أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 23 - صـ 648

جلسة 6 من إبريل سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا، وعلي عبد الرحمن.

(101)
الطعن رقم 162 لسنة 37 القضائية

( أ ) وكالة. "آثار الوكالة". عقد. "أثر العقد".
عدم مسئولية الموكل عن تصرف الوكيل الذي يجاوز حدود وكالته إلا إذا أجازه قاصداً إضافة أثره إلى نفسه.
(ب) حكم. "عيوب التدليل". "ما يعد قصوراً". وكالة.
دفع الطاعنة بأنها لم تضع يدها على أطيان التركة بنفسها ولم تكلف وكيلها بإدارتها. قضاء الحكم المطعون فيه باعتبارها وكيلة عن المطعون عليهن في إدارة الأطيان المخلفة عن مورث الطرفين. اكتفاؤه في الرد على دفاعها بما أثبته حكم سابق من أن الوكيل الذي يتولى إدارة أموالها الخاصة كان وكيلاً عن المورث واستمر في إدارة أطيان التركة دون أن تربطه بالورثة علاقة تعاقدية أو قانونية. قصور.
1 - تصرف الوكيل الذي يجاوز حدود وكالته الخاصة لا يسأل عنه الموكل إلا إذا أجازه بعد حصوله قاصداً إضافة أثره إلى نفسه.
2 - إذا كانت الطاعنة قد دفعت بأنها لم تضع يدها على أطيان التركة بنفسها، ولم تكلف وكيلها بإدارتها. فإنه كان يتعين على محكمة الاستئناف أن تحقق هذا الدفاع الذي قد يتغير به إن صح وجه الرأي في الدعوى، لا أن تكتفي في الرد عليه بما أثبته الحكم النهائي السابق من أن الوكيل الذي يتولى إدارة أموالها الخاصة كان وكيلاً عن مورث الطرفين، واستمر في إدارة أطيان التركة دون أن تربطه بالورثة علاقة تعاقدية أو قانونية، إذ هو لا يعتبر وكيلاً عن الطاعنة في قيامه بالإدارة خارجاً عن حدود وكالته. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتمد على هذه الواقعة بصفة أساسية في اعتبار الطاعنة وكيلة عن المطعون عليهن في إدارة الأطيان المخلفة عن مورث الطرفين، كما أنه لم يأخذ بأقوال شاهد المطعون عليهن، إلا على أساس أنها متفقة مع هذه الوقائع، وهي لا تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، فإنه يكون مشوباً بالقصور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السيدة جليرى حسن أفلاطون وآخرين أقمن الدعوى رقم 2176 سنة 1962 مدني كلي القاهرة ضد محمد توفيق الدسوقي والسيدة ليلى أفلاطون طلبن فيها الحكم (أولاً) بإلزام المدعى عليه الأول بأن يقدم لهن حساباً مؤيداً بالمستندات عن وكالته في إدارة أطيان والدهن المرحوم حسن أفلاطون من تاريخ عمله في 4/ 4/ 1953 إلى تاريخ وفاة الدهن في 15/ 3/ 1957 (ثانياً) إلزام المدعى عليها الثانية بأن تقدم لهن حساباً مؤيداً بالمستندات عن إدارتها لتركة مورثهن من 16/ 3/ 1957 إلى تاريخ تخليها عن الإدارة في 31/ 7/ 1959 (ثالثاً) ندب خبير لفحص الحاسبين والحكم لهن بما يظهر من تقرير الخبير وبالمصاريف والأتعاب، وقلن بياناً للدعوى إنه بموجب عقد مؤرخ 4/ 4/ 1953 اتفق والدهن المرحوم حسن أفلاطون مع المدعى عليه الأول على أن يقوم هذا الأخير بإدارة أطيانه لقاء أجر شهري قدره خمسون جنيهاً على أن يقدم له كشف حساب في نهاية كل عام زراعي، وقد أصدر له المورث توكيلاً عاماً رقم 12074 سنة 1954 توثيق القاهرة في الحدود المتفق عليها بالعقد وأضاف إليها مباشرة إجراءات التقاضي عنه وقبض الإيراد من مصادره المختلفة، ثم أصدر المورث العقد الرسمي المسجل برقم 3416 الدقهلية في 28/ 6/ 1954 وهب بمقتضاه لزوجته المدعى عليها الثانية مقدار 49 ف و22 ط و17 س من أطيانه، وقد وكلت المدعى عليه الأول في إدارة هذه الأطيان بالعقد رقم 5696 توثيق القاهرة، وبتاريخ 16/ 3/ 1957 توفي والدهن وانحصر إرثه في زوجته وبناته، إلا أن الزوجة وضعت يدها على التركة