أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 23 - صـ 663

جلسة 8 من إبريل سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ محمد صادق الرشيدي، وعضوية السادة المستشارين: محمد شبل عبد المقصود، وأحمد سميح طلعت، ومحمد فاضل المرجوشي، وحافظ الوكيل.

(104)
الطعن رقم 393 لسنة 35 القضائية

( أ ) عمل. "تقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل". "دعوى التعويض عن الفصل التعسفي". تقادم. "تقادم مسقط". تعويض.
تقادم المادة 698 مدني. سريانه على دعاوى التعويض عن الفصل التعسفي باعتبارها من الدعاوى الناشئة عن عقد العمل.
(ب) حكم. "تسبيب الحكم". بطلان. "بطلان الحكم". نقض.
اشتمال أسباب الحكم على خطأ في القانون. عدم تأثيره على نتيجة الحكم الصحيحة. لا بطلان.
(ج) عمل. "مكافأة نهاية الخدمة".
تحديد الأجر بنسبة مئوية من الأرباح أو بأجر ثابت مع نسبة منها. احتساب المكافأة. أساسه. الأجر الثابت الأخير مضافاً إليه متوسط ما تقاضاه العامل من نسبة الأرباح خلال مدة العمل.
(د) تقادم. "وقف التقادم". محكمة الموضوع.
اعتبار عقد العمل مانعاً أدبياً يحول دون مطالبة العامل بحقه. مسألة موضوعية.
1 - التقادم المنصوص عليه في المادة 698 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - يسري على دعاوى التعويض عن الفصل التعسفي باعتبارها من الدعاوى الناشئة عن عقد العمل، وإذ كان الثابت في الأوراق أن الطاعن (العامل) لم يرفع دعوى التعويض إلا بعد مضي أكثر من سنة من تاريخ الفصل، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى في قضائه إلى سقوط الحق في طلب التعويض بالتقادم، فإنه لا يكون قد خالف القانون.
2 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة [(2)] أنه لا يبطل الحكم إذا وقع في أسبابه خطأ في القانون ما دام هذا الخطأ لم يؤثر في النتيجة الصحيحة التي انتهى إليها.
3 - النص في المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 على أن تحتسب مكافأة نهاية الخدمة على أساس الأجر الأخير إنما راعى فيه الشارع - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(3)] - مصلحة العامل وتدرجه وزيادة أجره خلال مدة العمل، وهو يواجه الغالب الأعم من صور تحديد الأجر وملحقاته على وجه ثابت لا ينبني على احتمال ولا ينطوي على غرر ومضاربة، ولا يتأتى التزامه وتطبيقه بحرفيته في صورة تحديد الأجر بنسبة مئوية من الأرباح أو أجر ثابت مع نسبة مئوية منها، إذ من شأنه أن يؤدي إلى وضع مرتبك لاحتمال أن تكون سنة نهاية الخدمة أو السنة السابقة عليها قد انتهت بخسارة فلا يستحق العامل مكافأة أو انتهت بربح استثنائي نتيجة ظروف طارئة فتحدد المكافأة بنسبة مئوية منها، وإذ كان الأصل في المكافأة أنها أجر إضافي والتزام أوجبه القانون على رب العمل عند انتهاء العقد في الأحوال التي حددها، فإنه يتعين احتساب المكافأة في هذه الصورة على أساس الأجر الثابت الأخير مضافاً إليه متوسط ما استولى عليه العامل من نسبة الأرباح خلال مدة العمل.
4 - اعتبار قيام عقد العمل بين الطاعن (العامل) والمطعون ضده (رب العمل) مانعاً أدبياً يحول دون مطالبته بحقه، هو من المسائل الموضوعية التي يستقل بها قاضي الموضوع بغير معقب متى كان ذلك مبنياً على أسباب سائغة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1333 سنة 1958 عمال كلي إسكندرية ضد المطعون ضده يطلب إلزامه بأن يدفع له مبلغ 1615 ج مع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقال شرحاً لدعواه إنه عمل كاتباً للحسابات لدى المطعون ضده منذ أغسطس 1938 وبلغ أجره 32 ج شهرياً مع نسبة قدرها 