مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية
وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الخامس (عن المدة من 6 نوفمبر سنة 1939 لغاية 26 أكتوبر سنة 1942) - صـ 275

جلسة 25 نوفمبر سنة 1940

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك وحسن زكي محمد بك المستشارين.

(152)
القضية رقم 3 سنة 11 القضائية

( أ ) خيانة أمانة. بيع على التجربة. بقاء الملكية في فترة التجربة لصاحب المبيع. وجوده عند المشتري على سبيل الوديعة. تصرف المشتري فيه. خيانة أمانة.

(المادة 296 ع = 341 والمادة 242 مدني)

(ب) إثبات. مبلغ يزيد على ألف قرش. حظر الإثبات فيه بالبينة. الدفع بذلك. ليس من النظام العام. التمسك به لدى محكمة النقض لأوّل مرة. لا يجوز.
1 - إذا اشترط في عقد البيع أن الملكية في المبيع تبقى للبائع حتى يجرّ به المشتري فإن وجود المبيع عند المشتري في فترة التجربة إما يكون على سبيل الوديعة. فإذا هو تصرف فيه فإنه يكون قد خان الأمانة ويحق عقابه بمقتضى المادة 341 من قانون العقوبات.
2 - إن حظر الإثبات بالبينة فيما زادت قيمته على ألف قرش ليس من النظام العام. فإذا لم يدفع به لدى محكمة الموضوع سقط الحق في التمسك به لدى محكمة النقض.


المحكمة

وحيث إن الأوجه الثلاثة الأولى من أوجه الطعن تتحصل في أن الواقعة الواردة بالحكم لا عقاب عليها، إذ الثابت فيه أن الطاعن نسب إليه مع أخيه تسلمهما مذياعين من محل المجني عليه دفعا من ثمنهما ثلاثة جنيهات. فالصفقة إذن كانت بيعاً وشراء، ولا يخرجها عن هذا الاعتبار ما ادعاه المجني عليه بأن التسليم إنما كان على سبيل التجربة. على أنه لو صح جدلاً بأن التعامل بين الطاعن والمجني عليه كان - حسبما جاء بالحكم - داخلاً في إحدى حالات المادة 341 من قانون العقوبات (296 من القانون القديم) فإن الحكم يكون قد خالف القانون لخروجه على قواعد الإثبات بأخذه بالبينة فيما لا تجوز فيه لتجاوز الثمن النصاب الجائز فيه سماع الشهود. ولا عبرة باعتراف الطاعن بتسلمه المذياع لأن هذا الاعتراف بواقعة الاستلام كان مقروناً بأنه تم على أساس الشراء بعد دفع جزء من الثمن، والاعتراف بهذه الصورة غير قابل للتجزئة. ويضيف الطاعن إلى ما ذكر أن الحكم اعتبر أن تسليم المذياعين إلى الطاعن كان على أساس العقد الموقع عليه من المتهم الآخر المنصوص فيه على أن المبيع لا يصبح ملكاً للمشتري إلا بعد سداد كامل الثمن مع أن هذا الاستدلال لا يصدق على حالة الطاعن الذي لم يوقع على اتفاق بهذا المعنى.
وحيث إن وقائع الدعوى بحسب ما أثبته الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي الذي تأيد به تتحصل في أن الطاعن والمتهم الآخر في الدعوى استوليا من المجني عليه على ثلاثة مذاييع كان أحدها بمقتضى عقد تحدّد فيه الثمن بمبلغ عشرين جنيهاً دفعت منه خمسة جنيهات وقسط الباقي لمدّة سنة على أقساط شهرية، وقد احتفظ المجني عليه في العقد بحق الملكية حتى تمام الوفاء. أما المذياعان الآخران فكان تسليمهما إلى الطاعن وزميله على سبيل التجربة، واتفق الطرفان على إرجاء التعاقد بشأنهما ريثما تعرف نتيجة التجربة. ودفع الطاعن وزميله للمجني عليه جنيها على حساب الثمن إلا أن الطاعن وزميله لم يعودا إلى المجني عليه لإتمام الصفقة أورد المذياعين بل لقد كان منهما أن تصرفا فيهما. وعلى أساس هذه الوقائع عدّ الحكم المطعون فيه الطاعن مرتكباً لجريمة خيانة الأمانة باعتبار أن تسليم المذاييع إنما كان وديعة لدى الطاعن وزميله.
وحيث إنه يستفاد مما تقدّم أن المذياع الأوّل ثم التعاقد بشأنه بين الطرفين، أما الآخران فقد علق الاتفاق بشأنهما على تجربتهما حتى إذا راقا الطاعن وزميله أتما الشراء وإلا ردّاهما إلى صاحبهما.
وحيث إن بصرف النظر عن حقيقة العقد الخاص بالمذياع الأوّل إن كان عقد بيع تام أم عقداً من العقود الواردة في المادة 296 عقوبات (341 من القانون الجديد) فإن الطاعن لا مصلحة له في المجادلة بشأنه. إذ الحكم أثبت من جهة أخرى أن تسليم المذياعين الآخرين للطاعن لم يكن إلا لتجربتهما، فالبيع هنا موقوف على التجربة، ومتى كان الأمر كذلك فالملكية باقية لصاحب المذياعين لا تنتقل إلى من تسلمهما إلا بعد الاتفاق نهائياً على شرائهما (المادة 242 من القانون المدني). وإذا كانت الملكية باقية للمجني عليه، وكان الطاعن لم يتسلم الجهازين إلا لاختبارهما فإن وجودهما لديه في هذه الفترة إنما كان على سبيل الوديعة بحيث إن التصرف فيهما إضراراً بالمجني عليه يعدّ خيانة أمانة واقعة تحت طائلة العقاب.
وحيث إن الاعتراض الخاص بمخالفة الحكم قواعد الإثبات القانونية بأخذه بالبينة فيما هو زائد على ألف قرش مردود بأن الطاعن لم يدفع بشيء من هذا أمام محكمة الموضوع، وإذ لم تكن المسألة متعلقة بالنظام العام فلا جناح على المحكمة إن هي سمعت فيها الشهود وأخذت بأقوالهم. وأما من جهة الاعتراض بعدم جواز تجزئة اعتراف الطاعن فلا محل له لأن عماد الحكم في ثبوت التسليم لم يكن على هذا الاعتراف، وما كانت إشارة الحكم إلى اعتراف الطاعن إلا للرد عليه وتفنيده بعد ثبوت هذا التسليم.