أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 23 - صـ 462

جلسة 22 من مارس سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، ومحمد عادل مرزوق، وإبراهيم السعيد ذكري، وعثمان حسين عبد الله.

(73)
الطعن رقم 17 لسنة 38 القضائية "أحوال شخصية"

( أ ) أحوال شخصية. "الولاية على المال". أهلية. "الحجر".
القيم على المحجور عليه. وجوب أن يكون عدلاً كفؤاً ذا أهلية كاملة. المقصود بشرط الكفاية.
(ب) أحوال شخصية. "الولاية على المال". أهلية. "الحجر". محكمة الموضوع. "سلطتها في مسائل الواقع".
اختيار من يصلح للقوامة عند عدم وجود الابن أو الأب أو الجد، أو عدم صلاحيتهم. مما يدخل في سلطة قاضي الموضوع.
(ج) حكم. "تسبيب الحكم". استئناف.
كفاية أسباب الحكم الاستئنافي لحمل قضائه. عدم لزوم الرد على ما ورد بالحكم الابتدائي الذي ألغاه.
1 - تنص المادة 68 من قانون الولاية على المال الصادر بالمرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 على أن تكون القوامة للابن البالغ ثم للأب ثم للجد ثم لمن تختاره المحكمة، وتقضي المادة 69 من هذا القانون بأنه يشترط في القيم ما يشترط في الوصي وفقاً لما نصت عليه المادة 27، ويتعين تطبيقاً للفقرة الأولى من هذه المادة الأخيرة أن يكون القيم عدلاً كفؤاً ذا أهلية كاملة. والمفهوم من اصطلاح الكفاية بشأن القيم - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون بالنسبة للوصي - هو أن يكون أهلاً للقيام على شئون المحجور عليه، وتجيز الفقرة السابعة من المادة 27 سالفة الذكر إسناد القوامة إلى من يوجد بينه وبين المحجور عليه نزاع قضائي، إذ اتضح أن النزاع ليس من شأنه أن يعرض مصالحه للخطر، وتوافرت في هذا المرشح سائر أسباب الصلاحية.
2 - اختيار من يصلح للقوامة في حالة عدم وجود الابن أو الأب أو الجد وهم أصحاب الأولوية فيها، أو عدم صلاحية أحد من هؤلاء، هو مما يدخل في سلطة قاضي الموضوع التقديرية، بلا رقابة عليه من محكمة النقض، متى أقام قضاءه على أسباب سائغة. لما كان ذلك وكانت محكمة الاستئناف قد اشترطت فيمن تختاره قيماً على المحجور عليه، الخبرة والتمرس بأعمال التجارة، لأنه من المشتغلين بتجارة الأجهزة والأدوات الكهربائية، ويمتلك عقارات، وهو شرط لا مخالفة فيه للقانون، بل تطبيق لما تقضي به المادة 27 التي أحالت إليها المادة 69 من المرسوم بقانون سالف الذكر من أن يكون القيم كفؤاً ذا قدرة على إدارة شئون المحجور عليه، ثم رأت المحكمة في حدود سلطتها التقديرية تنحية الطاعنة وهي زوجة المحجور عليه من القوامة، لأنه لا تتوافر فيها الخبرة لإدارة محلاته واستغلال عقاراته وأن أسباب الصلاحية إنما تتوافر في خاله، وكانت الاعتبارات التي استندت إليها المحكمة سائغة وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم، لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يجوز قبوله أمام محكمة النقض.
