أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 23 - صـ 590

جلسة 30 من مارس سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا، وعلي صلاح الدين.

(91)
الطعن رقم 171 لسنة 37 القضائية

نقل بحري "تأمين بحري". مسئولية. عرف. تأمين.
ضمان شركة التأمين - بمقتضى الوثيقة - التعويضات المستحقة عن الأضرار التي تلحق البضائع المشحونة. إعفاء الحكم المطعون فيه الشركة المؤمنة من المسئولية عن العجز في هذه البضائع في حدود 1% منها تأسيساً على أنها من الزيوت والشحوم وتتعرض للنقص بسبب التصاق جزء منها بالتانكات والأنابيب أثناء الشحن والتفريغ، وأن العرف جرى على ذلك. لا خطأ.
إذا كان مؤدى البند السادس من وثيقة التأمين أن شركة التأمين ضمنت التعويضات المستحقة عن الأضرار التي تلحق البضائع المشحونة، واستثنت من هذا الضمان الخسائر والأضرار التي يكون سببها التأخير أو العيب الذاتي أو طبيعة البضاعة المؤمن عليها، وكان الحكم المطعون فيه قد طبق العرف التجاري البحري، وأعفى في حدود سلطته التقديرية المطعون عليهما - شركتي الملاحة والتأمين - من المسئولية عن العجز في البضاعة المشحونة في حدود 1% منها، تأسيساً على أنها من الزيوت والشحوم التي تشحن صباً في تانكات السفن أثناء نقلها، وأن من شأنها أن تتعرض للنقص في وزنها بسبب التصاق جزء منها بالتانكات خلال الرحلة البحرية، وجزء منها بالأنابيب أثناء الشحن والتفريغ، وعلى أن العرف قد جرى من قديم على قبول العجز لهذا السبب في حدود نسبة قدرها 1% من أوزان تلك السوائل، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن وزارة التموين أقامت الدعوى ابتداءً أمام محكمة الإسكندرية التجارية الجزئية ضد شركة الإسكندرية للتوكيلات الملاحية وشركة التأمين الأهلية الدامجة لشركة مصر للتأمين، تطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعاً لها مبلغ عشرين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت حتى تحديد الضرر الذي لحقها. وقالت شرحاً لدعواها إنها كانت قد استوردت رسالة من الشحم الصب مؤمناً عليها لدى شركة التأمين المدعى عليها الثانية، وتم شحن الرسالة على السفينة التابعة للشركة المدعى عليها الأولى، وعند وصول السفينة في 17/ 4/ 1964 وتمام عملية تفريغ الرسالة في 19/ 4/ 1964 تبين وجود عجز بها فوجهت احتجاجاً للشركة المذكورة، وإنه إذ كانت سندات الشحن صدرت نظيفة وخالية من أية تحفظات، فإن ما لحق البضاعة من ضرر يكون قد وقع في فترة النقل البحري. وبجلسة 10/ 11/ 1964 عدلت المدعية طلباتها إلى إلزام المدعى عليها الأولى بأن تدفع لها مبلغ 306 ج و304 م وإلزام المدعى عليها الثانية بأن تدفع لها مبلغ 278 ج و85 م، وقررت المحكمة إحالة الدعوى إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية حيث قيدت بجدولها برقم 1354 سنة 1964. وطلبت المدعى عليها الأولى رفض الدعوى استناداً إلى أن العرف البحري قد استقر على احتساب نسبة 1% من الرسالة المنقولة بحراً كعجز طريق لا تسأل عنه الشركة الناقلة. وبتاريخ 31/ 10/ 1965 حكمت المحكمة برفض الدعوى. واستأنفت وزارة التموين هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية طالبة إلغاءه والحكم لها بطلباتها، وقيد الاستئناف برقم 413 سنة 21 قضائية، وبتاريخ 24/ 1/ 1967 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف. وطعنت وزارة التموين في هذا الحكم بطريق النقض للسبب المبين بالتقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على نقض الحكم، وطلبت المطعون عليها الأولى رفض الطعن ولم تحضر المطعون عليها الثانية ولم تبد دفاعاً، وصممت النيابة على رأيها الذي أبدته بالمذكرة المقدمة منها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض الدعوى على أن نسبة