كلها، وتولى المدعى عليه الأول إدارتها لحسابها بوصفه وكيلاً عنها. وإذ قامت الزوجة بإدارة أطيان التركة كلها دون اعتراض من باقي الورثة فإنها تعد وكيلاً عن باقي الشركاء خلال إدارتها لها، ودفعت المدعى عليها الثانية بأنها لم تكن تدير الأطيان نيابة عن الورثة، وأن المدعى عليه الأول كان وكيلاً عن المورث في إدارة أطيانه واستمر في إدارتها بعد وفاته حتى عزل، وقد أقر بذلك في الدعوى رقم 1209 عمال كلي القاهرة، وبتاريخ 27/ 6/ 1963 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المدعيات بكافة طرق الإثبات أن المدعى عليها الثانية كانت تدير الأطيان الزراعية من تاريخ وفاة المورث حتى 31/ 7/ 1959 وللمدعى عليها النفي بالطرق ذاتها، وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين عادت، وبتاريخ 6 فبراير سنة 1964 فحكمت بإلزام المدعى عليها الثانية بأن تقدم للمدعيات حساباً مؤيداً بالمستندات عن إدارة أطيانهن المخلفة عن مورثهن المرحوم حسن أفلاطون وذلك خلال المدة من 6/ 3/ 1957 حتى 31/ 7/ 1959، واستأنفت المدعى عليها الثانية هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه والحكم برفض الدعوى - وقيد الاستئناف برقم 780 سنة 81 قضائية، وبتاريخ 26 يناير سنة 1967 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، وطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلبت المطعون عليهن رفض الطعن وصممت النيابة العامة على رأيها الذي أبدته في مذكرتها وطلبت نقض الحكم.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه اعتبرها وكيلة عن المطعون عليهن في إدارة الأطيان المخلفة عن مورث الطرفين وقضى بإلزامها بأن تقدم لهن حساباً مؤيداً بالمستندات عن إدارتها خلال المدة من 16/ 3/ 1957 حتى 31/ 7/ 1959، مستنداً في ذلك إلى أن الحكم الصادر في الاستئنافين رقمي 1158 و1776 سنة 78 ق قضى بانعدام كل علاقة عقدية أو قانونية بين المطعون عليهن وبين محمد توفيق الدسوقي الذي قضى الحكم الابتدائي باعتباره وكيلاً عن الطاعنة، وهي قد قبلت ذلك الحكم ولم تطعن فيه بالاستئناف مما ينطوي على التسليم بأنه كان يدير التركة نيابة عنها وأنه أقر في الخطاب المؤرخ 25/ 3/ 1957 بأنه وكيل الطاعنة وطلب الحصول على توكيل من باقي الورثة، وأن شاهد المطعون عليهن شهد بأن الطاعنة كانت تدير التركة كلها بواسطة وكيلها ويقبض كل منهما ثمن المحصولات، وهو من الحكم قصور وفساد في الاستدلال، ذلك لأن محمد توفيق الدسوقي كان وكيلاً للمورث أثناء حياته واستمر في العمل بعد وفاته فيكون فضولياً بالنسبة للورثة، ولا يترتب على كونه وكيلاً للطاعنة في أموالها الخاصة أن يكون وكيلاً عنها في إدارته للتركة، كما أن ثبوت انعدام العلاقة القانونية بينه وبين المطعون عليهن بالحكم الصادر في الاستئنافين المشار إليهما يفيد انقضاء وكالته بعد وفاة المورث، ويؤيد ما تمسكت به الطاعنة في دفاعها من أنها لم تكلفه بإدارة أطيان التركة، وأنه تولى هذه الإدارة من تلقاء نفسه، هذا إلى أن أقوال الشاهد الذي اعتمد عليها الحكم لا تصلح رداً على دفاع الطاعنة لأن قبض وكيلها الخاص ثمن المحصولات في حضورها لا يؤدي إلى اعتباره وكيلاً عنها في إدارة التركة نيابة عن الورثة.