أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 1046

جلسة 13 من ديسمبر سنة 1983

برئاسة السيد المستشار/ فوزي أحمد المملوك نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الرحيم نافع؛ حسن غلاب، محمد أحمد حسن والسيد عبد المجيد العشري.

(209)
الطعن رقم 2624 لسنة 53 القضائية

(1) شيك بدون رصيد. إثبات "بوجه عام".
عدم اشتراط أن يكون الشيك محرراً على أنموذج مطبوع.
عبارة عدم وجود حساب تتقابل مع عبارة لا يقابله رصيد قائم أو قابل للسحب.
(2) جريمة "أركانها". شيك بدون رصيد.
مناط تمام جريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد؟
سداد كل أو بعض قيمة الشيك في تاريخ لاحق لوقوع الجريمة وتوافر أركانها. لا يؤثر في قيام المسئولية عنها.
(3) تعويض. ضرر. رابطة السببية. شيك بدون رصيد. دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". معارضة "نظرها والحكم فيها". نقض "نظر الطعن والحكم فيه" "الطعن لثاني مرة".
طلب التعويض في جريمة إعطاء شيك بدون رصيد. مناط توافر مقوماته؟
مثال لتسبيب محكمة النقض لقضاء برفض المعارضة موضوعاً وتأييد الحكم المعارض فيه.
1 - لا يشترط لزاماً أن يكون الشيك محرراً على أنموذج مطبوع ومأخوذاً من دفتر شيكات يخص الساحب، كما أن عبارة (عدم وجود حساب) تتقابل في معناها مع عبارة (لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب) الواردة في المادة 337 من قانون العقوبات.
2 - إن جريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد، تتم بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بعدم وجود مقابل وفاء له قابل للسحب في تاريخ الاستحقاق، ذلك العلم المفترض في حق المتهم الذي يعلم من قبل عند إصدار الشيك أنه لا يوجد له حساب أصلاً بالبنك، وإذ كان المتهم قد اعترف بأنه أصدر الشيك وسلمه للمجني عليه مع علمه بأنه لا يوجد له حساب لدى البنك المسحوب عليه، فإنه يكون قد ارتكب الجريمة المنصوص عليها في المادتين 336، 337 من قانون العقوبات، ولا يؤثر في قيام مسئوليته عنها أن يكون قد سدد كل أو بعض قيمة الشيك موضوع الاتهام ما دام أن هذا السداد على فرض قيامه قد تم في تاريخ لاحق لوقوع الجريمة وتوافر أركانها.
3 - لما كان طلب التعويض في جريمة إصدار شيك بدون رصيد يكون من إصداره كذلك ورده إلى المجني عليه وعدم صرفه فإن طلب المدعي بالحقوق المدنية إلزام المتهم بالتعويض الناشئ عن ارتكابه لهذه الجريمة تكون قد توافرت مقوماته، لما هو مقرر من أنه يكفي في وقوع الضرر المستوجب للتعويض أن تثبت إدانة المتهم، وإذ كان الحكم الابتدائي المؤيد استئنافياً بالحكم المعارض فيه قد دان المحكوم عليه للأسباب التي أوردها وطبق مادتي الاتهام فيما أوقعه عليه من عقوبة وأسس قضاءه بالتعويض المؤقت المحكوم به للمدعي بالحق المدني على ثبوت جريمة إصدار شيك بدون رصيد في حقه وترتب الضرر الموجب للتعويض مرتبطاً مع الفعل المسند إليه برابطة سببية مباشرة فإنه يكون قد أصاب فيما انتهى إليه من قضاء بما يتعين معه رفض المعارضة موضوعاً وتأييد الحكم المعارض فيه، بلا مصاريف جنائية.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بالطريق المباشر أمام جنح بلقاس الجزئية ضد الطاعن بوصف أنه في يوم 11 ديسمبر سنة 1973 بدائرة مركز بلقاس أعطاه بسوء نية شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب. وطلب معاقبته بالمادة 337 من قانون العقوبات وإلزامه أن يدفع له مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم شهراً مع الشغل وإلزامه أن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت. فاستأنف المحكوم عليه. ومحكمة المنصورة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف. عارض، وقضي في معارضته باعتبارها كأن لم تكن. فطعن الأستاذ -....... المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض وقيد الطعن برقم 774 لسنة 47 القضائية وقضي فيه بقبوله شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة المنصورة الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى. أعيدت الدعوى ثانية إلى المحكمة المشار إليها وقضت فيها بهيئة استئنافية أخرى بقبول المعارضة شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه.
فطعن الأستاذ/ ..... المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية)... إلخ.


المحكمة

من حيث إن هذه المحكمة قد قضت في التاسع عشر من يناير سنة 1982, بنقض الحكم المطعون فيه - لثاني مرة - ومن ثم فقد حددت جلسة لنظر الموضوع عملاً بالمادة 45 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
وحيث إن المعارضة قد رفعت وفق القانون فهي مقبولة شكلاً.
وحيث إن واقعة الدعوى حسبما استخلصتها المحكمة من الأوراق, تتحصل في أن المدعي بالحقوق المدنية أقام دعواه بطريق الادعاء المباشر بصحيفة أعلنت للمتهم (المعارض) في السابع عشر من سبتمبر سنة 1974، أورد بها أن المتهم أصدر إليه شيكاً بمبلغ ثلاثمائة جنيه مسحوباً على بنك القاهرة فرع بلقاس يستحق الوفاء في 11 من ديسمبر سنة 1973 وإذ تقدم به إلى البنك المسحوب عليه لصرف قيمته، أعيد إليه لعدم وجود حساب للمتهم لدى هذا البنك، الأمر الذي ينطوي على الجريمة المنصوص عليها في المادتين 336، 337 من قانون العقوبات - وطلب معاقبة المتهم على مقتضاهما مع إلزامه بأن يؤدي إليه مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت لما لحقه من ضرر ناشئ عن تلك الجريمة وقدم المدعي بالحقوق المدنية - إثباتاً لدعواه الشيك المشار إليه - والذي تبين من الاطلاع عليه أنه حرر على ورقة منتهية بتوقيع وتحمل تاريخاً واحداً هو 11 ديسمبر سنة 1973 ويتضمن أمراً من المتهم (الساحب) إلى بنك القاهرة فرع بلقاس (المسحوب عليه) بأن يدفع للمستفيد (المدعي بالحقوق المدنية) - مبلغ ثلثمائة جنيه, كما قدم أيضاً قسيمة رفض على مطبوعات البنك المسحوب عليه تحمل تاريخ السابع من سبتمبر سنة 1974 - تتضمن رفض صرف هذا الشيك (لعدم وجود حساب باسم الساحب) لدى البنك.
وحيث إن المدعي بالحقوق المدنية حضر أمام محكمة أول درجة وأصر على طلباته، وناقشت المحكمة المتهم فأقر بأنه وقع على الشيك موضوع التهمة، وقرر أنه حرره للمدعي بالحقوق المدنية بمناسبة عقد مقاولة أنفار وطلب أجلاً للسداد فأجيب لطلبه إلى أن أوفى بمبلغ 45 جنيهاً من قيمته قبضها المدعي بالحقوق المدنية بجلسة 25 - 4 - 1979 أمام محكمة ثاني درجة، وإذ نظرت الدعوى أمام هذه المحكمة - محكمة النقض - لم يمثل المتهم ولم يدفع الدعوى بدفع أو دفاع.
وحيث إنه يتضح مما تقدم أن المستند الذي قدمه المدعي بالحقوق المدنية، قد استوفى سائر البيانات التي يتطلبها القانون لاعتباره شيكاً يجري مجرى النقود، إذ يحمل أمراً من المتهم لأحد البنوك بدفع مبلغ معين في تاريخ معين للمستفيد (المدعي بالحقوق المدنية) - وهو بهذه المثابة يعتبر أداة وفاء يستحق الدفع بمجرد الاطلاع ويعد شيكاً بالمعنى المقصود في المادة 337 من قانون العقوبات، ولا يقدح في الأمر أن تكون بياناته قد دونت على ورقة عادية إذ لا يشترط لزاماً أن يكون الشيك محرراً على أنموذج مطبوع ومأخوذاً من دفتر شيكات يخص الساحب، كما أن عبارة (عدم وجود حساب) الواردة بقسيمة الرفض المشار إليها تتقابل في معناها مع عبارة (لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب) الواردة في المادة 337 من قانون العقوبات.
وحيث إن جريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد، تتم بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بعدم وجود مقابل وفاء له قابل للسحب في تاريخ الاستحقاق، ذلك العلم المفترض في حق المتهم الذي يعلم من قبل عند إصدار الشيك أنه لا يوجد له حساب أصلاً بالبنك. وإذ كان المتهم قد اعترف بأنه أصدر الشيك وسلمه للمجني عليه مع علمه بأنه لا يوجد له حساب لدى البنك المسحوب عليه، فإنه يكون قد ارتكب الجريمة المنصوص عليها في المادتين 336، 337 من قانون العقوبات، ولا يؤثر في قيام مسئوليته عنها أن يكون قد سدد كل أو بعض قيمة الشيك موضوع الاتهام ما دام أن هذا السداد على فرض قيامه قد تم في تاريخ لاحق لوقوع الجريمة وتوافر أركانها. لما كان ذلك، وكان طلب التعويض في جريمة إصدار شيك بدون رصيد يكون من إصداره كذلك ورده إلى المجني عليه وعدم صرفه فإن طلب المدعي بالحقوق المدنية إلزام المتهم بالتعويض الناشئ عن ارتكابه لهذه الجريمة تكون قد توافرت مقوماته، لما هو مقرر من أنه يكفي في وقوع الضرر المستوجب للتعويض أن تثبت إدانة المتهم، وإذ كان الحكم الابتدائي المؤيد استئنافياً بالحكم المعارض فيه قد دان المحكوم عليه للأسباب التي أوردها وطبق مادتي الاتهام فيما أوقعه عليه من عقوبة وأسس قضاءه بالتعويض المؤقت المحكوم به للمدعي بالحق المدني على ثبوت جريمة إصدار شيك بدون رصيد في حقه وترتب الضرر الموجب للتعويض مرتبطاً مع الفعل المسند إليه برابطة سببية مباشرة فإنه يكون قد أصاب فيما انتهى إليه من قضاء بما يتعين معه رفض المعارضة موضوعاً وتأييد الحكم المعارض فيه، بلا مصاريف جنائية.