أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 23 - صـ 424

جلسة 16 من مارس سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

(67)
الطعن رقم 443 لسنة 36 القضائية

( أ ) حكم. "حجية الحكم". صورية. قوة الأمر المقضي. بيع.
الحكم بناءً على طلب الدائن بصورية العقد الصادر من مدينه للغير. لا حجية له في دعوى المنازعة في صحته التي تقوم فيما بعد بين طرفيه لاختلاف الخصوم.
(ب) إثبات. "طرق الإثبات". "الكتابة". صورية. "إثبات الصورية".
عدم جواز إثبات صورية العقد الثابت بالكتابة فيما بين المتعاقدين وورثتهما إلا بالكتابة.
1 - الحكم الذي يقضي بناءً على طلب الدائن بصورية العقد الصادر من مدينه للغير لا يكون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - حجة على صورية هذا العقد في دعوى المنازعة في صحته التي تقوم فيما بعد بين طرفيه لاختلاف الخصوم في الدعويين. وإذ كان الثابت أن الخصوم في الدعوى السابقة هم الدائنة... المدعية، والمورث والطاعن المتصرف إليه مدعى عليهما، وأنه لم تكن هناك خصومة مرددة بين المورث المتصرف والطاعن المتصرف إليه في شأن صحة العقد، بل تمسك كل منهما بصحته، وبطلب رفض دعوى الدائنة بإبطاله، وكان قيام الدائن بإثبات صورية التصرف الحاصل من مدينه إضراراً به لا يؤثر على قيام التصرف ذاته فيما بين المتعاقدين، فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر، واكتفى في قضائه بما زعمه عن حجية الحكم الصادر في الدعوى السابقة للقول بصورية عقد الطاعن المسجل، يكون قد خالف القانون، وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.
2 - إثبات صورية التصرف فيما بين المتعاقدين وورثتهم لا يكون إلا طبقاً للقواعد العامة، فلا يجوز لهم إثبات صورية العقد الثابت بالكتابة بغير الكتابة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن عبد الحميد سليمان عبد الرحمن أقام الدعوى رقم 588 لسنة 1962 مدني كلي سوهاج ضد أحمد سليمان عبد الرحمن وآخرين (المطعون عليهم) طالباً الحكم بإلزامهم بأن يدفعوا له من تركة مورثهم المرحوم سليمان عبد الرحمن جابر مبلغ 8008 ج و333 م، وقال في بيانها إن المرحوم سليمان عبد الرحمن جابر مورثه ومورث المدعى عليهم باع له بعقد مؤرخ 25/ 12/ 1947 ومسجل في 10/ 1/ 1948 أطياناً زراعية مساحتها 25 ف و12 ط و18 س مبينة بالصحيفة، وقد أقام المدعى عليهما الرابع عشر والخامسة عشرة بصفتها الدعوى رقم 748 سنة 1947 مدني كلي سوهاج ضد البائع لهما المرحوم سليمان عبد الرحمن طالبين الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر منه في 25/ 7/ 1937 والمتضمن بيعه لهما مساحة 13 ف و8 ط و8 س تدخل ضمن الأطيان المبيعة له وبطلان العقدين المؤرخين 25/ 12/ 1947، 10/ 1/ 1948 الصادرين للمدعي وأخيه من ذات البائع لهما لصوريتهما، وقد حكم نهائياً في هذه الدعوى الأخيرة بصحة عقد المدعين فيها وبطلان عقده بالنسبة لمساحة 13 ف و8 ط و8 س لصوريته صورية مطلقة، ولما كان أثر هذا الحكم قاصراً على عدم نفاذ عقده فيما يتعلق بهذه المساحة بالنسبة للمدعيين في تلك الدعوى ويبقى العقد منتجاً لآثاره بالنسبة للبائع له باعتباره ملزماً بضمان الاستحقاق فقد أقام هذه الدعوى بطلباته السابقة، وفي 29/ 12/ 1963 حكمت المحكمة برفض الدعوى، واستأنف المدعي هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط طالباً إلغاءه والحكم بطلباته الأصلية، وقيد هذا الاستئناف برقم 37 سنة 39 ق أسيوط، وفي 8/ 6/ 1966 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين بالتقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم، وطلب المطعون عليه الأول رفض الطعن ولم يحضر باقي المطعون عليهم ولم يبدوا دفاعاً، وأصرت النيابة العامة على الرأي الوارد بمذكرتها وطلبت نقض الحكم.