أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 23 - صـ 747

جلسة 22 من إبريل سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ محمد صادق الرشيدي، وعضوية السادة المستشارين: أحمد سميح طلعت، وأديب قصبجي، ومحمد فاضل المرجوشي، وحافظ الوكيل.

(117)
الطعن رقم 578 لسنة 35 القضائية

( أ ) عمل. "عقد العمل". بطلان. "بطلان التصرفات". نقض. "أسباب الطعن". نظام عام.
بطلان عقد العمل بالاستناد إلى م 6/ 3 ق 91 لسنة 1959 من النظام العام. التحدي به استناداً لأسباب واقعية يجب طرحه على محكمة الموضوع. عدم جواز الدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض.
(ب) حراسة. "حراسة إدارية". دعوى. "الخصوم في الدعوى".
فرض الحراسة الإدارية وفقاً لأحكام الأمرين 138 لسنة 1961، 4 لسنة 1956. أثره تولي الحارس العام إدارة أموال من فرضت عليه الحراسة وتمثيله أمام القضاء. الحارس الخاص. اختصاصاته تتحدد وفق قرارات الحارس العام.
(ج) إثبات. "طرق الإثبات". "الكتابة". نقض. "ما لا يصلح سبباً للطعن".
صور الأوراق الرسمية. لا حجية لها إلا إذا كانت بذاتها رسمية. المادتين 392، 393 مدني. إغفال الحكم التحدث عن أوراق عديمة الحجية. النعي عليه بالقصور لهذا السبب. غير منتج.
(د) عرف. محكمة الموضوع. نقض. "مسائل الواقع".
التحقق من قيام العرف متروك لقاضي الموضوع. نفي الحكم وجوده بأسباب تؤدي لذلك. المنازعة فيه. جدل موضوعي لا تجوز إثارته الأول مرة أمام النقض.
(هـ) حكم. "تسبيب الحكم". نقض. "ما لا يصلح سبباً للطعن".
إقامة الحكم على دعامتين. كفاية إحداهما لحمل قضائه. تعييبه في الأخرى لا يؤثر فيه.
1 - بطلان عقد العمل بالاستناد إلى الفقرة الثالثة من المادة السادسة من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 للأسباب الواقعية التي يثيرها الطاعن وإن كان من النظام العام، إلا أنه لا يجوز الدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض لما يخالطه من واقع كان يجب طرحه على محكمة الموضوع هو التحقيق من مدة عقد العمل السابق وقدر الأجر الذي حدده للطاعن وشروط هذا العقد والظروف التي أحاطت بإنهائه، وإذ خلت الأوراق مما يفيد تمسك الطاعن بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع فإن التحدي به أمام هذه المحكمة يكون غير مقبول.
2 - فرض الحراسة الإدارية على أموال وممتلكات أحد الأشخاص وفقاً لأحكام الأمرين 138 لسنة 1961 و4 لسنة 1956 يترتب عليه أن يتولى الحارس العام إدارة أمواله وتمثيله أمام القضاء، وأنه إذا اقتضت إدارة هذه الأموال تعيين حراس خاصين عليها فإن اختصاصاتهم تتحدد وفقاً للقرارات التي تصدر من الحارس العام وفي نطاق ما يفوضهم فيه من سلطاته، ومؤدى ذلك أن هؤلاء الحراس ومندوبيهم تبعاً لهم إنما يقومون على إدارة تلك الأموال نيابة عن الحارس العام وبتفويض منه. وإذ كان الطاعن قد رفع دعواه على مندوب الحارس الخاص والمطعون ضده بصفته الحارس العام، وصدر الحكم الابتدائي ضدهما، فإن المطعون ضده بصفته يكون الخصم الأصيل في الدعوى وإليه ينصرف قضاء الحكم الصادر فيها، ومن ثم يكون له أن يستأنف هذا الحكم، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة وكان ما أورده في أسبابه من أن مندوب الحارس الخاص ليست له الصفة في تمثيل إدارة الأموال التي كانت موضوع حراسة وآلت ملكيتها للدولة - أياً كان وجه الرأي فيه - لا يؤثر في تلك النتيجة، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه يكون غير منتج.
3 - إذ كان ما قدمه الطاعن لمحكمة الموضوع من أوراق لا يعدو أن يكون صوراً شمسية وخطية غير رسمية يقول الطاعن إنها لمكاتبات متبادلة بين الحراسة العامة والحراسة الزراعية أصلها لم يقدم، وقد اعترض المطعون ضده في مذكرته المقدمة لمحكمة الاستئناف على صلاحيتها لإثبات محتواها، وكانت تلك الأوراق بحالتها هذه ليست لها أي حجية لأن الأصل أنه لا حجية لصور الأوراق الرسمية إلا إذا كانت هذه الصور بذاتها رسمية طبقاً لنص المادتين 392 و393 من القانون المدني الواجبتي التطبيق، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب لإغفاله التحدث عنها يكون غير منتج.
4 - التحقق من قيام العرف متروك لقاضي الموضوع. وإذ كان الحكم قد نفى وجوده بأسباب سائغة وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
5 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة [(1)] أنه إذا أقيم الحكم على دعامتين، وكان يصح بناء الحكم على إحداهما، فإن تعييبه في الدعامة الأخرى لا يؤثر فيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 372 سنة 1963 مدني كلي المنصورة ضد المطعون ضده بصفته الحارس العام على أموال الخاضعين للأمر رقم 138 سنة 1961 وضد مراقب الإصلاح الزراعي بالمنصورة بصفته مندوب الحارس الخاص على الأطيان الزراعية لاسكندر أوضه باشى، وطلب الحكم بإلزامهما بأن يدفعا له مبلغ 583 ج و335 م، وقال بياناً لدعواه إنه كان يعمل لدى بشير أوضه باشى مديراً لأعماله منذ أول مارس سنة 1941 إلى أن توفي في سنة 1947 ومن بعده لدى اسكندر أوضه باشى إلى أن فرضت الحراسة الإدارية على أمواله طبقاً لأحكام الأمر رقم 138 سنة 1961 لقاء أجر شهري قدره 50 ج علاوة على منحة قدرها 250 ج كانت تصرف له في نهاية كل سنة بصفة دائمة ومستمرة، وإذ يستحق قيمة هذه المنحة عن سنتي 1961 و1962 وعن المدة من يناير حتى إبريل سنة 1963، وكان حقه في اقتضائها ثابتاً في دفاتر الخاضع للحراسة وفي المكاتبات المتبادلة بين الحراسة العامة والحراسة الزراعية فقد انتهى إلى طلب الحكم له بها، وفي 30 نوفمبر سنة 1963 قضت محكمة المنصورة الابتدائية (أولاً) بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن بكافة الطرق القانونية أنه تقاضى من رب العمل منحة قدرها 250 ج عن سنوات عدة سابقة على وضعه تحت الحراسة الإدارية في سنة 1961 وذلك بطريقة منتظمة ومستمرة وبحالة مستقرة وليفي المطعون ضده بصفته ذلك (ثانياً) بإلزام المطعون ضده بصفته بأن يقدم دفاتر دائرة الخاضع للحراسة الخاصة بمرتبات موظفيها وبعد أن سمعت المحكمة شهادة شاهدي الطاعن واكتفى المطعون ضده بصفته بتقديم دفتر الدائرة قضت في 30 مارس سنة 1964 بإلزام المطعون ضده بصفته ومندوب الحارس الخاص بأن يدفعا للطاعن مبلغ 583 ج و335 م. استأنف المطعون ضده بصفته هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 185 سنة 16 ق، وفي 2 نوفمبر سنة 1965 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعن، وفي 27 نوفمبر سنة 1965 طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره صممت على هذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب حاصل أولها أن الحكم المطعون فيه أخطأ في القانون من وجهين، وفي بيان الوجه الأول يقول الطاعن إن الحكم اعتد بعقد العمل المؤرخ 7 مايو سنة 1960 حالة أن هذا العقد باطل في حكم الفقرة الثالثة من المادة السادسة من قانون العمل رقم 91 سنة 1959، لأنه انتقص من حقوقه الناشئة عن عقد العمل أثناء سريانه، إذ بعد أن كانت علاقته برب العمل دائمة ومستمرة أصبحت بمقتضاه محددة بمدة معينة، وبعد أن كان يتقاضى أجراً شهرياً قدره 50 ج علاوة على منحة سنوية قدرها 250 ج اقتصر العقد على أجره الشهري، بدليل أن المخالصة التي استند إليها المطعون ضده عن المدة السابقة على إبرام هذا العقد تثبت أنه كان يتقاضى منحة سنوية قدرها 150 ج بما يفيد أن تقاضيه هذه المنحة كان أمراً مقرراً حتى تحققت محكمة أول درجة من صحة مقدارها، وإذ عول الحكم في قضائه على ذلك العقد مجرداً من كافة الظروف التي أحاطت به يكون قد أخطأ في القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن بطلان عقد العمل المؤرخ 7 مايو سنة 1960 بالاستناد إلى الفقرة الثالثة من المادة السادسة من قانون العمل رقم 91 سنة 1959 للأسباب الواقعية التي يثيرها الطاعن بهذا الوجه وإن كان من النظام العام، إلا أنه لا يجوز الدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض لما يخالطه من واقع كان يجب طرحه على محكمة الموضوع هو التحقيق من مدة عقد العمل السابق وقدر الأجر الذي حدده للطاعن وشروط هذا العقد والظروف التي أحاطت بإنهائه، وإذ خلت الأوراق مما يفيد تمسك الطاعن بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع، فإن التحدي به أمام هذه المحكمة يكون غير مقبول.
وحيث إن حاصل الوجه الثاني أن الحكم الابتدائي صدر على مندوب الحارس الخاص والمطعون ضده بصفته الحارس العام ولم يستأنفه سوى الأخير ومع ذلك قضت المحكمة الاستئنافية بإلغاء الحكم برمته على أساس أن المطعون ضده بصفته هو وحده صاحب الصفة في تمثيل إدارة الأموال التي فرضت عليها الحراسة وآلت ملكيتها للدولة، وإذ كان مندوب الحارس الخاص يلتزم أيضاً بهذه الصفة بالأحكام الصادرة ضده شأنه في ذلك شأن الحارس العام، فإن الحكم المطعون فيه إذ ألغى ذلك الحكم ولم يعتبره نهائياً بالنسبة لمندوب الحارس الخاص الذي لم يستأنفه يكون قد أخطأ في القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن فرض الحراسة الإدارية على أموال وممتلكات أحد الأشخاص وفقاً لأحكام الأمرين 138 لسنة 1961 و4 سنة 1956 يترتب عليه أن يتولى الحارس العام إدارة أمواله وتمثيله أمام القضاء، وأنه إذا اقتضت إدارة هذه الأموال تعيين حراس خاصين عليها، فإن اختصاصاتهم تتحدد وفقاً للقرارات التي تصدر من الحارس العام وفي نطاق ما يفوضهم فيه من سلطاته ومؤدى ذلك أن هؤلاء الحراس ومندوبيهم تبعاً لهم إنما يقومون على إدارة تلك الأموال نيابة عن الحارس العام وبتفويض منه، ولما كان الطاعن قد رفع دعواه على مندوب الحارس الخاص والمطعون ضده بصفته الحارس العام وصدر الحكم الابتدائي ضدهما، فإن المطعون ضده بصفته يكون الخصم الأصيل في الدعوى وإليه ينصرف قضاء الحكم الصادر فيها، ومن ثم يكون له أن يستأنف هذا الحكم، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة، وكان ما أورده في أسبابه من أن مندوب الحارس الخاص ليست له الصفة في تمثيل إدارة الأموال التي كانت موضوع حراسة وآلت ملكيتها للدولة أياً كان وجه الرأي فيه لا يؤثر في تلك النتيجة، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه يكون غير منتج.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه قدم لمحكمة الموضوع صوراً من المكاتبات المتبادلة بين الحراسة العامة والحراسة الزراعية مستدلاً بها على أن حقه في المنحة السنوية كان مسلماً به من جانب الحراسة، ولم يجحد المطعون ضده بصفته هذه المستندات إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لها ولم يرد على دفاعه الذي اقترن بها مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن ما قدمه الطاعن لمحكمة الموضوع من أوراق لا يعدو أن يكون صوراً شمسية وخطية غير رسمية يقول الطاعن إنها لمكاتبات متبادلة بين الحراسة العامة والحراسة الزراعية أصلها لم يقدم واعترض المطعون ضده بصفته في مذكرته المقدمة لمحكمة الاستئناف على صلاحيتها لإثبات محتواها، وإذ كانت تلك الأوراق بحالتها هذه ليست لها أي حجية لأن الأصل هو أن لا حجية لصور الأوراق الرسمية إلا إذا كانت هذه الصور بذاتها رسمية طبقاً لنص المادتين 392 و393 من القانون المدني الواجبتي التطبيق فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب لإغفاله التحدث عنها يكون غير منتج.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال من خمسة أوجه، حاصل أولها أن الحكم أطرح شهادة شاهديه لتناقضها بقوله إن أولهما حدد بدء تقاضيه المنحة في سنة 1956 بينما حدده الثاني في سنة 1957، مع أن هذا الخلاف ليس من شأنه أن يبطل شهادتهما خاصة إذا استكملت هذه الشهادة بما هو ثابت في دفاتر الدائرة وفي المخالصة الصادرة عن رب العمل. وحاصل الوجه الثاني أن الحكم المطعون فيه استبعد دفتر الدائرة بقوله إنه هو الذي دون بياناته بنفسه حالة أن الأوراق قد خلت مما يدل على ذلك، فضلاً عن أن القيد الوارد في هذا الدفتر بتاريخ 19 يناير سنة 1961 والذي يثبت أن الخاضع للحراسة سدد له منحة قدرها 250 ج قد تلته قيود أخرى وأن الحراسة استولت على هذا الدفتر فلم يمتد إليه أي عبث إلى أن قدمه المطعون ضده بصفته لمحكمة أول درجة ولم يطعن على ذلك القيد، وأن المكاتبات المتبادلة بين الحراسة العامة والحراسة الزراعية تشير إلى وجود هذا القيد في الدفتر. وحاصل الوجه الثالث أن الحكم المطعون فيه قال إن الطاعن لم يجادل في أن عقد العمل المؤرخ 7 مايو سنة 1960 قد حدد أجره بمبلغ 50 ج دون النص فيه على أي ميزة أخرى، مع أن طعن على هذا العقد وتمسك ببطلانه، فضلاً عن أن ذلك قد يرجع إلى تسليم الطرفين بالمنحة بغير النص عليها في العقد بدليل أن الخاضع للحراسة صرف له المنحة في 19 يناير سنة 1961 أي في تاريخ لاحق للعقد، وحاصل الوجه الرابع أن الحكم المطعون فيه إنه لو صحت أقوال الشهود من أنه كان يتقاضى المنحة لأربع سنوات مضت فإن هذه المدة لا تكفي لاعتبار أن العرف قد جرى بصرفها له، حالة أنه لم يتمسك بالعرف بل تمسك بالاتفاق واستمرار تنفيذه من جانب رب العمل، علاوة على أن أحكام القضاء جرت على أن العرف يكفي لقيامه مدة ثلاث سنوات، وحاصل الوجه الخامس أن الحكم المطعون فيه قال إنه لم يطالب بالمنحة طوال ما يقرب من ثلاث سنوات وحتى وضع المطعون ضده بصفته حداً لعلاقة العمل التي كانت قائمة بينهما، وفات الحكم أن المنحة تستحق في يناير من السنة التالية، وأنه قبض المنحة فعلاً عن سنة 1960 في 19 يناير سنة 1961، وبالتالي، فإن المنحة عن سنة 1961 تستحق في يناير سنة 1962، وفي هذا الشهر تقدم للحراسة بطلب صرفها وظلت الحراسة العامة تتبادل المكاتبات مع الحراسة الزراعية إلى أن قدم شكواه لمكتب العمل ورفع دعواه في مايو سنة 1963، وذلك كله يعيب الحكم بفساد الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود في الوجه الرابع منه، ذلك أن الحكم المطعون فيه أورد في شأنه ما يأتي "وحتى لو صح ما ذهب إليه الشاهدان من أن المستأنف عليه (الطاعن) كان بعد سنة 1956 كما قرر ذلك الشاهد الأول يتقاضى منحة سنوية قدرها 250 ج ثم امتنع المستأنف (المطعون ضده) منذ سنة 1961 عن دفعها له فإن مثل هذه المدة التي تقاضى فيها هذا المبلغ علاوة على أجره وهي لا تزيد على أربع سنوات لا تكفي في تقدير المحكمة لاعتبار أن العرف قد جرى على منحها له خصوصاً إذا ما روعي أيضاً أنه ليس في الأوراق ما يدل على أن غيره من عمال المنشأة يتقاضى أي مبلغ علاوة على أجره، ومن ثم فإن المبالغ التي يكون قد اقتضاها خلال هذه السنوات تعتبر مجرد تبرع يستطيع رب العمل أن يمنعها" وإذ كان مفاد هذا الذي قرره الحكم أنه لم يثبت لدى محكمة الموضوع قيام ذلك العرف، وكان التحقق من قيام العرف متروكاً لقاضي الموضوع، وكان الحكم قد نفى وجوده بأسباب سائغة وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، لما كان ما تقدم وكان غير صحيح ما ذهب إليه الطاعن من أنه لم يتمسك بالعرف بل تمسك بالاتفاق، ذلك لأن الثابت مما حصله الحكم أن الطاعن لم يجادل في أن المنحة التي يطالب بها باعتبارها جزءاً من أجره لم تقرر في عقد العمل الذي كان قائماً بينه وبين رب العمل، ولا في العقد التالي له المبرر في مايو سنة 1960 وإنما ذهب إلى أن العرف قد جرى على صرفها له فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إنه بالنسبة لباقي الأوجه، فإنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن على دعامتين، الأولى أن الطاعن لم يتقاض أصلاً المنحة من رب العمل وساق الحكم تدليلاً على هذا النظر أدلة هي محل النعي في هذه الأوجه، والدعامة الثانية أن تقاضى الطاعن المنحة من سنة 1956 حتى 1961 لا يقوم به عرف يلزم المطعون ضده بصفته بأدائها إليه كجزء من أجره وإذ كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة إنه إذا أقيم الحكم على دعامتين، وكان يصح بناء الحكم على إحداهما، فإن تعييبه في الدعامة الأخرى لا يؤثر فيه، ولما كانت الدعامة الثانية كافية لحمل قضاء الحكم على ما تقدم بيانه في الرد على الوجه الرابع من هذا السبب، فإن النعي بباقي الأوجه على الدعامة الأولى أياً كان وجه الرأي فيها يكون غير منتج.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] نقض 7/ 12/ 1971 مجموعة المكتب الفني س 22 ص 984.