أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 878

جلسة 30 من أكتوبر سنة 1983

برئاسة السيد المستشار/ أمين أمين عليوه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: جمال الدين منصور، صفوت مؤمن، الدكتور/ كمال أنور وصلاح خاطر.

(175)
الطعن رقم 1761 لسنة 53 القضائية

(1) نيابة عامة "ندب أعضاء النيابة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". اختصاص "اختصاص رئيس النيابة في ندب عضو بنيابته". إثبات "بوجه عام". أوراق رسمية.
لرئيس النيابة عند الضرورة ندب أي من أعضاء النيابة في دائرته للقيام بعمل عضو آخر. كفاية حصول هذا الندب في أوراق الدعوى. خلو دفتر الانتدابات من هذا الندب. لا ينفي حصوله.
(2) تفتيش "إذن التفتيش" "إصداره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". استدلال.
تقدير جدية التحريات. وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعي. عدم جواز المجادلة فيه أمام النقض.
(3) إثبات. "شهادة". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
- إحالة الحكم في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال أحدهم. لا يعيبه. ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم فيها.
اختلاف الشهود في بعض التفصيلات. لا يعيب الحكم.
من حق المحكمة الأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود. وإطراح ما عداه.
حرية محكمة الموضوع في تجزئة أقوال الشاهد. الأخذ بما ترتاح إليه.
(4) مواد مخدرة. قصد جنائي. إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير توافر قصد الاتجار في المواد المخدرة. موضوعي.
إحالة الحكم تدليلاً على توافره. إلى ما أثبته من أن التحريات أسفرت عن اتجار المتهم بالمواد المخدرة وترويجها ومن ضبط كمية معه. كفايته.
1 - لما كان ندب رئيس النيابة لأحد أعضاء النيابة في دائرته للقيام بعمل عضو آخر بتلك الدائرة جائزاً عند الضرورة عملاً بنص الفقرة الأخيرة من المادة 19 من القرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 في شأن السلطة القضائية الذي حل محل القانون رقم 43 لسنة 1965 والذي كانت المادة 127 منه تتضمن الحكم ذاته - وهذا الندب يكفي حصوله في أوراق الدعوى، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن وكيل النيابة المحقق قد أجرى التحقيق باعتباره منتدباً وهو ما لا يماري فيه الطاعن - فإن مفاد ذلك أنه كان منتدباً ممن يملك ندبه قانوناً ولو لم يشر إليه صراحة. ومن ثم فإن ما أثبته الحكم المطعون فيه يكفي لاعتبار التحقيق صحيحاً ويكون الحكم سليماً فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان التحقيق - وذلك دون حاجة إلى ضم أوراق تثبت حصول الندب إذ الأصل في الإجراءات الصحة. ومن ثم فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون يكون في غير محله.
2 - لما كان من المقرر أن جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وأنه متى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه، فإن نعي الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
3 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وأن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود - إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ذلك بأن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه دون أن يعد هذا تناقضاً في حكمها - وإذ كان الطاعن لا يجادل في أن ما نقله الحكم من أقوال الضابطين له أصله الثابت في الأوراق ولم يخرج الحكم عن مدلول شهادتهما بل إن البين مما أورده في أسباب طعنه نقلاً عن أقوالهما أنها تتفق في جملتها مع ما استند إليه الحكم منها فلا ضير على الحكم من بعد إحالته في بيان أقوال الشاهد الثاني إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول ولا يؤثر فيه أن يكون الشاهد الثاني لم يشترك في إجراء التحريات التي أجراها الشاهد الأول ولا في إجراء تفتيش مسكن المتهم - على فرض صحة ذلك - إذ أن مفاد إحالة الحكم في بيان أقوالهما إلى ما حصله من أقوال الشاهد الأول فيما اتفقا فيه أنه التفت عن هذه التفصيلات - مما ينحسر عن الحكم دعوى القصور في التسبيب.
4 - من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في مدوناته أن تحريات مكتب مخدرات بلبيس دلت على قيام الطاعن بالاتجار في المواد المخدرة وأنه قد تم ضبطه بناء على إذن النيابة محرزاً كمية من المواد المخدرة "حشيش" عبارة عن ست طرب داخل دولاب حائط بمسكنه وست لفافات أخرى بها مادة الحشيش داخل كيس من القماش في جيب الصديري الأيسر - فإن الحكم إذ استدل على ثبوت قصد الاتجار لدى الطاعن من تلك الظروف سالفة البيان التي أحال عليها يكون قضاءه في هذا الشأن محمولاً وكافياً في استخلاص هذا القصد في حق الطاعن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز وحاز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الوارد بأمر الإحالة فقرر ذلك.