1/ 3% من إجمالي رقم المبيعات الشهرية، وإذ فوجئ بفصله من عمله في آخر مايو سنة 1958 ويستحق قبل الطاعن مبلغ 1615 ج قيمة نسبة إجمالي المبيعات منذ عام 1953 ومكافأة نهاية الخدمة وبدل إجازة عن المدة من سنة 1952 إلى آخر مايو سنة 1959 وفرق علاوة غلاء المعيشة، فقد انتهى إلى طلب الحكم له بطلباته. وبجلسة 14/ 8/ 1962 أضاف إلى هذه الطلبات مبلغ 1000 ج تعويضاً له عن فصله بغير مبرر، وبتاريخ 22/ 10/ 1963 حكمت المحكمة بندب أحد الخبراء الحاسبين بمكتب خبراء وزارة العدل بالإسكندرية لبيان قيمة مرتب الطاعن وبدل إجازته وفروق إعانة غلاء المعيشة التي يستحقها ونصيبه من المبيعات عن المدة من 1953 إلى آخر مايو سنة 1958 ومقدار مكافأته، وما إذا كان لحقه ضرر من فصله وقيمة هذا الضرر، وبعد أن قدم الخبير تقريره قدم المطعون ضده مذكرة دفع فيها بسقوط حق الطاعن في إقامة الدعوى بطلب مكافأة نهاية الخدمة عن المدة من 5/ 8/ 1938 إلى 15/ 6/ 1943 وبسقوط حقه كذلك في طلبي التعويض وعلاوة غلاء المعيشة، وبتاريخ 9/ 6/ 1964 حكمت المحكمة برفض الدفوع جميعها وبقيام حق الطاعن في طلب المكافأة والتعويض وعلاوة غلاء المعيشة، وألزمت المطعون ضده بأن يدفع للطاعن مبلغ 2016 ج و911 م. استأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية وقيد استئنافه برقم 446 سنة 20 قضائية، كما استأنفه الطاعن وقيد استئنافه برقم 490 سنة 20 قضائية. وقررت المحكمة ضم الاستئنافين، وبتاريخ 29/ 4/ 1965 حكمت المحكمة فيهما بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المطعون ضده بأن يدفع إلى الطاعن مبلغ 1393 ج و321 م، وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره أصرت على رأيها.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه قضى بسقوط حق الطاعن في طلب التعويض، مستنداً في ذلك إلى أن دعوى التعويض عن الضرر الذي يحيق بالعامل بسبب الفصل التعسفي تقوم على أساس العمل غير المشروع. وأنها إعمالاً لحكم المادة 172 من القانون المدني تسقط بالتقادم بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالمسئول عنه، وإلى أن الطاعن علم بما أصابه من جراء فصله وبمسئولية المطعون ضده عن الضرر منذ أن تلقى خطاب فصله من عمله بتاريخ 30/ 4/ 1958 ولكنه لم يرفع دعواه بطلب التعويض، إلا في 14/ 8/ 1962 بعد أن سقطت الدعوى، وذلك من الحكم المطعون فيه مخالف للقانون وخطأ في تطبيقه من وجوه (أولها) أن الطاعن لم يعلم بالضرر الذي لحقه إلا بعد مضي سنتين من تاريخ فصله في 31/ 5/ 1958، لأنه لم يتحقق من هذا الضرر بصورة واقعية وقطعية إلا بعد أن زاول التجارة وتبين له من ميزانية السنتين التاليتين لفصله من عمله أن تجارته خاسرة، وبانتهاء السنة المالية الثانية في آخر مايو سنة 1960 بدأ علمه بالضرر الذي حاق به، فرفع دعواه بطلب التعويض بجلسة 14/ 8/ 1962 أي في خلال ثلاث سنوات من تاريخ علمه بالضرر. (والثاني) أن طلب التعويض عن الفعل الضار لا يتقادم إلا بمضي مدة 15 سنة لأن التعويض هو مقابل الضرر الذي يصيب العامل جزاء فصله بغير مبرر فمناطه سوء استعمال الحق وترتيب الضرر وهو يدور معه وجوداً وعدماً وبالتالي لا يسقط حق الطاعن في المطالبة بالتعويض إلا بمضي 15 سنة من يوم وقوع العمل غير المشروع أي الفصل التعسفي (والثالث) أن طلب التعويض الذي قدمه الطاعن بجلسة 14/ 8/ 1962 يعتبر طلباً تبعياً للدعوى الأصلية التي تضمنت طلبات متعددة كلها ناشئة عن سبب قانوني واحد هو انتهاء عقد العمل. ومتى كانت الدعوى قد رفعت في الميعاد القانوني فإن طلب التعويض يكون قد رفع في الميعاد ويصبح الدفع بالتقادم في غير محله.
