أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 23 - صـ 756

جلسة 22 من إبريل سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ محمد صادق الرشيدي، وعضوية السادة المستشارين: أحمد سميح طلعت، وأديب قصبجي، ومحمد فاضل المرجوشي، وحافظ الوكيل.

(118)
الطعن رقم 579 لسنة 35 القضائية

( أ ) عمل. "انتهاء عقد العمل". محكمة الموضوع.
عقد العمل غير المحدد المدة. جواز إنهائه باتفاق الطرفين. واستبدال عقد جديد محدد المدة به.
عدم مساس هذا العقد الأخير بأي حق من حقوق العامل في حكم المادة 6/ 3 ق 91 لسنة 1959. انتهاء الحكم المطعون فيه إلى صحة ذلك العقد. لا خطأ.
(ب) عمل: "المنحة". عرف. نقض. "ما لا يصلح سبباً للطعن". محكمة الموضوع.
نفى الحكم بأسباب سائغة وجود عرف يلزم رب العمل بأداء المنحة للعامل كجزء من أجره. منازعة العامل في ذلك جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
1 - متى كان ما أورده الحكم هو تدليل سائغ على ما اقتنعت به محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية من أن الطاعن (العامل) قد أنهى عقد العمل الأول واستأدى من رب العمل حقوقه المترتبة على إنهائه، ثم أبرم معه العقد الثاني دون أن يكون واقعاً في ذلك تحت تأثير أي إكراه، ومن أن المخالصة لم تصدر منه نتيجة استغلال من جانب رب العمل، ومن نفي وجود عرف يلزم رب العمل بأداء المنحة له كجزء من أجره، فإن مؤدى ذلك أن الطاعن ورب العمل قد تلاقت إرادتهما على إنهاء العقد الأول غير محدد المدة، وأن يستبدلا به عقداً جديداً محدد المدة، وأن هذا العقد لم ينتقص شيئاً من أجر الطاعن. وإذ كان العقد الأول الغير محدد المدة يجوز إنهاؤه باتفاق الطرفين وفقاً للقواعد العامة، وكان العقد محدد المدة الذي تلاه لا يمس أي حق من حقوق الطاعن في حكم الفقرة الثالثة من المادة السادسة من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959، فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر هذا العقد صحيحاً وأقام قضاءه على ذلك لا يكون مخطئاً في تطبيق القانون.
2 - إذ كان الحكم قد انتهى في حدود سلطته الموضوعية إلى الاعتداد بعقد العمل المحدد المدة، وإلى نفي وجود عرف يلزم رب العمل بأداء المنحة للطاعن كجزء من أجره بأدلة تحمله وبأسباب سائغة تؤدي إلى ما انتهى إليه وبما يتفق مع الثابت في الأوراق، فإن ما يثيره الطاعن (العامل) في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يصح طرحه على محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 402 لسنة 1963 مدني كلي المنصورة ضد المطعون ضدهما بصفتهما وطلب الحكم بإلزامهما بأن يدفعا له مبلغ 3301 ج و532 م، وقال بياناً لها إنه كان يعمل لدى بشير أوضه باشى مديراً لأعماله منذ أول مارس سنة 1941 ومن بعده لدى وارثه اسكندر أوضه باشى إلى أن فرضت عليه الحراسة بموجب الأمر رقم 138 سنة 1961 لقاء أجر شهري قدره 50 ج علاوة على منحة قدرها 250 ج كانت تصرف له في نهاية كل سنة، وظل قائماً بعمله إلى أن أخطرته الحراسة بإنهاء عقده في 30 إبريل سنة 1963، وأضاف أنه لحاجته إلى المال في غضون عام 1960 تقاضى من رب العمل مكافأة نهاية الخدمة عن مدة عمله السابقة، وأبرم معه في الوقت نفسه عقد عمل مدته ثلاث سنوات، نص على أن أجره الشهري هو مبلغ 50 ج، وهو عقد باطل في حكم المادة السادسة من قانون العمل وإذ يستحق ذلك المبلغ قيمة مكافأة نهاية الخدمة وبدل الإنذار والتعويض عن الفصل التعسفي على أساس أن مدة عمله