ومحكمة جنايات الزقازيق قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7/ 1، 32/ 2، 42 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 40 لسنة 1966 والبند 57 من الجدول رقم 1 الملحق بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وغرامة ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز مخدر بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وانطوى على فساد في الاستدلال، ذلك أن الطاعن دفع ببطلان تحقيق النيابة إذ أجراه وكيل نيابة أبو حماد - الذي لم يندبه رئيس النيابة - وليس وكيل نيابة بلبيس الذي تم ضبط المتهم في دائرة اختصاصه إلا أن المحكمة أطرحت هذا الدفع وردت عليه بما لا يسوغ رفضه قانوناً دون أن تطلب من النيابة العامة تقديم ما يدل على هذا الندب، ورد الحكم المطعون فيه على الدفع ببطلان إذن النيابة بالتفتيش لعدم جدية التحريات بما لا يصلح رداً، كما أحال الحكم في بيان مضمون شهادة الضابط الثاني على ما شهد به الأول الذي أجرى التفتيش رغم أنه لم يشترك معه في إجراء التحريات ولا في تفتيش مسكن المتهم ولم يذكر الحكم أن الذي قام بالتفتيش كان معه آخر عند إجرائه، وأخيراً عول الحكم المطعون فيه وهو بصدد التدليل على توافر قصد الاتجار لدى الطاعن على كمية المخدر المضبوط مما لا يصلح دليلاً على توافره - كل هذا بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه. وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز المخدر التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال الضابط الذي أجرى التفتيش وزميله المرافق له ومن تقرير التحليل، عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات وببطلان التحقيق لإجرائه بمعرفة وكيل نيابة أبو حماد الغير مختص مكانياً بقوله "وحيث إن المحكمة وقد أطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وأخذت بها مدعمة بالتقرير الفني فإنها لا تعتد بإنكار المتهم ولا بأوجه دفاعه إذا البين أن سلطة التحقيق أثبتت الندب في محضر التحقيق وأن الاستدلالات التي أجراها مأموري الضبط القضائي كافية لصدور إذن النيابة بالتفتيش. لما كان ذلك وكان ندب رئيس النيابة لأحد أعضاء النيابة في دائرته للقيام بعمل عضو آخر بتلك الدائرة جائزاً عند الضرورة عملاً بنص الفقرة الأخيرة من المادة 19 من القرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 في شأن السلطة القضائية الذي حل محل القانون رقم 43 لسنة 1965 والذي كانت المادة 127 منه تتضمن الحكم ذاته - وهذا الندب يكفي حصوله في أوراق الدعوى، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن وكيل النيابة المحقق قد أجرى التحقيق باعتباره منتدباً وهو ما لا يماري فيه الطاعن - فإن مفاد ذلك أنه كان منتدباً ممن يملك ندبه قانوناً ولو لم يشر إليه صراحة. ومن ثم فإن ما أثبته الحكم المطعون فيه يكفي لاعتبار التحقيق صحيحاً ويكون الحكم سليماً فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان التحقيق - وذلك دون حاجة إلى ضم أوراق تثبت حصول الندب إذ الأصل في الإجراءات الصحة. ومن ثم فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون يكون في غير محله. لما كان ذلك وكان من المقرر أن جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وأنه متى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد, لما كان ذلك وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وأن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود - إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه, ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ذلك بأن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداها دون أن يعد هذا تناقضاً في حكمها - وإذ كان الطاعن لا يجادل في أن ما نقله الحكم من أقوال الضابطين له أصله الثابت في الأوراق ولم يخرج الحكم عن مدلول شهادتهما بل إن البين مما أورده الطاعن في أسباب طعنه نقلاً عن أقوالهما أنها تتفق في جملتها مع ما استند إليه الحكم منها فلا ضير على الحكم من بعد إحالته في بيان أقوال الشاهد الثاني إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول ولا يؤثر فيه أن يكون الشاهد الثاني لم يشترك في إجراء التحريات التي أجراها الشاهد الأول ولا في إجراء تفتيش مسكن المتهم - على فرض صحة ذلك - إذ أن مفاد إحالة الحكم في بيان أقوالهما إلى ما حصله من أقوال الشاهد الأول فيما اتفقا فيه أنه التفت عن هذه التفصيلات - مما ينحسر عن الحكم دعوى القصور في التسبيب لما كان ذلك، وكان من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في مدوناته أن تحريات مكتب مخدرات بلبيس دلت على قيام الطاعن بالاتجار في المواد المخدرة وأنه قد تم ضبطه بناء على إذن النيابة محرزاً كمية من المواد المخدرة "حشيش" عبارة عن ست طرب داخل دولاب حائط بمسكنه وست لفافات أخرى بها مادة الحشيش داخل كيس من القماش في جيب الصديري الأيسر - فإن الحكم إذ استدل على ثبوت قصد الاتجار لدى الطاعن من تلك الظروف سالفة البيان التي أحال عليها يكون قضاءه في هذا الشأن محمولاً وكافياً في استخلاص هذا القصد في حق الطاعن. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.