أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 23 - صـ 311

جلسة 7 من مارس سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ بطرس زغلول نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، وعدلي مصطفى بغدادي، وأحمد ضياء الدين حنفي.

(49)
الطعن رقم 183 لسنة 37 القضائية

( أ ) إفلاس. حكم. "حجية الحكم".
حكم إشهار الإفلاس ينشئ حالة قانونية هي إثبات المحكوم عليه عن دفع ديونه. علانية إجراءات الإعلان عن صدور ذلك الحكم ليكون حجة على الكافة.
(ب) إفلاس. "المعارضة في حكم إشهار الإفلاس". حكم. "المعارضة في الحكم". معارضة.
تعدي آثار حكم إشهار الإفلاس طرفي الخصومة، إلى غيرهم ممن تتأثر به مصالحهم. أثره. جواز المعارضة فيه لكل ذي حق.
(ج) استئناف. "الأحكام التي يجوز استئنافها". إفلاس. معارضة.
جواز استئناف حكم إشهار الإفلاس لمن عارض فيه ورفضت معارضته، أو أن ينضم إلى أحد المستأنفين أو المستأنف عليهم.
(د) إفلاس. إفلاس شركة التضامن. "أثره". شركة. شركات أشخاص. شركة تضامن. إفلاس الشركة. ديون.
إشهار إفلاس شركة التضامن يستتبع حتماً إفلاس الشركاء المتضامنين فيها، إغفال الحكم الصادر بإفلاس الشركة النص على شهر إفلاسهم أو بيان أسمائهم، لا يجعلهم بمنأى عن الإفلاس.
(هـ) حكم. "الطعن في الحكم. طرق الطعن في الأحكام". دعوى. بعض أنواع الدعاوى. دعوى البطلان الأصلية. بطلان. البطلان في الأحكام. دعوى البطلان الأصلية.
لا سبيل لإهدار الأحكام بدعوى بطلان أصلية، إذا كان الطعن غير جائز، أو استغلق، إلا إذا تجرد الحكم عن أركانه الأساسية.
(و) حكم. انعدام الحكم. دعوى. شروط قبول الدعوى. الصفة. خصومه. شركة. شركات أشخاص. تمثيل الشركة .
إطراح الحكم القول بانعدام صفة من وجهت إليه الدعوى في تمثيل شركة التضامن وتقريره بأسباب صحيحة قانوناً انعقاد الخصومة في الدعوى. لا انعدام في الحكم.
1 - ينشئ الحكم بإشهار الإفلاس، حالة قانونية جديدة هي إثبات توقف المحكوم عليه عن دفع ديونه، ولذلك فقد رسم له القانون أوضاعاً خاصة تكفل له العلانية من حيث إجراءات الإعلان عن صدوره ليكون حجة على الكافة.
2 - نظراً لما لحكم شهر الإفلاس من آثار تتعدى طرفي الخصومة إلى غيرهم ممن تتأثر به مصالحهم، أجاز المشرع في المادة 390 من قانون التجارة لكل ذي حق أن يعارض في هذا الحكم من تاريخ نشره ولصقه باعتبار أن في ذلك إعلاماً للكافة بصدور الحكم.
3 - يجوز وفقاً للقواعد العامة لمن عارض في حكم إشهار الإفلاس، ورفضت معارضته أن يستأنف هذا الحكم أو ينضم إلى أحد الخصوم المستأنفين أو المستأنف عليهم في ذات طلباتهم أمام محكمة الاستئناف طبقاً ولما كانت تقضي به المادة 412 من قانون المرافعات السابق والمادة 236/ 2 من قانون المرافعات القائم.
4 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الحكم بإشهار إفلاس شركة التضامن يستتبع حتماً إفلاس الشركاء المتضامنين فيها، إذ أن الشركاء المتضامنين مسئولون في أموالهم الخاصة عن ديون الشركة، فإذا وقفت الشركة عن الدفع فمعنى ذلك وقوفهم هم أيضاً عنه، ولا يترتب على إغفال الحكم الصادر بإفلاس الشركة النص على شهر إفلاس الشركاء المتضامنين فيها أو على إغفاله بيان أسمائهم، أن يظلوا بمنأى عن الإفلاس، إذ أن إفلاسهم يقع نتيجة حتمية ولازمة لإفلاس الشركة.
5 - إذ حصر المشرع طرق الطعن في الأحكام، ووضع لها آجالاً محددة وإجراءات معينة - فإنه وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - يمتنع بحث أسباب العوار التي تلحق بالأحكام إلا عن طريق التظلم منها بطرق الطعن المناسبة لها، بحيث إذا كان الطعن غير جائز أو كان قد استغلق فلا سبيل لإهدار تلك الأحكام بدعوى بطلان أصلية، وذلك تقديراً لحجية الأحكام باعتبارها عنوان الحقيقة في ذاتها. وإنه وإن جاز استثناءً من هذا الأصل العام في بعض الصور، القول بإمكان رفع دعوى بطلان أصلية أو الدفع بذلك، فإن ذلك لا يتأتى إلا عند تجرد الحكم من أركانه الأساسية.
6 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعن من القول بانعدام الحكم لانعدام صفة من وجهت إليه الدعوى في تمثيل الشركة، وناقش هذا الدفاع، وانتهى إلى إطراحه تأسيساً على ما ساقه بأسبابه، من أن الذي خوصم عنها، هو المدير الفعلي لهذه الشركة فهو الذي يقوم بعقد الصفقات وتوقيع الأوراق باسمها، وبذلك يعتبر شريكاً متضامناً، ويصح تسليمه الأوراق المعلنة للشركة في مركزها، وقد تسلم إعلان الدعوى في مركز الشركة بالفعل ولذلك يكون إعلانها في الدعوى صحيحاً طبقاً للمادة 14 مرافعات، فإن الحكم يكون قد قرر بأسباب لا خطأ فيها قانوناً انعقاد الخصومة في هذه الدعوى، بما ينتفي معه القول بانعدام الحكم الصادر فيها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 159 سنة 1964 إفلاس كلي القاهرة طالباً الحكم بإشهار إفلاس الطاعن والمطعون عليها الثانية باعتبارهما شريكين متضامنين في شركة هانزا أورينت للسياحة وامتداد آثار الحكم الصادر في الدعوى رقم 297 سنة 1961 إفلاس كلي القاهرة والقاضي بإشهار إفلاس تلك الشركة والشريك المتضامن فيها محمد سعيد نبهان إليهما، وفي 17/ 3/ 1965 قضت محكمة القاهرة الابتدائية برفض الدعوى. استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 243 سنة 82 ق القاهرة، ومحكمة الاستئناف قضت في 31/ 1/ 1967 بإلغاء الحكم المستأنف وبامتداد آثار الحكم الصادر في الدعوى رقم 297 سنة 1961 إلى المستأنف عليهما - الطاعن والمطعون عليها الثانية - وإشهار إفلاسهما. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت هذا الرأي.