مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية
وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الخامس (عن المدة من 6 نوفمبر سنة 1939 لغاية 26 أكتوبر سنة 1942) - صـ 421

جلسة 17 مارس سنة 1941

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: محمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك وحسن زكي محمد بك ومنصور إسماعيل بك المستشارين.

(228)
القضية رقم 692 سنة 11 القضائية

وصف التهمة. حق المحكمة في تغيير وصف الأفعال المرفوعة بها الدعوى في الحكم الذي تصدره. حدّه. تغيير وصف الواقعة من شروع في مواقعة إلى شروع في هتك عرض. دوران الدفاع حول هذه الواقعة. عدم لفت الدفاع إلى هذا التغيير. لا يعيب الحكم.

(المادتان 37 و40 تشكيل)

يجوز للمحكمة أن تغير في الحكم بالعقوبة وصف الأفعال المرفوعة بها الدعوى العمومية على المتهم بدون سبق تعديل في التهمة وبغير تنبيه الدفاع. وذلك لأن مدافعة المتهم أمام المحكمة يجب أن تكون على أساس جميع الأوصاف القانونية التي يمكن أن توصف بها الواقعة الجنائية المسندة إليه. فما دامت الواقعة المطلوبة معاقبته من أجلها لم تتغير، وما دام لم يحكم عليه بعقوبة أشدّ من العقوبة المقرّرة للجريمة موصوفة بالوصف الذي رفعت به الدعوى، فلا يقبل منه أن يتعلل بأنه قصر مرافعته على هذا الوصف دون غيره. فإذا غيرت المحكمة وصف الواقعة من شروع في مواقعة إلى شروع في هتك عرض من غير أن تنبه الدفاع إلى ذلك فإنها لا تكون قد أخطأت ما دامت الواقعة التي وصفتها بهذا الوصف هي هي بعينها التي وصفت أوّلاً بأنها شروع في مواقعة، وهي هي التي تناولها الدفاع في مرافعته بالجلسة أمام المحكمة.


