أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 1010

جلسة 29 من نوفمبر سنة 1983

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد العزيز الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد محمود هيكل نائب رئيس المحكمة، محمد عبد المنعم البنا, محمد حسين لبيب ومقبل شاكر.

(204)
الطعن رقم 1872 لسنة 53 القضائية

(1) تلبس. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". "تفتيش بغير إذن".
التلبس. ماهيته؟
الارتباك والحيرة بمجردها. ليست دلائل كافية في التلبس.
(2) جمارك. موظفين. مأمورو الضبط القضائي. "تفتيش بغير إذن".
التفتيش الجمركي من نوع خاص. عدم تقيده بقيود القبض والتفتيش المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية أو ما توجبه المادة 41 من الدستور.
عدم اشتراط توافر صفة مأمور الضبط القضائي فيمن يجري التفتيش من موظفي الجمارك.
قصر حق إجراء التفتيش المنصوص عليه في المادة 26 من القانون 66 لسنة 1963 على موظفي الجمارك دون من يعاونهم من رجال السلطات الأخرى.
حقهم ومن يعاونهم من رجال السلطات الأخرى في مطاردة البضائع المهربة ومتابعتها عند خروجها من الرقابة الجمركية. ومعاينة القوافل المارة في الصحراء وتفتيشها عند الاشتباه وضبط الأشخاص والبضائع ووسائل النقل. المادة 29 من القانون 66 لسنة 1963.
(3) تلبس. مأمورو الضبط القضائي. جمارك. "تفتيش بغير إذن". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
قيام مأمورو الضبط القضائي من غير موظفي الجمارك بتفتيش الطاعن داخل الدائرة الجمركية دون قيام حالة من حالات التلبس وبغير أمر قضائي غير جائز. أساس ذلك؟
1 - ليس في مجرد ما يبدو على الفرد من حيرة وارتباك مهما بلغا ما يمكن اعتباره دلائل كافية على وجود اتهام يبرر القبض عليه وتفتيشه.
2 - لما كان المشرع إذ نص في المادة 26 من القانون 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك على أن "لموظف الجمارك الحق في تفتيش الأماكن والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية وفي الأماكن والمستودعات الخاضعة لإشراف الجمارك, وللجمارك أن تتخذ التدابير التي تراها كفيلة بمنع التهريب داخل الدائرة الجمركية" قد أفصح عن أن الغاية من التفتيش الذي تجريه الجمارك وفقاً لأحكام هذه المادة هو منع التهريب داخل الدائرة الجمركية وأنه تفتيش من نوع خاص لا يتقيد بقيود القبض والتفتيش المنظمة بأحكام قانون الإجراءات الجنائية وبما توجبه المادة 41 من الدستور من استصدار أمر قضائي في غير حالة التلبس، كما لم يتطلب المشرع توافر صفة مأمور الضبط القضائي فيمن يجري التفتيش من موظفي الجمارك.
3 - متى كان من أجرى تفتيش الطاعن ضابط بإدارة البحث الجنائي بمطار القاهرة الدولي وكان قد أجراه دون استصدار أمر قضائي ودون قيام حالة من حالات التلبس فإن ما وقع على الطاعن هو قبض صريح ليس له ما يبرره ولا سند له من القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: صدر جوهرين مخدرين (حشيشاً وعقار الميتاكوالون) دون حصوله على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة. وأحيل إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً في 2 من أكتوبر سنة 1982 عملاً بالمواد 1 و2 و3 و33/ 1 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبندين 57 و94 من الجدول رقم 1 الملحق مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمه مبلغ ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تصدير جوهرين مخدرين قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون فيما أورده رداً على الدفع ببطلان القبض والتفتيش مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "إنه بتاريخ 8 - 9 - 1981 بينما كان...... الضابط بإدارة البحث الجنائي بمطار القاهرة الدولي يباشر عمله رابه ارتباك باد على المسافر.... "الطاعن" وإذ سأله عن ذلك زاد ارتباكه فصحبه حيث قام بتفتيشه فعثر معه على ثلاث قطع أبان التحليل أنها من جوهر الحشيش لاصقة بأجزاء من جسمه تزن ما يزيد على الكيلو جرام كما عثر معه على ستة وعشرين قرصاً أبان التحليل أنها من عقار الميتاكوالون، واعترف له بأنه كان مسافراً بها إلى السعودية ليبيعها هناك بمبلغ عشرون ألف ريال سعودي" ثم عرض الحكم للدفع ببطلان القبض والتفتيش وأطرحه في قوله وحيث إن الدلائل المبررة للضبط والتفتيش إنما هي مسالة موضوعية تقدرها المحكمة وهي ترتبط بظروف كل واقعة، وفي واقعة الدعوى عندما تبدو علامات الارتباك على مسافر عندما