أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 23 - صـ 418

جلسة 15 من مارس سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، وجودة أحمد غيث، وحامد وصفي، ومحمد عادل مرزوق.

(66)
الطعن رقم 493 لسنة 35 القضائية

(أ، ب) تأمينات اجتماعية. عمل.
( أ ) حلول نظام المعاش محل نظام مكافأة الخدمة اعتباراً من أول يناير سنة 1962. م 4. ق 143 لسنة 1961.
(ب) حق العامل المؤمن عليه وحده في طلب اقتضاء المكافأة المستحقة عن مدة خدمته بدلاً من احتسابها في المعاش وذلك خلال خمس السنوات التالية لصدور القانون 143 لسنة 1961. المستحقون عن العامل ليس لهم هذا الحق.
(ج) قانون. "تفسير القانون".
إذا كان النص القانوني واضحاً فلا محل للاستهداء بحكمة التشريع.
1 - مفاد نص المادة الرابعة من القانون 143 لسنة 1961 بتعديل بعض أحكام قانون التأمينات الاجتماعية رقم 92 لسنة 1959 - وقبل صدور القانون رقم 63 لسنة 1964، والمادة 71 مكرراً من القانون 92 لسنة 1959 بعد تعديله بالقانون رقم 143 لسنة 1961 أنه ابتداءً من تاريخ العمل بالقانون رقم 143 لسنة 1961 في أول يناير سنة 1962، حل نظام المعاش محل نظام مكافأة الخدمة في حال انتهاء العقد بسبب الشيخوخة أو العجز أو الوفاة، فأصبح هو الأصل الواجب اتباعه، أما الأحكام المتعلقة بمكافأة نهاية الخدمة، فلا تسري إلا في الحدود التي يرد فيها نص خاص، وقد استهدف المشرع بهذا التعديل على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون، تطوير نظام مكافآت نهاية الخدمة إلى نظام للمعاش "وقاية للمواطنين من شرور الحاجة عند التقاعد أو العجز، ورعاية أسرهم بعد وفاة العائل، وتوجيه حصيلة المدخرات إلى تمويل خطة التنمية الاقتصادية فتفتح آفاقاً واسعة، وتتيح فرصاً جديدة لتشغيل العمال ومواجهة تزايد عدد المكان".
2 - أجاز المشرع في الفقرة الثالثة من المادة 71 مكرراً من القانون رقم 92 لسنة 1959 بعد تعديله بالقانون رقم 143 لسنة 1961، للمؤمن عليهم الذين تنتهي مدة خدمتهم خلال السنوات الخمس التالية لصدور القانون إذا بلغت مدة اشتراكهم في التأمين مضافاً إليها المدة السابقة 240 شهراً أو أكثر، أن يطلبوا اقتضاء المكافأة المستحقة عن مدة خدمتهم السابقة بدلاً من احتسابها في المعاش، وقد ورد هذا النص استثناءً من الأصل فلا يجوز التوسع فيه، ويتعين قصر الرخصة المقررة به حسبما هو واضح من عبارته الصريحة على المؤمن عليهم وحدهم الذين تنتهي مدة خدمتهم وهم على قيد الحياة خلال مدة خمس السنوات التالية لصدور القانون متى توافرت باقي الشروط المطلوبة، دون المستحقين عن المؤمن عليهم المذكورين، يدل على ذلك أنه واضح من نص الفقرة "ب" من المادة الأولى والمادة الثانية من القانون 92 لسنة 1959 أن المقصود بالمؤمن عليهم هم العمال وكذلك المتدرجون منهم، يؤكد هذا النظر أن المشرع أضاف المادة 89 بالقانون رقم 155 لسنة 1961 ونظم بها كيفية توزيع المكافأة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 71 مكرراً، وتعويض الدفعة الواحدة على المستحقين عن المؤمن عليهم، فقرر أنه في هذه الحالات توزع المكافأة والتعويض طبقاً لأحكام المادة 82 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959، ولم ينظم المشرع كيفية توزيع المكافأة المنصوص عليها في الفقرة الثالثة، مما يدل على أن حكمها إنما ينصرف إلى المؤمن عليه وحده دون المستحقين عنه. ولا محل للاستشهاد بحكم المادة 68 من القانون رقم 92 لسنة 1959 بعد تعديلها بالقانون رقم 143 لسنة 1961 والتي تقضي بأن تصرف للمستحقين عن المؤمن عليه في حالة فقده معونة تعادل معاش الوفاة، ذلك أن نص الفقرة الثالثة من المادة 71 مكرراً هو نص استثنائي على ما سلف البيان، فلا يجوز التوسع في تفسيره عن طريق القياس أو الاستنتاج من باب أولى كما ذهب الحكم المطعون فيه.
3 - الاستناد إلى حكمة التشريع، لا يكون إلا عند غموض النص أو وجود لبس فيه، أما إذا كان النص واضحاً جلي المعنى، فإنه لا يجوز الخروج عليه أو تأويله بدعوى الاستهداء بالحكمة التي أملته.


