أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 23 - صـ 439

جلسة 21 من مارس سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ بطرس زغلول نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، وعدلي مصطفى بغدادي، وأحمد ضياء الدين حنفي.

(70)
الطعن رقم 212 لسنة 37 القضائية

( أ ) إثبات. الادعاء بالتزوير. الأوراق المدعى بتزويرها. دعوى. إجراءات الدعوى.
لا يلزم إثبات الأمر بضم الأوراق المدعى بتزويرها والاطلاع عليها بمحضر الجلسة أو بأي محضر آخر. علة ذلك.
(ب) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير أقوال الشهود". إثبات. تقدير. أقوال الشهود.
استقلال محكمة الموضوع بتقدير أقوال الشهود. مؤداه.
(ج) إثبات. شهادة الشهود.
لا عبرة إلا بالشهادة التي يدلي بها الشاهد أمام المحكمة بعد حلف اليمين.
(د) حكم. "ما لا يعد قصوراً". دفاع. محكمة الموضوع.
حسب محكمة الموضوع أن تقيم قضاءها وفقاً للمستندات والأدلة المطروحة عليها بما يكفي لحمله. تكليف الخصوم بتقديم الدليل على دفاعهم، أو لفت نظرهم لمقتضياته. غير لازم.
(هـ) إثبات. الادعاء بالتزوير. بطلان. صورية.
عدم جواز الحكم بصحة الورقة التي أخفق الخصم في إثبات تزويرها، وفي موضوع الدعوى معاً. علة ذلك.
1 - الأوراق المدعى بتزويرها لا تعدو أن تكون من أوراق القضية، فلا يعتبر الأمر بضمها والاطلاع عليها إجراء من إجراءات الدعوى، التي يلزم إثباتها في محضر الجلسة أو في أي محضر آخر.
2 - إذ كان ما أوردته محكمة الاستئناف في شأن أقوال الشهود، لا يخرج عما هو ثابت في التحقيق، كما أن ما استخلصته منها لا يتجافى مع عبارتها، ومن شأنه أن يؤدي إلى ما انتهت إليه، وكان تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها هو مما تستقل به محكمة الموضوع، ولا سلطان لأحد عليها في ذلك، إلا أن تخرج بتلك الأقوال إلى غير ما يؤدي إليه مدلولها، وهي غير مقيدة بالرأي الذي يبديه الشاهد تعليقاً على ما رآه أو سمعه، فلها أن تأخذ ببعض أقواله بما ترتاح إليه وتثق به دون بعضها الآخر، بل إن لها أن تأخذ بمعنى للشهادة دون معنى آخر تحتمله أيضاً، ما دام المعنى الذي أخذت به لا يتجافى مع عبارتها، فإن المجادلة في ذلك لا تعدو أن تكون مجادلة في تقدير المحكمة لأقوال الشهود بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير تلك التي أخذ بها الحكم.
3 - العبرة بالشهادة التي يدلي بها الشاهد أمام المحكمة بعد حلف اليمين ولا قيمة لما يقدمه الشهود من إقرارات مكتوبة لأحد طرفي الخصومة.
4 - محكمة الموضوع غير ملزمة بتكليف الخصوم بتقديم الدليل على دفاعهم، أو لفت نظرهم إلى مقتضيات هذا الدفاع، وحسبها أن تقيم قضاءها وفقاً للمستندات والأدلة المطروحة عليها بما يكفي لحمله.
