها بالنسبة للاتجار في المواد المخدرة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: حاز بقصد الاتجار جوهرين مخدرين "حشيشاً" وعقار "الديكسامفتيامين" وذلك في غير الأحوال المصرح بها قانوناً.
وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/ 1، 2، 7/ 1، 34/ أ، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبندين 57، 58 من الجدول الأول والملحق بالقانون الأول بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وتغريمه ثلاث آلاف جنيه ومصادرة المضبوطات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة حيازة مخدر بقصد الاتجار قد شابه القصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع وتناقض في التسبيب وأقيم على إجراء باطل كما أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان إذن التفتيش وبطلان إجراءاته لإنشائهما على تحريات غير جدية لعدم إيرادها اسم الطاعن كاملاً ومحل إقامته واسم التاجر الذي حاز المخدر لحسابه غير أن الحكم لم يعرض لهذا الدفع الجوهري ويرد عليه بما يفنده، كما قام دفاع الطاعن على أن المنزل الذي انصبت عليه التحريات وصدر إذن النيابة بتفتيشه ليس منزله ولم يضبط فيه بل هو منزل مطلقته ومن ثم فإن سلطانه لم يكن مبسوطاً على ما ضبط من مواد مخدرة مما ينتفي معه قيام الركن المادي للجريمة وقدم عدة مستندات تؤازر دفاعه وقد أطرحه الحكم لأسباب غير سائغة دون أن يعني بتحقيقه للوقوف على حقيقة محل إقامته فضلاً عن أنه أغفل الرد على دفاعه بتلفيق التهمة بدس المخدر له من المرشد الذي استعان به الضابط، هذا إلى أن الحكم اعتمد في قضائه بالإدانة على أقوال الضابط وتحرياته وأخذ بها في حق الطاعن وحده دون ابنه الذي قضي ببراءته في محاكمة سابقة من ذات الهيئة مع أنها قد شملته كفاعل في الجريمة، كما عول الحكم على محضر الضبط رغم خلوه من إثبات وزن المخدر اكتفاءً من محرره بإثباته على بطاقة الحرز بما يؤدي إلى بطلانه ولم يقم وكيل النيابة المحقق باستيفاء هذا النقص بإعادة وزن المخدر، يضاف إلى ذلك أن ما ساقه الحكم للتدليل على توافر قصد الاتجار في حق الطاعن لا يكفي في إثبات هذا القصد على الرغم من أن الواقعة كما أثبتها الحكم لا تعدو أن تكون حيازة للمخدر مجردة من القصود وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مجمله أن المقدم..... بقسم مكافحة مخدرات القاهرة علم من تحرياته السرية أن الطاعن يحوز كمية من المخدرات بمنزله ويقوم بتخزينها لحساب أحد تجار المخدرات مقابل عمولة كبيرة فاستصدر إذناً من النيابة العامة بضبطه وتفتيشه وتفتيش مسكنه ونفاذاً لهذا الإذن انتقل إلى مسكنه برفقة زميلين له وطرق بابه ففتح له ابن الطاعن وبتفتيش المسكن عثر في عمق (صندرة) فوق المطبخ على حقيبة من البلاستيك تحوي ثلاثة أكياس من النايلون بداخلها ثلاثة عشرة طربة حشيش وعلبة بلاستيك بداخلها سبع طرب حشيش وكيس من البلاستيك بداخلة فتات من الحشيش بأحجام مختلفة وزجاجتين سعة كل منهما 100 سم الأولى مملوءة تماماً والثانية إلى نصفها بعقار الديكسامفتيامين المخدر وبلغ وزن الحشيش المضبوط ثمانية كيلو جرام، 120 سنتيجرام وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال ضابط مكافحة المخدرات ومن تقرير التحليل وهي أدلة سائغة تتوافر بها كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وتؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولم ينازع الطاعن في أن لها معينها الصحيح من الأوراق. لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان إذن التفتيش أو ببطلان إجراءاته، وكان هذا الدفع من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته لأنه يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة، ولا يقدح في ذلك أن يكون الدفاع عن الطاعن قد ضمن مرافعته نعياً على التحريات لعدم إيرادها اسم الطاعن كاملاً وعدم تحديدها محل إقامته الصحيح، إذ هو قول مرسل على إطلاقه لا يحمل على الدفع الصريح ببطلان إذن التفتيش أو بطلان إجراءات القبض والتفتيش الذي يجب إبداؤه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه، هذا فضلاً عن أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون, وإذ كان عدم إيراد اسم الطاعن كاملاً ومحل إقامته محدداً في محضر الاستدلال لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون ولا محل له ولا على المحكمة إن هي التفتت عن الرد عليه، ومع ذلك فإن الحكم بعد أن حصل مضمون المستندات المقدمة من الطاعن وأوجه دفاعه بأنه لا يقيم في مكان الضبط الذي تستقل به مطلقته بما هو كاف لإطراحه بقوله "وحيث إن المحكمة لا تأخذ بما أثاره الدفاع لعدم اطمئنانها للبطاقتين المقدمتين منه فضلاً عن أنه يجوز أن يكون للمتهم أكثر من مسكن واطمئنانها لما جاء بمحضر تحريات الضابط بأن المتهم يقيم بالعقار رقم 17 شارع السباق وهو المنزل الذي ضبط فيه المخدر". لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه متى أطمأنت المحكمة إلى ما قرره الشاهد من أن الطاعن يسكن بالعنوان الذي ورد بمحضر التحريات، وكان ما أورده الحكم