أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 23 - صـ 715

جلسة 13 من إبريل سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، وعثمان زكريا، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

(112)
الطعن رقم 64 لسنة 37 القضائية

( أ ) نقض. "أسباب الطعن. ما لا يصلح سبباًًًًً للطعن". حكم. "بيانات الحكم".
خطأ الحكم في بيان رقم الدعوى التي رفع عنها الاستئناف. خطأ مادي لا يصلح سبباًًًً للطعن بالنقض.
(ب) دعوى. "مصاريف الدعوى". محاماة. "أتعاب المحامي".
دخول أتعاب المحاماة ضمن مصاريف الدعوى. القضاء بها لمن كسب الدعوى. مناطه أن يكون قد أحضر محامياًًًًًًًً للمرافعة فيها.
1 - خطأ الحكم في بيان رقم الدعوى التي رفع الاستئناف عنها وحدها - دون الدعوى المنضمة إليها - يعتبر من الأخطاء المادية التي لا تصلح سبباًًًً للطعن فيه بطريق النقض.
2 - إنه وإن كانت أتعاب المحاماة تدخل ضمن مصاريف الدعوى التي يحكم بها على من خسرها، إلا أن مناط القضاء بها لمن كسب الدعوى أن يكون قد أحضر محامياًًًًًًًً للمرافعة فيها. وإذ كان يبين من الحكم المطعون فيه أن المطعون عليهم لم يحضروا محامياً عنهم أمام محكمة الاستئناف، فإن القضاء لهم بأتعاب المحاماة على الطاعنين يكون مخالفاً للقانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن - المطعون عليهم أقاموا الدعوى رقم 565 سنة 1963 كلي سوهاج ضد محمود قريش سلامة - مورث الطاعنين - بطلب الحكم إلزامه بأن يدفع لهم مبلغ 886 ج قيمة ريع الأطيان المبينة بصحيفتها من تاريخ البيع الحاصل في 4/ 5/ 1953 حتى التسليم الفعلي الحاصل في 3/ 5/ 1963، وقالوا شرحاً للدعوى إنهم بموجب عقد مؤرخ 4/ 5/ 1953 اشتروا من المدعى عليه أطياناً زراعية مساحتها 7 أفدنة موضحة الحدود والمعالم به لقاء ثمن قدره خمسة آلاف جنيه دفع بأكمله، وإذ قضي لهم نهائياً بصحة هذا العقد وبإلزام البائع بتسليم القدر المبيع فيما عدا 2 ف و13 ط و15 س في الدعوى رقم 79 لسنة 1954 كلي سوهاج والاستئناف رقم 236 سنة 32 قضائية استئناف أسيوط أقاموا هذه الدعوى بالطلبات السابقة، كما أقاموا الدعوى رقم 566 لسنة 1963 كلي سوهاج لإلزام البائع بأن يدفع لهم مبلغ 1834 ج و65 م والفوائد القانونية مقابل العجز في مساحة الأطيان المبيعة، وأمرت المحكمة بضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد، وفي 23/ 11/ 1965 حكمت المحكمة في الدعوى الأصلية رقم 565 لسنة 1963 والمنضمة للدعوى رقم 566 لسنة 1963 (أولاً) في الدعوى الأصلية بإلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا من مال وتركة مورثهم المرحوم محمد قريش سلامة مبلغ 1834 ج و65 م والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ الحكم حتى تمام السداد. (ثانياً) في الدعوى المنضمة بإلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا من مال وتركة مورثهم المذكور مبلغ 886 ج وألزمت المدعى عليهم المصروفات ومبلغ 500 ق مقابل أتعاب المحاماة، ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات، واستأنف المدعى عليهم الحكم الصادر في دعوى الريع لدى محكمة استئناف أسيوط طالبين إلغاءه والحكم برفض الدعوى، وقيد هذا الاستئناف برقم 25 سنة 41 قضائية، وفي 6/ 12/ 1966 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفين بالمصاريف الاستئنافية وبمبلغ عشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة، وطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعنون على طلب نقض الحكم، وطلب المطعون عليهما الأول والثانية رفض الطعن وصممت النيابة العامة على الرأي الوارد بمذكرتها، وطلبت نقض الحكم نقضاً جزئياً في خصوص الشق الثاني من السبب الأخير.