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن الطاعنة تمسكت في أسباب استئنافها بأنها لم تضع يدها على تركة المرحوم حسن أفلاطون وأن التوكيل الصادر منها لمحمد توفيق الدسوقي خاص بإدارة أطيانها ولا يتعدى إلى أطيان الغير، وأنه كان وكيلاً للمورث في حياته واستمر بعد وفاته في إدارة أطيانه من تلقاء نفسه، وبالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه بإلزام الطاعنة بتقديم الحساب عن إدارتها لأطيان المورث على ما أورده الحكم الابتدائي في أسبابه التي أحال إليها بقوله "إن الثابت من الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة في الاستئنافين رقمي 1158 و1776 سنة 78 قضائية، والثاني هو المرفوع من المدعيات، وقد قضى فيه بانعدام كل علاقة عقدية أو قانونية بينهن وبين المدعى عليه الأول، وقد قبلت المدعى عليها الثانية هذا الحكم الابتدائي الذي قضى باعتبار العلاقة التي بينها وبين محمد توفيق المدعى عليه الأول هي علاقة وكالة، ومما لا جدال فيه أن قبولها لهذا الحكم وعدم الطعن فيه بطريق الاستئناف ينطوي على دلالة التسليم بأن المدعى عليه الأول كان يدير التركة نيابة عنها وحدها. هذا ويبين من الاطلاع على الكتاب الموجه من المدعى عليه الأول إلى المهندس محمود جلال الدين بتاريخ 25/ 3/ 1957 إقراره بأنه وكيل عن المدعى عليها الثانية منذ ثلاثة سنوات ويطلب الحصول على توكيل من باقي الورثة الأمر الذي يدل على أن المدعى عليها الثانية هي التي كانت تدير الأطيان بمعرفتها وبإنابة المدعى عليه الأول"، وأضاف الحكم المطعون فيه إلى ذلك قوله "أولاً" ثابت من الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة في الاستئنافين رقمي 1158 و1776 سنة 78 ق انعدام كل علاقة عقدية أو قانونية بين المستأنف عليهن الثلاث الأوليات وبين السيد محمد توفيق، ولا شك أن هذا الحكم النهائي الحائز لقوة الشيء المقضى به في خصوصية هذه العلاقة يهدر ما تدعيه المستأنفة من أن المستأنف عليه الرابع كان يضع اليد على التركة نيابة عن جميع الورثة لحسابهم جميعاً "ثانياً" ثابت أيضاً من هذا الحكم أن محكمة أول درجة قضت باعتبار العلاقة التي بين المستأنفة والمستأنف عليه الرابع هي علاقة وكالة خاصة بها وليست علاقة وكالة بين الأخير وبين المستأنف عليهن الثلاث والأوليات... "رابعاً" أن المستأنف عليهن أشهدن عبد الصادق علي نصر وهو الجنايني الذي كان يعمل تحت إدارة المستأنفة ووكيلها محمد توفيق فشهد صراحة أن المورث توفي إلى رحمة الله في أوائل سنة 1957 وأن المستأنفة هي التي كانت تدير الأرض جميعها بواسطة وكيلها المستأنف عليه الرابع وأن كلاً منهما كان يقبض ثمن المحصولات فجاءت هذه الشهادة التي تأخذ بها هذه المحكمة متفقة مع الأدلة الكتابية الرسمية التي استندت إليها محكمة أول درجة، وما قرره الحكم من ذلك لا يصلح رداً على دفاع الطاعنة بأنها لم تضع يدها على أطيان التركة بنفسها ولم تكلف وكيلها محمد توفيق بإدارتها ذلك أن تصرف الوكيل الذي يجاوز حدود وكالته الخاصة لا يسأل عنه الموكل إلا إذا أجازه بعد حصوله قاصداً إضافة أثره إلى نفسه، فكان يتعين على محكمة الاستئناف أن تحقق هذا الدفاع الذي قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى لا أن تكتفي بالرد عليه بما أثبته الحكم النهائي السابق من أن الوكيل الذي يتولى إدارة أموالها الخاصة كان وكيلاً عن مورث الطرفين واستمر في إدارة أطيان التركة دون أن تربطه بالورثة علاقة تعاقدية أو قانونية، إذ هو لا يعتبر وكيلاً عن الطاعنة في قيامه بالإدارة خارجاً عن حدود وكالته، وإذ كان الحكم قد اعتمد على هذه الوقائع بصفة أساسية في اعتبار الطاعنة وكيلة عن المطعون عليهن في إدارة الأطيان المخلفة عن مورث الطرفين، وكان الحكم لم يأخذ بأقوال شاهد المطعون عليهن إلا على أساس أنها متفقة مع هذه الوقائع، وهي لا تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها فإنه يكون مشوباً بقصور يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي الأسباب.