أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 940

جلسة 10 من نوفمبر سنة 1983

برئاسة السيد المستشار/ حسن جمعه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: راغب عبد الظاهر، أحمد أبو زيد، حسن عميرة وصلاح البرجي.

(187)
الطعن رقم 2174 لسنة 53 القضائية

(1) مواد مخدرة. تفتيش "التفتيش بغير إذن". تلبس. مأمور الضبط القضائي. "اختصاصهم". نقض "حالات الطعن".
التفتيش المحظور على رجال الضبطية القضائية في غير الأحوال المقررة قانوناً هو ما يكون في إجرائه اعتداء على الحرية الشخصية أو انتهاك لحرمة المساكن.
القيود الواردة على حق رجل الضبط القضائي في إجراء القبض والتفتيش امتدادها إلى السيارات الخاصة بالطرق العامة طالما هي في حيازة أصحابها على خلاف السيارات المعدة للإيجار التي يحق له إيقافها أثناء سيرها في الطرق العامة للتحقق من عدم مخالفة أحكام قانون المرور.
(2) تلبس. تفتيش "التفتيش بغير إذن". حكم.
التلبس حالة تلازم الجريمة نفسها. يكفي أن يكون شاهدها قد حضر ارتكابها بنفسه أو أدرك وقوعها بأية حاسة من حواسه متى كان هذا الإدراك بطريقة لا تحتمل شكاً.
تقدير قيام أو انتفاء حالة التلبس. موضوعي.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام" "شهادة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من سائر العناصر المطروحة على بساط البحث. موضوعي.
عدم التزام المحكمة أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها.
حق محكمة الموضوع في تجزئة أقوال الشاهد والأخذ بما تطمئن إليه منها.
(4) نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إجراءات "إجراءات التحقيق".
ادعاء وجود نقص بتحقيقات النيابة. تعييب للإجراءات السابقة على المحاكمة عدم جواز إثارته لأول مرة أمام النقض.
1 - لما كان التفتيش الذي يحرمه القانون على رجال الضبطية القضائية هو الذي يكون في إجرائه اعتداء على الحرية الشخصية أو انتهاك لحرمة المساكن فيما عدا أحوال التلبس والأحوال الأخرى التي منحهم فيها القانون حق القبض والتفتيش بنصوص خاصة، على أن القيود الواردة على حق رجل الضبط القضائي في إجراء القبض والتفتيش بالنسبة إلى السيارات إنما تنصرف إلى السيارات الخاصة بالطرق العامة فتحول دون تفتيشها أو القبض على ركابها إلا في الأحوال الاستثنائية التي رسمها القانون طالما هي في حيازة أصحابها. أما بالنسبة للسيارات المعدة للإيجار - كالسيارة التي ضبط بها المخدر فإن من حق مأمور الضبط القضائي إيقافها أثناء سيرها في الطرق العامة للتحقق من عدم مخالفة أحكام قانون المرور.
2 - التلبس وصف يلازم الجريمة ذاتها بغض النظر عن شخص مرتكبها ولا يلزم للكشف عن هذه الحالة أن تكون الرؤية بذاتها هي وسيلة هذا الكشف بل يكفي أن يكون شاهدها قد حضر ارتكابها بنفسه وأدرك وقوعها بأي حاسة، تستوي في ذلك حاسة البصر أو السمع أو الشم متى كان هذا الإدراك بطريقة يقينية لا تحتمل شكاً، وليس في القانون ما يمنع المحكمة في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى.
3 - لما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة بقالة إن الضابط اختلق حالة التلبس لا يكون له محل.
4 - البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر بها ما يدعيه من وجود نقص في تحقيقات النيابة ولم يطلب من محكمة الموضوع تدارك هذا النقص، ومن ثم فلا يحق له من بعد أن يثير شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز بقصد التعاطي جوهراً مخدراً (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وطلبت إحالته لمحكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/ 1، 2، 37/ 1، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند رقم 57 من الجدول الأول الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وتغريمه خمسمائة جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذا دانه بجريمة إحراز مخدر بقصد التعاطي قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب، ذلك بأن القبض عليه وتفتيش السيارة التي كان يستقلها مع آخرين ثم دون إذن من النيابة العامة لم تكن الجريمة في حالة تلبس إذ أن الضابط اختلق واقعة انبعاث رائحة المخدر من لفافة تبغ كان يتعاطاها الطاعن بمجرد فتح نوافذ السيارة وهو تصوير لا يتفق مع المنطق إذ ليس من المعقول أن يدخن الحشيش في سيارة مغلقة النوافذ صيفاً وهو يعلم بأنه سيمر على نقطة شرطة، كما تجاهل الحكم ولم يتدارك خلو التحقيقات من سؤال قائد السيارة وباقي ركابها مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله إنه بتاريخ 21 من إبريل سنة 1981 أثناء وجود الملازم بكمين بكوبري المرازيق استوقف السيارة رقم 18514 أجرة القاهرة. وكانت نوافذها مغلقة، وطلب من قائدها الترخيص فشم رائحة مخدر الحشيش تنبعث من لفافة تبغ كان المتهم...... الطاعن - يقوم بتعاطيها وكان يجلس في المقعد المجاور لقائد السيارة فاستدار ناحيته وتمكن من ضبط لفافة التبغ المذكورة وكان المتهم يحاول إخفائها كما عثر على لفافتي تبغ أمامه تابلوه السيارة بها مخدر الحشيش وبتفتيشه ضبط بجيب القفطان.... لفافة بها قطعتين وبفحص المضبوطات معملياً ثبت أنها لمخدر الحشيش وساق الحكم على ثبوت هذه الواقعة - في حق الطاعن - أدلة مستمدة من أقوال الضابط ومما أسفر عنه الفحص الكيمائي للمخدر، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، ثم عرض الحكم للدفع ببطلان القبض والتفتيش وأطرحه استناداً إلى أن ضابط الشرطة قد استوقف السيارة الأجرة التي كان يستقلها الطاعن للتفتيش على تراخيصها وأن هذا لا يبرر ما قام به من إجراءات بعد ذلك. لما كان ذلك، وكان التفتيش الذي يحرمه القانون على رجال الضبطية القضائية هو الذي يكون في إجرائه اعتداء على الحرية الشخصية أو انتهاك لحرمة المساكن فيما عدا أحوال التلبس والأحوال الأخرى التي منحهم فيها القانون حق القبض والتفتيش بنصوص خاصة، على أن القيود الواردة على حق رجل الضبط القضائي في إجراء القبض والتفتيش بالنسبة إلى السيارات إنما تنصرف إلى السيارات الخاصة بالطرق العامة فتحول دون تفتيشها أو القبض على ركابها إلا في الأحوال الاستثنائية التي رسمها القانون طالما هي في حيازة أصحابها. أما بالنسبة للسيارات المعدة للإيجار - كالسيارة التي ضبط بها المخدر فإن من حق مأمور الضبط القضائي إيقافها أثناء سيرها في الطرق العامة للتحقق من عدم مخالفة أحكام قانون المرور، وكان التلبس وصف يلازم الجريمة ذاتها بغض النظر عن شخص مرتكبها ولا يلزم للكشف عن هذه الحالة أن تكون الرؤية بذاتها هي وسيلة هذا الكشف بل يكفي أن يكون شاهدها قد حضر ارتكابها بنفسه وأدرك وقوعها بأي حاسة، تستوي في ذلك حاسة البصر أو السمع أو الشم متى كان هذا الإدراك بطريقة يقينية لا تحتمل شكاً، وليس في القانون ما يمنع المحكمة في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى من الاستدلال بحالة التلبس بناء على ما استخلصته من أقوال الشاهد من أنه شم رائحة المخدر تنبعث من لفافة تبغ كان يتعاطاها الطاعن الذي حاول إخفاءها قبل ضبطها وهو ما تتوافر به حالة التلبس كما هي معرفة به قانوناً ويكون ما انتهى إليه الحكم من رفض الدفع ببطلان القبض والتفتيش صحيحاً في القانون ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة بقالة إن الضابط اختلق حالة التلبس لا يكون له محل. لما كان ذلك وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر بها ما يدعيه من وجود نقص في تحقيقات النيابة ولم يطلب من محكمة الموضوع تدارك هذا النقص، ومن ثم فلا يحل له من بعد أن يثير شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم، لما كان ما تقدم فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.