وحيث إن الطعن أقيم على سبعة أسباب حاصل أولها أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إنهم تمسكوا لدى محكمة الموضوع بأن الأطيان المطالب بريعها ملك للطاعن الثاني وفي وضع يده بمقتضى عقد الشراء المؤرخ 1/ 5/ 1953 الصادر له ولوالده من محمد إسماعيل مراد وعقد القسمة المبرم بين ذلك الطاعن ووالده في 12/ 5/ 1953 وإذ كان الطاعن الثاني قد حاز الأطيان بحسن نية فإنه يتملك وحده الثمار ولا يلزم بردها، ولم تأبه المحكمة بهذا الدفاع وقالت في الرد عليه إن المطعون عليهم لا يعتبرون خلفاً عاماً للبائع لهم، ومن ثم فلا يحاجون بالقسمة الحاصلة بينه وبين الطاعن الثاني مع أن هذا الذي قرره الحكم لا يصلح رداً على دفاعهم، إذ بفرض عدم حصول القسمة فإن للمالك على الشيوع أن يضع يده في حدود نصيبه على جزء مفرز من العقار دون اعتراض من باقي الشركاء، ويعتبر في هذه الحالة حائز للعقار بحسن نية ومن حقه اكتساب الثمار.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت أن للمطعون عليهم ثمر المبيع ونماءه من وقت تمام البيع استطرد قائلاً "إنه لا حجية لعقد القسمة الذي تم بين مورث المستأنفين وابنه المستأنف الثاني (الطاعن الثاني) في 12/ 5/ 1953 على المستأنف عليهم حيث لم يكونوا طرفاً فيه من ناحية، ومن ناحية أخرى إنهم لا يعتبرون في صحيح القانون وطبقاً للمادة 146 من القانون المدني خلفاً خاصاً لمورث المستأنفين، لأنه يشترط لذلك أن يكون عقد القسمة المشار إليه سابقاً على التصرف إليهم، وإنهم أي المستأنف عليهم كانوا يعلمون به، الأمر غير الثابت في أوراق الدعوى، بل الثابت أن عقد البيع الصادر لهم تاريخه 4/ 5/ 1953، في حين أن عقد القسمة في 12/ 5/ 1953 ولم يسجل، يضاف إلى ذلك أن مشروع عقد البيع النهائي الذي أعده المستأنف عليهم والذي روجع من مصلحة الشهر العقاري يفيد أن البائع وهو مورث المستأنفين قد تملك العقار الذي باعه إلى محمد، وأحمد صلاح محمد عثمان بموجب عقد بيع مؤرخ 21/ 11/ 1950 ومسجل بمكتب الشهر العقاري بسوهاج في 7/ 2/ 1951 برقم 1052، وأن هذه الأطيان قد كلفت بالفعل باسمه ومن ثم كانت هذه الأطيان غير الأطيان التي اشتراها المورث والمستأنف الثاني محمد إسماعيل مراد بموجب عقد البيع الابتدائي المؤرخ 11/ 5/ 1953، وهي الأطيان التي جرت قسمتها بين المشترين في اليوم التالي وهو 12/ 5/ 1953" ومن ذلك يبين أن الحكم وإن كان قد عرض لبحث مدى حجية عقد القسمة على المطعون عليهم، إلا أنه أقام قضاءه أساساً على ما استخلصه من أوراق الدعوى من أن الأطيان المبيعة للمطعون عليهم في 4/ 5/ 1953 هي غير الأطيان التي اشتراها مورث الطاعنين والطاعن الثاني من محمد إسماعيل مراد 11/ 5/ 1953، وجرت قسمتها بينهما في اليوم التالي والتي يتمسك بحيازته لها، وهو استخلاص موضوعي سائغ يكفي لحمل قضائه في هذا الخصوص، ويتضمن الرد على دفاع الطاعن، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تفضيل العقد الصادر من مورث الطاعنين للمطعون عليهم ببيع أطيان النزاع على العقد المبرم بين المورث وولده الطاعن الثاني بقسمة هذه الأطيان، وهو من الحكم خطأ ومخالفة للقانون، ذلك أن العقدين لا زالا عرفيين فلا محل لتفضيل أحدهما على الآخر وأن وضع يد الطاعن الثاني على جزء مفرز من أطيان النزاع يجعله حائزاً له بحسن نية، ويحوله بالتالي حق تملك الثمار.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أن الحكم المطعون فيه لم يقم بإجراء مفاضلة بين عقد البيع الصادر من مورث الطاعنين للمطعون عليهم وعقد القسمة المبرم بين المورث وولده الطاعن الثاني، وإنما أقام قضاءه أساساً وعلى ما سلف بيانه عند الرد على السبب الأول على أن الأطيان المبيعة تغاير الأطيان التي جرت قسمتها ومن ثم فإن النعي بهذا السبب لا يكون قد صادف محلاً في الحكم المطعون فيه.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث وبالسببين الخامس والسادس على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون إنهم دفعوا لدى محكمة الاستئناف بعدم مسئوليتهم عن الريع المطالب به على أساس أن المورث سبق أن تصرف في أرض النزاع، إذ باع منها 10 ط و9 س لخديجة فقير مصطفى في 11/ 2/ 1952 وثلاثة أفدنة لمحمود عثمان خليفة في 5/ 12/ 1953، وقام كل منهما بوضع يده على الأرض المبيعة من تاريخ الشراء دون الطاعنين أو مورثهم ورغم تمسك الطاعنين بهذا الدفاع وطلبهم ندب خبير لتطبيق عقدي البيع المؤيدين له على الطبيعة، وإثبات وضع يد المنصرف إليهما من تاريخ الشراء، فإن الحكم قد أغفل الإشارة إلى هذين العقدين رغم أثرهما الهام في الدعوى، وقضى بإلزامهم بالريع دون مناقشة دفاعهم ودون تسبيب رفض طلب تعيين الخبير.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن ما قرره الحكم المطعون فيه من أن عقد القسمة المبرم بين مورث الطاعنين والطاعن الثاني لا ينطبق على أطيان النزاع يتضمن بالضرورة رفض ادعاء الطاعنين من أن مورثهم قد باع ما خصه في الأطيان التي اقتسمها مع الطاعن الثاني إلى آخرين ويصلح بذاته سبباً كافياً لرفض طلب تعيين الخبير. لما كان ذلك، وكان عقدا البيع الصادران لمحمود عثمان وخديجة فقير إنما يتعلقان بالأرض موضوع القسمة التي أثبت الحكم مغايرتها لأرض النزاع فإن إغفاله التحدث عنهما لا يعيبه بالقصور.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، ذلك أنه أقام قضاءه على أن الأطيان التي اشتراها مورث الطاعنين وولده الطاعن الثاني من محمد إسماعيل مراد بموجب العقد المؤرخ 11/ 5/ 1953 والتي جرت قسمتها بينهما في اليوم التالي تغاير الأطيان المبيعة للمطعون عليهم بمقولة إن هذه الأطيان الأخيرة إنما آلت إلى البائع بالعقد المؤرخ 1/ 2/ 1950 المسجل في 7/ 2/ 1951 بطريق الشراء من محمد حسن ومحمد سعيد، وهو ما كان يتعين معه اعتبار الطاعن الثاني خلفاً خاصاً بصفته مشترياً من الغير، ولكن الحكم رفض اعتباره خلفاً خاصاً استناداً إلى أن عقد القسمة جاء لاحقاً لعقد البيع الصادر من المورث إلى المطعون عليهم وليس سابقاً عليه، في حين أن هذا التقرير لا يستقيم إلا إذا كان عقد شراء الطاعن الثاني صادراً له من المورث لا من غيره كما هي الحال في واقعة الدعوى.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه قد قصر بحثه فيما إذا كان المطعون عليهم يعتبرون خلفاً خاصاً للمورث البائع لهم في خصوص حجية عقد القسمة المبرم بينه وبين ولده الطاعن الثاني عليهم، وانتهى إلى التقرير بعدم حجيته، وإذ كان الحكم لم يعرض لما إذا كان الطاعن الثاني خلفاً خاصاً للمورث فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب السابع أن الحكم المطعون فيه شابه خطأ من وجهين (أولهما) عدم تصحيحه منطوق الحكم المستأنف والتقرير بأن الدعوى المحكوم فيها بالريع هي الدعوى رقم 565 سنة 1963 كلي سوهاج لا الدعوى رقم 566 لسنة 1963 كلي سوهاج المنضمة إليها. (وثانيهما) قضاؤه بإلزام الطاعنين بأتعاب المحاماة بالرغم من تخلف المطعون عليهم وعدم حضور محام عنهم أمام محكمة الاستئناف.
وحيث إن هذا النعي في شقه (الأول) مردود بأن خطأ الحكم في بيان رقم دعوى الريع التي رفع الاستئناف عنها وحدها يعتبر من الأخطاء المادية البحتة التي لا تصلح سبباً للطعن فيه بطريق النقض. والنعي في شقه الثاني صحيح ذلك أنه وإن كانت أتعاب المحاماة تدخل ضمن مصاريف الدعوى التي يحكم بها على من خسرها، إلا أن مناط القضاء بها لمن كسب الدعوى أن يكون قد أحضر محامياً للمرافعة فيها. إذ كان ذلك، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن المطعون عليهم لم يحضروا محامياً عنهم أمام محكمة الاستئناف فإن القضاء لهم بأتعاب المحاماة على الطاعنين يكون مخالفاً للقانون، ويتعين لذلك نقض الحكم في هذا الخصوص.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه.