أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 23 - صـ 318

جلسة 8 من مارس سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: جودة أحمد غيث، وحامد وصفي، ومحمد عادل مرزوق، وعثمان حسين عبد الله.

(50)
الطعن رقم 71 لسنة 33 القضائية

(أ، ب) ضرائب. "الضريبة العامة على الإيراد". وعاء الضريبة.
( أ ) الضريبة العامة تفرض على ما يقتضيه الممول من إيراد سنوي صاف يجاوز حد الإعفاء ويملك التصرف فيه. ولو لم يكن مالكاً لمصدره.
(ب) تحديد إيراد الأطيان الزراعية، الأصل فيه أن يكون حكمياً. شرطه. تحقق وجود الإيراد وثبوت أحقية الممول في الحصول عليه.
1 - النص في الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون رقم 99 لسنة 1949 - بشأن الضريبة العامة على الإيراد - بعد تعديلها بالقانون رقم 318 لسنة 1951 على أنه "تسري الضريبة على المجموع الكلي للإيراد السنوي الصافي الذي حصل عليه الممول خلال السنة السابقة...." يدل على أن الشارع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - قصد فرض الضريبة العامة على ما يقتضيه الممول من إيراد سنوي صافٍ يجاوز حد الإعفاء ويملك التصرف فيه، ولو لم يكن مالكاً لمصدره.
2 - متى كان الثابت أن الأطيان موضوع محضر التسليم المؤرخ 30/ 3/ 1954 لم تكن في وضع يد الطاعن (الممول) حتى تسلمها في 30/ 3/ 1954 نفاذ للحكم الصادر لصالحه، فإن الإيراد الناتج منها حتى تاريخ التسليم لا يدخل في وعاء الضريبة العامة للطاعن لأنه لم يحصل عليه، أما ما رسمه القانون رقم 99 لسنة 1949 في المادة السادسة منه من جعل الأصل في تحديد إيراد الأطيان الزراعية أن يكون حكمياً بحسب القيمة الإيجارية المتخذة أساساً لربط الضريبة ما لم يطلب الممول إجراء التحديد على الأساس الفعلي بشرائط معينة، إنما يقصد به - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - بيان كيفية تحديد الإيراد الخاضع للضريبة العامة عند تحقق وجوده، وثبوت أحقية الممول في الحصول عليه، بحيث إذا انتفى ذلك فلا مجال لاستحقاق الضريبة والتذرع بحكم تلك المادة. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقرر أن الطاعن يسأل عن الإيراد الناتج من هذه الأطيان لأنه مالك لها، ولأن تقدير إيرادها حكماً هو الطريق الذي رسمه المشرع في تحديد إيراد الأطيان الزراعية، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مأمورية ضرائب المنصورة قدرت صافي إيراد الطاعن الخاضع للضريبة العامة على الإيراد عن السنوات من سنة 1950 إلى سنة 1954 بالمبالغ الآتية على التوالي 1913 ج و845 م، 2123 ج و569 م، و2123 ج و569 م، 1709 ج و453 م، 1727 ج و671 م، وإذ اعترض وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن التي قررت بتاريخ 18/ 1/ 1960 رفض الطعن وتأييد تقديرات المأمورية، فقد أقام الدعوى رقم 84 سنة 1960 تجاري المنصورة الابتدائية بالطعن في هذا القرار طالباً إلغاءه واعتبار إيراده خلال سنوات النزاع دون حد الإعفاء، وبتاريخ 29/ 11/ 1961 حكمت المحكمة برفض الدعوى وتأييد القرار المطعون فيه. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 91 سنة 14 ق تجاري المنصورة طالباً الحكم ببطلانه وإلغاء قرار لجنة الطعن واعتبار إيراده خلال سني النزاع دون حد الإعفاء. وبتاريخ 25/ 12/ 1962 حكمت المحكمة ببطلان الحكم المستأنف لعدم إيداع مسودته في الميعاد القانوني وبرفض الطعن وتأييد قرار اللجنة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة رأيها. وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، ويقول بياناً لذلك إن الحكم اعتبر إيراد الأطيان البالغ مساحتها 44 ف و19 ط و23 س والمكلفة باسم ورثة علي عابدين الكبير بناحية سلكا مركز المنصورة ضمن وعاء الضريبة العامة تأسيساً على أنه كان يضع اليد عليها خلال سنوات النزاع، في حين أن وضع يده على القدر المذكور كان بصفته وكيلاً عن المالكة المرحومة نجيبة علي عابدين حتى وفاتها في 1/ 5/ 1952 ثم أصبحت يده يد مغتصب بعد هذا التاريخ بالنسبة لما زاد على نصيبه بالميراث البالغ قدره 4 ف و7 ط و9 س، وقد نازعه باقي الورثة بشأن أنصبتهم في هذه الأطيان مما دعا إلى فرض الحراسة القضائية عليها وتعيينه حارساً في سنة 1955، ثم حكم لبعض هؤلاء الورثة بتثبيت ملكيتهم لما ورثوه وتسليمه إليهم في الدعوى رقم 297 سنة 1956 مدني المنصورة الابتدائية واستئنافها رقم 107 سنة 10 ق المنصورة، فرفعوا الدعوى رقم 1065 سنة 1959 المنصورة الابتدائية لمطالبته بنصيبهم في الريع من تاريخ وفاة المورثة إلى أن عين هو حارساً على الأطيان، مما مؤداه أنه لم يكن له حق التصرف في الإيراد الذي حصل عليه منها حتى تسري عليه الضريبة العامة.