أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 23 - صـ 457

جلسة 22 من مارس سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، وجودة أحمد غيث، وإبراهيم السعيد ذكري، وعثمان حسين عبد الله.

(72)
الطعن رقم 203 لسنة 34 القضائية

( أ ) ضرائب. "ضريبة التركات".
التصرفات الصادرة من المورث خلال خمس السنوات السابقة على الوفاة إلى أحد ورثته أو لشخصية مستعارة للوارث. لا تحاج بها مصلحة الضرائب. جواز رفع الأمر إلى القضاء لإثبات جدية التصرف.
(ب) ضرائب "ضريبة التركات". دعوى. "مصروفات الدعوى".
مصروفات الدعوى التي يرفعها المتصرف إليه ضد مصلحة الضرائب لإثبات دفع المقابل في التصرف الصادر له من المورث خلال خمس السنوات السابقة على وفاته. خضوعها لأحكام قانون المرافعات. وقوف المصلحة موقفاً سلبياً في الدعوى دون التسليم بحق المدعي. وجوب إلزامها بالمصروفات.
1 - مؤدى نص المادة الرابعة من القانون رقم 142 لسنة 1944 بعد تعديلها بالقانون رقم 217 لسنة 1951، أن المشرع اتخذ من خمس السنوات السابقة على وفاة المورث "فترة ريبة" بحيث لا تحاج مصلحة الضرائب بالهبات وسائر التصرفات الصادرة من المورث إلى شخص أصبح وارثاً خلالها، بسبب من أسباب الإرث كان متوافر وقت صدورها، أو إلى أحد من الشخصيات المستعارة للوارث التي أوردتها المادة المذكورة، غير أنه أجاز لصاحب الشأن أن يرفع الأمر إلى القضاء لإثبات جدية التصرف، وأنه تم بعوض حتى يرد إليه رسم الأيلولة المحصل منه، ويختصم صاحب الشأن مصلحة الضرائب في الدعوى التي يرفعها لإثبات دفع المقابل.
2 - تضمن نص المادة الرابعة من القانون رقم 142 لسنة 1944 - بشأن رسم الأيلولة على التركات - وذلك في مشروع سنة 1938، أن ذا الشأن - المتصرف إليه خلال خمس السنوات السابقة على وفاة المورث - يرفع الأمر للقضاء على مصاريفه - لإثبات دفع المقابل للمورث - فلما عرض هذا المشروع على اللجنة المالية في مجلس النواب رأت تعديله بإلغاء عبارة "على مصاريفه" وبقى النص معدلاً على هذا النحو حتى صدر به القانون رقم 142 لسنة 1944، مما يستفاد منه أن نية المشرع قد اتجهت إلى عدم تحميل ذوي الشأن بمصاريف تلك الدعاوى، وترك الأمر إلى القواعد العامة التي قررها قانون المرافعات. ولما كانت المادة 357 من قانون المرافعات السابق تنص على أن يحكم بمصاريف الدعوى على الخصم المحكوم عليه فيها، وكان ما تشترطه المادة 358 من القانون المذكور للحكم بإلزام الخصم الذي كسب الدعوى بالمصاريف كلها أو بعضها أن يكون الحق مسلماً به من المحكوم عليه، وإذ استند الحكم المطعون فيه في إلزام الطاعنين بمصروفات الدعوى التي أقاموها لإثبات دفع المقابل، إلى أن مصلحة الضرائب قد وقفت منها موقفاً سلبياً، وهو أمر لا يعتبر بمجرده تسليماً من المصلحة للطاعنين بحقهم الذي حكم به، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزام الطاعنين بالمصروفات على هذا الأساس يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أنه بموجب عقد بيع رسمي مؤرخ أول أغسطس سنة 1951 باع المرحوم سليم شلهوب مورث الطاعنين الأول والثاني إلى الطاعنة الثالثة وهي زوجة الطاعن الأول العقار رقم 1 بشارع الأزهار بشبرا مقابل ثمن إجمالي مدفوع قدره 27120 جنيهاً، ثم توفي البائع في 11 إبريل سنة 1952، وإذ لم تعتد مصلحة الضرائب بهذا التصرف لصدوره إلى زوجة أخيه وهو أحد للورثة في خلال خمس السنوات السابقة على الوفاة، فقد أقام الطاعنون الدعوى رقم 1178 سنة 1960 تجاري أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد مصلحة الضرائب طالبين الحكم بثبوت دفع المقابل من المشترية إلى المورث وإلزام المصلحة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وبتاريخ 21/ 3/ 1961 حكمت المحكمة بطلبات الطاعنين وألزمتهم بالمصروفات. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 293 سنة 79 ق القاهرة طالبين إلغاءه فيما قضى به من إلزامهم بمصروفات الدعوى والحكم بها على مصلحة الضرائب. وبتاريخ 30/ 1/ 1964 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه قضى بإلزام الطاعنين بمصروفات الدعوى تأسيساً على أن القانون رقم 142 لسنة 1944 أوجب على مصلحة الضرائب في الفقرة الأولى من المادة الرابعة عدم الاعتداد بالتصرف الصادر إلى الطاعنة الثالثة، وأجاز في الفقرة الثالثة من هذه المادة لصاحب الشأن أن يرفع الأمر إلى القضاء ليقيم الدليل على دفع المقابل، مما يستلزم أن تكون مصروفات الدعوى على حسابه وهو المكلف بالإثبات، هذا إلى أن المصلحة وقفت من طلبات الطاعنين موقفاً سلبياً مما يتعين معه إلزامهم بالمصروفات تطبيقاً لحكم المادة 358 من قانون المرافعات السابق، وهو من الحكم خطأ في تطبيق القانون، ذلك أن المادة 358 سالفة الذكر لا توجب إلزام المدعي بمصروفات الدعوى إذا لم ينازعه المدعى عليه فيها إلا على تقدير أن المدعي أقام دعواه دون مقتض، وهو ما يخالف حالة الطاعنين إذ أنهم اضطروا لرفع الدعوى لإثبات دفع المقابل تنفيذاً لحكم الفقرة الثالثة المشار إليها وقد حكم فيها لصالحهم، فلا يجوز تحميلهم بالمصروفات بل تلتزم بها مصلحة الضرائب باعتبارها الخصم المحكوم عليه تطبيقاً لنص المادة 357 من قانون المرافعات السابق، هذا إلى أن دعواهم لا تندرج تحت إحدى الصور التي عددتها المادة 358 المذكورة، والتي يجوز فيها للمحكمة أن تحكم بالمصروفات على الخصم الذي كسب دعواه.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن النص في المادة الرابعة من القانون رقم 142 لسنة 1944 بعد تعديلها بالقانون رقم 217 لسنة 1951 على أن "يستحق رسم الأيلولة على الهبات وسائر التصرفات الصادرة من المورث في خلال خمس السنوات السابقة على الوفاة إلى شخص أصبح وارثاً له بسبب من أسباب الإرث كان متوافراً وقت حصول التصرف أو الهبة سواء تعلقت تلك الهبات والتصرفات بأموال منقولة أو ثابتة أو صدرت إلى الشخص المذكور بالذات أو بالواسطة. على أنه إذا كان التصرف بعوض جاز لصاحب الشأن أن يرفع الأمر للقضاء لكي يقيم الدليل على دفع المقابل وفي هذه الحالة يرد إليه رسم الأيلولة المحصل منه. ويعد شخصية مستعارة لمن يصدر التصرف لصالحه فروعه وزوجه وأزواج فروعه" يدل على أن المشرع اتخذ من هذه الخمس سنوات "فترة ريبة" بحيث لا تحاج مصلحة الضرائب بالهبات وسائر التصرفات الصادرة من المورث إلى شخص أصبح وارثاً خلالها بسبب من أسباب الإرث كان متوافراً وقت صدورها، أو إلى أحد من الشخصيات المستعارة للوارث التي أوردتها المادة المذكورة، غير أنه أجاز لصاحب الشأن أن يرفع الأمر إلى القضاء لإثبات جدية التصرف وأنه تم بعوض حتى يرد إليه رسم الأيلولة المحصل منه، لما كان ذلك وكان صاحب الشأن يختصم مصلحة الضرائب في الدعوى التي يرفعها لإثبات دفع المقابل، وقد تضمن نص المادة سالفة الذكر في مشروع سنة 1938 أن ذا الشأن يرفع الأمر للقضاء على مصاريفه، فلما عرض هذا المشروع على اللجنة المالية في مجلس النواب رأت تعديله بإلغاء "عبارة على مصاريفه" وبقى النص معدلاً على هذا النحو حتى صدر به القانون رقم 142 لسنة 1944 مما يستفاد منه أن نية المشرع قد اتجهت إلى عدم تحميل ذوي الشأن بمصاريف تلك الدعاوى، وترك الأمر إلى القواعد العامة التي قررها قانون المرافعات، ولما كانت المادة 357 من قانون المرافعات السابق تنص على أن يحكم بمصاريف الدعوى على الخصم المحكوم عليه فيها، وكان مما تشترطه المادة 358 من القانون المذكور للحكم بإلزام الخصم الذي كسب الدعوى بالمصاريف كلها أو بعضها أن يكون الحق مسلماً به من المحكوم عليه، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه استند في إلزام الطاعنين بمصروفات الدعوى التي أقاموها لإثبات دفع المقابل إلى أن مصلحة الضرائب قد وقفت منها موقفاً سلبياً، وهو أمر لا يعتبر بمجرده تسليماً من المصلحة للطاعنين بحقهم الذي حكم به، لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزام الطاعنين بالمصروفات على هذا الأساس يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم فإنه يتعين إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام الطاعنين بالمصروفات والحكم بها على مصلحة الضرائب.