5 - مفاد نص المادة 276 من قانون المرافعات السابق، أنه لا يجوز الحكم بصحة الورقة، وفي الموضوع معاً، بل يجب أن يكون القضاء بصحة الورقة سابقاً على الحكم في موضوع الدعوى، حتى لا يحرم الخصم الذي أخفق في إثبات تزوير الورقة من أن يقدم ما عسى أن يكون لديه من مطاعن على التصرف المثبت فيها، إذ ليس في القانون ما يحول دون التمسك بطلب بطلان التصرف أو صوريته بعد الإخفاق في الادعاء بتزوير الورقة المثبتة لهذا التصرف لاختلاف نطاق ومرمى كل من الطعنين عن الآخر، إذ يقتصر الأمر في الادعاء بالتزوير على إنكار صدور الورقة من المتصرف دون التعرض للتصرف ذاته من حيث صحته وبطلانه، فإذا ما ثبت للمحكمة فساد الادعاء بالتزوير وصحة إسناد التصرف إلى المتصرف، فإن ذلك لا يقتضي بطريق اللزوم أن يكون هذا التصرف صحيحاً وجدياً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى، أقامت على الطاعنة الدعوى رقم 1164 سنة 1964 كلي الجيزة، وطلبت الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 19/ 2/ 1957 الصادر من الطاعنة إلى مورثها المرحوم علي كامل فهمي ببيع 6 ف و19 ط و12 س أطياناً زراعية شيوعاً في 44 ف و23 ط و5 س مبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى لقاء ثمن مقداره 1670 ج، وركنت في إثبات دعواها إلى عقد البيع المشار إليه. تدخلت المطعون ضدها الثانية والثالثة في الدعوى منضمتين إلى الطاعنة في طلب رفضها، وادعت هذه الأخيرة بتزوير العقد تأسيساً على أن ابنها (مورث المطعون ضدها الأولى) قد حصل على توقيعها عليه بطريق المباغتة ودون أن تعلم بحقيقته، وبتاريخ 20/ 6/ 1965 قضت المحكمة بقبول تدخل المطعون ضدهما الثانية والثالثة وبإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت الطاعنة بشهادة الشهود أن ابنها المرحوم علي كامل فهمي حصل على توقيعها على عقد البيع المؤرخ 19/ 2/ 1957 بطريق المباغتة دون أن تبيع له الأطيان المبينة به وبغير علم منها بحقيقته، وبعد أن سمعت شهود الطاعنة قضت في 24/ 4/ 1966 برد وبطلان العقد المشار إليه وبرفض الدعوى. استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم بالاستئناف رقم 1032 سنة 83 ق، ومحكمة استئناف القاهرة حكمت في 19/ 2/ 1967 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الادعاء بالتزوير وبتغريم الطاعنة مبلغ 25 ج لصالح الخزانة وبصحة ونفاذ عقد البيع موضوع الدعوى في حدود خمسة أسداس القدر المبيع. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب تنعى الطاعنة بالثاني منها وقوع بطلان في الإجراءات أثر في الحكم المطعون فيه، وتقول في بيان ذلك إن محكمة الاستئناف قضت بصحة العقد المدعى بتزويره دون أن تطلع عليه، فلم يثبت في محاضر الجلسات أنها قد أمرت بضم المظروف الذي يحتويه من خزانة المحكمة الابتدائية، وأنها فضته واطلعت عليه، كما أن دفتر الطعون بمحكمة الجيزة الابتدائية وملف الدعوى الاستئنافية قد خلا كل منهما مما يفيد إرسال المظروف المحتوي على العقد إلى محكمة الاستئناف وضمه إلى أوراق الدعوى، بل إن هذا المظروف لم يؤشر عليه بأن تلك المحكمة قد فضته، ويترتب على إغفال هذا الإجراء وهو من الإجراءات الجوهرية التي يتعين اتخاذها بطلان الحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أورد في أسبابه "إن عقد البيع قد استوفى أركانه وشرائط صحته" ويبين من ذلك أن محكمة الاستئناف قد استمدت ما قررته في شأن العقد المدعى بتزويره من بيانات هذا العقد ذاته، وهو ما يفيد أنها أمرت بضمه وقامت بالاطلاع عليه وفحصه. ولما كانت الأوراق المدعى بتزويرها لا تعدو أن تكون من أوراق القضية فلا يعتبر الأمر بضمها والاطلاع عليها إجراء من إجراءات الدعوى التي يلزم إثباتها في محضر الجلسة أو في أي محضر آخر، وكانت الطاعنة لم تقدم الدليل على باقي الوقائع التي أشارت إليها بهذا السبب. لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال، وتقول