وحيث إن هذا النعي مردود في جملته، ذلك بأن المادة 698 من القانون المدني تنص على أنه "تسقط بالتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بانقضاء سنة تبدأ من وقت انتهاء العقد، إلا فيما يتعلق بالعمالة والمشاركة في الأرباح والنسب المئوية في جملة الإيراد، فإن المدة فيها لا تبدأ إلا من الوقت الذي يسلم فيه رب العمل إلى العامل بياناً بما يستحقه بحسب آخر جرد" وهذا التقادم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يسري على دعاوى التعويض عن الفصل التعسفي باعتبارها من الدعاوى الناشئة عن عقد العمل، وإذ كان الثابت في الأوراق أن الطاعن فصل من العمل في 30/ 4/ 1958 بينما لم يرفع دعوى التعويض بطلبه إلا في جلسة 14/ 8/ 1962 وبعد مضي أكثر من سنة من تاريخ الفصل، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى في قضائه إلى سقوط الحق في طلب التعويض بالتقادم، فإنه لا يكون قد خالف القانون، ولا يؤثر في ذلك أنه استند في قضائه إلى نص المادة 172 من القانون المدني، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يبطل الحكم إذا وقع في أسبابه خطأ في القانون ما دام هذا الخطأ لم يؤثر في النتيجة الصحيحة التي انتهى إليها.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه جرى في تحديد الأجر الشهري للطاعن عند قضائه له بمكافأة نهاية الخدمة على أساس أن المرتب الثابت للطاعن هو 32 جنيهاً شهرياً، ثم أضاف إليه متوسط العمولة التي يستحقها الطاعن طوال مدة خدمته أي بواقع 8 ج و920 م، وهذا من الحكم المطعون فيه خطأ في تطبيق القانون، لأن المادة 38 من القانون رقم 317 سنة 1952 تنص على أن يتخذ الأجر الأخير للعامل أساساً لتقدير المكافأة المنصوص عليها في المادة 37 منه، فيكون ما يجب إضافته إلى المرتب الثابت هو متوسط العمولة التي يستحقها الطاعن عن الشهور التي قام فيها بعمله في سنة نهاية الخدمة أي بواقع 12 ج و692 م.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 على أن تحتسب مكافأة نهاية الخدمة على أساس الأجر الأخير إنما راعى فيه الشارع - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مصلحة العامل وتدرجه وزيادة أجره خلال مدة العمل، وهو يواجه الغالب الأعم من صور تحديد الأجر وملحقاته على وجه ثابت لا ينبني على احتمال ولا ينطوي على غرر ومضاربة ولا يتأتى التزامه وتطبيقه بحرفيته في صورة تحديد الأجر بنسبة مئوية من الأرباح أو أجر ثابت مع نسبة مئوية منها، إذ من شأنه أن يؤدي إلى وضع مرتبك لاحتمال أن تكون سنة نهاية الخدمة أو السنة السابقة عليها قد انتهت بخسارة فلا يستحق العامل مكافأة أو انتهت بربح استثنائي نتيجة ظروف طارئة فتحدد المكافأة بنسبة مئوية منها، وإذ كان الأصل في المكافأة أنها أجر إضافي والتزام أوجبه القانون على رب العمل عند انتهاء العقد في الأحوال التي حددها، فإنه يتعين احتساب المكافأة في هذه الصورة على أساس الأجر الثابت الأخير مضافاً إليه متوسط ما استولى عليه العامل من نسبة الأرباح خلال مدة العمل، وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وجرى في تحديد الأجر الأخير للطاعن وبالتالي في حساب المكافأة على أساس أجره الثابت الأخير مضافاً إليه ما استحقه من نسبة الأرباح خلال مدة العمل، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه قضى بسقوط حق الطاعن في المطالبة بفرق علاوة غلاء المعيشة عن المدة من 6/ 11/ 1947 إلى 28/ 2/ 1950، مستنداً في ذلك إلى أن الطاعن لم يطلب فرق علاوة الغلاء عن تلك المدة إلا عند رفع الدعوى بتاريخ 7/ 7/ 1958، وبعد أن اكتملت مدة التقادم، وهذا من الحكم المطعون فيه مخالف للقانون، لأن المادة 382 من القانون المدني تنص على أنه لا يسري التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ولأن علاقة العمل صلة بين الطاعن والمطعون ضده تبعث على الاحترام والثقة، وكان يستحيل معها أدبياً على الطاعن أن يطالب بحقه أثناء قيام عقد العمل مما يوقف التقادم بالنسبة لفرق علاوة غلاء المعيشة.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن مسألة اعتبار قيام عقد العمل بين الطاعن والمطعون ضده مانعاً أدبياً يحول دون مطالبته بحقه، هي من المسائل الموضوعية التي يستقل بها قاضي الموضوع بغير معقب، متى كان ذلك مبنياً على أسباب سائغة، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى بسقوط حق الطاعن في المطالبة بفرق علاوة غلاء المعيشة عن المدة من 6/ 11/ 1947 إلى 28/ 2/ 1950 لأنه لم يطالب بها إلا في 7/ 7/ 1958، وجرى في قضائه على أنه "لا يغير هذا النظر ما ذهب إليه الحكم المستأنف من أن سريان التقادم يقف بسبب مانع أدبي هو قيام علاقة العمل بين طرفي الدعوى لأن هذه العلاقة لا تعتبر مانعاً أدبياً طالما أن الشارع قد كفل للعامل الضمان الكافي لحفظ حقه واستقراره في عمله بحيث لم يعد له ما يخشاه من رب العمل لو أنه طالبه بحقه في أجره شاملاً علاوة غلاء المعيشة كاملاً" وكان ما قرره الحكم في هذا الخصوص معقولاً ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
ومن حيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] نقض 1/ 3، 7/ 6/ 1967 مجموعة المكتب الفني س 18 ص 525، ص 1212 س 18 ص 525.
[(2)] نقض 25/ 3/ 1971 مجموعة المكتب الفني س 22 ص 411.
[(3)] نقض 23/ 3/ 1966 مجموعة المكتب الفني س 17 ص 647.