مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية
وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الخامس (عن المدة من 6 نوفمبر سنة 1939 لغاية 26 أكتوبر سنة 1942) - صـ 378

جلسة 27 يناير سنة 1941

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: محمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك وحسن زكي محمد بك ومنصور إسماعيل بك المستشارين.

(198)
القضية رقم 654 سنة 11 القضائية

( أ ) تحريض على الفسق والفجور. جريمة اعتياد. أفعال الإفساد الواقعة قبل المحاكمة النهائية. جريمة واحدة مهما تعدّدت الأفعال. معاقبة متهمة بحكمين ابتدائيين عن واقعتين. ثبوت الواقعتين لدى المحكمة الاستئنافية. وجوب إلغاء إحدى العقوبتين.

(المادة 233 ع = 270)

(ب) بيوت العاهرات. حق رجال البوليس في دخولها بدون إذن من النيابة. حقهم في ضبط من يوجد فيها من قاصرات.
(المادة 13 من لائحة بيوت العاهرات)
1 - إن جريمة التعرّض لإفساد أخلاق الفتيات القاصرات من جرائم الاعتياد التي تتكوّن من تكرار أفعال الإفساد. فمهما تعدّدت هذه الأفعال فإنها - متى كان وقوعها قبل المحاكمة النهائية - لا تكوّن إلا جريمة واحدة. فإذا أصدرت المحكمة الابتدائية على المتهمة حكمين عن واقعتين على أن كلا منهما وقعت في تاريخ معين، ثم رأت المحكمة الاستئنافية ثبوت الواقعتين، فإنه يكون من المتعين عليها ألا تحكم على المتهمة إلا بعقوبة واحدة عن جميع الوقائع على أساس أنها لم ترتكب إلى جريمة واحدة.
2 - لضباط البوليس أن يدخلوا بيوت العاهرات لضبط ما يقع فيها مخالفاً للائحة هذه البيوت. فلهم إذن أن يدخلوها للبحث عمن يكن بها من قاصرات، فإذا وجدوا بها قاصرات صح الاستشهاد بذلك في كل جريمة تتعلق به.


المحكمة

وحيث إن مجمل ما جاء بوجه الطعن أن الطاعنة اتهمت بتهمتين من نوع واحد هما التعرّض لإفساد قاصرات بتحريضهنّ عادة على الفسق والفجور وقد وقعت أولاهما في 11 يوليه سنة 1938 وثانيتهما في 15 أكتوبر سنة 1938. وأسست إدانتها على محضري التفتيش الذي قام به ضابط البوليس، وكلا المحضرين باطل. وذلك لأن التفتيش الأوّل قيل بأنه كان بناءً على رضائها به مع أنها لم تكن حرة الإرادة في هذا الرضاء لأن الضابط كان يصحب معه قوّة من المخبرين ولم يلفتها إلى أنه لا يجوز له التفتيش إلا بعد الإذن به من النيابة العمومية. أما التفتيش الثاني الواقع في 15 أكتوبر سنة 1938 فقد حصل بدون إذنها، ولائحة بيوت العاهرات لا تبيح لرجال البوليس دخول منازل الدعارة إلا في حالة واحدة هي التحقق من وجود الرخصة وتجديدها.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أن الطاعنة اتهمت بجريمتين: إحداهما وقعت في 11 يوليه سنة 1938 والثانية في أثناء شهر أكتوبر سنة 1938 وكلتاهما تعرّضها لإفساد أخلاق فتيات قاصرات بتحريضهنّ عادة على الفسق والفجور بأن أوجدتهنّ في منزلها المعدّ للدعارة. وقد حكم عليها ابتدائياً بالعقوبة في كلتا التهمتين، ولكن المحكمة الاستئنافية رأت بحق أن موضوع التهمتين واحد هو اعتياد المتهمة على التعرّض لإفساد أخلاق القاصرات، وهذا الاعتياد حالة تنتهي بالحكم بالعقوبة، فكل اعتبار سابق على المحاكمة وصدور الحكم النهائي يدخل في تكوين جريمة واحدة. ولذلك قضت بإلغاء الحكم الصادر بالعقوبة في الجريمة الأولى التي وقعت في 11 يوليه سنة 1938 وأيدت العقوبة المحكوم بها في الجريمة الثانية، وهذه الجريمة هي التي وقعت في شهر أكتوبر سنة 1938 في منزل كانت الطاعنة تديره للدعارة بترخيص من الجهة المختصة.
وحيث إن المادة 13 من لائحة بيوت العاهرات الصادرة في 16 نوفمبر سنة 1938 تنص على أن كل شخص تابع لبيت من بيوت العاهرات أو يكون مستخدماً فيه يجب أن يكون بالغاً سنّ الرشد القانوني. ونصت المادة 23 من اللائحة على عقوبة كل مخالفة لأحكامها. كما نصت المادة 22 على جواز دخول ضباط البوليس بيوت العاهرات لضبط المخالفات التي تقع بشأن هذه اللائحة.
وحيث إنه يظهر مما تقدّم أن ما تقوله الطاعنة من أنه لا يجوز لرجال البوليس أن يدخلوا بيتاً من بيوت العاهرات بدون إذن من النيابة إلا في حالة واحدة هي حالة التحقق من وجود رخصة أو تجديدها - هذا الذي تقوله الطاعنة غير صحيح ومخالف لنصوص اللائحة. ويكون دخول الضابط في منزل الطاعنة في شهر أكتوبر سنة 1938 للبحث عن قاصرات فيه قد حصل وفقاً للقانون خلافاً لما تزعمه. وهذا وحده يكفي في إدانتها إذ الثابت أنه ضبط بمنزلها في ذلك الحين أربع فتيات قاصرات. ولا فائدة بعد ذلك للبحث في صحة التفتيش الذي قام به الضابط في المنزل الآخر.