المحكمة

وحيث إن حاصل وجهي الطعن أن الوقائع الثابتة في الحكم من شهادة المجني عليها بالجلسة تدل على أن الأفعال المسندة إلى الطاعن على فرض وقوعها منه ليست إلا أعمالاً تحضيرية محضة لا تصل إلى حدّ الشروع في ارتكاب الجريمة فيكون في اعتبار الحكم لها بدءاً في التنفيذ مخالفة للقانون. وفضلاً عن ذلك فإن تعديل المحكمة وصف التهمة من شروع في مواقعة المجني عليها بغير رضاها إلى شروع في هتك عرضها دون لفت الدفاع رغم اختلاف أركان كل من الجريمتين فيه إخلال بحق الدفاع يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إنه يجوز للمحكمة أن تغير في الحكم الذي تصدره بالعقوبة وصف الأفعال المرفوعة بها الدعوى العمومية على المتهم بدون سبق تعديل في التهمة وبغير تنبيه الدفاع. وذلك لأن مدافعة المتهم عن نفسه أمام المحكمة يجب أن تكون عن جميع الأوصاف القانونية التي يمكن أن توصف بها الواقعة الجنائية المسندة إليه. ولا يقبل منه بحال أن يتعلل بأنه قصر مرافعته على وصف دون آخر، ما دامت الواقعة المطلوب معاقبته من أجلها لم تتغير، وما دام لم يحكم عليه بعقوبة أشدّ من المقرّرة للجريمة موصوفة بالوصف الذي رفعت به الدعوى.
وحيث إن الدعوى العمومية رفعت على الطاعن بأنه "(أوّلاً) شرع في مواقعة...... بغير رضاها بأن أمسك بساعديها ورفع ملابسها وحاول طرحها أرضاً وخاب أثر الجريمة لظرف خارج عن إرادتها وهو استغاثة المجني عليها وحضور آخرين لنجدتها. (وثانياً) أحدث عمداً بالمجني عليها المذكورة جرحاً عضياً بالإصبع الوسطى ليدها اليمنى أعجزها عن تأدية أعمالها الشخصية مدّة تزيد على العشرين يوماً". والمحكمة بعد أن ذكرت في الحكم واقعة الدعوى كما حصّلتها من التحقيقات التي أجريت فيها بقولها "إن عسكري البوليس محروس....... وزوجته....... والبلوكامين أحمد علي مطاوع المتهم (الطاعن) يسكنون جميعاً في منزل واحد لحبيب رزق مرزوق وإخوته، وحدث أن كلف محروس بحراسة استراحة الري فاضطر إلى التغيب عن مسكنه بضع ليال وكانت زوجته... (المجني عليها) تقضي هذه الليالي وحدها في حجرتها وليس معها غير ابن زوجها الطفل. وفي ليلة 26 يناير سنة 1940 دفع نزق الشباب المتهم إلى التحايل على الدخول في حجرتها وقد كان زوجها لا يزال غائباً في مأموريته فجاء إلى بابها حوالي منتصف الليل وطرقه فاستيقظت من نومها وسألت عن الطارق فأوهمها أنه زوجها وتسمى باسمه وقال إنه محروس، فنهضت وفتحت باب الحجرة فدخل المتهم وأغلقت الباب ولم تكن قد تمعنت في وجهه اعتقاداً منها بأنه زوجها. ولما وضح لها أنه ليس بزوجها بل إنه جارها المتهم أمرته بالخروج فامتنع وراودها عن نفسها فرفضت فاقترب منها وأمسك بذراعيها وكتفيها محاولاً طرحها أرضاً فقاومته فرفع ملابسها محاولاً قضاء وطره منها فصرخت واستغاثت فأسرع المتهم إلى الباب للفرار ولكنها حالت دون خروجه وأمسكت به وهي مستمرّة في استغاثتها فعضها في إصبعها وكسر الباب وفتحه عنوة وخرج، وكان سكان المنزل أثناء ذلك قد استيقظوا وحضر أحدهم حبيب رزق مرزوق من حجرته فوجد المجني عليها ممسكة بالمتهم أمام حجرتها ومصابة فخلصه منها وعرف أنه كان قد دخل عليها حجرتها، ثم حضر أمين رزق أخو حبيب وحضر كذلك أمين إسماعيل الزيني والخفير محمد عبد العزيز على صياح المجني عليها وأخبرتهم أن المتهم اعتدى عليها فسألوها عن السبب فرفضت التصريح به حياء وقالت إنها ستذكر السبب لضابط البوليس" - بعد أن ذكرت هذه الواقعة وأوردت الأدلة على وقوعها من الطاعن قالت "إن الذي ثبت للمحكمة من التحقيق الذي تم في القضية أن المتهم تمكن من الدخول إلى حجرة المجني عليها بإيهامها أنه زوجها ففتحت له الباب ثم أغلقته بعد دخوله، ولما تبين لها أنه ليس بزوجها وأنه المتهم أمرته بالخروج فامتنع وأمسك بساعديها وكتفيها وحاول إلقاءها على السرير أو الكنبة لاغتصابها فقاومته فرفع ملابسها وحاول فك سروالها بالقوّة فصرخت واستغاثت، وعندئذٍ أراد المتهم الخروج والهرب فحالت دونه وهي مستمرّة في صياحها. فيؤخذ من ذلك أن المتهم لم يكن قد بدأ في تنفيذ جريمة الوقاع التي تقتضي الإيلاج إذ كانت المجني عليها لا زالت بملابسها وسروالها وواقفة على قدميها أمامه تقاومه. وترى المحكمة أن الأفعال التي ارتكبها المتهم إنما تكوّن جريمة الشروع في هتك عرض المجني عليها بالقوّة". ثم أدانته في هذه الجناية وفي جنحة إحداث الجرح وأوقعت عليه عقوبة واحدة طبقاً للمادة 32 من قانون العقوبات.
وحيث إن الواقعة الثابتة بالحكم إذا سلم بأنها لا تكون بدءاً في تنفيذ جناية الوقاع كما ذهب إليه الحكم، فلا خلاف في أنها تكون جناية الشروع في هتك العرض التي أدين فيها الطاعن لتوافر جميع العناصر القانونية لهذه الجناية فيها. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن المحكمة إذ غيرت الوصف من شروع في مواقعة إلى شروع في هتك عرض من غير أن تنبه الدفاع لم تخطئ في شيء، لأن الواقعة التي وصفتها بهذا الوصف هي هي بعينها التي وصفت أوّلاً بأنها شروع في مواقعة، وهي هي التي تناولها الدفاع في مرافعته بالجلسة أمام المحكمة.