متصلة وأجره الشهري هو مبلغ 70 ج و883 م فقد انتهى إلى طلب الحكم له به، وفي 22 فبراير سنة 1964 قضت محكمة المنصورة الابتدائية بإلزام المطعون ضدهما بصفتهما بأن يدفعا للطاعن مبلغ 75 ج مكافأة نهاية الخدمة عن مدة ذلك العقد وعلى أساس الأجر الوارد به ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات، واستأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 84 سنة 16 ق، وفي 2 نوفمبر سنة 1965 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف، وفي 27 نوفمبر سنة 1965 طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره صممت على هذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب حاصل أولها أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعن، إن الحكم اعتد بعقد العمل المؤرخ 7 مايو سنة 1960 حالة أن هذا العقد باطل في حكم الفقرة الثالثة من المادة السادسة من قانون العمل رقم 91 سنة 1959، لأنه يعتبر من قبيل المصالحة أو الإبراء من بعض الحقوق الناشئة عن عقد العمل أثناء سريانه إذ أحال علاقة العمل الدائمة إلى علاقة محددة المدة، وانتقص من أجره ومن مزايا محققة كانت له.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أورد في خصوص هذا العقد والمخالصة الصادرة من الطاعن عن حقوقه المترتبة على إنهاء علاقة العمل السابقة عليه "أن ما ذهب إليه المستأنف (الطاعن) من أنه عندما وضع حداً لعلاقته مع رب العمل ووقع في مايو سنة 1960 عقداً جديداً تغاير شروطه العقد الأول إنما كان واقعاً تحت تأثير الإكراه، مردود بأن الإكراه الذي يبطل العقد كما تنص على ذلك المادة 127 من القانون المدني يشترط فيه استعمال وسائل للإكراه تهدد بخطر محدق وتحدث رهبة في النفس ولم يذكر المستأنف (الطاعن) أن رب العمل قد استعمل معه عند الاتفاق على عقد مايو سنة 1960 أي وسيلة من وسائل الإكراه، أما ما ذهب إليه من أنه كان في حاجة إلى المال وأنه قد وقع على العقد الجديد وهو تحت تأثير هذه الحاجة فهو لا يعتبر من قبيل الإكراه إذ كان يستطيع أن يمتنع عن التوقيع على عقد لم يرتض شروطه، أما وقد ارتضاه وظل يعمل وفقاً لهذه الشروط طوال المدة المحددة في العقد دون أن يطعن عليه بأي طعن، ولم يطعن إلا عندما استعمل المستأنف عليه (المطعون ضده الأول) الحق المخول له فوضع حداً له فلهذا دليل على أن إرادته كانت إرادة حرة معتبرة قانوناً، وأن ما ذهب إليه المستأنف من أن المخالصة التي وقع عليها تعتبر بدورها باطلة إعمالاً للفقرة الثالثة من المادة السادسة من قانون عقد العمل، مردود بأن البطلان الذي تقرره هذه المادة إنما يقع على المصالحة والإبراء من الحقوق الناشئة عن عقد العمل إذا كانت تخالف أحكام القانون أو نص فيها على خلاف الواقع أن العامل قد نال كل حقوقه التي رتبها له القانون عند نهاية خدمته، وذلك رعاية لصالح العامل باعتباره يمثل الطرف الضعيف في علاقات العمل أما إذا ثبت أن رب العمل لم يستغل حاجة العامل للعمل ولم يفرض عليه قواعد خاصة تنقص من الحقوق التي رتبها له القانون، فمثل هذه المصالحة أو المخالصة لا تكون باطلة، ولما كان المستأنف (الطاعن) لم يذهب في جميع أطوار هذا النزاع إلى أنه عندما تحاسب مع رب العمل قد انتقص منه هذا الأخير جزءاً من حقوقه، بل كان الثابت مما قرره نفس المستأنف (الطاعن) أنه استوفى كل حقوقه، ونال المكافأة التي حددها له القانون، ومن ثم تكون هذه المخالصة لا مطعن عليها من هذا الوجه. وبما أنه عن قول المستأنف (الطاعن) أن