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بعدم حجية الحكم الصادر في الدعوى رقم 297 سنة 1961 إفلاس كلي القاهرة على شركة هانزا أورينت للسياحة لعدم إقامة الدعوى ضد من يمثلانها - الطاعن والمطعون عليها الثانية - وإقامتها ضد محمد سعيد نبهان وهو لا يمثل الشركة، إذ لا يعدو أن يكون شريكاً موصياً فيها، غير أن الحكم أهدار الأثر النسبي لحجية الأحكام بأن اعتبر الحكم الصادر بإشهار إفلاس الشركة حجة عليها وعلى سواها، وحائزاً قوة الأمر المقضي إذ لم يطعن فيه بالمعارضة أو الاستئناف في المواعيد المقررة بعد تمام إجراءات النشر واللصق، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه أورد أن الحكم الصادر في الدعوى رقم 297 سنة 1961 إفلاس كلي القاهرة قد فصل في الدفع المبدى من محمد سعيد نبهان بعدم قبول الدعوى وقضى برفضه باعتبار أنه مدير للشركة وشريك متضامن فيها واتبع ذلك بالقضاء بإشهار إفلاس الشركة وذلك الشريك وتأيد هذا الحكم استئنافياً في الدعوى رقم 2 سنة 79 ق القاهرة، وأضاف الحكم المطعون فيه إلى ذلك قوله "إن الثابت من ملف الدعوى المضمومة رقم 297 سنة 1961 تجاري كلي إفلاس القاهرة أنه صدر فيها حكم بتاريخ 19/ 12/ 1961 بإشهار إفلاس شركة هانزا أورينت للسياحة والشريك المتضامن فيها محمد سعيد نبهان.... وأنه قد تم نشر ذلك الحكم بجريدتي..... في 1 و2/ 1/ 1962 وتمت إجراءات اللصق في 23 و29/ 1/ 1962 فإنه على فرض أن محمد سعيد نبهان الذي وجهت إليه دعوى الإفلاس باعتباره شريكاً متضامناً ومديراً ممثلاً للشركة لم تكن له هذه الصفة في ذلك الوقت وأن صاحب الصفة والممثل القانوني للشركة هما المستأنف عليهما الأولى والثانية - الطاعن والمطعون عليها الثانية - باعتبارهما المديرين والشريكين المتضامنين، ومع التسليم جدلاً أن الشركة لم تعلن بالدعوى إعلاناً صحيحاً فإن الحكم الصادر بإشهار إفلاسها قد أصبح حائزاً لقوة الشيء المحكوم به ويحتج به عليهما وعلى غيرهما، طالما أنها لم تطعن فيه بطريق المعارضة أو الاستئناف في المواعيد المقررة بعد تمام إجراءات النشر واللصق"، لما كان ذلك وكان الحكم بإشهار الإفلاس ينشئ حالة قانونية جديدة هي إثبات توقف المحكوم عليه عن دفع ديونه، فقد رسم له القانون أوضاعاً خاصة تكفل له العلانية من حيث إجراءات الإعلان عن صدوره ليكون حجة على الكافة، ومن أجل هذا نصت المادة 390 من قانون التجارة على أن "الحكم بإشهار الإفلاس والحكم الذي يعين فيه لوقوف المفلس عن دفع ديونه، وقت سابق على الحكم بإشهار الإفلاس، تجوز المعارضة فيها من المفلس في ظرف ثمانية أيام، ومن كل ذي حق غيره في ظرف ثلاثين يوماً، ويكون ابتداء الميعادين المذكورين من اليوم الذي تمت فيه الإجراءات المتعلقة بلصق الإعلانات ونشرها المبينة في مادتي 213 و214" ومفاد ذلك أنه نظراً لما لحكم شهر الإفلاس من آثار تتعدى طرفي الخصومة إلى غيرهم ممن تتأثر به مصالحهم، أجاز المشرع لكل ذي حق أن يعارض في هذا الحكم من تاريخ نشره ولصقه باعتبار أن في ذلك إعلاماً للكافة بصدور الحكم، ويجوز وفقاً للقواعد العامة لمن عارض في حكم إشهار الإفلاس ورفضت معارضته أن يستأنف هذا الحكم أو ينضم إلى أحد الخصوم المستأنفين أو المستأنف عليهم في ذات طلباتهم أمام محكمة الاستئناف طبقاً لما كانت تقضي به المادة 412 من قانون المرافعات السابق والمادة 236/ 2 من قانون المرافعات القائم، لما كان ذلك وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الحكم بإشهار إفلاس شركة التضامن يستتبع حتماً إفلاس الشركاء المتضامنين فيها إذ أن الشركاء المتضامنين مسئولون في أموالهم الخاصة عن ديون الشركة، فإذا وقفت الشركة عن الدفع فمعنى ذلك وقوفهم هم أيضاً عنه، ولا يترتب على إغفال الحكم الصادر بإفلاس الشركة النص على شهر إفلاس الشركاء المتضامنين فيها أو على إغفاله بيان أسمائهم أن يظلوا بمنأى عن الإفلاس، إذ أن إفلاسهم يقع كنتيجة حتمية ولازمة لإفلاس الشركة، ولما كان الحكم المطعون فيه قد رتب على الحكم السابق صدوره بإفلاس الشركة امتداد الإفلاس إلى الشريكين المتضامنين الآخرين وهما الطاعن والمطعون عليها الثانية، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الصادر في الدعوى رقم 297 سنة 1961 إفلاس كلي القاهرة حكم معدوم لصدوره في خصومة لم توجه إلى صاحب الصفة فيها مما يجرده من كل قوة قانوناً، ويكون خطأ اعتداد الحكم المطعون فيه بذلك الحكم أو افتراض علم الطاعن به لعدم تأثر الشركة المقضى بإشهار إفلاسها بهذا العلم مما يمتد أثره إلى الطاعن بالتبعية ويجيز له التمسك بانعدام الحكم الصادر بإفلاس الشركة ولو بعد فوات مواعيد الطعن فيه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه وقد حصر المشرع طرق الطعن في الأحكام ووضع لها آجالاً محددة وإجراءات معينة، فإنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يمتنع بحث أسباب العوار التي قد تلحق بالأحكام إلا عن طريق التظلم منها بطرق الطعن المناسبة لها، بحيث إذا كان الطعن غير جائز أو كان قد استغلق فلا سبيل لإهدار تلك الأحكام بدعوى بطلان أصلية، وذلك تقريراً لحجية الأحكام باعتبارها عنوان الحقيقة في ذاتها. وإنه وإن جاز استثناءً من هذا الأصل العام في بعض الصور القول بإمكان رفع دعوى بطلان أصلية أو الدفع بذلك، غير أن ذلك لا يتأتى إلا عند تجرد الحكم من أركانه الأساسية، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعن من القول بانعدام الحكم الصادر في الدعوى رقم 297 سنة 1961 إفلاس كلي القاهرة لانعدام صفة من وجهت إليه الدعوى في تمثيل الشركة، وناقش هذا الدفاع وانتهى إلى إطراحه تأسيساً على ما ساقه بأسباب منها قوله "إن الثابت من ملف دعوى الإفلاس أن محمد سعيد نبهان هو المدير الفعلي للشركة فهو الذي يقوم بعقد الصفقات وتوقيع الأوراق باسم الشركة وبذلك يعتبر شريكاً متضامناً ويصح تسليمه الأوراق المعلنة للشركة في مركزها، وقد تسلم إعلان دعوى الإفلاس في مركز الشركة بالفعل ولذلك يكون إعلانها في الدعوى صحيحاً طبقاً للمادة 14 مرافعات" فإن الحكم يكون قد قرر بأسباب لا خطأ فيها قانوناً انعقاد الخصومة في الدعوى رقم 297 سنة 1961 بما ينتفي معه القول بانعدام الحكم الصادر فيها، ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب غير سديد.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون قائلاً في بيان ذلك إن الديون التي أشهر إفلاس الشركة للتوقف عن دفعها ديون شخصية في ذمة محمد سعيد نبهان لا تسأل عنها الشركة فضلاً عن أن بعضها لاحق على تاريخ حل الشركة.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه - إن صح - فإنما يكون توجيهه إلى الحكم الصادر بشهر إفلاس الشركة والذي أصبح نهائياً في حق الطاعن على ما سلف بيانه في الرد على السبب الأول لا إلى الحكم المطعون فيه الذي قضى صحيحاً - وعلى ما تقدم - بامتداد أثر إفلاس الشركة إلى الشريكين المتضامنين فيها، وهما الطاعن والمطعون عليها الثانية، ويكون النعي على الحكم بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.