أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 1002

جلسة 27 من نوفمبر سنة 1983

برئاسة السيد المستشار/ أمين أمين عليوه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: جمال الدين منصور، صفوت مؤمن، الدكتور/ كمال أنور وصلاح خاطر.

(202)
الطعن رقم 2006 لسنة 53 القضائية

اشتباه. تشرد. جريمة "أركانها". إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
- ماهية الاشتباه في حكم المادة الخامسة من القانون رقم 98 لسنة 1945 في شأن المتشردين والمشتبه فيهم؟
الاشتهار والسوابق. قسيمان في إبراز حالة الاشتباه.
السوابق. تكشف عن الاتجاه الخطر. لا تنشئه.
جواز الاعتماد على الاتهامات المتكررة. لإثبات حالة الاشتباه. متى كانت قريبة البون نسبياً. وتكشف عن خطورة المتهم.
قضاء الحكم بالبراءة في جريمة الاشتباه. لعدم وجود سوابق. دون أن يناقش باقي عناصر الاتهام. قصور في البيان.
لما كانت المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 في شأن المتشردين والمشتبه فيهم إذ عدت مشتبهاً فيه من حكم عليه أكثر من مرة في إحدى الجرائم الواردة بها ومنها جرائم الاعتداء على المال - إذ اشتهر عنه لأسباب مقبولة بأنه اعتاد ارتكاب هذه الجرائم فقد دلت بذلك على أن الاشتباه حالة تقوم في نفس خطرة قابلة للإجرام، وهذا الوصف بطبيعته ليس فعلاً يحس به من الخارج ولا واقعة مادية يدفعها نشاط الجاني إلى الوجود وإنما افترض الشارع بهذا الوصف كون الخطر في شخص المتصف به ورتب عليه محاسبته وعقابه، كما دلت على أن الاشتهار - والسوابق قسيمان في إبراز هذه الحالة الواحدة متعادلان في إثبات وجودها وأن السوابق لا تنشئ بذاتها الاتجاه الخطر الذي هو مبنى الاشتباه, وإنما تكشف عن وجوده وتدل عليه أسوة بالاشتهار، ومن ثم جاز الاعتماد على الاتهامات المتكررة التي توجه إلى المتهم ولو لم تصدر بشأنها أحكام ضده. متى كانت قريبة البون نسبياً - وكانت من الجسامة أو الخطورة بما يكفي لإقناع القاضي بأن صاحبها خطر يجب التحرز منه، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإدانة الطاعن استناداً إلى ما تضمنه محضر الضبط من أنه سبق اتهامه وإدانته وأنه لا زال يزاول نشاطه الإجرامي، وليس له وسيلة للتعيش دون أن يفصح الحكم عن نوع الاتهامات التي وجهت إلى الطاعن والتي تضمنها محضر الضبط أو يبحث وقائع تلك الاتهامات ليتبين مدى الجدية فيها وأثرها في توافر حالة الاشتباه القائمة على الاشتهار فضلاً عن إغفاله بيان المستندات التي قدمها الطاعن للتدليل على حسن سلوكه أو الرد عليها مكتفياً بالإشارة إلى تقديمها مما يصمه بعيب القصور والإخلال بحق الدفاع. لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة قسم العطارين محافظة الإسكندرية: عد مشتبهاً فيه إذ سبق الحكم عليه أكثر من مرة لارتكابه جرائم الاعتداء على المال "السرقة". وطلبت عقابه بمواد المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 المعدل بالقانون 110 لسنة 1980. ومحكمة جرائم الاشتباه بالإسكندرية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بإيداع المتهم - الطاعن - إحدى مؤسسات العمل لمدة سنة مع النفاذ. فاستأنف المحكوم عليه. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف إلى وضع المتهم تحت مراقبة الشرطة لمدة ستة أشهر والنفاذ في المكان الذي يحدده وزير الداخلية.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاشتباه قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه لم يعرض لما تمسك به الطاعن من أنه لم يصدر ضده حكم بالإدانة وأنه يعمل موظفاً بالشركة المصرية للملاحة البحرية وأنه حسن السير والسلوك أو يرد على ما قدمه من مستندات مثبتة لذلك..... إلخ.
وحيث إن المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 في شأن المتشردين والمشتبه فيهم إذ عدت مشتبهاً فيه من حكم عليه أكثر من مرة في إحدى الجرائم الواردة بها ومنها جرائم الاعتداء على المال - إذا اشتهر عنه لأسباب مقبولة بأنه اعتاد ارتكاب هذه الجرائم فقد دلت بذلك على أن الاشتباه حالة تقوم في نفس خطرة قابلة للإجرام، وهذا الوصف بطبيعته ليس فعلاً يحس به من الخارج ولا واقعة مادية يدفعها نشاط الجاني إلى الوجود وإنما افترض الشارع بهذا الوصف كون الخطر في شخص المتصف به ورتب عليه محاسبته وعقابه، كما دلت على أن الاشتهار - والسوابق قسيمان في إبراز هذه الحالة الواحدة متعادلان في إثبات وجودها وأن السوابق لا تنشئ بذاتها الاتجاه الخطر الذي هو مبنى الاشتباه, وإنما تكشف عن وجوده وتدل عليه أسوة بالاشتهار، ومن ثم جاز الاعتماد على الاتهامات المتكررة التي توجه إلى المتهم ولو لم تصدر بشأنها أحكام ضده - متى كانت قريبة البون نسبياً - وكانت من الجسامة أو الخطورة بما يكفي لإقناع القاضي بأن صاحبها خطر يجب التحرز منه، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإدانة الطاعن استناداً إلى ما تضمنه محضر الضبط من أنه سبق اتهامه وإدانته وأنه لا زال يزاول نشاطه الإجرامي، وليس له وسيلة للتعيش دون أن يفصح الحكم عن نوع الاتهامات التي وجهت إلى الطاعن والتي تضمنها محضر الضبط أو يبحث وقائع تلك الاتهامات ليتبين مدى الجدية فيها وأثرها في توافر حالة الاشتباه القائمة على الاشتهار فضلاً عن إغفاله بيان المستندات التي قدمها الطاعن للتدليل على حسن سلوكه أو الرد عليها مكتفياً بالإشارة إلى تقديمها مما يصمه بعيب القصور والإخلال بحق الدفاع. لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.