أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 23 - صـ 721

جلسة 18 من إبريل سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ بطرس زغلول نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم علام، وعدلي مصطفى بغدادي، وأحمد ضياء الدين حنفي، ومحمود السيد عمر المصري.

(113)
الطعن رقم 321 لسنة 37 القضائية

بيع: "فسخ البيع". التزام: "الحق في الحبس".
التزام المشتري بعد فسخ البيع برد ثمار المبيع يقابله التزام البائع برد فوائد الثمن الذي قبضه. حق المشتري في حبس ثمار المبيع حتى يستوفى فوائد الثمن.
الصحيح في القانون - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - هو أن التزام المشتري برد العقار المبيع بعد فسخ البيع إنما يقابل التزام البائع برد ما قبضه من الثمن، وأن التزام المشتري برد ثمرات العين المبيعة يقابل التزام البائع برد فوائد ما قبضه من الثمن، بما مؤداه أن من حق المشتري أن يحبس ما يستحقه البائع في ذمته من ثمار حتى يستوفى منه فوائد ما دفعه من الثمن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليهم أقاموا الدعوى رقم 248/ 63 مدني كلي الفيوم ضد الطاعنين، وقالوا بياناً لها إن مورثهم المرحوم حسين نشأت كان قد باع للمرحوم حنا خليل مورث الطاعنين 49 ف و21 ط و6 س بناحية فاقوس مركز طامية بالفيوم لقاء ثمن قدره 1436 ج و720 م دفع منه مبلغ 989 ج و352 م عند تحرير العقد في 24 يونيه سنة 1949، وإن مورث الطاعنين كان قد أقام الدعوى رقم 159/ 950 مدني كلي الفيوم بطلب الحكم بصحة ونفاذ ذلك العقد، وإنهم أجابوا على هذه الدعوى بدعوى فرعية طلبوا فيها فسخ العقد المشار إليه لعدم الوفاء بكامل الثمن، إذ قضي بفسخ العقد المشار إليه وأصبح الحكم بذلك نهائياً، فقد أقاموا الدعوى الماثلة بطلب الحكم باستهلاك مقدم ثمن الأرض الذي قبضه مورثهم من ريع هذه الأرض الذي استولى عليه وذلك منذ صدور البيع في 24 يونيه سنة 1949، وبتاريخ 14 نوفمبر سنة 1964 قضت محكمة أول درجة بندب مكتب خبراء وزارة العدل بالفيوم لمعاينة الأرض موضوع عقد البيع السابق الذكر وتحديد من يضع اليد عليها وبيان ريعها، وبعد أن قدم الخبير تقريراً أورد فيه أن الطاعنين ومورثهم من قبلهم قد وضعوا اليد على هذه الأرض من تاريخ ذلك العقد وقدر ريعها بمبلغ 2332 ج و784 م منذ حصول التعاقد، قضت المحكمة بتاريخ 19 فبراير سنة 1966 بحق الطاعنين في أن يستنزلوا من ذلك المبلغ مقدم ثمن الأرض وقدره 989 ج و352 م استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف بني سويف (مأمورية الفيوم) بالاستئناف رقم 23/ 2 ق، وبتاريخ 5 من إبريل سنة 1967 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، وطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وفي الجلسة المحددة لنظر الطعن تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بأنه وإن كان قد حكم بفسخ عقد البيع الصادر لمورثهم من مورث المطعون عليهم، إلا أن لهم طبقاً لنص المادة 246 من القانون المدني أن يمتنعوا عن رد ثمار تلك الأرض استعمالاً لحقهم في حبسها حتى يرد إليهم المطعون عليهم ما في يدهم، وإذ أجاب الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع بأن الحق في الحبس قاصر على الحالة التي يبقى فيها العقد قائماً، وأنه لا وجود لهذا الحق في حالة فسخ العقد، فإن الحكم يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أن الطاعنين تمسكوا في صحيفة الاستئناف بأن يترتب على انحلال العقد واعتباره كأن لم يكن وإعادة الطرفين إلى ما كانا عليه قبل التعاقد أنه إذا كان العقد بيعاً وفسخ رد المشتري المبيع بثمراته إلى البائع ورد البائع الثمن بفوائده إلى المشتري، وإذ أجاب الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع بقوله "إن دفاع المستأنفين (الطاعنين) بأن لهم الحق في الحبس طبقاً للمادة 246 من القانون المدني، مردود بأن لهم هذا الحق قانوناً في حالة نفاذ العقد، إلا أنه لما كان قد قضى في الدعوى رقم 159 لسنة 1950 كلي الفيوم بفسخ عقد البيع مع التسليم، وكان الأثر الحتمي للفسخ طبقاً للمادة 160 مدني انعدام العقد انعداماً يمتد أثره إلى وقت نشوئه فيعتبر كأن لم يكن ويعود المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد، فإنه يستتبع ذلك أن يرد كل من طرفي العقد ما تسلمه بمقتضاه منذ أن تم فسخه، وإذا كانت الثمار والريع ورد ما دفع من الثمن من بين تلك الآثار المترتبة على انفساخ العقد، كان هذا الدفاع غير سديد" لما كان ذلك وكان الصحيح في القانون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو أن التزام المشتري برد العقار المبيع، بعد فسخ البيع إنما يقابل التزام البائع برد ما قبضه من الثمن، وأن التزام المشتري برد ثمرات العين المبيعة يقابل التزام البائع برد فوائد ما قبضه من الثمن، بما مؤداه أن من حق المشتري أن يحبس ما يستحقه البائع في ذمته من ثمار حتى يستوفى منه فوائد ما دفعه من الثمن، فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض دفاع الطاعنين الذين أقاموه - طبقاً لما سلف البيان - على أن التزامهم برد ثمار الأرض موضوع النزاع يقابله التزام المطعون عليهم برد فوائد الثمن الذي قبضه مورثهم، وعلى أن من حقهم حبس هذه الأرض تحت يدهم حتى يستوفوا ما لهم من حقوق قبل المطعون عليهم. إذ رفض الحكم هذا الدفاع، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.