المحكمة.

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 1 سنة 1964 عمال القاهرة الابتدائية ضد الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية - الطاعنة - طلبت فيها الحكم بإلزامها بأن تدفع لها مبلغ 477 ج والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد، وقالت شرحاً لدعواها إن ولدها زكي داود سليمان التحق بخدمة الديوان البطريركي للأقباط الأرثوذكس في 1/ 11/ 1937، وظل يعمل به إلى أن توفي بتاريخ 6/ 6/ 1963 عن مدة خدمة قدرها 25 سنة و11 شهراً و5 أيام يستحق عنها مبلغ 477 ج مكافأة طبقاً لأحكام القانون رقم 91 لسنة 1959، وإذ كانت هي المستحقة الوحيدة لهذه المكافأة فقد أخطرتها الطاعنة بأنها قررت لها معاشاً شهرياً قدره 715 مليماً طبقاً لأحكام القانون رقم 143 لسنة 1961 غير أنها وقد بلغها الكبر ومصلحتها ظاهرة في اقتضاء المكافأة بدلاً من المعاش وطالبت الطاعنة بقيمتها ولم تستجب إليها، فقد أقامت دعواها للحكم بطلباتها سالفة البيان، وبتاريخ 14/ 11/ 1964 حكمت المحكمة بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون عليها مبلغ 477 ج و769 مليماً المكافأة المستحقة عن مدة خدمة مورثها المرحوم زكي داود سليمان بدلاً من احتسابها في المعاش والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 2/ 1/ 1964 حتى تمام السداد. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه والحكم برفض الدعوى، وقيد هذا الاستئناف برقم 1691 سنة 81 ق، وبتاريخ 19/ 5/ 1965 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بأحقية المطعون عليها في اقتضاء مكافأة نهاية الخدمة المستحقة لولدها بدلاً من احتسابها في المعاش استناداً إلى نص الفقرة الثالثة من المادة 71 مكرراً من القانون رقم 143 لسنة 1961 باعتبار أن المستحقين عن المؤمن عليه يحق لهم التمتع بكافة المزايا التي منحها له المشرع، ولأن المادة 68 من القانون المذكور تجيز للمستحقين في حالة فقد المؤمن عليه اقتضاء معونة مالية تعادل معاش الوفاة، وهو من الحكم خطأ في تطبيق القانون، ذلك أن القانون رقم 143 لسنة 1961 استبدل بنظام مكافأة نهاية الخدمة نظام المعاش، ومنذ العمل بهذا القانون لا يجوز للمؤمن عليهم اقتضاء مكافأة نهاية الخدمة إلا في الحالات الاستثنائية التي ورد بشأنها نص خاص، وإذ أجازت الفقرة الثالثة من المادة 71 مكرراً للمؤمن عليهم - خلال السنوات الخمس التالية لصدوره - المطالبة باقتضاء المكافآت المستحقة عن مدة الخدمة السابقة بدلاً من احتسابها في المعاش، فلا يجوز التوسع في تفسير هذا الاستثناء، بل يجب قصره على المؤمن عليهم، هذا إلى أن الحكم أخطأ بقياس حالة الدعوى على حالة المستحقين على المؤمن عليه المفقود، لأن ما يصرف لهؤلاء من معونة تعادل معاش الوفاة وفقاً للمادة 68 سالفة الذكر لا يعد مكافأة، وإنما هو معاش كالذي يصرف للمستحقين عن المؤمن عليه الذي توفى.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه لما كانت المادة الرابعة من القانون رقم 143 لسنة 1961 بتعديل بعض أحكام قانون التأمينات الاجتماعية رقم 92 لسنة 1959 - وقبل صدور القانون رقم 63 لسنة 1964 - تنص على أنه "لا تسري الأحكام المتعلقة بمكافأة نهاية الخدمة المشار إليها في قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 على المؤمن عليهم المنتفعين بأحكام هذا القانون إلا فيما يرد به نص خاص، وكانت المادة 71 مكرراً من القانون رقم 92 لسنة 1959 بعد تعديله بالقانون رقم 143 لسنة 1961 تنص على أنه "مع عدم الإخلال بأحكام المواد 58 و71 و78 تدخل المدة السابقة لاشتراك المؤمن عليه في هذا التأمين والتي يستحق عنها مكافأة وفقاً لأحكام قانون العمل المشار إليه ضمن مدة الاشتراك في هذا التأمين ويحسب عنها معاش بواقع 1% من متوسط الأجر الشهري في السنوات الثلاث الأخيرة من مدة الاشتراك الفعلية أو كامل المدة إن قلت عن ذلك عن كل سنة من سنوات المدة السابقة المشار إليها. فإذا لم