في بيان ذلك إن محكمة الاستئناف خرجت بأقوال الشهود إلى ما لا يؤدي إليه مدلولها، وآية ذلك أن الشاهد محمد حمزة ذكر أنه وقع كشاهد على العقد المدعى بتزويره بناءً على طلب مورث المطعون ضدها الأولى "المشتري" في غير حضور والدته البائعة "الطاعنة" ودون أن يسألها عن حقيقة هذا العقد وقال إن الابن كان موضع ثقة والدته، وإنه كان وكيلاً عنها في إدارة شئونها. وعلى الرغم من أن هذه الأقوال تؤدي إلى تزوير العقد إلا أن الحكم المطعون فيه اتخذ منها دليلاً على صحته استناداً إلى ما قرره هذا الشاهد من أنه وقع على العقد اعتقاداً منه بأن البائعة كانت على علم بمضمونه، وترى الطاعنة أنه علاوة على أن هذا الاستخلاص غير سائغ، لأن الشاهد لا يسأل عن اعتقاده فإن هذا الشاهد قد صرح في أقواله بأن الابن قد حصل على توقيع والدته عن طريق المباغتة وقد أكد هذا المعنى الإقرار الصادر منه، كما جاءت أقوال الشاهدين الآخرين مؤيدة لذلك إذ شهدا بأن مورث المطعون ضدها الأولى طلب إليهما التوقيع في غياب والدته على عقد بيع صادر منها إليه ولكنهما رفضا، غير أن الحكم المطعون فيه ذهب إلى عكس ما تؤدي إليه أقوال الشهود، وقضى بصحة العقد المدعى بتزويره، وهو ما يعيبه بالخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه بعد أن لخص أقوال الشهود، قرر إنه "لما كان يبين من مجموع شهادة شهود المستأنف عليها الأولى "الطاعنة" أنهم لم يشهدوا على الواقعة التي كلفت المذكورة بإثباتها، وهي أن ولدها المرحوم علي كامل فهمي حصل على توقيعها على العقد المؤرخ 19/ 2/ 1957 محل النزاع مباغتة أو غشاً، أي أن هناك تزويراً معنوياً في العقد المذكور، فلم يشهد أي منهم بهذه الواقعة وبحصولها أمامه، وإنما كانت روايتهم عامة، خاصة بعلاقة المرحوم علي كامل فهمي بالأسرة، وأن والدته بعد فقد زوجها فقدت جميع أولادها الذكور عدا ابنها المذكور، وأنه كان لهذا السبب فضلاً عن أنه عين حارساً على التركة لإدارتها، وأن والدته لم تكن تمتنع عن التوقيع على ما يقدمه لها من أوراق، وهذه التفصيلات لا تؤدي إلى إثبات واقعة التزوير المعنوي، فقد قطع الشاهد الأول بأن المرحوم علي كامل فهمي لم يكن ليقدم لوالدته أوراقاً ليحصل على توقيعها عليها دون أن يعرفها بمضمونها، وأنه يعتقد أنها وقعت على هذا العقد وهي تعلم أنه يتضمن تصرفاً بالبيع لابنها، الأمر الذي تقتنع معه المحكمة بعجز المستأنف عليها "الطاعنة" عن إثبات هذه الواقعة" ولما كان ما أوردته محكمة الاستئناف في شأن أقوال الشهود لا يخرج عما هو ثابت في التحقيق، كما أن ما استخلصته منها لا يتجافى مع عبارتها ومن شأنه أن يؤدي إلى ما انتهت إليه، لما كان ذلك، وكان تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها هو مما تستقل به محكمة الموضوع ولا سلطان لأحد عليها في ذلك، إلا أن تخرج بتلك الأقوال إلى غير ما يؤدي إليه مدلولها، وهي غير مقيدة بالرأي الذي يبديه الشاهد تعليقاً على ما رآه أو سمعه، فلها أن تأخذ ببعض أقواله مما ترتاح إليه وتثق به دون بعضها الآخر، بل إن لها أن تأخذ بمعنى للشهادة دون معنى آخر تحتمله أيضاً ما دام المعنى الذي أخذت به لا يتجافى مع عبارتها. لما كان ذلك، فإن ما تثيره الطاعنة في هذا النعي لا يعدو أن يكون مجادلة في تقدير المحكمة لشهادة الشهود بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير تلك التي أخذ بها الحكم. ولا وجه لما تتحدى به الطاعنة من أن الشاهد "محمد حمزة" قد وقع على إقرار يقول فيه إن مورث المطعون ضدها الأولى قد حصل على توقيع والدته على العقد موضوع الدعوى بطريق المباغتة، لأن العبرة بالشهادة التي يدلي بها الشاهد أمام المحكمة بعد حلف اليمين، ولا قيمة لما يقدمه الشهود من إقرارات مكتوبة لأحد طرفي الخصومة، ومن ثم فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وتقول في بيان ذلك إنها ساقت أمام محكمة الموضوع عدة قرائن للتدليل