أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 1039

جلسة 8 من ديسمبر سنة 1983

برئاسة السيد المستشار/ حسن جمعه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: راغب عبد الظاهر، أحمد أبو زيد، حسن عميرة ومحمد زايد.

(208)
الطعن رقم 1744 لسنة 53 القضائية

(1) مفرقعات. قصد جنائي. باعث.
القصد الجنائي في جريمة إحراز مفرقعات تحققه. بثبوت علم المحرز بأن ما يحرزه مفرقع أو مما يدخل في تركيبه. إثبات نيته في استعمال المفرقع في التخريب والإتلاف. غير ضروري. لا شأن للقصد الجنائي بالباعث على الإضرار.
(2) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الطلب الجازم الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه. هو الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية.
(3) إثبات "بوجه عام". إجراءات المحاكمة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
القرار الذي تصدره المحكمة في مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة. قرار تحضيري. لا تتولد عنه حقوق للخصوم.
(4) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. غير مقبول.
(5) إثبات. شهود. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير أقوال الشهود. موضوعي.
1 - متى كان القصد الجنائي في هذه الجريمة - إحراز المفرقعات - يتحقق دائماً متى ثبت علم المحرز بأن ما يحرزه مفرقع أو مما يدخل في تركيب المفرقعات أو مما يستخدم في صنعها أو لانفجارها ولا ضرورة بعد ذلك لإثبات نيته في استعمال المفرقع أو ما في حكمه في التخريب والإتلاف. كما أن القصد الجنائي لا شأن له بالباعث على الإحراز ومن ثم يكون هذا الوجه من النعي غير سديد.
2 - من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية.
3 - متى كان القرار الذي تصدره المحكمة في مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق ومن ثم فإن النعي على الحكم بالإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل.
4 - البين من الرجوع إلى محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب معاينة المضبوطات فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن اتخاذ إجراء لم يطلبه منها ولم ترى هي حاجة إلى إجرائه.
5 - لما كان تناقض أقوال الشهود لا يعيب الحكم ما دام استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه، كما أن للمحكمة أن تأخذ من أقوال الشهود ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وإذ كانت المحكمة قد أوردت في حكمها الأسباب التي أقامت عليها قضاءها بما لا تناقض فيه وحصلت مؤدى أقوال الضابط الذي قام بضبط الواقعة كما هي قائمة في الأوراق وأخذت منها بما اطمأنت إليه في خصوص كيفية ضبط الطاعن ولم تعول على ما رواه في خصوص حقيقة المضبوطات إذ أن تحديد كنه المواد المضبوطة والقطع بحقيقتها إنما هو مسألة فنية لا يصلح فيها غير الدليل الفني وهو تقرير خبير المفرقعات الذي اطمأنت إليه المحكمة وأخذت به وبأقوال الخبير الفني في التحقيقات بما يستقيم به قضاؤها فإن ما يثيره الطاعن في هذا المنحى لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: حاز مفرقعات "متفجرات وفتائل أمان" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وأمرت بإحالته لمحكمة أمن الدولة العليا لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام. ومحكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة قضت حضورياً عملاً بالمادة 102/ أ من قانون العقوبات وقرار وزير الداخلية الصادر بتاريخ 20 من سبتمبر سنة 1950 والمادة 30 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17، 102/ هـ من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبمصادرة المضبوطات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحراز مفرقعات بغير ترخيص قد شابه خطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع كما انطوى على التناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك بأنه دان الطاعن طبقاً للمادة 102 "أ" من قانون العقوبات في حين أن المواد المضبوطة لا تعد من المفرقعات لعدم إدراجها بقرار وزير الداخلية وعلى الرغم مما ثبت من أن الطاعن يستعمل هذه المواد في قطع الأحجار ولم يقصد استعمالها في غرض من الأغراض الإجرامية التي بينها الشارع في المادة 102 "ب" من قانون العقوبات ويكون الحكم بذلك قد خالف المبدأ الذي أرسته محكمة النقض في هذا الشأن. كما طلب الطاعن تحقيقاً لدفاعه مناقشة خبير المفرقعات في ماهية المواد المضبوطة واستجابت المحكمة إلى هذا الطلب في مبدأ الأمر وأجلت الدعوى مرات لحضوره إلا أنها عادت وفصلت في الدعوى دون سماعه ودون معاينة المضبوطات، هذا إلى أن الحكم قد عول على أقوال الضابط شاهد الإثبات وخبير المفرقعات على الرغم من تناقضهما واختلافهما في تحديد كنه المواد المضبوطة كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز المفرقعات التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال الضابط الذي قام بضبط الواقعة ومن اعتراف الطاعن بالتحقيقات وبالجلسة بإحرازه المواد المضبوطة لاستعمالها في قطع الأحجار ومن أقوال خبير المفرقعات بالتحقيقات ومما ثبت من تقرير فحص المضبوطات المقدم منه وهي أدلة سائغة لا ينازع الطاعن في أن لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على مدونات الحكم المطعون فيه وعلى تقرير خبير المفرقعات المرفق بالمفردات المضمومة وأقواله بالتحقيقات أن المواد المضبوطة مع الطاعن عبارة عن تسع عشرة قطعة فتيل أمان ومائة وأربعة وتسعون مفجر صناعة محلية من الورق المبروم تستخدم كوسيلة اتصال لأصابع التفجير "الجلجنيت" وأن قطع الفتيل والمفجرات المضبوطة تستعمل كوسائل لتفجير المفرقعات ويستعان بها في تكسير الأحجار, وكانت المادة 102 "أ" من قانون العقوبات تنص على أنه "يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة كل من أحرز مفرقعات أو حازها أو صنعها أو استوردها قبل الحصول على ترخيص بذلك. ويعتبر في حكم المفرقعات كل مادة تدخل في تركيبها ويصدر بتحديدها قرار من وزير الداخلية وكذلك الأجهزة والآلات والأدوات التي تستخدم في صنعها أو لانفجارها". ويبين من هذا النص في صريح عبارته وواضح دلالته أن المشرع قد حظر إحراز أو حيازة أو صنع أو استيراد المفرقعات بكافة صورها وألوانها بغير ترخيص ويسري هذا الحظر على المواد التي تدخل في تركيب المفرقعات والمحددة حصراً بقرار وزير الداخلية الصادر بتاريخ 30 - 9 - 1950 والمعدل بالقرار الصادر بتاريخ 2 - 4 - 1955 والقرار رقم 11 سنة 1963 الصادر بتاريخ 31 -1 - 1963، كما يشمل هذا الحظر أيضاً الأجهزة والآلات والأدوات التي تستخدم في صنع المفرقعات أو لانفجارها، وإذ كان الثابت - على نحو ما سلف - أن المواد المضبوطة مع الطاعن تدخل في عداد الأدوات التي تستخدم في تفجير المفرقعات، وكان يكفي للعقاب على إحرازها بغير ترخيص أن تكون من هذا القبيل دون اشتراط إدراجها بقرار وزير الداخلية سالف الذكر إذ لا يتطلب الشارع ذلك إلا بالنسبة للمواد التي تدخل في تركيب المفرقعات والمحددة على سبيل الحصر بالقرار المشار إليه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن الخاص بالتكييف القانوني للواقعة في قوله "ولا تلتفت المحكمة إلى ما قاله الدفاع من أن ما اقترفه المتهم مؤثم بقانون الأسلحة والذخائر ذلك أن المتهم قد أفصح بجلاء عن قصده من إحراز المضبوطات وهو استعمالها كمفجر لتكسير الأحجار ولم يكن قصده من إحرازها هو استعمالها كذخيرة للأسلحة النارية ومن ثم فإن المادة 102 "أ" من قانون العقوبات هي الواجبة التطبيق. وما أورده الحكم فيما تقدم سائغ وتتوافر به جريمة إحراز المفرقعات التي دان الطاعن بها ذلك بأن القصد الجنائي في هذه الجريمة يتحقق دائماً متى ثبت علم المحرز بأن ما يحرزه مفرقع أو مما يدخل في تركيب المفرقعات أو مما يستخدم في صنعها أو لانفجارها ولا ضرورة بعد ذلك لإثبات نيته في استعمال المفرقع أو ما في حكمه في التخريب والإتلاف, كما أن القصد الجنائي لا شأن له بالباعث على الإحراز ومن ثم يكون هذا الوجه من النعي غير سديد. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعن وافق على نظر الدعوى بعد أن تبين تغيب خبير المفرقعات وأمرت المحكمة بتلاوة أقواله وتليت وترافع المدافع عن الطاعن دون أن يصر في طلباته الختامية على طلب سماع هذا الشاهد مما مفاده أنه عدل عنه، وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، وكانت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية - بعد تعديلها بالقانون رقم 113 سنة 1957 - قد خولت المحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك يستوي في ذلك أن يكون هذا القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه فلا تثريب على المحكمة إن هي لم تستجب لطلب استدعاء الخبير المبدى في جلسات سابقة، هذا ولأن المحكمة قد اطمأنت إلى ما تضمنه تقرير خبير المفرقعات متفقاً مع ما شهد به في التحقيقات فهي غير ملزمة من بعد بإجابة الدفاع إلى ما طلبه من استدعاء الخبير لمناقشته في ماهية المضبوطات ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء، وليس بذي شأن أن تكون المحكمة قد أصدرت قراراً بدعوة الخبير لمناقشته ثم عدلت عن قرارها إذ أن القرار الذي تصدره المحكمة في مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق ومن ثم فإن النعي على الحكم بالإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان البين من الرجوع إلى محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب معاينة المضبوطات فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن اتخاذ إجراء لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه. لما كان ذلك، وكان تناقض أقوال الشهود لا يعيب الحكم ما دام استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه، كما أن للمحكمة أن تأخذ من أقوال الشهود ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وإذ كانت المحكمة قد أوردت في حكمها الأسباب التي أقامت عليها قضاءها بما لا تناقض فيه وحصلت مؤدى أقوال الضابط الذي قام بضبط الواقعة كما هي قائمة في الأوراق وأخذت منها بما اطمأنت إليه في خصوص كيفية ضبط الطاعن ولم تعول على ما رواه في خصوص حقيقة المضبوطات إذ أن تحديد كنه المواد المضبوطة والقطع بحقيقتها إنما هو مسألة فنية لا يصلح فيها غير الدليل الفني وهو تقرير خبير المفرقعات الذي اطمأنت إليه المحكمة وأخذت به وبأقوال الخبير الفني في التحقيقات بما يستقيم به قضاؤها فإن ما يثيره الطاعن في هذا المنحى لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.