أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 23 - صـ 468

جلسة 23 من مارس سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، وعثمان زكريا، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

(74)
الطعن رقم 405 لسنة 35 القضائية

تأميم. "آثار التأميم". ملكية.
أيلولة ملكية المشروع المؤمم للدولة بما له من أموال وحقوق في تاريخ التأميم. أحقية هذا المشروع في المطالبة برد ما سبق دفعه لحسابه - دون وجه حق قبل التأميم - باعتباره ثمن بعض ما استهلكه من تيار كهربائي. قضاء الحكم المطعون فيه بأن الحقوق والالتزامات المتعلقة بنشاط المشروع تبقى لمالكه قبل التأميم. خطأ.
إذا كانت ملكية المصنع قد خلصت للدولة بالتأميم، وآل لها جميع ما كان للمصنع من أموال وحقوق في تاريخ التأميم، ومن بينها تلك المتعلقة بنشاطه الاقتصادي الذي أنشئ من أجله، وكان المبلغ المطالب به في الدعوى قد دفع أصلاً لحساب المصنع وباعتباره ثمن بعض ما استهلكه من تيار كهربائي في إنتاج الثلج، وقد طالب المطعون عليه الأول - مالك المصنع قبل التأميم - باسترداده على أساس أنه دفع بغير حق، إذ لم يستهلك المصنع ما يقابل هذا المبلغ من تيار، كما أن لجنة التقييم المشكلة تنفيذاً للمادة الثانية من القانون رقم 119 لسنة 1961 قدرت إجمالي أصول المصنع وإجمالي خصومه، وصافي الأصول مضافاً إليه ما قد يحكم به لصالح المصنع في الدعوى المماثلة، فإن المبلغ المطالب به في الدعوى المذكورة، والذي كان يمتلكه المصنع في تاريخ التأميم يكون قد آل إلى الشركة المؤممة التي آلت ملكيتها إلى الدولة. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وانتهى إلى أن الحقوق والالتزامات المتعلقة بنشاط المصنع تبقى لمالكه قبل التأميم، فإنه يكون قد خالف القانون، وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن عباس وهبي (المطعون عليه الأول) أقام الدعوى رقم 2115 سنة 1957 كلي مصر ضد رئيس مجلس إدارة الكهرباء والغاز لمدينة القاهرة الذي حله محله وزير القوى الكهربائية (المطعون عليه الثاني) والمدير العام للإدارة المذكورة (المطعون عليه الثالث) طالباً الحكم بإلزامهما بصفتهما بأن يدفعا له مبلغ 17023 ج و461 م وفوائده بواقع 7% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى تمام السداد، وقال في بيانها إنه يستمد التيار الكهربائي لمصنع ثلج القاهرة المملوك له من إدارة الكهرباء والغاز لمدينة القاهرة منذ أن حلت محل شركة ليبون للكهرباء وفي 5/ 2/ 1951 ورفعت تلك الإدارة أحد عداداتها الموجودة بالمصنع واستبدلته بعداد آخر وحاسبته بمقتضاه حتى تاريخ 26/ 3/ 1956 وعلى أساس أن رقم المعاملة 100 وهو الرقم الذي تضرب فيه قراءة العداد لينتج من عملية الضرب كمية التيار الكهربائي المستهلك بالكيلوات التي يحاسب عنها المدعي، وإنه سدد في المدة من 5/ 2/ 1951 حتى 26/ 3/ 1956 مبلغ 68054 ج و564 م، ثم حدث أن رفعت الإدارة العداد القديم واستبدلته بآخر جديد فتبين أن رقم المعاملة الثابت بالعداد المرفوع 75، وأن إدارة الكهرباء استولت بغير حق على مبلغ 17023 ج و461 م، وهو ما يمثل قيمة الفرق الناتج عن الخطأ في رقم المعاملة، ولما طالب الإدارة برده شكلت لجنة لبحث الموضوع وثبت لها صحة الواقعة إلا أنها رغم ذلك عرضت رد جزء من هذا المبلغ، مما دعاه لإقامة الدعوى بطلباته السابقة، ودفعت إدارة الكهرباء بسقوط حق المدعي في استرداد ما دفع بغير حق بمضي ثلاث سنوات سابقة على رفع الدعوى عملاً بالمادة 187 من القانون المدني، وتمسكت في الموضوع بأنها إذ لاحظت نقص استهلاك المصنع فقد غيرت العداد وراجعت استهلاكه في السنوات المتعاقبة وما تتطلبه صناعة لوح الثلج من تيار وتبينت أن المدعي مدين لها، وفي 6/ 5/ 1960 حكمت المحكمة (أولاً) برفض الدفع المبدى من المدعى عليه الثاني بسقوط حق المدعي في استرداد المبالغ المطالب بها (ثانياً) وقبل الفصل في الموضوع بندب الخبير الحسابي بمكتب الخبراء بوزارة العدل بالقاهرة لتصفية الحساب بين الطرفين على أساس أن معامل قراءة العداد موضوع الدعوى هو 75 بدلاً من 100، ولما باشر الخبير مأموريته وقدم تقريراً انتهى فيه إلى أن فرق الخطأ في قراءة العداد من 100 إلى 75 في سنوات النزاع مبلغ 16405 ج و810 م عدل المدعي طلباته إلى هذا المبلغ مع الفوائد، ثم طلبت الشركة المصرية لصناعة الثلج (الطاعنة الثانية) قبولها خصماً في الدعوى تأسيساً على أن المصنع قد أمم وأدمج فيها، وطلبت الحكم بزوال صفة عباس وهبي في تمثيل المصنع واعتماد تقرير الخبير وإلزام المدعى عليهما بصفتهما بأن يدفعا لها المبلغ الذي أثبته مع فوائده القانونية من تاريخ المطالبة الرسمية، وفي 28/ 10/ 1963 حكمت المحكمة (أولاً) بزوال صفة عباس وهبي (ثانياً) بإلزام المدعى عليهما الأول والثاني بصفتهما بأن يدفعا لمدير الشركة المصرية لصناعة الثلج بصفته مبلغ 16450 ج و810 م والمصاريف، 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات، واستأنف عباس وهبي هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه وإلزام المستأنف عليهما الأولين (المطعون عليهما الثاني والثالث) وفي مواجهة المستأنف عليهما الثالث والرابع (الطاعنين) بأن يدفعا له متضامنين مبلغ 16405 ج و810 م والفوائد بواقع 7% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد وقيد هذا الاستئناف برقم 1902 سنة 81 ق، كما رفع مدير عام إدارة الكهرباء (المطعون عليه الثالث) استئنافاً مقابلاً بمذكرة طالباً إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، ودفع عباس وهبي بعدم قبول هذا الاستئناف شكلاً لرفعه بعد الميعاد، وفي 19/ 4/ 1965 حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم قبول الاستئناف المقابل شكلاً وبقبوله، وفي موضوع الاستئنافين بتعديل الحكم المستأنف وإلزام المستأنف ضدهما الأولين (المطعون عليهما الثاني والثالث) بأن يدفعا للمستأنف (المطعون عليه الأول) مبلغ 16405 ج و810 م والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ الحكم الابتدائي الصادر في 28/ 10/ 1963 حتى تمام السداد، وطعن الطاعنان هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين بالتقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعنان على طلب نقض الحكم، وطلب المطعون عليه الأول وورثته من بعده رفض الطعن ولم يحضر المطعون عليهما الثاني والثالث ولم يبديا دفاعاً، وأصرت النيابة العامة على رأيها الذي أبدته بمذكرتها وطلبت نقض الحكم.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ذلك أن شركة عباس وهبي وشركاه (مصنع ثلج القاهرة) أممت تأميماً جزئياً بمقتضى القانون رقم 119 سنة 1961 الصادر في 20/ 7/ 1961، ثم اندمجت في شركة الثلج الأهلية وتكونت منها الشركة المصرية لصناعة الثلج، ثم أممت تلك الشركة تأميماً كاملاً بالقانون رقم 148 سنة 1963 الذي أضافها للجدول المرافق للقانون رقم 117 سنة 1961 وإذ يترتب على التأميم أيلولة ملكية المنشأة إلى الدولة بما لها من حقوق لدى الغير وقت التأميم، وزوال صفة مالكها الأصلي، وكان الحكم المطعون فيه قد جرى على أن الحقوق والالتزامات المتعلقة بنشاط المنشأة تظل لصاحبها ولا تنتقل إلى الدولة بالتأميم، ورتب على ذلك قضاءه للمطعون عليه الأول بالمبلغ المحكوم به فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان الثابت أن مصنع ثلج القاهرة الذي كان مملوكاً للمطعون عليه الأول قد أمم تأميماً جزئياً في 20/ 7/ 1961 لوروده في الجدول المرافق للقانون رقم 119 سنة 1961 الذي حظر في مادته الأولى على أي شخص طبيعي أو معنوي أن يمتلك في تاريخ صدوره من أسهم الشركات المبينة في الجدول المرافق له ما تزيد قيمته السوقية عن 10000 ج على أن تؤول للدولة ملكية الأسهم الزائدة، ومن ثم فقد آل للدولة بهذا التأميم ملكية ما زاد من أسهم المصنع عن 10000 سهم، وإذ أدمج هذا المصنع في شركة ثلج غمرة وتكونت منهما الشركة المصرية لصناعة الثلج التي أممت تأميماً كاملاً في 7/ 11/ 1963 بعد إدماج شركة الثلج الأهلية فيها لورودها في الكشف المرافق للقانون رقم 148 سنة 1963 الذي نص في مادته الأولى على أن "تضاف إلى الجدول المرافق للقانون رقم 117 سنة 1961 الشركات والمنشآت الموضحة بالكشف المرافق" وكانت المادة الأولى من القانون رقم 117 سنة 1961 قد نصت على أن "تؤمم جميع البنوك وشركات التأمين في إقليمي الجمهورية كما تؤمم الشركات والمنشآت المبينة في الجدول المرافق لهذا القانون وتؤول ملكيتها للدولة" فإن ملكية المصنع جميعه تكون قد خلصت للدولة بهذا التأميم، وبالتالي فقد آل لها جميع ما كان للمصنع من أموال وحقوق في تاريخ التأميم، ومن بينهما تلك المتعلقة بنشاطه الاقتصادي الذي أنشئ من أجله. وإذ كان ذلك، وكان المبلغ المطالب به في هذه الدعوى قد دفع أصلاً لحساب المصنع وباعتباره ثمن بعض ما استهلكه من تيار كهربائي في إنتاج الثلج، وكان المطعون عليه الأول قد طالب باسترداده على أساس أنه دفع بغير حق إذ لم يستهلك المصنع ما يقابل هذا المبلغ من تيار، وكان يبين من قرار لجنة التقييم المشكلة تنفيذاً للمادة الثانية من القانون رقم 119 لسنة 1961 والمرفق صورته بالأوراق أن اللجنة قدرت إجمالي أصول المصنع بمبلغ 112956 ج و680 م وإجمالي خصومه بمبلغ 37069 ج و846 م، وصافي الأصول بمبلغ 75859 ج و834 م مضافاً إليه ما قد يحكم كم به لصالح المنشأة في الدعوى الماثلة، ومن ثم فقد آل المبلغ المطالب به في هذه الدعوى والذي كان يمتلكه المصنع في تاريخ التأميم إلى الشركة المؤممة التي آلت ملكيتها إلى الدولة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى إلى أن الحقوق والالتزامات المتعلقة بنشاط المصنع تبقى لمالكه قبل التأميم، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث السبب الآخر.