بها على تزوير العقد هي (1) أن مورث المطعون ضدها الأولى قدم في قضية الحراسة رقم 796 سنة 1956 مدني ميت غمر كشوف حساب تتضمن توزيع الريع على المستحقين ومنهم الطاعنة عن ذات الأطيان موضوع عقد البيع في فترات لاحقة على تاريخ هذا العقد، الأمر الذي يستفاد منه اعتراف المشتري بأن والدته كانت ولا تزال مالكة للأطيان المبيعة حتى سنة 1959 وبالتالي إقراره بعدم حصول البيع (2) أن محضر حصر تركة المرحوم علي كامل فهمي والموقع عليه من المطعون ضدها الأولى قد خلا من الإشارة إلى عقد البيع الآنف ذكره، وأن الأطيان موضوع هذا العقد لم تدرج ضمن أعيان تركة المورث مما يدل على عدم صحته (3) ثابت من الحكم الصادر في الدعوى رقم 353 سنة 1959 مدني كلي الزقازيق المرفوعة من السيدة/ تماضر محمد فؤاد علي الطاعنة على مورث المطعون ضدها الأولى وباقي المطعون ضدهم أن الأطيان موضوع النزاع آلت إلى الطاعنة بمقتضى عقد بيع ابتدائي صادر من مصلحة الأملاك بتاريخ 21/ 7/ 1957 ومسجل في 4/ 1/ 1958، وهو لاحق على عقد البيع المدعى بتزويره ولا يتصور أن تبيع الطاعنة أطياناً لم تكن قد تملكتها، غير أن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع الجوهري وهو ما يعيبه بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان الثابت من الأوراق أن المستندات التي استدلت بها الطاعنة على تزوير العقد المشار إليه بسبب الطعن لم تكن تحت نظر محكمة الموضوع عند إصدار الحكم المطعون فيه، وإذ كانت محكمة الموضوع غير ملزمة بتكليف الطاعنة بتقديم الدليل على دفاعها أو لفت نظرها إلى مقتضيات هذا الدفاع، وحسبها أن تقيم قضاءها وفقاً للمستندات والأدلة المطروحة عليها بما يكفي لحمله. لما كان ذلك، فإن الحكم إذ أغفل التحدث عن هذا الدفاع الذي لم تقدم الطاعنة الدليل عليه، فإنه لا يكون قد شابه قصور في التسبيب. وحيث إنه لما تقدم يكون النعي على قضاء الحكم المطعون فيه برفض الادعاء بالتزوير على غير أساس متعين الرفض.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون وفي بيان ذلك تقول إن الحكم قضى برفض الادعاء بالتزوير وبصحة التعاقد ونفاذه في وقت واحد، دون أن يتيح للطاعنة فرصة لاستكمال دفاعها في موضوع الدعوى مخالفاً بذلك نص المادة 276 من قانون المرافعات السابق، التي تقضي بأن يكون الحكم بصحة الورقة أو برفض الادعاء بتزويرها سابقاً على الحكم في موضوع الدعوى. وإذ كان من حق الطاعنة بعد أن أخفقت في إثبات تزوير العقد أن تطعن عليه بالصورية أو بغير ذلك من المطاعن، فإن الحكم المطعون فيه إذ حرمها من هذا الحق بقضائه برفض الادعاء بالتزوير وبصحة ونفاذ التعاقد في وقت واحد، فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن المادة 276 من قانون المرافعات السابق تنص على أنه "إذا قضت المحكمة بصحة الورقة أو بردها أو قضت بسقوط الحق في إثبات صحتها أخذت في نظر موضوع الدعوى في الحال أو حددت لنظره أقرب جلسة، ومفاد ذلك أنه لا يجوز الحكم بصحة الورقة وفي الموضوع معاً، بل يجب أن يكون القضاء بصحة الورقة سابقاً على الحكم في موضوع الدعوى حتى لا يحرم الخصم الذي أخفق في إثبات تزوير الورقة من أن يقدم ما عسى أن يكون لديه من مطاعن على التصرف المثبت فيها، إذ ليس في القانون ما يحول دون التمسك بطلب بطلان التصرف أو صوريته بعد الإخفاق في الادعاء بتزوير الورقة المثبتة لهذا التصرف لاختلاف نطاق ومرمى كل من الطعنين عن الآخر، إذ يقتصر الأمر في الادعاء بالتزوير على إنكار صدور الورقة من المتصرف دون التعرض للتصرف ذاته من حيث صحته وبطلانه فإذا ما ثبت للمحكمة فساد الادعاء بالتزوير وصحة إسناد التصرف إلى المتصرف فإن ذلك لا يقتضي بطريق اللزوم أن يكون هذا التصرف صحيحاً وجدياً. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى في الادعاء بالتزوير وفي موضوع الدعوى معاً يكون باطلاً بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.