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن في السبب الأول على الحكم المطعون فيه أنه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، ذلك أنه اعتمد في قضائه برفض التعويض المطالب به على أن الحكم النهائي الصادر في الدعوى رقم 748 لسنة 1947 كلي سوهاج ببطلان التصرف الصادر من مورث المطعون عليهم للطاعن يعتبر حجة عليه في الدعوى الحالية، ورتب الحكم على ذلك تقريره بانعدام قيام العقد بين العاقدين، في حين أن البطلان المقضى به إنما يقصد به عدم نفاذ التصرف في حق المشتري الآخر من نفس البائع مع بقائه قائماً بالنسبة للعاقدين، وأن الحكم الصادر في دعوى إبطال التصرف سواء للصورية أو للتصرف الضار المرفوعة من الدائن على المدين المتصرف والمتصرف إليه لا يعتبر حجة إلا بين الدائن ومدينه، وليس له من أثر في دعوى المنازعة في صحة التصرف التي تقوم فيما بين المتعاقدين لعدم اتحاد الخصوم في كلتا الدعويين.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه إلى قوله "إنه لا محل للجدل القانوني الذي يثيره المستأنف (الطاعن) بشأن التصرفات الحاصلة بين الدائن ومدينه وبين المتصرف له أو اختلاف أحكام الصورية بالنسبة للغير وبين المتعاقدين فهذه كلها مسائل لا شأن للنزاع في حقيقة وبساطة صورته بها، ذلك أن الواضح أن المستأنف إنما يؤسس دعواه على أنه اشترى من مورثه قطعة أرض بعقد، ثم استحق من بين هذه القطعة قطعة أخرى لآخرين من الورثة، وأنه على هذا الأساس يطلب الحكم له بثمن القدر الذي استحق للغير تعويضاً له عن تصرف المورث الذي أجرى التصرفين، فإذا كانت الأوراق قد نطقت بأن العقد الذي يستند إليه قد اعتبر عقداً صورياً بحكم ابتدائي واستئنافي نهائي له حجيته، كما أشير في أسباب ذلك الحكم إلى أن الثمن الذي ورد بالعقد صوري، بمعنى أن المستأنف لم يدفع شيئاً ثمناً للأرض التي استحقت لأن عقده كان صورياً بالنسبة لها، فإنه يكون من البداهة أن مطالبته بهذا الثمن لا أساس لها" وهذا الذي قرره الحكم خطأ ومخالفة للقانون، ذلك أن الحكم الذي يقضي بناءً على طلب الدائن بصورية العقد الصادر من مدينه للغير لا يكون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - حجة على صورية هذا العقد في دعوى المنازعة في صحته التي تقوم فيما بعد بين طرفيه لاختلاف الخصوم في الدعويين. وإذ كان الثابت أن الخصوم في الدعوى رقم 748 سنة 1947 كلي سوهاج هم الدائنة برلنتي أحمد البدري عن نفسها وبصفتها طرفاً مدعياً والمورث والطاعن المتصرف إليه مدعى عليهما، وأنه لم تكن هناك خصومة مرددة بين المورث المتصرف والطاعن المتصرف إليه في شأن صحة العقد، بل تمسك كل منهما بصحته وبطلب رفض الدعوى الدائنة بإبطاله، وكان قيام الدائن بإثبات صورية التصرف الحاصل من مدينه إضراراً به لا يؤثر على قيام التصرف ذاته فيما بين المتعاقدين، وكان إثبات صورية التصرف فيما بين هؤلاء وورثتهم لا يكون إلا طبقاً للقواعد العامة فلا يجوز لهم إثبات صورية العقد الثابت بالكتابة بغير الكتابة. إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر واكتفى في قضائه بما زعم من حجية الحكم الصادر في الدعوى رقم 748 سنة 1947 كلي سوهاج للقول بصورية عقد الطاعن المسجل، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث السبب الثاني.


[(1)] نقض 9/ 5/ 1946 مجموعة القواعد القانونية في 25 سنة. بند 299. صـ 64.