العجز في البضاعة المشحونة تقل عن 1%، وأن العرف التجاري استقر على قبول العجز في هذه الحدود باعتباره مناسباً لما يعيب مثل هذه البضاعة من نقص خلال الرحلة البحرية، وهذا من الحكم مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه، ذلك أنه من المقرر قانوناً أن المحكمة لا تحكم على مقتضى العرف إلا إذا لم يوجد نص يحكم النزاع، وإذ كانت وثيقة التأمين المبرمة بين الطاعنة والمطعون عليها الثانية تضمنت الاتفاق على أن تضمن وثيقة التأمين 399.998 طن مترى شحوم صب و1297.126 طن مترى شحوم معبأة وشملت شروط تأمين الشحوم الصب كافة الأخطار بما فيها العجز والسيلان والسرقة والضياع والحريق طبقاً للشروط الصادرة من مجمع مكتبي التأمين بلندن. كما جاء بظهر وثيقة التأمين شروط جميع الأخطار الصادرة من مجمع مكتبي التأمين بلندن، ونص بالبند 6 منها على أنه "يضمن هذا التأمين جميع الخسائر والأضرار التي تلحق بالأشياء المؤمن عليها ولكنه لا يضمن بحال من الأحوال الخسائر والأضرار والمصروفات التي يكون سببها المباشر التأخير والعيب الذاتي أو طبيعة الشيء المؤمن عليه. وتدفع التعويضات المستحقة دون خصم أي نسبة" ومن ذلك يبين أن المطعون عليها الثانية مسئولة عن تعويض العجز الذي لحق بالشحنة المؤمن عليها دون خصم أية نسبة سواء زاد العجز عن 1% أو قل. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النص، وطبق العرف البحري التجاري فإنه يكون قد أخطأ في القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه يبين من مطالعة وثيقة التأمين المبرمة بين الطاعنة والمطعون عليها الثانية بخصوص البضائع المشحونة أنه قد وردت بالصحيفة الثانية منها شروط التأمين على البضائع الصادرة من مجمع مكتبي التأمين بلندن وأن نص البند السادس منها جرى على أنه "يضمن هذا التأمين الخسائر والأضرار التي تلحق الأشياء المؤمن عليها ولكنه لا يضمن بحال من الأحوال الخسائر والأضرار والمصروفات التي يكون سببها التأخير أو العيب الذاتي أو طبيعة الشيء المؤمن عليه، وتدفع التعويضات المستحقة دون خصم أي نسبة" ومؤدى هذا النص أن شركة التأمين ضمنت التعويضات المستحقة عن الأضرار التي تلحق البضائع المشحونة واستثنت من هذا الضمان الخسائر والأضرار التي يكون سببها التأخير أو العيب الذاتي أو طبيعة البضاعة المؤمن عليها، ولا يغير من ذلك ما نص عليه بنهاية الشرط من أن الشركة تدفع التعويضات المستحقة دون خصم أي نسبة، إذ أن هذه العبارة إنما تنصرف إلى التعويضات المستحقة عن الخسائر التي يشملها الضمان لا تلك التي ترجع إلى التأخير أو إلى طبيعة البضاعة المؤمن عليها أو إلى عيب ذاتي فيها. إذ كان ذلك وكان يبين من الرجوع إلى الحكم المطعون فيه أنه أعفى المطعون عليهما من المسئولية عن التعويض عن العجز الذي لحق البضاعة المشحونة أثناء الرحلة البحرية تأسيساً على أنها من الزيوت والشحوم التي تشحن صباً في تنكات السفن أثناء نقلها، وأن من شأنها أن تتعرض للنقص في وزنها بسبب التصاق جزء منها بالتنكات خلال الرحلة البحرية وجزء منها بالأنابيب أثناء الشحن والتفريغ وعلى أن العرف قد جرى من قديم - كما تدل على ذلك الصورة المقدمة من المطعون عليها الأولى من الشهادة الصادرة من غرفة الإسكندرية للملاحة البحرية والتي لم تنازع فيها الطاعنة - على قبول العجز لهذا السبب في حدود نسبة قدرها 1% من أوزان تلك السوائل، وعلى أن المحكمة تطمئن إلى الأخذ بهذه الشهادة، وتقرر بإعفاء المطعون عليهما من المسئولية عن العجز في البضاعة المشحونة وهي لا تجاوز 1% من وزنها، فإن الحكم إذ طبق العرف التجاري البحري وأعفى في حدود سلطته التقديرية المطعون عليهما من المسئولية عن العجز في البضاعة المشحونة في حدود 1% منها، لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.