مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية
وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الخامس (عن المدة من 6 نوفمبر سنة 1939 لغاية 26 أكتوبر سنة 1942) - صـ 466

جلسة 12 مايو سنة 1941

برياسة حضرة عبد الفتاح السيد بك وبحضور حضرات: محمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك وحسن زكي محمد بك ومحمد كامل مرسي بك المستشارين.

(256)
القضية رقم 1458 سنة 11 القضائية

دمغة. القانون رقم 44 لسنة 1939. التعويضات المنصوص عليها في المادة 23 منه. ماهيتها. ليست مجرّد تضمينات بل هي جزاءات تأديبية أيضاً. القضاء بها مع الغرامة. وجوبي. استعمال درّاجة من غير وضع لوحة عليها تدل على دفع رسم الدمغة. الحكم على المتهم بالغرامة دون إلزامه بالتعويضات. خطأ.

(المادتان 20 و23 من القانون رقم 44 لسنة 1939)

إن القانون رقم 44 لسنة 1939 الخاص بتقرير رسم الدمغة إذ نص في المادة 20 منه على معاقبة كل من يخالف أحكامه بالغرامة، وإذ أوجب في المادة 23 على القاضي أن يحكم على جميع من اشتركوا في المخالفة، علاوة على الغرامة، بدفع قيمة الرسوم المستحقة والتعويضات للخزانة على ألا يقل مقدار التعويض عن ثلاثة أمثال الرسوم المهرّبة ولا يزيد على عشرة أمثالها إنما قصد أن مخالفة أي حكم من أحكامه هو والجداول الملحقة به تستوجب حتماً الحكم على المخالف بدفع الرسم والتعويضات مقدّرة في دائرة الحدود المذكورة. وذلك في كل الأحوال بلا ضرورة لدخول الخزانة في الدعوى، وبغير حاجة لإثبات أي ضرر معين وقع عليها. وما ذلك إلا لأن التعويضات في هذا المقام ليست - كما هو مفهوم اللفظ في لغة القانون - مقابل ضرر نشأ عن الجريمة بالفعل، بل هي في الحقيقة والواقع ينطوي فيها جزاء جنائي رأي الشارع من الضروري أن يكمل به الغرامة في الجرائم الخاصة بالقانون المذكور هو والقوانين الأخرى التي على شاكلته. وهذا هو ما يقتضيه نص القانون على الوجه المتقدّم، وهو الذي تؤيده الأعمال التحضيرية والمناقشات التي جرت في البرلمان عند وضعه، فإنها صريحة في الدلالة على أن هذه التعويضات ليست مجرّد تضمينات مدنية فحسب، بل هي أيضاً جزاءات تأديبية لها خصائص العقوبات من جهة كونها تلحق الجاني مع الغرامة ابتغاء تحقيق الغرض المقصود من العقوبة من ناحية كفايتها في الردع والزجر. وإذن فمن الخطأ أن تكتفي المحكمة بالحكم على المتهم في جريمة استعمال درّاجة من غير وضع لوحة عليها تدل على تسديد رسم الدمغة بالغرامة دون إلزامه في ذات الوقت بالتعويضات المشار إليها في المادة 23 من القانون السابق الذكر.


المحكمة

وحيث إن النيابة العمومية تنعى بوجه الطعن المقدّم منها على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ إذ لم يجبها إلى طلب الحكم على المتهم بالتعويضات التي نصت المادة 23 من القانون رقم 44 لسنة 1939 على وجوب القضاء بها في كل الأحوال على أساس افتراض وقوع الضرر بالخزانة دائماً في الجرائم التي يعاقب عليها القانون المذكور.
وحيث إن القانون رقم 44 لسنة 1939 الخاص بتقرير رسم الدمغة إذ نص في المادة 20 على معاقبة كل من يخالف أحكامه بالغرامة، وإذ أوجب في المادة 23 على القاضي أن يحكم على جميع من اشتركوا في المخالفة علاوة على الغرامة بدفع قيمة الرسوم المستحقة والتعويضات للخزانة على أن لا يقل مقدار التعويض عن ثلاثة أمثال الرسوم المهرّبة ولا يزيد على عشرة أمثالها إنما قصد أن مخالفة أي حكم من أحكامه - هو والجداول الملحقة به - تستوجب حتماً الحكم على المخالف بدفع قيمة الرسم والتعويضات مقدّرة في دائرة الحدود المذكورة. وذلك في كل الأحوال بلا ضرورة لدخول الخزانة في الدعوى وبغير حاجة لإثبات أي ضرر معين وقع عليها. وما ذلك إلا لأن التعويضات في هذا المقام ليست - كما هو مفهوم اللفظ في لغة القانون - مقابل ضرر نشأ عن الجريمة بالفعل بل ينطوي فيها في الحقيقة والواقع جزاء جنائي رأي الشارع من الضروري أن يكمل به الغرامة في الجرائم الخاصة بالقانون المذكور والقوانين الأخرى التي على شاكلته. وهذا هو ما يقتضيه نص القانون على الوجه المتقدّم وتؤيده الأعمال التحضيرية والمناقشات التي جرت في البرلمان عند وضعه، فهي صريحة في الدلالة على أن هذه التعويضات ليست مجرّد تضمينات مدنية فحسب، بل هي أيضاً جزاءات تأديبية لها خصائص العقوبات من جهة كونها تلحق الجاني مع الغرامة ابتغاء تحقيق الغرض المقصود من العقوبة من ناحية كفايتها في الردع والزجر.
وحيث إن واقعة الحال أن الدعوى العمومية رفعت على المتهم بأنه "استعمل درّاجة بدون أن يضع عليها لوحة تدل على تسديد رسم الدمغة". وطلبت عقابه بالمادة 12 من الجدول رقم 5 الملحق بالقانون رقم 44 لسنة 1939 والمواد 1 و20 و23 من القانون المذكور. ومحكمة أوّل درجة أدانته في الجريمة المذكورة وقضت عليه بالغرامة وبأن يدفع قيمة الرسم المستحق وقالت في ذلك "إن التهمة ثابتة قبله من التحقيقات الدالة على أنه ضبط وهو يستقل درّاجة دون أن يضع عليها لوحة تدل على تسديد رسم الدمغة ولم يقدّم للمحقق ما يدل على ذلك. وعقابه ينطبق على المواد المطلوبة. ومن حيث إنه فيما يتعلق بالتعويض المنصوص عليه بالمادة 23 من القانون المذكور فلا ترى المحكمة محلاً له إذ أنه لم يتقدّم ما يثبت حصول أي ضرر موجب له. وهذا شرط أساسي للحكم به، ولا يتحتم على المحكمة القضاء به سواء حصل ضرر أو لم يحصل. ولا أدل على ذلك من أن المشرع جعل حدّاً أدنى وحدّاً أقصى لهذا التعويض - الأمر الذي يدل على أن التعويض يتفاوت بتفاوت الضرر الحاصل للخزينة. وبما أنه لم يتقدّم ما يفيد حصول هذا الضرر فلا يكون ثمة محل للحكم بتعويض ما". والمحكمة الاستئنافية حكمت في الدعوى بناءً على الاستئناف المرفوع من النيابة بإلغاء الحكم الابتدائي بالنسبة للرسم، وأيدته فيما يختص بالغرامة، ورفضت القضاء بالتعويض، وذكرت في ذلك "أن الحكم المستأنف في محله للأسباب الواردة به والتي تأخذ بها هذه المحكمة. وحيث إن المتهم دفع أمام المحقق بأنه استأجر الدرّاجة من عجلاتي بجنزور ذكر اسمه. وقد أهملت الإدارة أن تحقق دفاعه بسؤال العجلاتي. وحيث إنه من المحتمل أن يكون الدفاع صحيحاً وأن يكون صاحب الدرّاجة قد حصل على العلامة بعد دفع الرسوم المستحقة، وفي هذه الحالة لا يكون هناك محل للقضاء بالتعويض ولا بالرسوم المستحقة لسبق دفعها. وحيث إن هذا الشك يؤول لمصلحة المتهم".
وحيث إنه يتضح مما تقدّم أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ إذ أدان المتهم طبقاً للمادة 20 من القانون رقم 44 لسنة 1939 وقضى عليه بالغرامة ولم يقضِ عليه في ذات الوقت بالتعويضات مع الغرامة المحكوم بها. وما تعلل به في هذا الصدد غير مجدٍ ولا منتج، فإن تقدير التعويضات على الصورة الواردة في قانون الدمغة لا يتفق إلا مع اعتبار التعويضات في حكم العقوبات، إذ القول بأنها مقابل ضرر وقع كان يقتضي بطبيعة الحال ترك تقديرها ليكون على حسب مقدار الضرر. وأما عن احتمال قيام صاحب الدرّاجة بدفع الرسم عنها فمردود بأن الجريمة التي أدين المتهم فيها لم تكن عن واقعة عدم دفع الرسم بل هي جريمة أخرى أخذت حكمها وقرّر لها عقوبتها وجميع الآثار التي يرتبها القانون على تلك العقوبة.
وحيث إنه لذلك يتعين إجابة ما تطلبه النيابة بوجه الطعن وهو القضاء على المتهم بالتعويضات للخزانة، وتقدّر المحكمة التعويض الذي تحكم به بثلاثة أمثال المائة المليم رسم الدمغة المقرّرة على الدرّاجة أي مبلغ 30 قرشاً.