3 - متى كانت الأسباب التي أقامت عليها محكمة الاستئناف حكمها تكفي لحمل قضائها، فإنها لا تكون ملزمة بالرد على ما ورد بالحكم الابتدائي الذي ألغته من أدلة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن نيابة الإسكندرية للأحوال الشخصية قامت بتحقيق ما تلقته من بلاغات عن تصرفات أحمد مصطفى خضر، وندبت الطبيب الشرعي لفحص حالته وقدمت الأوراق إلى المحكمة طالبة الحكم بتوقيع الحجر عليه للغفلة وإسناد القوامة إلى الأستاذ فايز عبد المعز حبيب المحامي، أو حنفي محمود علي وقيدت الدعوى برقم 4 سنة 1967 الإسكندرية الابتدائية للأحوال الشخصية "ولاية على المال" وبتاريخ 22/ 6/ 1967 حكمت المحكمة بتوقيع الحجر على - أحمد مصطفى خضر للغفلة وبتعيين زوجته السيدة مي عبد الجواد الدقدوقي الطاعنة، قيمة عليه، والأستاذ فايز عبد المعز حبيب المحامي مشرفاً لإدارة محلاته وأملاكه وكافة أمواله بالإسكندرية وكفر الدوار. أستأنف المهندس السيد مصطفى خضر وزينب مصطفى خضر المطعون عليهما الثاني والثالثة هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالبين إلغاءه فيما قضى به من تعيين الطاعنة قيمة على شقيقهما المحجور عليه والأستاذ فايز عبد المعز حبيب مشرفاً، والحكم بتعيين المطعون عليه الثاني قيماً بدون أجر، وقيد استئنافهما برقم 6 سنة 1967 حسبي، ورفع المحجور عليه استئنافاً فرعياً عن هذا الحكم طالباً إلغاءه والقضاء برفض الدعوى، واحتياطياً تعديله والاكتفاء بتعيين زوجته الطاعنة وشقيقه المطعون عليه الثاني مساعدين قضائيين له، وكان المطعون عليه الثاني قد تقدم بشكوى إلى نيابة الإسكندرية للأحوال الشخصية تضمنت طعناً في تصرفات القيمة والمشرف، قامت النيابة بتحقيقها وقدمت الأوراق إلى محكمة أول درجة طالبة الحكم (أولاً) بعزل القيمة والمشرف وتكليفهما بتقديم الحساب عن مدة إدارتهما وتعيين حنفي محمود علي خال المحجور عليه قيماً عليه مع الإذن له بإدارة محلاته التجارية، واحتياطياً الأمر بوقف القيمة والمشرف وتعيين حنفي محمود علي قيماً مؤقتاً (ثانياً) برفض المحجور عليه رفع الحجر عنه، وبتاريخ 8/ 2/ 1968 قررت المحكمة إرجاء الفصل في طلب عزل القيمة والمشرف حتى يفصل في الحساب المقدم منهما وبرفض طلب وقفهما وإحالة كشف الحساب المقدم من المشرف إلى مكتب الخبراء لفحصه وبرفض طلب المحجور عليه رفع الحجر عنه. استأنفت النيابة هذا القرار لدى محكمة استئناف الإسكندرية، وقيد هذا الاستئناف برقم 5 سنة 1967 حسبي وقررت المحكمة ضم هذا الاستئناف إلى الاستئناف الأول للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد، وبتاريخ 8/ 4/ 1968 حكمت المحكمة برفض استئناف المحجور عليه وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من توقيع الحجر وبإلغائه فيما عدا ذلك وبتعيين حنفي محمود علي قيماً عليه، وبرفض استئناف النيابة. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تقول الطاعنة في بيان السبب الأول منهما إن الحكم المطعون فيه ألغى الحكم المستأنف فيما قضى به من تعيينها قيمة على زوجها المحجور عليه آخر قيماً، وهو ما يعيبه بمخالفة القانون والفساد في الاستدلال والقصور من وجوه (أولاً) اشترط الحكم أن تتوفر للقيم الخبرة بالأعمال والنشاط الذي كان يقوم به المحجور عليه، في حين أن المشرع لم يتطلب هذا الشرط في المرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952، بل جعل الأولوية في القوامة للابن البالغ ثم للأب ثم للجد، فدل بذلك على أنه راعى في هذا الصدد صلة هؤلاء بالمحجور عليه وما يغلب فيه من بواعث العناية بمصالحة، مما يتعين معه أن تراعي المحكمة هذا الاعتبار عند ممارسة سلطتها التقديرية في تعيين القيم، وهو ما أغفله الحكم المطعون فيه. (ثانياً) استدل الحكم على عجز الطاعنة عن الإدارة بأن محكمة أول درجة عينت مشرفاً معها، في حين أن ما دفع تلك المحكمة إلى تعيين المشرف هو أن بعض أملاك المحجور عليه ومحلاته تقع بكفر الدوار وغيرها وقدرت أن الطاعنة زوجته ومن واجبها عدم الابتعاد عنه، ولو أن محكمة الاستئناف أدركت هذا المعنى لتغير وجه الرأي في الدعوى (ثالثاً) قرر الحكم عدم صلاحية الطاعنة للقوامة نظراً لطبيعتها وهو أمر غير صحيح، لأن المرأة في الوقت الحاضر تصلح للقيام بأي عمل. (رابعاً) عاب الحكم على الطاعنة أنه لا تتوافر فيها الخبرة بسبب مستواها الثقافي والعملي وهو قول لا سند له من الأوراق. (خامساً) لم يعلل الحكم سبب إهداره رغبة المحجور عليه في تعيين زوجته الطاعنة قيمة لإدارة أمواله حفاظاً عليها من أقاربه ومكافأة لها وهى تصغره سناً على خدمته في مرضه، وهو الاعتبار الذي لاحظته محكمة أول درجة في إسناد القوامة إليها. (سادساً) قضى الحكم بتعيين حنفي محمود علي خال المحجور عليه قيماً، مع أنه في نفس الوقت خال المطعون عليه الثاني الذي سلب المحجور عليه بعض أمواله، وهو أيضاً خال المطعون عليها الثالثة التي استولى والدها على بعض أمواله، ومع أنه توجد قضايا بين المحجور عليه وبين هؤلاء جميعاً بما فيهم القيم الجديدة لمطالبتهم بالأموال التي استولوا عليها، وهى الاعتبارات التي دعت محكمة أول درجة إلى أن تستبعد من المرشحين للقوامة جميع من تربطهم صلة قرابة بالمحجور عليه، وكان يتعين على الحكم المطعون فيه وقد ألغى الحكم الابتدائي أن يرد على أسبابه في هذا الخصوص.
وحيث إن هذا النعي في جملته مردود، ذلك أنه لما كانت المادة 68 من قانون الولاية على المال الصادر بالمرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 تنص على أن تكون القوامة للابن البالغ ثم للأب ثم للجد ثم لمن تختاره المحكمة، وتقضي المادة 69 من هذا القانون بأنه يشترط في القيم ما يشترط في الوصي وفقاً لما نصت عليه المادة 27، وكان يتعين تطبيقاً للفقرة الأولى من هذه المادة الأخيرة أن يكون القيم عدلاً كفؤاً ذا أهلية كاملة، وكان المفهوم من اصطلاح الكفاية بشأن القيم - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون بالنسبة للوصي - هو أن يكون أهلاً للقيام على شئون المحجور عليه، وكانت الفقرة السابعة من المادة 27 سالفة الذكر تجيز إسناد القوامة إلى من يوجد بينه وبين المحجور عليه نزاع قضائي إذا اتضح أن النزاع ليس من شأنه أن يعرض مصالحه للخطر، وتوافرت في هذا المرشح سائر أسباب الصلاحية، وكان اختيار من يصلح للقوامة في حالة عدم وجود الابن أو الأب أو الجد وهم أصحاب الأولوية فيها أو عدم صلاحية أحد من هؤلاء، هو مما يدخل في سلطة قاضي الموضوع التقديرية بلا رقابة عليه من محكمة النقض متى أقام قضاءه على أسباب سائغة. لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن محكمة الاستئناف اشترطت فيمن تختاره قيماً على المحجور عليه أحمد مصطفى خضر الخبرة والتمرس بأعمال التجارة لأنه من المشتغلين بتجارة الأجهزة والأدوات الكهربائية بمدينتي الإسكندرية وكفر الدوار ويمتلك عقارات، وهو شرط لا مخالفة فيه للقانون، بل هو تطبيق لما تقضي به المادة 27 التي أحالت إليها المادة 69 من المرسوم بقانون سالف الذكر من أن يكون القيم كفؤاً ذا قدرة على إدارة شئون المحجور عليه، ثم رأت المحكمة في حدود سلطتها التقديرية تنحية الطاعنة وهي زوجة المحجور عليه من القوامة لأنه لا تتوافر فيها الخبرة لإدارة محلاته واستغلال عقاراته وأن أسباب الصلاحية إنما تتوافر في خاله حنفي محمود علي لأنه كما قرر الحكم "لا مطعن عليه بصفة جدية فضلاً عن أنه يحترف تجارة مماثلة لتجارة المحجور عليه وتربطه به صلة وثيقة هي وشيجة القربى التي تجعله أهلاً للقيام بمهمته خير قيام من حسن الإدارة والحفاظ على أموال المحجور عليه..." وكانت هذه الاعتبارات التي استندت إليها المحكمة سائغة وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم بالأوجه من الثاني إلى الخامس لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يجوز قبوله أمام محكمة النقض، ولما كانت المحكمة إذ اختارت خال المحجور عليه قيماً لم تر فيما يوجد من نزاع قضائي بينهما ما يعرض مصالح المحجور عليه للخطر، وكانت الأسباب التي أقامت عليها حكمها على النحو السالف بيانه تكفي لحمل قضائها، فإنها لا تكون ملزمة بالرد على ما ورد في الحكم الابتدائي الذي ألغته من أدلة، لما كان ما تقدم فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه البطلان، وفي بيان ذلك تقول إن تقرير الاستئناف المرفوع من المطعون عليهما الثاني والثالثة لم يوقعه محام، وإنما وقعه الأستاذ جورج لوقا الذي زالت عنه صفته كمحام منذ تعيينه مديراً لأحد الفنادق، وهو ما يعيب التقرير بالبطلان ويستتبع بطلان الحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أن الاستئناف من المطعون عليهما الثاني والثالثة قد رفع في 4/ 7/ 1967 بتقرير في قلم كتاب المحكمة ووقعه الأستاذ جورج لوقا المحامي بصفته وكيلاً عنهما، وإذ كان الثابت من الشهادة الصادرة من نقابة المحامين بتاريخ 17/ 6/ 1968 التي قدمها المطعون عليه الثاني بملف الطعن أن الأستاذ جورج لوقا المحامي مقيد حالياً بجدول المحامين المشتغلين أمام محاكم الاستئناف، مما مفاده أنه مقيد أمام هذه المحاكم حتى تاريخ تحرير الشهادة وهو تال لتاريخ تقرير الاستئناف، فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.