يرى ضابطاً بصالة السفر فإن مظاهر الارتباك تكفي كدلائل على أنه مخالف لصورة ما كتهريب نقد أو مخدر أو غيره، فإذا ازداد ارتباكه دون إبداء سبب مبرر فإن هذا يكفي في ظروف الواقعة لإجراء تفتيشه ليتبين وجه المخالفة التي كانت سبباً في هذه العلامات البادية عليه فإذا ضبط مخدراً آنذاك فلا بطلان، ومن ناحية ثانية فإن من لهم صفة الضبط القضائي داخل الدائرة الجمركية أو في حدود دائرة الرقابة الجمركية لا يتقيد بقيود الضبط والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية بالنسبة للأشخاص ومن ثم فلا حرج إذ رابه أمر المتهم فأجرى تفتيشه فعثر معه على المضبوطات. لما كان ذلك وكان لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الافتئات على حريات الناس والقبض عليهم بغير وجه حق، وقد كفل الدستور هذه الحريات باعتبارها أقدس الحقوق الطبيعية للإنسان بما نص عليه في المادة 41 منه من أن "الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة وفقاً لأحكام القانون". لما كان ذلك وكان من المقرر أن التلبس حالة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها، وكان مؤدى الواقعة كما حصلها الحكم المطعون فيه لا ينبئ عن أن الطاعن شوهد في حالة من حالات التلبس المبينة على سبيل الحصر في المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية، وليس صحيحاً في القانون ما ساقه الحكم المطعون فيه - تدليلاً على قيام حالة التلبس - من أن مظاهر الارتباك التي بدت على الطاعن عندما رأى الضابط بصالة السفر تكفي كدلائل على وجود اتهام يبرر القبض عليه وتفتيشه ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه ليس في مجرد ما يبدو على الفرد من حيرة وارتباك مهما بلغا ما يمكن اعتباره دلائل كافية على وجود اتهام يبرر القبض عليه وتفتيشه، لما كان ذلك، وكان المشرع إذ نص في المادة 26 من القانون 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك على أن "لموظف الجمارك الحق في تفتيش الأماكن والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية وفي الأماكن والمستودعات الخاضعة لإشراف الجمارك, وللجمارك أن تتخذ التدابير التي تراها كفيلة بمنع التهريب داخل الدائرة الجمركية" قد أفصح عن أن الغاية من التفتيش الذي تجريه الجمارك وفقا لأحكام هذه المادة هو منع التهريب داخل الدائرة الجمركية وأنه تفتيش من نوع خاص لا يتقيد بقيود القبض والتفتيش المنظمة بأحكام قانون الإجراءات الجنائية وبما توجبه المادة 41 من الدستور من استصدار أمر قضائي في غير حالة التلبس، كما لم يتطلب المشرع توافر صفة مأمور الضبط القضائي فيمن يجري التفتيش من موظفي الجمارك. لما كان ذلك، وكان المشروع قد قصر حق إجراء التفتيش المنصوص عليه في المادة 26 المشار إليها على موظفي الجمارك وحدهم دون أن يرخص بإجرائه لمن يعاونهم من رجال السلطات الأخرى على غرار النص في المادة 29 من ذات القانون على أن "لموظفي الجمارك ومن يعاونهم من رجال السلطات الأخرى حق مطاردة البضائع المهربة ولهم أن يتابعوا ذلك عند خروجها من نطاق الرقابة الجمركية ولهم أيضاً حق المعاينة والتفتيش على القوافل المارة في الصحراء عند الاشتباه في مخالفتها لأحكام القانون ولهم في هذه الأحوال حق ضبط الأشخاص والبضائع ووسائل النقل واقتيادهم إلى أقرب فرع للجمارك". لما كان ذلك وكانت مواد قانون الجمارك قد خلت من نص يخول مأموري الضبط القضائي من غير موظفي الجمارك حق تفتيش الأشخاص داخل الدائرة الجمركية وكانت المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية - بعد تعديلها بالقانون رقم 37 لسنة 1973 المتعلق بضمان حريات المواطنين لا تجيز لمأمور الضبط القضائي القبض على المتهم وتفتيشه بغير أمر قضائي - إعمالاًً للمادة 46 إجراءات جنائية - إلا في أحوال التلبس بالجريمة وبالشروط المنصوص عليها فيها وكان الثابت في مدونات الحكم المطعون فيه أن من أجرى تفتيش الطاعن ضابط بإدارة البحث الجنائي بمطار القاهرة الدولي, وكان قد أجراه دون استصدار أمر قضائي ودون قيام حالة من حالات التلبس فإن ما وقع على الطاعن هو قبض صريح ليس له ما يبرره ولا سند له من القانون، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وكان ما أورده تبريراً لإطراحه دفع الطاعن ببطلان إجراءات القبض والتفتيش لا يتفق مع صحيح القانون ولا يؤدي إلى ما رتبه عليه فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون خطأ حجبه عن تقدير أدلة الدعوى مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإحالة.