أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 23 - صـ 533

جلسة 28 من مارس سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ بطرس زغلول نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، وأحمد ضياء الدين حنفي، ومحمود السيد عمر المصري.

(84)
الطعن رقم 82 لسنة 37 القضائية

( أ ) إصلاح زراعي: حظر تملك الأراضي الزراعية على الأجانب. أجانب.
حظر القانون 15 لسنة 1963 على الأجانب تملك الأرض الزراعية وما في حكمها بأي سبب.
(ب) إصلاح زراعي: حظر تملك الأراضي الزراعية على الأجانب. أجانب. نظام عام.
اتصال قاعدة حظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها بالنظام العام. مؤداه.
(ج) إصلاح زراعي: حظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية "تصرفات الأجنبي". أجانب.
الاعتداد بتصرفات الأجانب الصادرة للمصريين إذا كانت ثابتة التاريخ قبل يوم 23 ديسمبر سنة 1961. سبب ذلك.
(د) إصلاح زراعي: حظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية "تصرفات الأجنبي". أجانب.
التصرفات التي تمت بين الأجانب بعضهم وبعض والثابتة التاريخ قبل العمل بالقانون 15 لسنة 1963. عدم النص على الاعتداد بها لأيلولة الأرض محل هذه التصرفات حتماً إلى الدولة.
(هـ) إصلاح زراعي "تصرفات الملاك الخاضعين لأحكام قانون الإصلاح الزراعي".
مؤدى ثبوت تاريخ تصرفات الملاك الخاضعين لأحكام قانون الإصلاح الزراعي اعتبارها نافذة في حق جهة الإصلاح الزراعي ولو زادت ملكية المتصرف إليه عن الحد الأقصى للملكية الزراعية. خضوع الأرض الزائدة في هذه الحالة للاستيلاء لدى المتصرف إليه.
(و) إصلاح زراعي. "حظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية". أجانب.
صدور القانون 15 لسنة 1963 لذات الغرض من قانون الإصلاح الزراعي والقوانين المكملة.
(ز) إصلاح زراعي. "الاعتداد بالتصرفات الصادرة بين الأجانب وبعضهم". عقد. "انحلال العقد". "فسخ العقد". فسخ.
الاعتداد بالتصرفات الصادرة بين الأجانب بعضهم وبعض قبل العمل بالقانون 15 لسنة 1963. شرطه وأثره.
1 - مفاد نص الفقرة الأولى من المادة الأولى، والفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون 15 لسنة 1963 بشأن حظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها أنه يحظر على الأجانب - سواء أكانوا أشخاصاً طبيعيين أم اعتباريين - أن يمتلكوا الأراضي الزراعية وما في حكمها في جمهورية مصر العربية بأي سبب من أسباب كسب الملكية.
2 - لا شبهة في اتصال قاعدة عدم تملك الأجانب للأراضي الزراعية، وما في حكمها في جمهورية مصر العربية بالنظام العام، فيسري حكمها بأثر مباشر على كل من يمتلك من الأجانب وقت العمل بهذا القانون في 19 يناير سنة 1963 أرضاً زراعية، كما يسري هذا الحظر على المستقبل.
3 - المقصود من النص الذي أورده المشرع بنهاية المادة الثانية من القانون 15 لسنة 1963 بشأن حظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها، أن تصرفات الأجنبي الصادر إلى أحد المصريين لا يعتد بها، إلا إذا كانت ثابتة التاريخ قبل يوم 23 ديسمبر سنة 1961، والسبب في ذلك أن هذا اليوم هو الذي أعلن فيه عن الأحكام التي تضمنها هذا القانون، قبل أن يصدر بمدة تزيد على عام، الأمر الذي جعل كثيرين من الأجانب يبادرون إلى التصرف في أراضيهم إلى المصريين هرباً من الخضوع لأحكام التشريع المرتقب صدوره، فأراد المشرع أن يفوت هذا الغرض، بأن اعتبر الهدف من التصرفات المشار إليها هو التحاليل على القانون المذكور بغية الفكاك من أحكامه، ولذلك قرر عدم الاعتداد بها، واعتبار الأرض المتصرف فيها لا زالت باقية على ملك الأجنبي المتصرف حتى ولو كانت مشهرة، وإخضاعها بالتالي للأحكام المقررة في القانون، وهي التي تقضي بالاستيلاء عليها وتوزيعها على صغار الزراع، وذلك على خلاف التصرفات التي تمت بعقود ثابتة التاريخ قبل يوم 23 ديسمبر سنة 1961، فإن المشرع قدر، أن هذه التصرفات، وإن كانت لا تنتقل بها الملكية لعدم شهرها إلا أن شبهة الصورية والتحاليل على القانون منتفية عنها، وعلى أساس هذا التقدير، قرر الاعتداد بها في مواجهة جهة الإصلاح الزراعي، وذلك على غرار ما نص عليه في قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 من الاعتداد بالتصرفات التي ثبت تاريخها قبل 23 يوليه سنة 1952.
4 - ما كان للمشرع أن يتناول في نهاية نص المادة الثانية من القانون 15 لسنة 1963 بشأن حظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها، والتي تنص على أنه "لا يعتد في تطبيق أحكام هذا القانون بتصرفات الملاك الخاضعين لأحكامه ما لم تكن صادرة إلى أحد المتمتعين بجنسية الجمهورية العربية المتحدة وثابتة التاريخ قبل يوم 23 ديسمبر سنة 1961" التصرفات التي تمت بين الأجانب بعضهم وبعض والثابتة التاريخ قبل العمل بأحكام هذا القانون، إذ لم تكن بالمشرع حاجة إلى ذلك، لأن الأرض موضوع هذه التصرفات ستؤول حتماً إلى الدولة إعمالاً لحكم المادتين الأولى والثانية من القانون.
5 - من المقرر في قضاء محكمة النقض، أن المشرع في قانون الإصلاح الزراعي، وما صدر من قوانين تنفيذاً للحكمة منه، قد حرص على عدم المساس بتصرفات الملاك الخاضعين لأحكام هذه القوانين، ولو كانت غير مشهرة متى كانت ثابتة التاريخ قبل العمل بها، إذ أن ثبوت تاريخها ينفي عنها شبهة التحايل على القانون، ومؤدى ذلك اعتبارها نافذة في حق جهة الإصلاح الزراعي، ولو كان من شأنها زيادة ما يملكه المتصرف إليه عن الحد الأقصى المقرر للملكية الزراعية، وفي هذه الحالة تخضع الأرض المتصرف فيها لأحكام الاستيلاء المقررة في القانون ويجرى الاستيلاء عليها لدى المتصرف إليه.
6 - صدر القانون رقم 15 لسنة 1963 بشأن حظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها في جمهورية مصر العربية لذات الغرض المقصود من إصدار قانون الإصلاح الزراعي والقوانين المكملة له، وآية ذلك ما ورد في ديباجته من الإحالة إلى هذه القوانين، وما نصت عليه المادة الثالثة من أن تتسلم الهيئة العامة للإصلاح الزراعي الأراضي المشار إليها في المادة السابقة وتتولى إدارتها نيابة عن الدولة حتى يتم توزيعها على صغار الفلاحين وفقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي.
7 - يكفي للاعتداد بالتصرفات الصادرة بين الأجانب بعضهم وبعض، أن تكون ثابتة التاريخ قبل العمل بالقانون رقم 15 لسنة 1963. وليس في ذلك ما يتعارض مع قاعدة جواز تملك الأجانب أرضاً زراعية في مصر ما دام الاستيلاء سيقع على الأرض المتصرف فيها في النهاية لدى المتصرف إليه الأجنبي. وتبقى هذه التصرفات نافذة بين عاقديها متى تمت صحيحة وفقاً للقانون المدني، ولا يصح قانوناً القضاء بفسخ العقد الذي يتضمنها وبرد الثمن للمتصرف إليه تأسيساً على عدم الاعتداد بهذا العقد على الرغم من ثبوت تاريخه قبل العمل بالقانون 15 لسنة 1963.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المطعون ضده وهو كويتي الجنسية أقام على الطاعنة "الجامعة الأمريكية" الدعوى رقم 3143 سنة 1964 كلي القاهرة، وقال في صحيفتها إنه بمقتضى عقد ابتدائي تاريخه 22 يونيه سنة 1952 باعت له الطاعنة أرضاً مملوكة لها بطريق الهرم بناحيتي الطالبية والكنيسة مركز الجيزة مساحتها 14 ف و10 ط و10 س مبينة الحدود والمعالم بتلك الصحيفة بثمن مقداره 2500 ج للفدان أوفاه لها جميعه، وإنه سار في الإجراءات اللازمة لشهر هذا العقد فتقدم إلى مأمورية الشهر العقاري في 20 يوليه سنة 1959 بطلب كشف تحديد بمساحة الأرض المبيعة وتجدد هذا الطلب عدة مرات كان آخرها في سنة 1962، كما تقدم في 19 إبريل سنة 1961 إلى مجلس مدينة الجيزة - بعد استلامه هذه الأرض - بمشروع بتقسيمها لإقراره، ولكن المجلس ظل يرجئ البت فيه - بسبب تراخي الطاعنة في تقديم مستندات الملكية - إلى أن صدر القانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية في مصر، فقرر المجلس وقف نظر المشروع إلى ما بعد استطلاع رأي جهة الإصلاح الزراعي في مآل الأرض المذكورة ومدى خضوعها للقانون المشار إليه، واستطرد المطعون ضده قائلاً إنه بتاريخ 4 يونيه سنة 1963 تم الاستيلاء على الأرض لديه بوصفه أجنبياً يمتنع عليه أن يتملك أرضاً زراعية في جمهورية مصر، فاستحال عليه بذلك تسجيل عقد شرائه لها وبالتالي أضحى مستحيلاً على الطاعنة أن توفي بالتزامها بنقل ملكية الأرض المبيعة إليه، مما يترتب عليه انفساخ العقد المبرم بينهما والتزام الطاعنة "البائعة" بأن ترد إليه الثمن الذي أداه لها، ولهذا أقام عليها دعواه بطلب الحكم باعتبار العقد موضوع النزاع مفسوخاً، وبإلزامها بأن ترد له مبلغ 236041 ج و667 م. أجابت الطاعنة على الدعوى بأن عقد البيع ثابت التاريخ قبل العمل بالقانون رقم 15 لسنة 1963، وأن من شأن ذلك أن يعتد به قانوناً، ولو لم يشهر بما ينبني عليه أن يكون استيلاء الدولة على الأرض المتصرف فيها لدى المشتري لا البائع، وبتاريخ 14/ 4/ 1965 قضت المحكمة للمطعون ضده بطلباته استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 1440 سنة 82 ق، ومحكمة استئناف القاهرة حكمت في 13/ 12/ 1966 بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه على واقعة الدعوى، وتقول في بيان ذلك إن الحكم لم يعتد بالتصرف موضوع النزاع استناداً إلى أنه لا يكفي للاعتداد به أن يكون ثابت التاريخ قبل يوم 23 ديسمبر سنة 1961، بل يشترط إلى جانب ذلك، وفقاً لنص المادة الثانية من القانون رقم 15 لسنة 1963 الخاص بحظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها أن يكون التصرف صادراً إلى أحد المصريين، وأن هذا الشرط. متخلف لأن المتصرف إليه - المطعون ضده - أجنبي "كويتي الجنسية" وبذلك لا يعتد بالتصرف المشار إليه، وترى الطاعنة أن الحكم قد أخطأ في تأويل القانون رقم 15 لسنة 1963 على النحو الذي ذهب إليه، ذلك أن المناط في الاعتداد بما لم يشهر من التصرفات السابقة الصادرة بين الأجانب بعضهم وبعض - في نظر هذا القانون - إنما هو مجرد ثبوت تاريخها قبل 23 ديسمبر سنة 1961 إذ أنه قد صدر على غرار قوانين الإصلاح الزراعي وهي لا تتطلب للاعتداد بالتصرفات السابقة على العمل بها إلا أن تكون ثابتة التاريخ، هذا إلى أن التصرف السابق صدوره إلى أجنبي يتحقق به ما استهدفه المشرع من القانون رقم 15 لسنة 1963 سالف الذكر من منع الأجنبي من أن يتملك أرضاً زراعية في مصر لما يؤدي إليه هذا التصرف من استيلاء على الأرض المتصرف فيها لدى المتصرف إليه - المطعون ضده - وقد تم الاستيلاء عليها فعلاً على هذه الصورة، غير أن الحكم المطعون فيه جرى في قضائه على أن ثبوت التاريخ وحده لا يكفي للاعتداد بالعقد موضوع الدعوى، ورتب على ذلك الحكم باعتباره مفسوخاً وبإلزام الطاعنة برد الثمن وهو ما يعيبه بالخطأ في تأويل القانون وتطبيقه.
وحيث إنه يبين من استقراء نصوص القانون رقم 15 لسنة 1963 بشأن حظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها أنه نص في الفقرة الأولى من المادة الأولى منه على أنه "يحظر على الأجانب سواء أكانوا أشخاصاً طبيعيين أم اعتباريين تملك الأراضي الزراعية وما في حكمها من الأراضي القابلة للزراعة والبور والصحراوية في الجمهورية العربية المتحدة ويشمل الحظر الملكية التامة كما يشمل ملكية الرقبة أو حق الانتفاع" ونص في الفقرة الأولى من المادة الثانية على أن "تؤول إلى الدولة ملكية الأراضي المشار إليها في المادة الأولى المملوكة للأجانب وقت العمل بهذا القانون بما عليها من المنشآت والآلات الثابتة وغير الثابتة والأشجار وغيرها من الملحقات الأخرى المخصصة لخدمتها" ومفاد هذين النصين أنه يحظر على الأجانب - سواء أكانوا أشخاصاً طبيعيين أم اعتباريين - أن يمتلكوا الأراضي الزراعية وما في حكمها في جمهورية مصر العربية بأي سبب من أسباب كسب الملكية، ولا شبهة في اتصال هذه القاعدة بالنظام العام فيسري حكمها بأثر مباشر على كل من يمتلك من الأجانب وقت العمل بهذا القانون في 19 يناير سنة 1963 أرضاً زراعية، كما يسري هذا الحظر على المستقبل، وبعد أن أورد المشرع هذه القاعدة الأساسية التي يقوم عليها هذا التشريع ورغبة منه في استقرار المعاملات، عالج التصرفات الصادرة من الأجانب إلى المصريين قبل العمل بهذا التشريع وذلك بحكم خاص، إذ نص في نهاية المادة الثانية على أنه "لا يعتد في تطبيق أحكام هذا القانون بتصرفات الملاك الخاضعين لأحكامه ما لم تكن صادرة إلى أحد المتمتعين بجنسية الجمهورية العربية المتحدة وثابتة التاريخ قبل يوم 23 ديسمبر سنة 1961، والمقصود من هذا النص هو أن تصرفات الأجنبي الصادرة إلى أحد المصريين لا يعتد بها إلا إذا كانت ثابتة التاريخ قبل يوم 23 ديسمبر سنة 1961، والسبب في ذلك أن هذا اليوم هو الذي أعلن فيه عن الأحكام التي تضمنها هذا القانون قبل أن يصدر بمدة تزيد على عام، الأمر الذي جعل كثيرين من الأجانب يبادرون إلى التصرف في أراضيهم إلى المصريين هرباً من الخضوع لأحكام التشريع المرتقب صدوره، فأراد المشرع أن يفوت هذا الغرض بأن اعتبر الهدف من التصرفات المشار إليها هو التحاليل على القانون المذكور بغية الفكاك من أحكامه، ولذلك قرر عدم الاعتداد بها واعتبار الأرض المتصرف فيها لا زالت باقية على ملك الأجنبي المتصرف حتى ولو كانت مشهرة، وإخضاعها بالتالي للأحكام المقررة في القانون، وهي التي تقضي بالاستيلاء عليها وتوزيعها على صغار الزراع، وذلك على خلاف التصرفات التي تمت بعقود ثابتة التاريخ قبل يوم 23 ديسمبر سنة 1961، فإن المشرع قد قدر أن هذه التصرفات وإن كانت لا تنتقل بها الملكية لعدم شهرها إلا أن شبهة الصورية والتحايل على القانون منتفية عنها، وعلى أساس هذا التقدير قرر الاعتداد بها في مواجهة جهة الإصلاح الزراعي، وذلك على غرار ما نص عليه في قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 من الاعتداد بالتصرفات التي ثبت تاريخها قبل 23 يوليه سنة 1952، أما التصرفات التي تمت بين الأجانب بعضهم وبعض الثابتة التاريخ قبل العمل بالقانون رقم 15 لسنة 1963، فما كان للمشرع أن يتناولها في هذا نص إذ لم تكن به حاجة إلى ذلك لأن الأرض موضوع هذه التصرفات ستؤول حتماً إلى الدولة إعمالاً لحكم المادتين الأولى والثانية من القانون المشار إليه، ولما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن المشرع في قانون الإصلاح الزراعي وما صدر من قوانين تنفيذاً للحكمة منه قد حرص على عدم المساس بتصرفات الملاك الخاضعين لأحكام هذه القوانين - ولو كانت غير مشهرة - متى كانت ثابتة التاريخ قبل العمل بها، إذ أن ثبوت تاريخها ينفي عنها شبهة التحاليل على القانون، ومؤدى ذلك اعتبارها نافذة في حق جهة الإصلاح الزراعي ولو كان من شأنها زيادة ما يملكه المتصرف إليه عن الحد الأقصى المقرر للملكية الزراعية، وفي هذه الحالة تخضع الأرض المتصرف فيها لأحكام الاستيلاء المقررة في القانون، ويجرى الاستيلاء عليها لدى المتصرف إليه، وإذ كان القانون رقم 15 لسنة 1963 بشأن حظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها في جمهورية مصر العربية قد صدر لذات الغرض المقصود من إصدار قانون الإصلاح الزراعي والقوانين المكملة له وآية ذلك ما ورد في ديباجته من الإحالة إلى هذه القوانين، وما نصت عليه المادة الثالثة منه من أن تتسلم الهيئة العامة للإصلاح الزراعي الأراضي المشار إليها في المادة السابعة وتتولى إدارتها نيابة عن الدولة حتى يتم توزيعها على صغار الفلاحين وفقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 المشار إليها. لما كان ذلك فإنه يكفي للاعتداد بالتصرفات الصادرة بين الأجانب بعضهم وبعض أن تكون ثابتة التاريخ قبل العمل بالقانون رقم 15 لسنة 1963، وليس في ذلك ما يتعارض مع قاعدة عدم جواز تملك الأجانب أرضاً زراعية في مصر ما دام الاستيلاء سيقع على الأرض المتصرف فيها في النهاية لدى المتصرف إليه الأجنبي على النحو السالف بيانه، وتبقى هذه التصرفات نافذة بين عاقديها متى تمت صحيحة وفقاً القانون المدني. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بفسخ العقد موضوع الدعوى وبرد الثمن تبعاً لذلك تأسيساً على عدم الاعتداد بهذا العقد على الرغم من ثبوت تاريخه قبل العمل بالقانون رقم 15 لسنة 1963، فإن الحكم يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه مما يستوجب نقضه.