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان النص في الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون رقم 99 لسنة 1949 بعد تعديلها بالقانون رقم 218 لسنة 1951 على أنه "تسري الضريبة على المجموع الكلي للإيراد السنوي الصافي الذي حصل عليه الممول خلال السنة السابقة". يدل على أن الشارع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قصد فرض الضريبة العامة على ما يقتضيه الممول من إيراد سنوي صاف يجاوز حد الإعفاء ويملك التصرف فيه ولو لم يكن مالكاً لمصدره، ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن لم يتمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأنه كان وكيلاً عن المالكة للأطيان المكلفة باسم ورثة علي عابدين الكبير حتى وفاتها في 1/ 5/ 1952، بل الثابت من دفاعه في كافة مراحل النزاع أنه وافق على احتساب الإيراد الناتج من تلك الأطيان ضمن إيراده الخاضع للضريبة عن هاتين السنتين، وكان البين من حكم الحراسة الصادر في الدعوى رقم 114 سنة 1955 مدني مركز المنصورة أن الحراسة لم تفرض على الأطيان المذكورة إلا في 12/ 1/ 1956 أي بعد انتهاء سنوات المحاسبة، كما ثبت من الحكم الصادر في الدعوى رقم 297 سنة 1956 مدني المنصورة الابتدائية واستئنافها أنه لم يحكم بتثبيت ملكية الورثة لأنصبتهم في هذه الأطيان وبتسليمها لهم إلا في 3/ 3/ 1960، لما كان ذلك فإن الطاعن يكون هو واضع اليد على الأطيان المشار إليها خلال تلك السنوات وحصل على الإيراد الناتج منها، وكان يملك التصرف فيه، ويكون الحكم المطعون فيه إذ اعتبر ضمن إيراد الطاعن الخاضع للضريبة العامة في سنوات النزاع قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه قضى بمسئولية الطاعن عن الضريبة العامة على إيراد الأطيان البالغ مساحتها 40 ف و5 ط و16 س المكلفة باسم عبد العظيم حسن عابدين وآخرين بناحية سلكا مركز المنصورة باعتباره مالكاً لها ولأنه يتعين اتباع طريقة التقدير الحكمي في تحديد إيراد الأطيان، في حين أنه لم يحصل على إيراد من هذه الأطيان لأنها كانت في وضع يد آخرين، وقام نزاع بشأنها فرفع دعوى بملكيتها ولم يتسلمها بعد أن حكم لصالحه إلا في 30/ 1/ 1954، وبالتالي فلا تجوز محاسبته عن الإيراد الناتج منها إلا من بداية هذا التاريخ.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن مفاد نص الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون رقم 99 لسنة 1949 على ما سلف بيانه أن الضريبة العامة لا تفرض إلا على ما يحصل عليه الممول من إيراد سنوي صافٍ يجاوز حد الإعفاء ويملك التصرف فيه، ولما كان الثابت من محضر التسليم المؤرخ 30/ 3/ 1954 "المستند رقم 33 من الملف الفردي" أن الأطيان موضوع هذا المحضر لم تكن في وضع يد الطاعن حتى تسلمها في 30/ 3/ 1954 نفاذاً للحكم الصادر لصالحه، فإن الإيراد الناتج منها حتى تاريخ التسليم لا يدخل في وعاء الضريبة العامة للطاعن لأنه لم يحصل عليه. لما كان ذلك وكان ما رسمه القانون في المادة السادسة سالفة الذكر من جعل الأصل في تحديد إيراد الأطيان الزراعية أن يكون حكمياً بحسب القيمة الإيجارية المتخذة أساساً لربط الضريبة ما لم يطلب الممول إجراء التحديد على الأساس الفعلي بشرائط معينة إنما يقصد به - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بيان كيفية تحديد الإيراد الخاضع للضريبة العامة عند تحقق وجوده وثبوت أحقية الممول في الحصول عليه، بحيث إذا انتفى ذلك فلا مجال لاستحقاق الضريبة والتذرع بحكم تلك المادة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقرر أن الطاعن يسأل عن الإيراد الناتج من هذه الأطيان لأنه مالك لها ولأن تقدير إيرادها حكماً هو الطريق الذي رسمه المشرع في تحديد إيراد الأطيان الزراعية، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم اعتمد القيمة الإيجارية التي حددتها مأمورية الضرائب للأطيان البالغ مساحتها 40 ف و5 ط و16 س واعترض الطاعن على ذلك لأن هذه القيمة احتسبت بطريقة جزافية على أقصى قيمة إيجارية للفدان في المنطقة التي تقع بها هذه الأطيان، وقدم شهادة رسمية ببيان الأموال الأميرية المربوطة عليها حتى يمكن تحديد القيمة الإيجارية، غير أن الحكم أغفل هذا المستند وقرر أن الطاعن لم يقدم دليلاً يؤيد اعتراضه وهو ما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه لما كانت الفقرة الثالثة من المادة السادسة من القانون رقم 99 لسنة 1949 تقضي بأن يكون تحديد إيراد الأطيان الزراعية على أساس القيمة الإيجارية التي اتخذت أساساً لربط ضريبة الأطيان بعد خصم 20% مقابل جميع التكاليف، ولما كان يبين من الاطلاع على مذكرات المأمور الفاحص المؤرخة 20/ 3/ 1956، 26/ 4/ 1956 أنه احتسب القيمة الإيجارية للأطيان البالغ مساحتها 40 ف و5 ط و16 س - وهي المكلفة باسم الغير - على أساس أقصى قيمة إيجارية وهي 32 ج، وكان الطاعن قد اعترض على هذا التقدير لأنه احتسب بطريقة جزافية، واستدل على صحة دفاعه بالشهادة الرسمية المؤرخة 2/ 7/ 1958 ببيان الأموال الأميرية المربوطة على هذه الأطيان "مستند رقم 4 من حافظة الطاعن رقم 36 بالملف الفردي" وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه خلا من الإشارة إلى هذا المستند، واكتفى بالقول بأن الطاعن لم يقدم ما يؤيد دفاعه وأن المأمورية قدرت القيمة الإيجارية للأطيان المذكورة على أساس الضريبة المربوطة عليها فإنه يكون قد شابه قصور يبطله بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن السبب الرابع يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق، ذلك أن الحكم رد على ما تمسك به الطاعن من حقه في خصم الأموال الأميرية المسددة بأن المأمورية قامت بخصم هذه الأموال، في حين أن المأمورية لم تخصم شيئاً في السنوات 1950، 1951، 1952 ثم لم تخصم جميع الأموال المسددة في سنتي 1953 و1954، رغم أنه قدم شهادتين رسميتين ببيان الأموال المستحقة على الأطيان المكلفة باسم ورثة علي عابدين الكبير وباسم عبد العظيم حسن عابدين وآخرين وما سدد من هذه الأموال سنوياً (المستندات أرقام 3 و4 من حافظة الطاعن بالملف الفردي)، وكذلك الشأن بالنسبة للقدر الثالث ومساحته 6 ف و4 س المكلف باسم الطاعن، فقد قدم ورد المال الخاص به عن سنة 1954 وثبت منه أنه لا توجد متأخرات قبل تلك السنة، كما ثبت بنهاية الشهادة الرسمية رقم 4 سالفة الذكر أنه كان يسدد الأموال الأميرية عن هذا القدر سنوياً، وإذ لم يلتفت الحكم إلى هذه المستندات، وقرر أن جميع الأموال الأميرية المسددة قد خصمت، فإنه يكون قد شابه قصور في التسبيب وخالف الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه لما كان الثابت من صحيفة الاستئناف أن الطاعن تمسك في دفاعه بأن المأمورية لم تخصم الأموال الأميرية المسددة طبقاً للشهادتين الرسميتين وأوراد المال التي قدمها، وكان الثابت من الاطلاع على الشهادتين الرسميتين المؤرختين2/ 7/ 1958 (المستندات 3 و4 من حافظة الطاعن رقم 36 من الملف الفردي)، أن الطاعن سدد مبالغ لحساب الأموال الأميرية عن الأطيان المكلفة باسم علي عابدين الكبير وكذلك الأطيان المكلفة باسم عبد العظيم حسن عابدين وآخرين في بعض سنوات النزاع، وكان يبين من مذكرة المأمور الفاحص المؤرخة 26/ 2/ 1957 أن هذه المبالغ لم تخصم من إيراد الطاعن، كما أنه ورد بنهاية الشهادة رقم 4 أنه بالنسبة للقدر البالغ مساحته 6 ف والمكلف باسم الطاعن فإن أمواله مسددة بالأوراد سنوياً، هذا إلى أن الطاعن قدم ضمن مستنداته بالملف الفردي ورد المال عن الأطيان المكلفة باسمه والبالغ مساحتها 5 ف و23 ط و6 س يفيد سداد مبلغ 26 ج و974 م في سنة 1954 (مستند رقم 6 من الحافظة رقم 36)، وإذ لم يتحدث الحكم عن هذه المستندات التي قدمها الطاعن تأييداً لصحة دفاعه بأنه سدد أموالاً أميرية لم تخصم من إيراده في سنوات النزاع ولم يعن الحكم ببحثها، وقرر في عبارة مجملة أن الأموال المسددة قد خصمت فإنه يكون مشوباً بالقصور ومخالفاً الثابت بالأوراق بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص أيضاً.


[(1)] نقض 29/ 12/ 1971 مجموعة المكتب الفني السنة 22 ص 1149.