محكمة أول درجة عندما قضت له بمكافأة نهاية الخدمة لم تدخل في اعتبارها أنه كان يتقاضى فضلاً عن أجره... منحه سنوية قدرها 250 ج وأنها تعتبر جزءاً من الأجر، فمردود بأنه لا خلاف في أنه عندما انتهت علاقة العمل التي كانت قائمة بين المستأنف (الطاعن) واسكندر أوضه باشى (الخاضع للحراسة) أبرم معه هذا الأخير عقداً جديداً لمدة ثلاث سنوات تحدد فيه أجر المستأنف (الطاعن) بمبلغ 50 ج شهرياً دون الإشارة إلى أي مبلغ آخر كمكافأة أو منحة، وهذا الإغفال يدل على أن هذه المنحة لم تكن في نظر المستأنف معتبرة كجزء من الأجر، بل كانت مجرد تبرع يمنحها رب العمل للمستأنف (الطاعن) دون أن يتوافر فيها العناصر اللازمة لتكون عرفاً ملزماً" وهذا الذي أورده الحكم هو تدليل سائغ على ما اقتنعت به محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية من أن الطاعن قد أنهى عقد العمل الأول واستأدى من رب العمل حقوقه المترتبة على إنهائه ثم أبرم معه العقد المؤرخ 7 مايو سنة 1960 دون أن يكون واقعاً في ذلك تحت تأثير أي إكراه، ومن أن تلك المخالصة لم تصدر منه نتيجة استغلال من جانب رب العمل، ومن نفي وجود عرف يلزم رب العمل بأداء المنحة له كجزء من أجره ومؤدى ذلك أن الطاعن ورب العمل قد تلاقت إرادتهما على إنهاء العقد الأول غير محدد المدة، وأن يستبدلا به عقداً جديداً محدد المدة، وأن هذا العقد لم ينتقص شيئاً من أجر الطاعن. ولما كان العقد الأول الغير محدد المدة يجوز إنهاؤه باتفاق الطرفين وفقاً للقواعد العامة، وكان العقد محدد المدة الذي تلاه لا يمس أي حق من حقوق الطاعن في حكم الفقرة الثالثة من المادة السادسة من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959، فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر هذا العقد صحيحاً وأقام قضاءه على ذلك لا يكون مخطئاً في تطبيق القانون، ومن ثم يكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسببين الثاني والثالث القصور في التسبيب وفساد الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم لم يرد على دفاعه بشأن المنحة التي كان يتقاضاها سنوياً وقدرها 250 ج، ولم يحتسبها ضمن أجره ولم يحقق دفاعه في هذا الصدد رغم ثبوته في الدعوى رقم 372 سنة 1963 مدني كلي المنصورة مما يعيبه بالقصور، وأن الحكم إذ نفى وقوعه تحت تأثير الإكراه فاته أن الإكراه مفترض في حكم المادة السادسة من قانون العمل، وإذ قال الحكم إنه لم يطعن على تلك المخالصة بأنها انتقصت من حقوقه فإن دفاعه قد انصب على حصول هذا الانتقاص، كما قال الحكم أن إغفال ذكر المنحة في العقد يجعلها غير معتبرة في نظره كجزء من الأجر حالة أنه تقاضى هذه المنحة من الحراسة في تاريخ لا حق على هذا العقد مما يعيبه بفساد الاستدلال.
وحيث إن النعي بهذين السببين مردود بأن ما ساقه الحكم المطعون فيه بشأن تلك المنحة على ما سلف بيانه في الرد على السبب الأول يتضمن الرد على دفاع الطاعن، وإذ كان الحكم كما تقدم القول قد انتهى في حدود سلطته الموضوعية إلى الاعتداد بعقد العمل المؤرخ 7 مايو سنة 1960 وإلى نفي وجود عرف يلزم رب العمل بأداء المنحة للطاعن كجزء من أجره بأدلة تحمله وبأسباب سائغة تؤدي إلى ما انتهى إليه وبما يتفق مع الثابت في الأوراق، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يصح طرحه على هذه المحكمة، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذين السببين يكون في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.