أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 957

جلسة 15 من نوفمبر سنة 1983

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد العزيز الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد محمود هيكل، محمد عبد المنعم البنا ومحمد حسين لبيب ومقبل شاكر.

(191)
الطعن رقم 1671 لسنة 53 القضائية

(1) تموين. مسئولية جنائية "مسئولية صاحب المحل المفترضة". قانون "تفسيره" "تطبيقه". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". قصد جنائي. مسئولية فرضية.
مناط قيام مسئولية صاحب المحل المفترضة طبقاً لنص المادة 15 من القانون 163 لسنة 1950؟
نفي الحكم المطعون فيه وقوع جريمة الامتناع عن البيع من جانب المتهم الثاني الذي كان موجوداً بالمحل لانتفاء علمه بوجود جبس بمخزن تابع للمحل. لا محل معه للقول بقيام مسئولية مفترضة في حق الطاعن عن تلك الجريمة.
(2) بيانات حكم الإدانة؟
مثال لتسبيب معيب في الإدانة بجريمتي عدم إعلان عن مخزن وعدم عرض كميات السلع الموجودة به.
1 - مناط قيام مسئولية صاحب المحل المفترضة طبقاً لنص المادة 15 من المرسوم بقانون 163 لسنة 1950 هو وقوع مخالفة لأحكام هذا المرسوم بقانون في محله من مديره أو القائم على إدارته، فإذا انتفت المخالفة سقط موجب مساءلة صاحب المحل الفرضية، وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى نفي وقوع جريمة الامتناع عن البيع من جانب المتهم الثاني - الذي كان موجوداً بالمحل - لانتفاء علمه بوجود جبس بمخزن تابع للمحل وبالتالي انتفاء القصد الجنائي لديه، فإنه لا يكون هناك محل للقول بقيام مسئولية مفترضة في حق الطاعن عن تلك الجريمة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإدانته عنها فإنه يكون قد ناقض بعضه البعض، وشابه من التعارض ما يعيبه بعدم التجانس مما ينبئ عن اختلال فكرته عن عناصر الواقعة التي استخلص منها الإدانة.
2 - لما كان من المقرر أنه يجب في كل حكم بالإدانة أن يورد ما استند إليه من أدلة الثبوت، وأن يبين مؤداها بياناً كافياً يتضح منه وجه استدلاله بها، وكان الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي عدم الإعلان عن المخزن، وعدم عرض كميات من السلع الموجودة به في متجره قد استند إلى ما جاء بمحضر ضبط الواقعة وبأقوال القائم بالضبط دون أن يورد في بيانه لهما ما يدل على قيام هاتين الجريمتين، وهو ما لا يغني عنه ما أورده الحكم من أن المتهم الثاني - الذي انتهى الحكم إلى أن وجوده بالمحل كان بصفة عارضة - قد نفى وجود أسمنت بالمحل، وأن تفتيش المخزن - الذي أرشد عنه الأهالي - قد أسفر عن ضبط كمية من الأسمنت به، إذ أن ذلك لا يدل بطريق اللزوم العقلي على أنه لم يكن بالمتجر إعلان عن المخزن كما لا يقطع بأن المتجر كان خالياًً من الأسمنت، فإن الحكم يكون معيباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر قضي ببراءته في الجيزة لأنه أولاً: امتنع عن بيع سلعة مسعرة جبرياً. ثانياً: لم يعلن بمكان ظاهر بمحله عن مخزنه ثالثاً: لم يعرض وحدات من السلع الموجودة بمخزنه. وطلبت عقابه بالمواد 1، 2، 9، 14، 15، 16 - 1 من المرسوم بقانون 163 لسنة 1950 المعدل والمادتين 4، 10 من الأمر العسكري رقم 5 لسنة 73 والمادتين 1، 2 من القرار رقم 337 - لسنة 1964 والمادتين 1، 2 من القرار 152 لسنة 1966.
ومحكمة جنح بولاق الدكرور قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بمعاقبة المتهم بغرامة مائة جنيه عن التهمة الأولى وغرامة عشرة جنيهات عن التهمة الثانية وبحبسه ستة أشهر وكفالة عشرين جنيهاً وغرامة مائة جنيه والمصادرة عن التهمة الثالثة.
فاستأنف ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية قضت حضورياًً بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ....... المحامي عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه - إذ دانه بجرائم الامتناع عن بيع سلعة مسعرة، وعدم الإعلان عن مخزنه، وعدم عرض كميات من السلع الموجودة بهذا المخزن في محل تجارته - قد شابه التناقض والفساد في الاستدلال، ذلك أن الحكم قضى ببراءة المتهم الثاني من جريمة الامتناع عن البيع تأسيساً على عدم توافر أركانها، مما يتعارض مع القضاء بإدانة الطاعن عنها كما عول الحكم في إدانته بالجريمتين الأخريين على أقوال مفتش التموين في حين أنها لا تصلح دليلاً على ثبوتهما في حقه، وذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
حيث إن الحكم المطعون فيه قد بين الواقعة في قوله "وحيث إن كل الواقعة ورد بمحضر الضبط أنه أثناء سير الحملة بمنطقة بولاق الدكرور وتوجه إلى محل المتهم الأول (الطاعن) وطلب شراء شيكارة أسمنت أبيض فأجاب بالنفي، وأخبره الأهالي بوجود مخزن للمحل بشارع درويش رقم 10 المتفرع من شارع ناهيا، وبتفتيشه عثر على 19 شيكارة أسمنت أبيض. والمتهم الأول أنكر وجوده بالمحل وقت الضبط والمتهم الثاني أنكر وقرر بأن المتهم الأول طلب منه عدم التصرف في شيء لحين عودته. والمحكمة استدعت القائم بالضبط والذي شهد بمضمون ما سطره بمحضر الضبط والحاضر مع المتهمين طلب براءتهما مما نسب إليهما" ثم انتهى الحكم إلى تبرئة المتهم الثاني وإدانة الطاعن في قوله "وحيث إن الثابت من الأوراق أن المتهم الثاني كان متواجداً بالمحل على سبيل الحالة العارضة، ويؤيد ذلك قول المتهم الأول والقائم بالضبط ومن ثم فالعلم غير متوافر بوجود مخزن تابع للمحل به الجبس المضبوط من عدمه، وبالتالي فالقصد الجنائي غير متوافر لديه في جريمة الامتناع عن بيع الجبس للقائم بالضبط أثناء المحاولة... ويتعين بالتالي الحكم ببراءته مما هو منسوب إليه. وحيث إن التهمة ثابتة قبل المتهم الأول ثبوتاً كافياً مما قرره القائم بالضبط، وما أسفر عنه تفتيش التابع للمحل الرئيسي من ضبط عدد 19 شيكارة أسمنت أبيض موضوع المحاولة ومن عدم الإعلان وعدم وجود عينات ووحدات من هذا الجبس المضبوط بالمحل مما يتعين معه معاقبته بمواد الاتهام"، لما كان ذلك، وكان المستفاد من سياق الحكم - على ما تقدم بيانه - أن الطاعن كان غائباً عن محله عند إجراء محاولة الشراء، وكان الحكم قد قضى ببراءة المتهم الثاني - الذي جرت معه محاولة الشراء - تأسيساً على أنه لم يكن يعلم بوجود أسمنت أبيض بالمخزن الملحق بالمحل، مما ينفي قيام جريمة الامتناع عن البيع، وكان مناط قيام مسئولية صاحب المحل المفترضة طبقاً لنص المادة 15 من المرسوم بقانون 163 لسنة 1950 هو وقوع مخالفة لأحكام هذا المرسوم بقانون في محله من مديره أو القائم على إدارته، فإذا انتفت المخالفة سقط موجب مساءلة صاحب المحل الفرضية وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى نفي وقوع جريمة الامتناع عن البيع من جانب المتهم الثاني - الذي كان موجوداً بالمحل - لانتفاء علمه بوجود جبس بمخزن تابع للمحل وبالتالي انتفاء القصد الجنائي لديه، فإنه لا يكون هناك محل للقول بقيام مسئولية مفترضة في حق الطاعن عن تلك الجريمة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإدانته فإنه يكون قد ناقض بعضه البعض، وشابه من التعارض ما يعيبه بعدم التجانس مما ينبئ عن اختلال فكرته عن عناصر الواقعة التي استخلص منها الإدانة. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه يجب في كل حكم بالإدانة أن يورد ما استند إليه من أدلة الثبوت، وأن يبين مؤداها بياناً كافياً يتضح منه وجه استدلاله بها، وكان الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي عدم الإعلان عن المخزن، وعدم عرض كميات من السلع الموجودة به في متجره قد استند إلى ما جاء بمحضر ضبط الواقعة وبأقوال القائم بالضبط دون أن يورد في بيانه لهما ما يدل على قيام هاتين الجريمتين، وهو ما لا يغني عنه ما أورده الحكم من أن المتهم الثاني - الذي انتهى الحكم إلى أن وجوده بالمحل كان بصفة عارضة - قد نفى وجود أسمنت بالمحل، وأن تفتيش المخزن - الذي أرشد عنه الأهالي - قد أسفر عن ضبط كمية من الأسمنت به، إذ أن ذلك لا يدل بطريق اللزوم العقلي على أنه لم يكن بالمتجر إعلان عن المخزن كما لا يقطع بأن المتجر كان خالياً من الأسمنت، فإن الحكم يكون معيباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال. لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.