يسوغ به إطراح دفاع الطاعن سالف الذكر، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الخصوص فليس له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى أقوال الشاهد بأن المسكن الذي صدر إذن النيابة بتفتيشه وأسفر التفتيش عن ضبط المخدر به هو مسكن الطاعن فإن ما يثيره في هذا الخصوص يكون في غير محله ويعد جدلاً موضوعياً مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً للمادة المضبوطة بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصاً غيره ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ما يكفي للدلالة على قيامه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب بحسب الأصل رداً صريحاً من المحكمة بل يستفاد الرد عليه دلالة من قضاء الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إلى ذات الأدلة بالنسبة لمتهم آخر, وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال ضابط مكتب مكافحة المخدرات وما تضمنته تحرياته وأخذت بتصويره للواقعة بالنسبة للطاعن وحده دون ابنه، وكان من حق محكمة الموضوع أن تجزئ شهادة الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى، كما أن لها أن تعول في عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ولها أن تجزئها فتأخذ منها بما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه فإن ما يثيره الطاعن فيما أخذ به الحكم وما أطرح من أقوال الضابط وتحرياته واعتماده على الدليل المستمد منها في حق الطاعن وحده دون المتهم الآخر لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان إغفال بيان وزن المخدر في محضر الضبط وإثباته على بطاقة الحرز لا يدل بذاته على معنى ولا يترتب عليه بطلانه بل يكون للطاعن أن يتمسك لدى محكمة الموضوع بما قد يكون في هذا المحضر من نقض حتى تقدره وهي على بينة من أمره كما هو الشأن في سائر الأدلة. ولما كان الطاعن قد اقتصر على إثارة خلو محضر الضبط من بيان وزن المخدر دون أن يطلب من المحكمة إجراء عملية الوزن، وكان يكفي أن تقتنع المحكمة من الأدلة المقدمة إليها بأن الإجراءات اللازمة لوزن المخدر قد اتخذت وأسفرت عن مقدار المخدر المضبوط وهو ما لم يجادل فيه الطاعن, كما أنه لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد نعى على النيابة قعودها عن إعادة وزن المخدر ومثله لا يثار لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في كل ذلك جميعه لا يكون له من وجه ولا يعتد به. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه عرض لقصد الاتجار في قوله "وحيث إنه عن قصد الاتجار المنسوب إلى المتهم فقد توافر في حقه من تحريات ضابط الواقعة من أن المتهم يقوم بتخزين المواد المخدرة المضبوطة لحساب أحد تجار المخدرات نظير عمولة مادية كبيرة إذ أن الاتجار في مفهوم قانون المخدرات يتسع ليشمل كل تصرف بمقابل في المادة المخدرة ولا يجوز التزام المعنى الضيق للاتجار الذي حدده - القانون التجاري فإن قصد الاتجار يتوافر ولو لم يتخذ الجاني الاتجار حرفة له إذ لم يجعل القانون الاحتراف ركناً من أركان الجريمة". ولما كان الأصل أن الاتجار في الجواهر المخدرة إنما هو واقعة مادية تستقل محكمة الموضوع بحرية التقدير فيها ما دامت تقيمها على ما ينتجها، وكان المستفاد من الأحكام التي تضمنتها نصوص المواد 34، 37، 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات أنها تفرق فقط بين إحراز المخدرات وحيازتها بقصد الاتجار وبين إحرازها بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي أو بدون قصد شيء من ذلك، وكان يكفي لتوافر أركان الجريمة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 34 من القانون المذكور مجرد توافر قصد الاتجار في المواد المخدرة ولو لم يتخذ الجاني الاتجار في هذه المواد حرفة له سواء كان إحراز المخدر أو حيازته لحسابه أو لحساب غيره ممن يتجرون في المواد المخدرة, دلالة ذلك أن نص الفقرة الأولى من المادة 34 سالفة الذكر بعد أن جرى على عقاب حالات الحيازة أو الإحراز أو الشراء أو البيع أو التسليم أو تقديم المواد المخدرة للتعاطي بقصد الاتجار قد ساوى بينها وبين الاتجار فيها بأية صورة فيتسع مدلوله ليشمل ما غير ذلك من الحالات التي عددتها هذه المادة على سبيل الحصر المحظور على الأشخاص ارتكابها بالنسبة للاتجار في المواد المخدرة، هذا ولأن حيازة المخدر لحساب الغير في حالة من حالات الحظر التي عددتها تلك المادة والمحرمة قانوناً - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - لا يعدو في حقيقته مساهمة في ارتكاب هذه الجريمة يرتبط بالفعل الإجرامي فيها ونتيجته برابطة السببية ويعد المساهم بهذا النشاط شريكاً في الجريمة تقع عليه عقوبتها، وإذا كانت المحكمة قد اقتنعت في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي بأن حيازة الطاعن للمخدر كانت بقصد الاتجار بحسبانه قد حاز المخدر لحساب الغير ممن يتجر في المواد المخدرة مقابل عمولة فإن الحكم لا يكون قد أخطأ في شيء ويكون النعي عليه بالقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.