مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية
وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الخامس (عن المدة من 6 نوفمبر سنة 1939 لغاية 26 أكتوبر سنة 1942) - صـ 360

جلسة 20 يناير سنة 1941

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: محمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك وحسن زكي محمد بك ومنصور إسماعيل بك المستشارين.

(189)
القضية رقم 1882 سنة 10 القضائية

وصف التهمة. حق المحكمة في تعديل الوصف. شرطه. متهم. رفع الدعوى عليه بوصفه فاعلاً. الحكم عليه بوصفه شريكاً. جوازه. واجب المتهم في الدفاع عن نفسه.

(المادة 37 تشكيل)

للمحكمة وهي تحكم في الدعوى أن تعدّ المتهم شريكاً، لا فاعلاً، في الجريمة المرفوعة بها الدعوى ما دامت لم تستند في ذلك إلا على الوقائع التي شملها التحقيق ورفعت بها الدعوى ودارت على أساسها المرافعة. ولا وجه للتظلم من ذلك لأن مرافعة المتهم يجب أن تكون على أساس الواقعة المرفوعة بها الدعوى عليه موصوفة بكل الأوصاف التي يصح أن تعطى لها قانوناً لا بالوصف المرفوعة به الدعوى وحده، فإن هذا الوصف بطبيعة الحال مؤقت، وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من أن تعدّله في أي وقت إلى الوصف الذي ترى هي أنه الصحيح.


المحكمة

وحيث إن أوجه الطعن المقدّمة من هذا الطاعن تتحصل: (أوّلاً) في أن الدعوى العمومية رفعت عليه على اعتبار أنه فاعل أصلي في جريمة السرقة، ومحكمة أوّل درجة حكمت ببراءته مما نسب إليه، ولكن المحكمة الاستئنافية أدانته وذكرت في حكمها أنه يعدّ شريكاً بالاتفاق والمساعدة مع الفاعل الأصلي، وذلك من غير أن تنبه الدفاع إلى هذا التعديل الذي لم يكن من حقها إجراؤه وبصفتها محكمة ثاني درجة، لأنه يكون من ورائه حرمان المتهم من إحدى درجات التقاضي. (وثانياً) في أن المحكمة اعتمدت في إدانة الطاعن على أقوال متهمين آخرين عليه مع أن هذه الأقوال، لعدم صحتها من جهة ولعدم تعزيزها بدليل آخر من جهة أخرى، لا تصلح دليلاً عليه. (وثالثاً) في أن الحكم قد بني على شهادة سماعية لا تصلح أن تكون دليلاً يصح الاعتماد عليه قانوناً.
وحيث إن الدعوى رفعت على الطاعن وآخرين لمحاكمتهم من أجل جريمة سرقة حليّ وأمتعة لإسرائيل رحمين، ومحكمة أوّل درجة قضت للطاعن بالبراءة لعدم كفاية الأدلة، والمحكمة الاستئنافية أدانته وذكرت "أنه بالنسبة للمتهم السادس محمد حسن البربري فقد قرّر المجني عليه وزوجته في التحقيق وأمام محكمة أوّل درجة بأنه كان في خدمتهما وخرج قبل الحادثة بثلاثة أيام، وأنهما مشتبهان في أن الجريمة ارتكبت بمساعدته، وأنه أحضر المتهم الأول والمتهم السابع ليشتغلا عندهما، وقد اشتغل كل منهما يوماً. وقرّر المتهم الأوّل والمتهم الثاني في التحقيقات بأن هذا المتهم هو الذي أرشدهما على وجود الخزانة طلب منهما سرقتها. ويتبين من كل هذه الأقوال ومن مسعى هذا المتهم في إلحاقه لصبيه في خدمة المجني عليه أنه هو الذي دبر هذه الجريمة باتفاقه مع المتهمين الأوّل والثاني ومساعدتهما بأن سهل لهما معرفة مكان الجريمة، وذلك بأن أدخل أوّلهما المنزل بحجة الاشتغال فيه فتعرّف على محتويات المنزل، فيكون شريكاً للسارقين بالاتفاق والمساعدة طبقاً لنص المادة 40/ 2-3 عقوبات، ويتعين عقابه بموجبها مع المادتين 41 و317/ 1-2-5 عقوبات".
وحيث إنه يبين مما تقدّم أن المحكمة الاستئنافية إذ اعتبرت الطاعن شريكاً لا فاعلاً أصلياً في جريمة السرقة التي أدانته من أجلها لم تعتمد على غير الوقائع التي شملها التحقيق ورفعت بها الدعوى ودارت على أساسها المرافعة لدى كل من المحكمتين الابتدائية والاستئنافية. وهذا من حق المحكمة أن تجريه ولو عند حكمها في الدعوى بعد إقفال باب المرافعة. ولا يكون للمتهم أن يتظلم من ذلك لأن دفاعه عن الواقعة المرفوعة بها الدعوى العمومية عليه يقتضي منه أن يترافع على أساس جميع ما يمكن أن توصف به هذه الواقعة في القانون، لا على أساس الوصف المرفوعة به الدعوى فقط، فإن هذا الوصف بطبيعته مؤقت لا يمنع المحكمة في أي وقت من أن تعدّله إلى الوصف الذي تراه صحيحاً. هذا ولا يقبل من الطاعن باقي ما يتمسك به بوجوه الطعن لأنه لا يعدو إثارة الجدل في تقدير وقائع الدعوى وأدلة الثبوت فيها مما هو من سلطة محكمة الموضوع وحدها بغير أن يكون لمحكمة النقض رقابة عليها فيه. فإذا كانت قد انتهت في منطق سليم من المقدّمات التي أوردتها في حكمها إلى القول بثبوت التهمة عليه فليس له أن يجادل في عدم صحة هذه المقدّمات أو في قوّتها التدليلية في الإثبات.