تبلغ مدة اشتراك المؤمن عليه في التأمين مضافاً إليها المدة السابقة 240 شهراً استحق المؤمن عليه مكافأة عن المدة السابقة تحسب وفقاً لقانون العمل المشار إليه وعلى أساس الأجر الأخير قبل ترك الخدمة. على أنه يجوز خلال السنوات الخمس التالية لصدور هذا القانون للمؤمن عليهم الذين بلغت مدة اشتراكهم في التأمين مضافاً إليها المدة السابقة 240 شهراً أو أكثر إذا انتهت خدمتهم خلال المدة المذكورة أن يطلبوا اقتضاء المكافآت المستحقة عن مدة خدمتهم السابقة طبقاً لأحكام الفقرة السابقة بدلاً من احتسابها في المعاش طبقاً لأحكام الفقرة الأولى من هذه المادة"، وكان مفاد ذلك أنه ابتداءً من تاريخ العمل بالقانون رقم 143 لسنة 1961 في أول يناير سنة 1962 حل نظام المعاش محل نظام مكافأة الخدمة في حال انتهاء العقد بسبب الشيخوخة أو العجز أو الوفاة، فأصبح هو الأصل الواجب اتباعه، أما الأحكام المتعلقة بمكافأة نهاية الخدمة فلا تسري إلا في الحدود التي يرد فيها نص خاص، وقد استهدف المشرع بهذا التعديل على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون تطوير نظام مكافآت نهاية الخدمة إلى نظام للمعاش "وقاية للمواطنين من شرور الحاجة عند التقاعد أو العجز ورعاية أسرهم بعد وفاة العائل، وتوجيه حصيلة المدخرات إلى تمويل خطة التنمية الاقتصادية لتفتح آفاقاً واسعة وتتيح فرصاً جديدة لتشغيل العمال ومواجهة تزايد عدد السكان" ولما كان المشرع قد أجاز في الفقرة الثالثة من المادة 71 مكرراً سالفة الذكر للمؤمن عليهم الذين تنتهي مدة خدمتهم خلال السنوات الخمس التالية لصدور القانون إذا بلغت مدة اشتراكهم في التأمين مضافاً إليها المدة السابقة 240 شهراً أو أكثر أن يطلبوا اقتضاء المكافأة المستحقة عن مدة خدمتهم السابقة بدلاً من احتسابها في المعاش، وكان هذا النص قد ورد استثناء من الأصل فلا يجوز التوسع فيه، ويتعين قصر الرخصة المقررة به حسبما هو واضح من عبارته الصريحة على المؤمن عليهم وحدهم الذين تنتهي مدة خدمتهم وهم على قيد الحياة خلال خمس السنوات التالية لصدور القانون متى توافرت باقي الشروط المطلوبة دون المستحقين عن المؤمن عليهم المذكورين، يدل على ذلك أنه واضح من نص الفقرة "ب" من المادة الأولى والمادة الثانية من القانون 92 لسنة 1959 أن المقصود بالمؤمن عليهم هم العمال وكذلك المتدرجون منهم، يؤكد هذا النظر أن المشرع أضاف المادة 89 بالقانون رقم 155 لسنة 1961 ونظم بها كيفية توزيع المكافأة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 71 مكرراً وتعويض الدفعة الواحدة على المستحقين عن المؤمن عليهم، فقرر أنه في هذه الحالات توزع المكافأة والتعويض طبقاً لأحكام المادة 82 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 ولم ينظم المشرع كيفية توزيع المكافأة المنصوص عليها في الفقرة الثالثة، مما يدل على أن حكمها إنما ينصرف إلى المؤمن عليه وحده دون المستحقين عنه، وكان لا حل للاستشهاد بحكم المادة 68 من القانون رقم 92 لسنة 1959 بعد تعديلها بالقانون رقم 143 لسنة 1961 والتي تقضي بأن يصرف للمستحقين عن المؤمن عليه في حالة فقده معونة تعادل معاش الوفاة، ذلك أن نص الفقرة الثالثة من المادة 71 مكرراً هو نص استثنائي على ما سلف البيان فلا يجوز التوسع في تفسيره عن طريق القياس أو الاستنتاج من باب أولى كما ذهب الحكم المطعون فيه، وكان لا وجه أيضاً للاستناد إلى الحكمة من التشريع لأن ذلك إنما يكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه، أما إذا كان النص واضحاً جلي المعنى فإنه لا يجوز الخروج عليه أو تأويله بدعوى الاستهداء بالحكمة التي أملته. لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر وقضى بأحقية المطعون عليها في اقتضاء مكافأة نهاية الخدمة المستحقة عن ولدها بدلاً من احتسابها في المعاش، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم فإنه يتعين القضاء بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى.