مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية
وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الخامس (عن المدة من 6 نوفمبر سنة 1939 لغاية 26 أكتوبر سنة 1942) - صـ 518

جلسة 19 مايو سنة 1941

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات، عبد الفتاح السيد بك ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك وحسن زكي محمد بك المستشارين.

(263)
القضية رقم 1260 سنة 11 القضائية

هتك عرض. القصد الجنائي. متى يكون متوافراً؟ لا عبرة بالبواعث. عدم رضاء المجني عليها. استعمال قوّة مادية. لا يشترط. ادعاء المتهم أنه طبيب. انخداع المجني عليها بمظهره. تسليمها بوقوع الفعل عليها. توافر ركن القوّة.

(المواد 230 - 232 ع = 267 - 269)

إن القصد الجنائي في هتك العرض يكون متوافراً متى ارتكب الجاني الفعل وهو يعلم أنه مخل بالحياء العرضي للمجني عليه، مهما كانت البواعث التي دفعته إلى ذلك. ولا يشترط لتوافر ركن القوّة في جريمة هتك العرض أن تكون قد استعملت قوّة مادية، بل يكفي أن يكون الفعل قد حصل بغير رضاء من المجني عليه سواء أكان ذلك من أثر قوّة أم كان بناءً على مجرّد خداع أو مباغتة. فمتى ثبت أن المجني عليها قد انخدعت بمظاهر الجاني فاعتقدت أنه طبيب فسلمت بوقوع الفعل عليها، ولم تكن لترضى به لولا هذه المظاهر، فإن هذا يكفي للقول بأن المجني عليها لم تكن راضية بما وقع من المتهم ويتوافر به ركن القوّة.


المحكمة

وحيث إن وجه الطعن الوارد بالتقرير المقدّم من المحامي عن الطاعن يتلخص في أن المحكمة ذكرت في الحكم المطعون فيه أن الطاعن ارتكب جريمتي هتك العرض والسرقة المسندتين إليه لغرض واحد هو السرقة، وأنهما مرتبطتان ببعضهما فيجب اعتبارهما جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقرّرة لأشدّهما وهي عقوبة المادة 268/ 1 من قانون العقوبات طبقاً للمادة 32 من القانون المذكور. ويقول الطاعن إن هذا الذي أثبته الحكم صريح في أن الطاعن لم يكن يقصد ارتكاب هتك العرض المنسوب إليه بل إن هذا الفعل لم يكن إلا نتيجة عرضية وغير مقصودة لجريمة السرقة التي وقعت منه، ولذا يكون القصد الجنائي في جريمة هتك العرض غير متوافر، وتكون المحكمة قد أخطأت في تطبيق القانون لذلك ولأن ركن الإكراه غير متوافر أيضاً بعد أن ثبت أن المجني عليهما قد رضيتا بأن يكشف الطاعن عليهما.
وحيث إن القصد الجنائي في جريمة هتك العرض يتوافر متى ارتكب الجاني الفعل المكوّن للجريمة وهو يعلم أنه مخل بالحياء العرضي لمن وقع عليه الفعل. ولا عبرة بعد هذا بالبواعث التي تكون قد دفعته إلى ذلك. ولا يشترط قانوناً لتوافر ركن القوّة في جريمة هتك العرض استعمال القوّة المادية، بل يكفي حصول الفعل بغير رضاء المجني عليه سواء أكان بطريق الخداع أم المباغتة. فمتى ثبت أن المجني عليه قد انخدع بمظاهر الجاني، وأنه بسبب هذا الخداع قد انساق مضطراً إلى الرضا بوقوع الفعل عليه بحيث إنه لم يكن ليرضى به لولا هذه المظاهر، فإن هذا يكفي للقول بانعدام الرضا عند المجني عليه وتحقق ركن القوّة الواجب توافرها في هذه الجريمة.
وحيث إنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يتضح أن محكمة الجنايات قد أثبتت أن الطاعن الأوّل عندما حضر لأوّل مرة مع زميله الطاعن الثاني لمشاهدة عوّامة المدّعية بالحق المدني أفهم ولدها أنه طبيب أوّل مستشفى طنطا فأخبر والدته بهذا الأمر، وأنه في اليوم التالي دق جرس التليفون بالعوّامة ولما ردّت المجني عليها قال المتكلم إنه طبيب أوّل مستشفى طنطا، وإنه يريد الحضور لمقابلتها بشأن استئجار العوّامة فاتفقا على الميعاد الذي يحضر فيه لإتمام ذلك. ولما حضر الطاعنان في الميعاد المضروب عرّفها الطاعن الأوّل - وكان يحمل سماعة - أنه طبيب أوّل مستشفى طنطا وأن زميله وكيل نيابة بالمحاكم المختلطة، وبعد أن طافا بغرف العوّامة جيء بالقهوة فجلسوا لشربها وأخذ الطاعن الأوّل يحادث زميله بأحاديث دلت على أن الطاعن الثاني متزوّج بأخته وأنهما سيمضيان شهر العسل في العوّامة، وأنه لما أدخل في روعها صدق ما ادعاه الطاعن الأوّل عن نفسه بأنه طبيب طلبت منه أن يكشف على ابنة لها مريضة فقام بذلك بأن كشف عن ملابسها ووضع السماعة على جسمها ثم أخبرها بأنها مريضة بذات الرئة، ثم سألته عن حالة تعتريها هي فطلب أن يكشف عليها فشكرته فكرر عليها القول بأن لا حياء من كشف يوقعه طبيب فقبلت، وامتدّت على السرير بجوار ابنتها المريضة فكشف عن سوأتها ملامساً بيده مواضع هي من عورات النساء كبطنها وصدرها وثدييها ثم تركها. كما أثبتت المحكمة على لسان ابنة المدّعية المدنية أن الطاعن كشف على صدرها بالسماعة، وأنه مس صدرها بيده، وفي هذا الذي أثبته الحكم ما يكفي لبيان: (أولاً) أن الطاعن تعمد كشف سوأة المجني عليها وملامسة مواضع من جسميهما بيده هي من عورات النساء وهو يعلم أن عمله مخل بالحياء العرضي، وهو ما يتحقق به القصد الجنائي في جريمة هتك العرض. (وثانياً) أن المجني عليهما قد انخدعتا بأقوال الطاعنين ومظهر الطاعن الأوّل واعتقدتا بصحة ادعائه من حمله السماعة التي يستعملها الأطباء، ولم تسلما له في الكشف على جسميهما إلا تحت تأثير هذا الإيهام والخداع واقتناعهما بأنه طبيب. وكل ذلك ينفي وجود الرضا من جانبهما بارتكاب الطاعن الأوّل للأفعال السابق ذكرها على جسميهما ويتحقق به ركن القوّة الواجب توافره في جريمة هتك العرض. ومن ثم تكون المحكمة إذ أدانت الطاعن بمقتضى المادة 268/ 1 من قانون العقوبات لم تكن قد أخطأت في شيء.