أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 23 - صـ 499

جلسة 23 من مارس سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا، وعلي صلاح الدين.

(79)
الطعن رقم 170 لسنة 37 القضائية

( أ ) حكر. "فسخ عقد الحكر". حكم. "النزول عن الحكم". تنفيذ.
قعود الطاعنة عن تنفيذ حكم فسخ الحكر وقبولها بقاء المستحكر ينتفع بالعين مقابل الأجرة المبينة بالعقد. مفاده النزول عن التمسك بالحكم. عدم ضرورة إبرام عقد جديد بالحكر في هذه الحالة.
(ب) حكر. "عقد استبدال الحكر". بيع. تقادم. "تقادم مسقط".
عقد استبدال الحكر. عقد بيع بطريق المزايدة. له نفس آثار عقد البيع الاختياري أو حكم إيقاع البيع الصادر من قاضي البيوع. حق المستحكر في خمس الثمن لا ينشأ إلا من تاريخ توقيع وزير الأوقاف على عقد الاستبدال. عدم سقوط دعوى المطالبة بهذا الحق إلا بمضي 15 سنة على استحقاقه بعد تمام العقد بتوقيع وزير الأوقاف.
(ج) حكر. "انتهاء عقد الحكر". نقض. "مسائل الواقع". محكمة الموضوع.
سلطة محكمة الموضوع في الاستدلال على عدم التمسك بانتهاء عقد الحكر بعد صدور حكم بفسخه. متى كان الاستدلال سائغاً ومستمداً من أوراق الدعوى ووقائعها. المجادلة في ذلك موضوعية. عدم جواز إثارتها أمام محكمة النقض.
1 - عدم قيام الطاعنة - وزارة الأوقاف - بتنفيذ الحكم الصادر بفسخ الحكر، وقبولها بقاء المستحكر ينتفع بالعين المحكرة مقابل الأجرة المبينة بعقد الحكر المقضي بفسخه حتى تم استبدالها سنة 1962، يتضمن تنازلها عن التمسك بالحكم الصادر بالفسخ، وبالتالي فإنه لا تكون هناك حاجة لإبرام عقد جديد يجب إفراغه في الشكل الذي تطلبه القانون المدني في المادة 1000 منه.
2 - تنص المادة التاسعة من القانون رقم 92 لسنة 1960 - بشأن إعادة تنظيم إنهاء الحكر على الأعيان الموقوفة - على أن "عقد الاستبدال يتم بالتوقيع عليه من وزير الأوقاف وبشهر العقد" وهذا العقد هو بمثابة عقد بيع أجرى بطريق المزايدة، وتترتب على صدوره ذات الآثار التي تترتب على انعقاد البيع الاختياري أو حكم إيقاع البيع الذي يصدره قاضي البيوع، ومن تاريخ توقيع وزير الأوقاف على عقد الاستبدال ينشأ حق المستحكر في خمس الثمن، إذ يعتبر هذا العقد سنده في المطالبة بنصيبه في ثمن العين المستبدلة، أما قبل تمام عقد الاستبدال بتوقيع وزير الأوقاف عليه فلا يكون حق المستحكر في النصيب المذكور قد نشأ حتى يمكنه خصمه من كامل الثمن الذي رسا به مزاد العين المستبدلة، وبالتالي فإن دفع المستحكر لكامل الثمن شاملاً نصيبه فيه وهو الخمسان، وهو دفع لدين مستحق عليه، لا دفع لدين غير مستحق. وإذ كان هذا النصيب في ثمن العين المستبدلة هو دين عادي نشأ في ذمة وزارة الأوقاف بعد انعقاد عقد الاستبدال بمقتضى نص المادة الثانية من القانون رقم 92 لسنة 1960، فإن دعوى المطالبة به لا تسقط إلا بمضي خمس عشرة سنة على تاريخ استحقاقه بعد تمام عقد الاستبدال بتوقيع وزير الأوقاف عليه.
3 - إذا كان كل من الحكمين الابتدائي والمطعون فيه الذي أيده وأحال إلى أسبابه قد استدل من قعود الطاعنة - وزارة الأوقاف - عن تنفيذ حكم فسخ الحكر الصادر لصالحها منذ سنة 1941 حتى تم الاستدلال سنة 1962، ومما ورد بعقد الاستبدال من أن الأرض المستبدلة عليها مبان ملك مورث المطعون عليه، ومن استمرار الطاعنة في اقتضاء مقابل الانتفاع بالأرض المحكرة حتى تم استبدالها، على أن رغبة الطاعنة انصرفت عن التمسك بانتهاء عقد الحكر، واتجهت إلى الإبقاء على صفة المطعون عليه كمستحكر، وكان هذا الاستدلال سائغاً مستمداً من أوراق الدعوى ووقائعها، فإن المجادلة في ذلك لا تعدو أن تكون مجادلة موضوعية فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره، ولا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن السيد/ صبحي جربوعة بصفته حارساً على وقف فرنسيس تادرس جربوعة أقام الدعوى رقم 2219 سنة 1964 كلي إسكندرية ضد وزارة الأوقاف طالباً الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 390 ج والمصروفات، وقال شرحاً لدعواه إن وقف العطارين الخيري يملك قطعة أرض موضحة بالصحيفة أقيم عليها بناء يملكه فرنسيس جربوعة بوصفه محتكراً، وقد رأت وزارة الأوقاف استبدال قطعة الأرض المذكورة ورسى مزادها على المدعي بصفته حارساً على وقف فرنسيس جربوعة مقابل مبلغ 900 ج سدده لوزارة الأوقاف قي 29/ 8/ 1961، وبتاريخ 27/ 3/ 1962 وافقت لجنة شئون الأوقاف على الاستبدال وتم شهر عقده، وأنه بوصفه محتكراً يحق له مطالبة وزارة الأوقاف بما يعادل الخمسين في ثمن العقار الموقوف المستبدل عملاً بالمادة 3 من القانون رقم 92 سنة 1960 الصادر بإعادة تنظيم إنهاء الحكر، وأنه بتاريخ 9/ 9/ 1964 قدم طلباً لمدير الأوقاف بالإسكندرية لصرف قيمة هذه الحصة وهي 360 ج، إلا أنه أفاد بعدم أحقيته في المبلغ المذكور لزوال صفته كمحتكر بمقتضى حكم صادر بذلك في سنة 1942 لتخلفه عن سداد قيمة الحكر، واستطرد المدعي قائلاً إنه لو صح صدور ذلك الحكم فإن قبول الوزارة استمراره في التمتع بحق الحكر حتى تاريخ رفعه هذه الدعوى وقبولها الأقساط المستحقة عليه بصفته محتكراً يعتبر تنازلاً منها عن الحكم المذكور، ودفعت وزارة الأوقاف الدعوى بسقوط حق المدعي في المطالبة بالتقادم الثلاثي. وبتاريخ 21/ 11/ 1965 حكمت المحكمة بإلزام وزارة الأوقاف بأن تدفع للمدعي بصفته مبلغ 360 ج والمصاريف. واستأنفت وزارة الأوقاف هذا الحكم أمام محكمة استئناف إسكندرية وطلبت أصلياً قبول الدفع المبدى منها بسقوط حق المستأنف عليه في إقامة الدعوى والحكم بسقوط حقه في طلب رد ما دفعه، واحتياطياً الحكم برفض الدعوى مع إلزامه في الحالتين بالمصروفات، وقيد الاستئناف برقم 32 سنة 22 ق إسكندرية، وبتاريخ 24/ 1/ 1967 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، وطعنت الوزارة في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين في التقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث صممت الطاعنة على طلب نقض الحكم، ولم يحضر المطعون عليه ولم يبد دفاعاً، وصممت النيابة على رأيها الذي أبدته بالمذكرة المقدمة منها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن الأوراق قد خلت مما يفيد تنفيذ الحكم الصادر بإنهاء الحكر في حين أن مستندات المطعون عليه تفيد استمراره في أداء مقابل الانتفاع بالأرض المحكرة حتى سنة 1960. واستخلص من ذلك بقاء صفته كمحتكر حتى تمام الاستبدال، وهذا من الحكم مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه من وجوه (أولها) أن الطاعنة تمسكت أمام محكمة الموضوع بأن الحكر قد انتهى بمقتضى الحكم رقم 2968 سنة 1941 مدني العطارين الذي قضى بفسخ عقد الحكر، وأن المطعون عليه قد أقر في مذكرته المقدمة لمحكمة الاستئناف بصدور هذا الحكم، الأمر الذي كان يتعين معه على الحكم المطعون فيه أن يأخذ بهذا الإقرار، إلا أنه أهدر حجيته واستلزم تقديم الدليل على صدور الحكم المذكور، وهو ما ينطوي على مخالفة القانون (ثانيها) أن قول الحكم بأن صفة المطعون عليه كمحتكر ظلت قائمة حتى تم الاستبدال استناداً إلى أنه ليس بالأوراق ما يدل على تنفيذ الحكم رقم 2968 سنة 1941 مدني العطارين هو قول مخالف للقانون، لأن الحكر ينتهي بصدور حكم نهائي بذلك، ولا يشترط لوقوع هذا الانتهاء تنفيذ الحكم، وأنه إذا انقضى الحكر بحكم نهائي فإن استمرار وضع يد المطعون عليه على العين لا ينشئ حكراً جديداً، إذ يجب في التحكير أن يصدر به عقد على يد رئيس المحكمة وأن يتم شهره وبالتالي لا يكتسب حق الحكر بوضع اليد على الأرض الموقوفة. (وثالثها) استند الحكم في رفض الدفع بسقوط حق المطعون عليه بالتقادم إلى أن مصدر التزام الوزارة بالمبلغ موضوع التداعي هو نص القانون رقم 92 سنة 1960 فلا يسقط إلا بالتقادم الطويل وهذا خطأ من الحكم في تطبيق القانون، لأن حق الحكر الذي كان للمطعون عليه قد انقضى بحكم نهائي، ومناط تطبيق المادة 3 من القانون رقم 92 سنة 1960 هو أن تكون الأرض المستبدلة محملة بحق حكر، هذا إلى أن المطعون عليه أسس دعواه على أنها استرداد ما دفع بغير حق. وكان قد مضى على قيام المطعون عليه بالوفاء ثلاث سنوات قبل رفع دعواه بالرد، الأمر الذي يكون معه الدفع بسقوط حقه في طلب الرد دفعاً سليماً.
وحيث إن النعي مردود في الوجه (الأول) منه، ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه قرر في خصوص الحكم الذي تمسكت الطاعنة بصدوره لصالحها بفسخ الحكر "إن هذا الحكم لم يقدم بعد وما تقدم ما هو إلا صورة عرفية وبالتالي فليس في الأوراق ما يدل على تنفيذ هذا الحكم، بل الثابت من المستندات التي قدمها المستأنف ضده استمراره في أداء مقابل الانتفاع المقرر على الأرض المحكرة حتى سنة 1960 ومن ثم فصفة المستأنف ضده هذه كمحتكر للأرض ظلت قائمة حتى تم الاستبدال" وإذا كان الحكم قد أقام قضاءه على نفي واقعة تنفيذ حكم الفسخ لا على انتفاء واقعة صدوره، فإن النعي عليه بأنه نفى صدور الحكم المذكور يكون على غير أساس ومردود في الوجه (الثاني) بأنه يبين من الرجوع إلى الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال عليه في أسبابه أنه أقام قضاءه بأن الحكر قد استمر على الأرض الموقوفة حتى تم استبدالها على أسباب حاصلها أن الحكر ينتهي بأسباب عدة من بينها تنفيذ حكم صادر بانتهائه، وأن الطاعنة لم تقدم ما يفيد قيامها بتنفيذ حكم صادر لها بإنهاء الحكر، وإنما الثابت من أوراق الدعوى أن الأرض كانت محكرة للمطعون عليه بصفته بدليل ما ورد بقائمة الاستبدال وبعقد الاستبدال المشهر من أن الأرض المستبدلة هي أرض مقام عليها مبان محكرة باسم فرنسيس جربوعة حتى سنة 1962، وأن الثابت بالإيصالات المقدمة من المطعون عليه يفيد استمراره في أداء مقابل الانتفاع بالعين المحكرة. وهذا الذي أورده الحكم لا مخالفة فيه للقانون، ذلك أن عدم قيام الطاعنة بتنفيذ الحكم الصادر بفسخ الحكر وقبولها بقاء المتحكر ينتفع بالعين المحكرة مقابل الأجرة المبينة بعقد الحكر المقضي بفسخه حتى تمام استبدالها سنة 1962 يتضمن تنازلها عن التمسك بالحكم الصادر لها بالفسخ، وبالتالي فإنه لا تكون هناك حاجة لإبرام عقد جديد بالحكر يجب إفراغه في الشكل الذي تطلبه القانون المدني في المادة 1000 منه. إذ كان ذلك فإن النعي في وجهه الثاني يكون غير سديد. والنعي مردود في الوجه (الثالث) بأنه بالرجوع إلى الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال على أسبابه يبين أنه أقام قضاءه برفض الدفع بسقوط حق المطعون عليه في المطالبة بالخمسين في قيمة العقار الذي رسى مزاده عليه وتم استبداله إليه على قوله "إن مصدر التزام وزارة الأوقاف بأن تؤدى للمحتكر قيمة الخمسين في ثمن الأرض المستبدلة وهو على ما أسلفنا نص القانون، لا يمكن أن يلحقه التغيير بمجرد إضافة صفة جديدة إلى المحتكر صاحب الحق المقابل لذلك الالتزام عندما يكون المحتكر هو الراسي عليه المزاد، فلا يرد القول إذا رسى المزاد على غير المحتكر إن مصدر التزام الوزارة هو نص القانون فإذا رسى المزاد على المحتكر كان مصدر التزام الوزارة هو إثراء بلا سبب، ويؤكد أن مصدر التزام الوزارة في الحالة الأخيرة يبقى كما هو نص القانون، أن المحتكر عندما يرسو عليه المزاد يعامل معاملة الغير فيلزم بأداء كامل الثمن الذي رسى به المزاد، فلا يجوز القول بأن أداءه لقيمة الخمسين من الثمن للوزارة هو أداء لمبلغ غير مستحق حتى يجوز الادعاء بأن مطالبته اللاحقة لذلك النصيب تخضع لقواعد استرداد ما دفع بغير حق. وترتيباً على ما تقدم فإن حق المحتكر في المطالبة بنصيبه في ثمن الأرض المستبدلة، ومصدره نص القانون، هو من الحقوق التي لا تسقط إلا بمضي خمس عشرة سنة تبدأ من تاريخ نشوء الحق في المطالبة، وهو على ما أسلفنا، تاريخ شهر عقد الاستبدال في 14/ 2/ 1963". وهذا الذي قرره الحكم لا مخالفة فيه للقانون ذلك أن المادة التاسعة من القانون رقم 92 لسنة 1960 تنص على أن "عقد الاستبدال يتم بالتوقيع عليه من وزير الأوقاف وبشهر العقد" وهذا العقد هو بمثابة عقد بيع أجرى بطريق المزايدة وتترتب على صدوره ذات الآثار التي تترتب على انعقاد البيع الاختياري أو حكم إيقاع البيع الذي يصدره قاضي البيوع ومن تاريخ توقيع وزير الأوقاف على عقد الاستبدال ينشأ حق المستحكر في خمسي الثمن، إذ يعتبر هذا العقد سنده في المطالبة بنصيبه في ثمن العين المستبدلة، أما قبل تمام عقد الاستبدال بتوقيع وزير الأوقاف عليه فلا يكون حق المحتكر في النصيب المذكور قد نشأ حتى يمكنه خصمه من كامل الثمن الذي رسا به مزاد العين المستبدلة، وبالتالي فإن دفع المستحكر لكامل الثمن شاملاً نصيبه فيه وهو الخمسان هو دفع لدين مستحق عليه لا دفع لدين غير مستحق، وإذ كان هذا النصيب في ثمن العين المستبدلة هو دين عادي نشأ في ذمة وزارة الأوقاف بعد انعقاد عقد الاستبدال بمقتضى نص المادة الثانية من القانون رقم 92 لسنة 1960، فإن دعوى المطالبة به لا تسقط إلا بمضي خمس عشرة سنة على تاريخ استحقاقه بعد تمام عقد الاستبدال بتوقيع وزير الأوقاف عليه. وإذ كان الاستبدال قد تم في 14/ 2/ 1963 وأقام المطعون عليه دعواه مطالباً بنصيبه في قيمة العقار المستبدل وهو الخمسان في 15/ 10/ 1964 على ما أورده الحكم، فإنه لا يكون قد أخطأ فيما قضى به من رفض الدفع بسقوط حق المطعون عليه في المطالبة به، ويكون النعي عليه في هذا الخصوص غير سديد.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت في الأوراق والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال على أسبابه أقام قضاءه ببقاء صفة المطعون عليه كمحتكر على أن لجنة شئون الأوقاف أقرت عقد الاستبدال في سنة 1962 مع ما تضمنه هذا العقد من أن العين المستبدلة هي أرض عليها بناء ملك فرنسيس جربوعة، وعلى أن المطعون عليه ظل يدفع مقابل الانتفاع المقرر على الأرض المحكرة حتى سنة 1960 طبقاً لما هو ثابت من الإيصالات المقدمة منه، وأن هذا يتعارض مع ما ذهبت إليه الوزارة من أن حق الحكر قد انقضى، وهذا الذي انتهت إليه محكمة الموضوع ينطوي على مخالفة الثابت في الأوراق، ذلك أن عقد الاستبدال المشهر وصف الأرض المستبدلة بأنها قطعة أرض عليها مبان ملك الغير ولم يرد به أن هذه الأرض محكرة للغير، كما ينطوي أيضاً على الفساد في الاستدلال ذلك أو وجود بناء مملوك للغير على الأرض المستبدلة لا يترتب عليه أن تكون الأرض محكرة أو بقاء حق حكر كان عليها، إذ لا تلازم بين وجود بناء على الأرض وكونها محكرة، خاصة إذا كان الثابت أن عقد الحكر الذي كان مرتباً عليها قد قضى بفسخه بحكم نهائي، هذا إلى أن قيام المطعون عليه بسداد مقابل الانتفاع عن الأرض التي ظل يشغلها بعد أن قضى بفسخ عقد الحكر لا يؤدي إلى أن هذا العقد قد عاد من جديد وعادت معه صفة المطعون عليه كمحتكر، خاصة وأن الحكم الصادر بفسخ عقد الحكر قضى بإلزام المطعون عليه بدفع قيمة الحكر المتأخرة وما يستجد ابتداءً من سنة 1942 حتى الإخلاء، وأن المبالغ التي دفعها بعد القضاء بالفسخ لم تكن مقابل تحكير بل مقابل انتفاع تنفيذاً للحكم وإذ استخلص الحكم المطعون فيه رغم ذلك من بقاء المطعون عليه بالعين بقاء حق الحكر، فإن استخلاصه يكون غير سائغ وينطوي على فساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إليه في أسبابه قد استدل من قعود الطاعنة عن تنفيذ حكم الفسخ الصادر لصالحها منذ سنة 1941 حتى تم الاستبدال سنة 1962، ومما ورد بعقد الاستبدال من أن الأرض المستبدلة عليها مبان ملك مورث المطعون عليه، ومن استمرار الطاعنة في اقتضاء مقابل الانتفاع بالأرض المحكرة حتى تم استبدالها على أن رغبة الطاعنة انصرفت عن التمسك بانتهاء عقد الحكر واتجهت إلى الإبقاء على صفة المطعون عليه كمستحكر، وكان هذا الاستدلال سائغاً مستمداً من أوراق الدعوى ووقائعها، فإن المجادلة في ذلك لا تعدو أن تكون مجادلة موضوعية فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره، ولا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة.